الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معادلة رياضية لأقناع رافضي قانون جريمة العنف الاسري

شهد سعد

2020 / 8 / 13
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


أي مبرر يسمح اللاب او الام ان يعنفوا أبنائهم؟ كيف يتجرأ الأخ على ضرب اخته
ماهي القاعدة التي استند عليها الابن لضرب ابوه او امه؟ وهل يعتبر العنف احد الطرق الناجحة لتحسين سلوك انساني معين؟
كل هذه التساؤلات تُطرح لمعرفة أسباب العنف الاسري ومحاولة إيجاد حلول مناسبة للتخلص من هذه الظاهرة الشاذة والتي لها تبعات مدمرة للبنية الاجتماعية العراقية حيث يولد العنف ألم نفسي للفرد يمنعه من ممارسة حياته بصورة طبيعية وتصيبه الكثير من المشاكل النفسية منها الاكتئاب والارق ويمكن ان يضعف شخصيته ويساهم في انحراف الفرد الى منحدرات لا تحمد عقباها ويقول ابن خلدون " أن القسوة في معاملة الاطفال تدعوهم إلى المكر والخبث والخديعة".
كما ان العنف يمكن ان يولد عاهات جسدية لا يمكن علاجها فتبقى مع الفرد مدى الحياة ويمكن ان يكون العنف سبب في هدم الاسرة وتشتتها
اما أسباب العنف الاسري
لا يوجد هنالك رادع حقيقي لمنع وقوع مثل هكذا جرائم فالقانون العراقي لا يجرم العنف الاسري بالتحديد على الرغم من ان" الدستور العراقي يحظر صراحة "كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة". يُجرّم قانون العقوبات العراقي، الاعتداء الجسدي، لكنه لا يذكر العنف الأسري صراحة. بل على العكس، تمنح المادة 41 (1) للزوج حقا قانونيا في "تأديب" زوجته، وحق للوالدين في تأديب أبنائهم "في حدود ما هو مقرر ... قانونا أو عرفا"
كما ان العوامل الدينية من الأسباب الأساسية للعنف الاسري فهنالك نصوص دينية تدعو الى تأديب الزوجة من قبل زوجها وهنالك الأسباب الاجتماعية ومنها فقر التعليم والتوعية وأخرى اقتصادية ضعف الحالة المادية التي بدورها يودي الى العنف بسبب الضغط النفسي الناجم عن العامل الاقتصادي وخير مثال على ذلك جائحة كورونا التي ازدادت فيها معدلات جريمة العنف الاسري والتي أدت الى الموت أحيانا بسبب الحضر وبقاء الناس في منازلهم وعدم وجود عمل
حيث تشير الإحصاءات مسح صحة الأسرة العراقية للفترة 2006/7" أن واحدة من كل خمس نساء عراقيات تتعرض للعنف الأسري الجسدي. كما وجدت دراسة أجرتها وزارة التخطيط عام 2012 أن 36%على الأقل من النساء المتزوجات تحدثن عن تعرضهن لشكل من أشكال الأذى النفسي من أزواجهن، و23% للإساءة اللفظية، و6% للعنف الجسدي، و9% للعنف الجنسي
هنالك مجموعة من الحلول التي من شأنها المساعدة للحد من هذه الجريمة وهي سن مسودة قانون لمناهضة العنف الاسري والتي صوت عليه مجلس الوزراء قبل أيام يتضمن "مشروع القانون الذي عدّ العنف الأسري جريمة يحاسب عليها القانون وبالتالي هو إلغاء لكل تشريع سابق يبيح ممارسة العنف مثل حق الضرب وغيره"، لافتاً إلى أنه "أشار كذلك إلى تشكيل لجنة عليا لمناهضة العنف... للوقاية من أشكال العنف الأسري كافة".
كما أن مشروع القانون نص على تشكيل مديرية حماية الأسرة تتولى البحث والتحقيق في شكاوى العنف الأسري وتشكيل محكمة متخصصة بالأسرة تتولى التحقيق في قضايا العنف الأسري.
وشدد مشروع القانون على "منح القاضي المختص حق إصدار قرار حماية للضحية وإيداعها في المراكز الأمنة إذا استشعر أن هناك خشية على حياتها وسلامتها، كما ألزم المشروع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإنشاء المراكز الآمنة لضحايا العنف الأسري في عموم محافظات العراق وتقديم الدعم والمساعدة للضحية من خلال توفير العلاج، وإعادة تأهيلها نفسياً
بمجرد ان تسمع جملة قانون مناهضة العنف بكل انواعه واشكاله الجسدية والنفسية واللفظية فهذه تعتبر بادرة جيدة ولكن بقي تصويت مجلس النواب الذي صرح مجموعه من أعضاءه رفضهم لهذه المسودة بمبررات سطحية وساذجة لا تُغني ولا تُسمن من جوع مقارنة بحجم الأذى الذي يسببه استمرار هذه الجريمة ومن هذه المبررات قال النائب عمار طعمة وفقا لموقع الأولى نيوز "ان مشروع قانون العنف الاسري يشمـل مضامين تنذر بعواقب خطيرة على استقرار العائلة المسلمة العراقية ويحاول استنساخ تجارب غربية ونقلها لواقعنا الاجتماعي. إن مروجي أفكار القانون هذه يستخدمون عناوين مضللة للرأي العام، فهم يرفعون عنوان مناهضة العنف ، ويقصدون بالواقع استهداف دور الوالدين في التربية والرعاية والولاية على أولادهم القاصرين “، مبيناً إنه “حسب هذا القانون فأن أي خلاف أو إشكال يقع بين أفراد العائلة يتحول الى موضوع في المحكمة “.