الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدفاع عن رجل الشرطة مهمة الدولة والمجتمع

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2020 / 8 / 16
المجتمع المدني


ان حقوق الانسان والحفاظ على كرامته من الامتهان او الاعتداء او الاذلال، لا تتعلق بالمواطنين فقط، وانما هي حق لرجل الشرطة أيضا، فهو ابن العراق وهو اخ واب لأسرة من اسر العراق. وإذا أردنا ان نصون كرامة المواطن فلا بد أولاً من صيانة كرامة رجل الشرطة الذي يحميه، ففاقد الشيء لا يعطيه. وإذا أردنا ان نجعل من هذه البداية مدخلا للتعليق على حادث الاعتداء على ضابط دورية النجدة الملازم وسام الزبيدي بتاريخ 13/8/ 2020، اثناء أداء واجبه، فاني اشعر بالاسى والحزن للتصرف المشين الذي أقدم عليه مجموعة من المتظاهرين، في استفزاز الضابط وشتمه ووصفه بأبشع الصفات المذمومة
ان ضابط الشرطة في كل خطوة يخطوها، انما يمثل القانون، والعَلَم الذي يحمله على ذراعه هو علم العراق، الذي طالما توشح به الشهداء ورفعه المتظاهرون وانشدوا له. ولو حسبنا أعداد الشهداء من رجال الشرطة لوجدناهم عشرات الاف من الشباب الذين تركوا خلفهم، ارامل وايتام، دفاعا عن العراق وعن شعبه، عدا المعوقين الذين يعيشون على هامش الحياة. فهل جزاء الاحسان الا الاحسان.
ولم يكمم رجال الشرطة فم مواطنا يطالب بالإصلاح، وفقا لحرية الراي التي نص عليها الدستور العراقي في المادة 38. وكنت أتوقع من هذه المجموعة من المتظاهرين ان تقدم يد العون لدورية النجدة، وتتعاون معها، فهي انما حضرت هناك لتقديم الحماية والدعم الأمني عند الحاجة، وان مشكلة المتظاهرين ليست مع رجال الشرطة، ويفترض ان تسود روح الاخوة والاحترام المتبادل بين دورية الشرطة ومجموعة المتظاهرين وحتى لو فرضنا ان الضابط قد أخطأ، فيكفي انه تم تصوير الحادث ويقدم اخبار للجهات المختصة. ان الخطأ مرفوض أي كان مصدره، لكن الذي عُرِضَ في الفيديو الذي يصور الحالة، إصرار بعض المتظاهرين لانتزاع سلاح الضابط وسلبه مسدسه وبندقيته، حيث كان يتبادلون معه الشتيمة، ويمنعوه من القيام بواجبه. وكان يُسمع صوت بعضِهم وهو يقول لأخرين منهم " اُخذْ مسدسة " والأخر " اخذ البندقية ". والأخر "اقتربوا منه ". ناهيك عن الشتيمة فيا ترى هل هذا هدف المتظاهرين، ان يجردوا ضابط شرطة من سلاحه ويستفزوه قائلين " اضرب جبان " يَصِفوه بالجبان، وهو شجاع لأن غاية الشجاعة ان تضبط اعصابك وانت في موقف من الدفاع الشرعي ما يخولك القتل دفاعا عن النفس وعن السلاح وعن دورية الشرطة. ولا تفعل ذلك وتتحمل ان تكسر رجلك وتهان وانت تحمل سلاحا معبأ بالعتاد.
ان ضابط الشرطة وهو يدافع عن نفسه وماله قبل دفاعه عن تواجده كضابطة اجتماعية وبموجب المادة 42 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 فأنه يتمتع بحق الدفاع الشرعي وتنص المادة 42 من قانون العقوبات العراقي: لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق الدفاع الشرعي ويوجد هذا الحق إذا توفرت الشروط الآتية":
1- إذا وجد المدافع خطر حال من جريمة على النفس او على المال او اعتقد قيام هذا الخطر وكان اعتقاده مبنياً على أسباب معقولة.
2- أن يتعذر عليه الالتجاء إلى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب.
3- ألا يكون أمامه وسيلة أخرى لدفع هذا الخطر. ويستوي في قيام هذا الحق أن يكون التهديد في الخطر موجهاً إلى نفس المدافع او ماله او موجهاً إلى نفس الغير او ماله".
