الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن الاصطفافات والعالم بارك المعاهدة ...

مروان صباح

2020 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


/ لكل العصور جاهليته ونحن اليوم نجمع جاهلية كل العصور ، مسألتان جائتان في خطبة أمين حزب الله حسن نصرالله تحتاجان إلى وضعهما في مقارنة خفيفة / سلسة / مرنة ، في المقام الأول ، للمرء أن يسلم بالاحتمالات الثلاثة التى جاءت على لسان نصرالله حول أسباب تفجير المرفأ وايضاً مسألة اغتيال الحريري الاب ، إذن نصرالله وحزب الله على قناعة يقينية بأن التحقيق الدولي والمحكمة الدولية ليستا بالمراجع الموثقة الذي يمكن الوثوق بهما بل اتهما بصراحة بإبعادهم السياسية الخبيثة والتى تهدف إلى إشعال الحرب الأهلية ، وبالتالي من المفترض لكي يترجم كلامه من أقوال إلى حقائق أن يقدم حزب الله البديل الحقيقي ، ابتداءً من واقعة اغتيال رفيق الحريري وايضاً تفجير المرفأ الأخير ، لأن ليس معقولاً ولا مفهوماً ، أن يتمتع حزب الله بجهاز استخباراتي واسع الانتشار وصلاحيات كبيرة الهيمنة ويقف عاجز بعد مرور سنوات طويلة من تفكيك واقعة الاغتيال دون أن يقدم معلومات دقيقة حول الاغتيال ، فواقعة الحريري وقعت في مربع أمني بقرب من الحزب وجميع أدوات الجريمة بقت على الأرض وبالتالي من السهل بواقع وجود افراده الأمنين ، الكشف عن من هو الفاعل ، ليس لحادثة الاغتيال بل للحادثتين مع براهين تفقأ أعيين المشككين طالما يتبرأ على الأقل من حادثة الحريري ، فالتفجير المرفأ يحتمل أن يكون حادث سببه الإهمال أما قتل الحريري لا يحتمل التضليل .

عادةً نسأل بوضوح كما كنا دائماً نكتب طلية السنوات المنصرمة بجلاء ، هنا ايضاً وفي هذه المرة أحمل في صدري سؤال شخصي لحسن نصر الله ، أتمنى أن يجيبني كونه فقيه ديني قبل أن يكون جهادي حول الفارق بين إقامة علاقات مع اسرائيل فوق الطاولة وتحت الطاولة ، وبالتالي إذا كانت معاهدة السلام الاماراتية والاسرائيلية خيانة ، إذن ماذا نسمي اولاً علاقة دولة قطر باسرائيل الأمنية والسياحية والعسكرية والاستخباراتية والعلمية والثقافية وكما هو معروف ، أن قطر تقيم تحالفاً مع طهران والحرس الثوري الايراني ، بل نسأل سؤالاً أبعد من ذلك ، كيف يمكن أن يجيبنا ايضاً حول علاقة الخميني بإسرائيل اثناء حربه مع صدام العراق ، ليس ابتداءً من شرائه سلاح الثورة الفلسطينية بعد إجتياح لبنان عام 1982م مقابل تصديره النفط إلى ميناء أسدود ولا انتهاءً بإمداده بسلاح على مدار سنوات الحرب والتى كان قد فضحها إتفاق ( ايران جيت ) ، بل كان أول رئيس للجهورية الإسلامية الإيرانية في عهد الخميني ابو الحسن بني صدر بين عامين 80 / 81 من القرن الماضي قد أسهب مطولاً في سرد علاقتهما العميقة ، والرجل ، أي ابو الحسن يتمتع بعلاقة خاصة مع الخميني وبسببه استطاع الخميني اللجوء إلى فرنسا وتربطه به علاقة عائلية من الصغر ، بل كيف يفسر لنا ايضاً علاقة الشيخ محمد بن زايد برئيس النظام بشار الأسد ، الذي يعتبر من أهم داعمين بقائه في السلطة .