واعترض طعمـة على وجود مراكز ايواء تودع فيها البنات الشابات والأولاد الشباب بمبرر حمايتهم من تعنيف الوالدين ، مشيراً الى أن ” هذه المراكز ليست أمنة وتعرض أخلاق الأولاد الى المخاطر والابتزاز وتحرمهم من أجواء الأسرة والتعليم وتجبرهم على العيش في أجواء الغربة وتحت مخاطر التحرش والاستغلال والضغط “. كما واجه هذا القانون انتقادات حادة من افراد المجتمع العراقي بحجة ان القانون يتعارض مع العادات والتقاليد المجتمعية. يجب الإشارة الى ان التربية الصحيحة لا تقوم على أساس الضرب توجد الكثير من الطرق التي تساعد الوالدين في تربية وتنشئة الأطفال بطريقة تجعلهم أفراد اسوياء غير مغلفين بالعقد والالام بسبب العنف، من حق أي انسان ان يرفض هذه الجريمة (العنف)حتى لو كانت من ابويه لم يخلق الفرد حتى يهان او يضرب لتربيته ، لا يوجد أي تجربة علمية تثبت ان التعنيف هو أحد طرق التربية لكن ثبت ان التعنيف هو أحد أسباب الانحلال. وقد خَلُصَ الدكتور سعد الدين إبراهيم إلى القول:
" إنَّ التنشئة الاجتماعيَّة في الأسرة العربية، بالرغم من أنَّها توفر بعض المقومات الضروريَّة للإبداع، إلا أنَّها تُجمِّد أو تدمِّر معظم المقومات الأخرى. والمشكلة الأصعب هي : "اجتماع سِمَتي التسلطيَّة والتقليديَّة المحافظة وتفاعلهما معاً " وعلى هذا الأساس، تُعتبر الأسرة العربية نموذجاً مصغَّراً للمجتمع العربي ذاته ، ويُعتبر المجتمع نموذجاً مكبَّراً للأسرة
ويرى جان جاك روسو صاحب كتاب "العقد الاجتماعي" و "في التربية اميل أنموذجا" والمؤسس لفكرة الدستور الذي وضيفته تنظيم الحياة للدولة والافراد وتشريع القوانين مثل قانون مناهضة جريمة العنف الاسري.
"شعر روسو أن الأطفال يتعلمون الصواب والخطأ من خلال تجربة عواقب أفعالهم بدلًا من العقاب البدني. يتأكد المعلم من عدم تعرض إميل لأي ضرر خلال تجاربه "
" يحث روسو على الاهتمام بالطفل والنشأة واحترامهم واتاحة الفرصة لهم للتعلم بالتجربة، والتقليل من منعهم عمل هذا أو ترك هذا. وكان يقول أن التلميذ يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلمه من المدرسة. وكتب كتابا في التربية يسمى "إميل"، يعد مرجعا هاما إلى يومنا هذا لكل من يقوم بالتدريس.
اما الفيلسوف النفعي J. Mill فيرى أنَّ التربية هي "التي تجعل من الفرد أداة سعادة لنفسه ولغيره"
كيف يمكن ان يكون الفرد أداة سعادة لنفسه ولغيره وهو يًهان ويُضرب!!!
ان العنف الاسري لا يقتصر على الأطفال فقط، فهذا القانون يشمل كل شخص يتعرض للعنف ان كان طفل او كبير رجل او امرأة
اما فيما يخص مراكز الايواء ومن الأفضل تسميتها مراكز التأهيل النفسي حيث يفترض ان تكون هذه المراكز أماكن مرتبة ومؤمنة بشكل لا يسمح بحدوث الأخطاء كما ان الأشخاص المسؤلين عنها يجب ان يكونوا مدربين باحترافية للتعامل مع هذا الموضوع وتكون هنالك كوادر المخصصة من كلا الجنسين من باحثين اجتماعيين ومختصين نفسيين وممثلين عن منضمات المجتمع المدني لضمان شفافية مراكز الايواء الامنة كما تشمل هذه المراكز اقسام تختص بالمعالجة النفسية للأفراد الذين تعرضوا للعنف ملخص القول ان هذه المراكز للعلاج والتأهيل نفسي للشخص الذي وقع عليه الجرم .
كما يتضمن قانون العنف الاسري القيام بالحملات التوعوية المكثفة لمناهضة العنف الاسري باعتباره جريمة يحاسب عليها القانون بالحبس وتعتبر الحملات التوعوية ركيزة أساسية لنجاح هذا القانون وبالتالي فأن القانون لا يستهدف كسر العادات المجتمعية بقدر ما هو قاعدة أساسية للتخلص من هذه الظاهرة بالتوعية وبيان اضرار هذه الجريمة المستنكرة
فيجب ان يعلم المعترضون ان هنالك نتيجة حتمية يمكن ان تخلصهم من مخاوفهم تجاه هذا القانون يمكن ان اسميها معادلة رياضية تشبه 1+1=2
لا تعنف =لا يوجد كسر للعادات الدينية والاجتماعية + لا توجد مراكز التأهيل
وبالتالي يجب التصويت وتفعيل هذا القانون والذي يعتبر الخطوة الجادة للتخلص من جريمة العنف الاسري وبداية مهمة لبناء الاسرة العراقية و حماية افرادها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لوحة المرأة الشابة


.. المشاريع الاقتصادية فرصة لتعزيز دور المرأة في الإنتاج المحلي




.. التشهير بالقيادات النسائية يعكس هيمنة العقلية الذكورية داخل


.. تربسبيه الإيزيديون يرفعون من وتيرة نضالهم




.. وكالة تابعة للأمم المتحدة: عدم المساواة -تقتل النساء حرفيا-