والمادة 43 من القانون المذكور تنص على:
"حق الدفاع الشرعي عن النفس لا يبيح القتل قصداً إلا إذا أريد به دفع أحد الأمور التالية:
1- فعل يتخوف ان يحدث عنه الموت او جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة.
2- مواقعة امرأة او اللواطة بها او بذكر كرهاً.
3- خطف إنسان".
فالخطر على المال والنفس حال، عندما يهجم من (10-15) شخص على شخص واحد، فلو أطلق هذا الضابط النار وجرح أحد المهاجمين، لقيل انه تجاوز حق الدفاع الشرعي، وربما حكم عليه بالسجن عن جريمة الشروع بالقتل، ولكنه قاوم متحملا "الكلات " والضرب بالعصي " "والشتيمة " ليفقد الوعي وهو مكسور الساق ومصاب بجروح وكدمات في مختلف انحاء جسمه. اليس ما وقع عليه هو فعل يتخوف ان يحدث عنه الموت او جراح بالغة، الا ينطبق ذلك على الفقرة 1 من المادة 43 من قانون العقوبات التي تبيح استخدم حق الدفاع الشرعي ولو أدى ذلك الى القتل قصداً.
كما ان المادة 3 –أولا- من قانون واجبات رجل الشرطة رقم 176 لسنة 1980، تتيح لرجل الشرطة استعمال السلاح الناري بالقدر اللازم بلا امر من السلطات المختصة في حالة الدفاع الشرعي عن نفسه او ماله او نفس الغير او ماله. والبند – ثانيا- من القانون المذكور في الفقرة (1) اباحت له استعمال السلاح الناري ولو أدى ذلك الى القتل عمدا لدفع فعل يتخوف ان ينتج عنه الموت او جراح بالغة. اليس ما أصاب الضابط هو جراح بالغة؟ وربما ان الله جل جلاله قد كتب له عمرا وقد يتعرض اخر لأقل من ذلك فيموت.
كما ان المادة 3 من قانون عقوبات قوى الامن الداخلي تنص على:
"يعاقب بالإعدام كل من – ً أولا أ- ترك أو ُسلم إلى الغير أو الى اية جهة معادية مركزا للشرطة او مخفراً أو موقعاً او مكاناً أو استخدم وسيلة لإرغام أو أغراء آمر المركز أو المخفر أو الموقع أو المكان بتركه أو تسليمه بصورة تخالف ما تتطلبه الضرورات الأمنية" فلو استولت تلك المجموعة على سلاح الدورية وسيارتها، فإن عقوبة الضابط تكون الإعدام وفقا للقانون. وحتى لو كانت قوة الشرطة مسؤولة عن حماية موقع، وتركته تحت ضغط متظاهرين وسلمته لهم وأحرق يكونوا عرضة للعقاب.
إن للمواطن الحق في التظاهر بموجب المادة (38) من الدستور العراقي، لكن ذلك لا يخوله الاعتداء على دوريات الشرطة المكلفة بواجب حفظ الامن والنظام. او على دوائر الدولة والمال العام التي تخضع لحماية رجال الشرطة بموجب قانون وزارة الداخلية رقم 20 لسنة 2016. حيث تنص المادة (2) من القانون على الاتي:
"المادة 2: تهدف وزارة الداخلية الى:
اولاً- تنفيذ سياسة الامن الوطني للدولة في حفظ الامن الداخلي، والمساهمة في وضع ورسم تلك السياسة.
ثانيا-توطيد النظام العام في جمهورية العراق وحماية أرواح الناس وحرياتهم والأموال العامة والخاصة من أي خطر يتهددها.
ثالثا- الحيلولة دون ارتكاب الجرائم ومكافحة الإرهاب بكافة اشكاله واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمين بارتكابها........".
ان الكثير من وسائل الضبط في المجتمع تتصدع تحت حالة وثقافة جديدة، فالمعلم يُعتدى عليه والطبيب والمحامي والموظف وليس اخيراً رجل الشرطة، وهذه ليست اول او اخر حالة فسبق وان أُعتدي على بعض رجال المرور بالضرب، واجبِر بعض رجال الشرطة لإداء الفصل العشائري تحت التهديد عن أفعال حاصلة نتيجة للقيام بالواجب.