بل تستحق المعاهدة ايضاً وقفة أخرى أكثر توضيحاً بين جملة اعتراضات ، التاريخ لا يمكن لأحد دفنه طالما هناك جهات مختلفة عليه ، وبالتالي عندما أقدموا الفلسطينيين على إبرام اتفاق أوسلو ، لم تكن الفكرة غريبة عن البشرية طالما الأنبياء فعلوها في أوقات ضعف ، لكن متى تتحول خطر على القضية ، عندما يفقد الطرف من الطرفين مشروعه كما حصل مع الفلسطيني ، فخلال تنفيذ الاتفاق ، اعتمدوا الفلسطينين على نفوذ ووعود الدول الكبرى وبالاخص الأمريكي بتحقيق دولتهم المنشودة ، لكن النتيجة أن الطرف الاسرائيلي كان يراقب ويساهم بإضعافه لدرجة بات لا يشكل وزن ، بل لم يعد في حساباته على الأطلاق ، ووضع على هامش الهامش ، وهذا لم يحصل إلا بعد ما نزع عنه كل مقومات القوة ، وأبقه على الحياة كورقة وهمية ، إذن لا أعتقد بأن إعتراف هنا أو هناك سيغير في الموقف الفلسطيني طالما لا يوجد مشروع جدي لمواجهة المشروع الاسرائيلي ، بل الكيان الإسرائيلي اعتمد منذ اللبنة الأولى لمشروعه على العمل الدؤوب لتعزيز قدراته الصمودية والمواجهة وعلى الصعد الكافة .

إذن بعيداً عن مرآة الضمير العالمي وذاك السخاء كالعادة بالإشادة بالفاعل والفعل ، الملفت والخطير معاً ، معظم العالم أشاد بمعاهدة السلام بين الإماراتي والاسرائيلي ، لكن ما يهمنا من العالم فعلياً هو الروسي ، فالروس حلفاء الإيرانين والأسد وبالطبع مربع المقاومة ، وبالتالي الأمور لا تؤخذ بالمطلق كما أدرجها حسن نصرالله ضد اعدائه من العرب ، هناك مصالح ، تماماً كما للإيراني مصالح يحرص عليها ، ايضاً للخليج والإماراتي تحديداً مصلحته في حماية نظامه وتعزيز اقتصاده ، كل ما فعله في الحقيقة ، أنه استبدل تعامله مع يهود العالم عبر جنسيات مختلفة بالجنسية الاسرائيلية ، لهذا اللوم يقع اولاً واخيراً على الفلسطيني ، فالصراع كان قد إبتدأ داخل حركة فتح عام 1973م ، بين مجموعة ترغب بالتسوية وأخرى تريد بالمواصلة تحرير فلسطين ، كل فلسطين من البحر إلى النهر ، علماً أن الجميع كانوا وحتى الآن على يقين بأن المشروع الصهيوني لا يحمل في أدبياته حل دوليتين ولا دويلة ولا حتى سلطة بالمعنى الحكم الوطني ، وبالرغم من معرفتهم لهذه الحقيقية ، اقدموا على خطوة الحكم الذاتي المحدود ، دون أن يضعوا مخطط حازم وصارم لتطوير قدراتهم ليوم المواجهة ، وهذا اليوم جاء ، لكنهم تفاجئوا أنهم بلا قدرات بل القدرة الوحيدة التى يمتلكونها ، هي مواقع التواصل الاجتماعية ، عالم الافتراضي ، يعبرون عن رفضهم في مواقع تعود أصولهم جميعها لعائلات يهودية ، إذن لا يملكون أي مقومات لدرجة فقدوا الفلسطينيون شعارهم الخاص ( وحدنا ) كتعبير عن إمكانياتهم بالصمود العسكري ، بل كل ما يجري ليس سوى تسجيل مواقف ومناكفات ، حتى اعتراضاتهم تسجل في دفاتر يهودية .

