الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح الموجة الجديدة للانتفاضة في إيران *

حميد تقوائي

2020 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


17 تموز 2020

حميد تقوائي

تعد الاحتجاجات العامة الأخيرة في طهران وبهبهان وشيراز وتبريز وماشهر بموجة جديدة من الانتفاضة الجماهيرية ضد الجمهورية الإسلامية. كانت هذه الموجة الجديدة متوقعة تمامًا. صحيح أن اندلاع كورونا حد من التجمعات والتظاهرات في الشوارع ، لكنه في الوقت نفسه زاد من حدة الغضب والنفور من نظام الجريمة والوقاحة الذي كانت بحد ذاته عاملا مهما في انتشار هذا المرض الفتاك. شمر الناس عن سواعدهم واندفعوا للتعامل مع فيروس كورونا وشريكه النظام الإسلامي ، والآن مع الموجة الثانية من كورونا لدينا أيضًا موجة جديدة من الاحتجاجات الجماهيرية ضد النظام بأكمله. إن السياق والظروف الاجتماعية-السياسية لهذه الموجة يمنحها بعض السمات الخاصة التي تستحق الدراسة ، ونحن بحاجة إلى التعرف على هذه السمات من أجل تعميق الاحتجاجات وتنظيمها ودفعها قدما.

السمة الأولى هي أن هذه الاحتجاجات تبلورت بعد صدور أحكام بالإعدام وفي شكل احتجاج ضد هذه الاحكام. حكم النظام على ثلاثة شبان بالإعدام لمشاركتهم في احتجاجات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وصرخ المجتمع: لا تعدموا! هذه الصرخة ليست فقط ضد عقوبة الإعدام ، بل هي أيضا ضد إعدام متظاهري تشرين الثاني (نوفمبر). ضد سياسة قمع وذبح المتظاهرين بشكل عام. احتشدت مؤسسات وشخصيات ونشطاء وفنانون ومشاهير في إيران وعلى المستوى العالمي ضد إعدام أمير حسين مرادي ومحمد رجبي وسعيد تمجيدي ، الذين أصبحوا رمزًا لجميع المتظاهرين ضد النظام ، ونشروا تصريحات ودعوات ، وعرائض احتجاجا على النظام الذي يقتل المتظاهرين. هذا في الواقع امتداد للانتفاضة في تشرين الثاني الماضي.

بإصداره حكم الإعدام بحق هؤلاء الشبان الثلاثة ، يكون النظام نفسه قد دفع بانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) الى المقدمة امام الجماهير وتسبب في هذه الجولة الجديدة من الاحتجاجات. اندلع غضب الناس المكبوت مرة أخرى. ربط إعلان أحكام الإعدام بحق متظاهري تشرين الثاني الماضي انتفاضتي تشرين الثاني 2019 وكانون الثاني 2020 باحتجاجات اليوم ، ومن خلال الاحتجاج على الإعدام أعلن المجتمع على نطاق واسع احتجاجه على القمع والذبح والظلم ؛ احتجاجه على الفقر والبؤس اللذين اشتدّا خلال وباء كورونا. وأعلن أن حركة إسقاط نظام الجريمة والفساد والوقاحة مستمرة. وأعلن أن للشعب الحق الكامل في النزول إلى الشوارع وردد شعار "يجب انهاء نظام الجمهورية الإسلامية" ، و"ليس لكم الحق إطلاقا في الحكم عليهم بالإعدام". هنا ، ترتبط الحركة الراسخة والمتجددة ضد الإعدام بحركة إسقاط النظام ، ويصبح الاحتجاج على الإعدام شكلاً من أشكال الاحتجاج على القمع ووضع القفل والمفتاح على آلة ذبح النظام ودفعها بأكملها إلى الوراء.

الآن ظهر احتمال امام ناظرينا بأن من الممكن الاطاحة بالنظام من خلال النضال ضد الإعدام. ان نظام الاعدامات يجب أن يرحل! يجب إلقاء عقوبة الإعدام مع نظام الإعدامات بأكمله في سلة المهملات! أهمية شعار "لا تعدموا !" هو: اغربوا عن وجوهنا!