وسبق وان ذكرت في مقالتي تحت عنوان "الشرطة خط احمر بتاريخ 2/6/ 2019 "إن رجل الشرطة يواجه اليوم احباطا بسبب ايقاف العمل بالمادة 113 الفقرة 1من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم (17) لسنة 2008 التي تنص على ( للوزير بقرار مسبب عدم الموافقة على احالة رجل الشرطة على محاكم الجزاء المدنية اذا ضهر ان الجريمة ناشئة عن قيامه بواجباته الرسمية او بسببها ، وبناء على توصية مجلس تحقيقي يشكل لهذا الغرض ).حيث اقرت المحكمة الاتحادية بقرارها 115/اتحادية /اعلام /2017 الصادر بتاريخ 24/10/2017 بعدم دستورية تلك المادة" .
واني لأعود فأكرر ان من مطلوب منه ان يَحمي حياة الناس، لا بد من وجود ضمانة للحفاظ على حياته، ومن خوله القانون بالقتل في (7) حالات بموجب قانون واجبات رجل الشرطة رقم 176 لسنة 1980 المادة الثالثة وكما يلي "ثانيًا – يجوز لرجل الشرطة استعمال السلاح الناري إذا أريد به دفع أحد الأمور الآتية ولو أدى ذلك إلى القتل عمدًا: –
1- فعل يتخوف أن يحدث عنه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة.
2- خطف إنسان.
3- الحريق عمدًا.
4- القبض على مجرم أو متهم بجريمة معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد إذا قاوم هذا المجرم أو المتهم عند القبض عليه أو حاول الهرب.
5- أحتلال أو تدمير المكان الذي تستقر فيه قوى الأمن الداخلي.
6- احتلال أو تدمير الأماكن أو المعدات أو الممتلكات المسؤول عن الحفاظ عليها أو تعريض حياة الأشخاص في هذه الأماكن إلى الخطر الجسيم.
7- ارتكاب جريمة تخريب عمدي للمرافق الحيوية العامة".
هذا التخويل ليس امتياز، وليس تشهيا للقتل، وانما كل حالة من الحالات السبعة، التي فيها دفاعا عن الشعب والمال العام، يمكن ان تعرض رجل الشرطة للقتل من قبل المجرمين، فأن قَتل رجل الشرطة المجرم، يتعرض للحكم علية من قبل المحاكم المدنية، ثم يتوجب عليه دفع الفصل العشائري، لكن المجرم لا يتوانى في قتل رجل الشرطة ان تمكن منه، لأنه – أي المجرم - في كل الأحوال مطلوبا للعدالة وربما محكوما بالإعدام. ان تقييد يد رجل الشرطة في استخدام السلاح الناري من خلال رفع الحماية عنه، سيلحق ضررا بالأمن الداخلي للبلاد، نعم تم تكريم الملازم وسام لدفاعه عن نفسه وسلاحه والدورية، لكنه تحمّل كثيرا وصبّر كثيرا، وتعرض للسب والشتم والضرب المبرّح وكسرت ساقه، والضرب على وجهه وراسه حتى فقد الوعي. وليس هذا ديدن العمل الشُرَطي. وكان بإمكان اعداد دورية النجدة الاتصال بالسيطرة، لتقديم الدعم وحضور ضابط برتبة اعلى لفض الاشتباك الحاصل واتخاذ القرار الصائب. نكن كل الاحترام والتقدير للملازم وسام الزبيدي وللمتظاهرين الحقيقيين، فهم أهلنا ويتظاهرون من اجلنا جميعا، ولهم الحق كله في التظاهر بموجب الدستور، لينالوا حقوقهم، لكنهم يوافقوني الراي، ان ما قامت به هذه المجموعة في الاعتداء على ضابط الشرطة ليس من أهدافهم وليس من مطالبهم، فكل مواطن عراقي بحاجة لخدمات رجل الشرطة، وكلما دعمنا موقف الشرطة، كلما وسعنا من دائرة حفظ النظام وانفاذ القانون ومنع الجريمة، وحماية أنفسنا وابناؤنا واموالنا من براثن الجريمة والعصابات الاجرامية. ورجال الشرطة أولا وأخيرا هم من الشعب وللشعب وفي خدمة الشعب وبحاجة ماسة لدعم واسناد وتعاون الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