دعوني هنا أرسل رسالة أقوى ، مصيبة فلسطين أنها واقعة بين من كان يرى بإتفاق أوسلو إنجاز تاريخي ومرحلة مهمة في تاريخ السياسي للفلسطينين ، التى ستسمح له تشكيل أول بذور هويته الوطنية ، في المقابل ، هناك من هو مقتنع بأن مجرد وقف ضم الضفة الغربية للسيادة الاسرائيلية ايضاً هو انجاز تاريخي ، أما في الجانب الآخر ، هناك من عارض وحذر منذ اللحظة الأولى وعلى مدار سنوات طويلة ، بالانخراط بمثل هذه المشاريع ، بل كاتب هذه السطور خاض معارك في الوسط الفتحاوي واسعة تماماً كما خاضها محمود درويش وهشام شرابي وادوار سعيد مع ياسر عرفات حول جوهرانية وجود الحركة الصهيونية وبالتالي الشروع في مثل هذه الاتفاقيات ستؤدي إلى تصفية القضية ، لكن الخلاصة وهذا الخلاصة تفيد من هم الآن يقاومون مشروع تصفية أوسلو ، قبل الشروع بمفاوضات السلام ، ابتداءً من المؤتمر الوطني الذي انطلقت منه النقاط العشرة إلى أوسلو ، كان هناك جناحين قاوما المشروع التسوية وأيضاً أوسلو ، الطرف الأول ، خاض معركته بالكلام والنقد حتى إنتهى حالهم بالتهميش والأقصاء والتحريض وتأليب الناس والتشهير ، أما الطرف الأخر ، قاوم بالسلاح عبر الانشقاق الشهير ، إنتهى حالهم في أقبية النظام الأسد أو الاغتيالات ، إذن خلاصة الخلاصات ، مازالت كفة واشنطن هي الراجحة على هذا الكوكب ، والدال على ذلك وببساطة ، حجم الاشادات للدول الكبرى والمتوسطة والصغرى لمعاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل ، بل هناك تفاني بين روؤساء العالم على اعطائها أوصاف فريدة ، مثل شجاعة وانفراجة وتعزيز الاستقرار والاقتصاد وقائمة الأوصاف طويلة ، إذن العالم حسم موقفه مع من سيكون في المستقبل كما حسمها من قبل ، وبالتالي من كان يطالب بفلسطين بالكامل ادخلوه بالمفرمة ومن طالب ايضاً بجزء منها ، يقف على بابها ، سيفرم ، ومن سيطالب لاحقاً بحراسة مستوطنيها ، سيلتحق بإخوانه الذين سبقوه ، بالطبع طالما قرروا ومصرين أن يقفوا عارين بلا درع واقٍ من القوة .

الشيء الغائب عن سجالات التى تخوضها الأغلبية الساحقة ، بأن المسألة ليست كما صورها الإعلام على أنها معاهدة سلام ولا ما يحزنون ، فالعلاقات بين الاطراف قائمة منذ سنوات بعيدة ، إن كانت مع ابوظبي أو غيرها ، بل المسألة تماماً كما جاءت من واشنطن بوضوح ومكشوفة هذه المرة ، بأن دولة الإمارات تحولت الأقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، أي بالمعنى العريض ، حسمت أمرها وتقف اليوم في الخندق المضاد بالكامل ، تماماً كما تركيا تقف منذ التحاقها بحلف الناتو ، فكما كان شرط ذلك ، هو اتمام المعاهدة مع اسرائيل أولاً ايضاً تكرر المشهد اليوم ، وهذا باب واسع يحمل عمق أعمق مما يتخيله القارئ و حتى المراقب ، فمسألة الإبراهيمية مسألة غاية من التقعيد وتحتاج إلى أشخاص لهم باع طويل في قراءة أصول الأديان وما نتج عنها من فلسفات لكي يتم فُكفكتها ، إذن المعاهدة لا تعتبر ذات أهمية كبرى ، كما يستوجب العقل وليس كما تستطعمه الحماقة إياها ، بل هو تحالف بين أقوى اقتصاديات عالمية وأهم دول تنشط في تصنيع السلاح ويمتلكون مؤسسات التمويل المالي للدول كافة ، فاليوم يوثقون علاقتهم ضمن تحالفات ممكن أن يطلق عليها بالفرز الكوني وبالتالي لن تقف الحكاية عند ابوظبي ، بل هناك 51 مليون نسمة في الخليج تلقائياً ضمن هذا التحالف ، يواجهون مشاريع توسعية لكن ايضاً الجميع متفق ضمنياً على عدم المساس بإسرائيل وهذا يفسر لماذا العالم تباعاً بارك المعاهدة ، رغم أن المباركين مختلفون في مواقع ومتحالفين في أخرى . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على