الميزة الثانية هي الصدى المثير وغير المسبوق لصرخة "لا تعدموا!" في وسائل التواصل الاجتماعي. قام أكثر من 500 ألف مستخدم بتشكيل عاصفة تغريدات ببُعد مذهل ، مع إعادة تغريد أكثر من 4 ملايين مرة وتنويه به لأكثر من 6 مليارات مرة ، أصبح الاتجاه الأول في العالم. سبب المدى غير المسبوق لهذا المناخ الاحتجاجي في وسائل التواصل الاجتماعي هو القيود التي فرضتها أزمة كورونا على التجمعات والتظاهرات في الشوارع ، لكن هذا ليس كل شيء. خلال هذه الفترة نفسها من الوباء ، استمرت الإضرابات وتجمعات العمال في مختلف الفروع والأقسام وكذلك الاحتجاجات الجماهيرية للمدرسين والمتقاعدين. ومن الأمثلة على نضالات هذه الفترة ، إضراب العمال في مجمع هفت تابه للسكر ، والذي لا يزال مستمراً بعد 33 يوماً متتالياً ، والذي يحيي مناخ الاحتجاج في الجولة الأولى من الإضراب اللامع لهفت تبه عام 2018 مع شعاره الجوهري: "حكم المجالس للمجتمع".

مناخ الاحتجاج في وسائل التواصل الاجتماعي هو نتيجة اجواء الاحتجاج في المجتمع ، لكنه ليس مجرد تقرير أو انعكاس بسيط له. في مثل هذا السياق بدأت الموجة الجديدة من الاحتجاجات وهذه المرة استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي منذ البداية في بُعدا غير مسبوق ، كما فعلت حركة العصيان في مصر على سبيل المثال. عاصفة التغريد "لا تعدموا!" نزلت إلى الشوارع على شكل عاصفة "لا نريد الجمهورية الإسلامية!". الأشخاص الذين نزلوا إلى الشوارع في طهران ، بهبهان ، شيراز ، تبريز ، ماهشهر يرافقهم الملايين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في إيران وحول العالم.

يقودنا هذا إلى السمة الثالثة للموجة الجديدة من الاحتجاجات ، ألا وهي صدى الموجة العالمية. هاشتاغ "لا تعدمهم!" استحوذ بالفعل على اهتمام ملايين المستخدمين والمؤسسات والمنظمات والحكومات والنشطاء والمشاهير والناشطين في جميع أنحاء العالم. بفضل هذه العاصفة ، فتحت آذان شعوب العالم الآن لسماع شعارات جماهير إيران في الشوارع ، وكأن المتظاهرين في إيران يحتجون في مدن العالم. خلفية هذا الصدى العالمي تم توفيرها بدورها من خلال انتفاضات تشرين الثاني من العام الماضي وكانون الثاني من هذا العام. قتل الناس في تشرين الثاني الماضي، ثم إسقاط طائرة الركاب، قد خزى النظام في العالم بأسره ، والآن فإن أحكام الإعدام الصادرة بحق المحتجين المعتقلين في تشرين الثاني تفعل الشيء نفسه.

كان النظام الإسلامي متوهماً باعتقاده أنه بإمكانه ترهيب وإسكات الناس بإصدار أحكام الإعدام بحق متظاهري تشرين الثاني. مثلما ذكر النظام قبل ذلك بوقاحة بعد مذبحة تشرين الثاني "لم نطلق النار عليهم بالرأس فقط" ، أو بعد مقتل ركاب الطائرة منع أقاربهم من الحداد ، يريد هذه المرة أيضًا تأكيد سلطته للمجتمع بإعدام متظاهري تشرين الثاني.

لكن لا تلك الاجراءات ولا تلك الجهود تمكنت لا من معالجة النظام لاي من معضلاته فحسب ، بل على العكس ، جعلته مكروهاً اكثر، ومتخم بالازمات أكثر وأكثر ضعفا. وخير دليل على هذا الادعاء انتفاضة كانون الثاني ، التي جاءت رداً على عمليات القتل التي وقعت في تشرين الثاني وكانون الأول الماضي ، والتي حملت شعاراً قاطعاً "يجب إنهاء الجمهورية الإسلامية". حوّلت الجماهير إطلاق النار على الطائرة ، والتلويح بجثمان قاسم سليماني، ومهزلة تثبيت الانتخابات وعرض "عقد الفجر" ، إلى فضيحة مروعة وفشل كامل للنظام. احتجاجات اليوم هي أيضًا ليست احتجاجًا على عقوبة الإعدام فحسب ، بل هي أيضًا حركة لتحقيق العدالة لمن ماتوا في تشرين الثاني ، وضحايا مأساة سقوط طائرة الركاب وجميع الذين سقطوا في النضال ضد النظام. في إطار حركة إسقاط جماهير إيران، ينبغي اعتبار أحداث تموز 2020 استمرارًا لشهري تشرين الثاني وكانون الأول 2019.

هل هذه هي الضربة النهائية؟ علينا أن نبذل محاولات لكي تكون كذلك ويمكن أن تكون كذلك ، لكن حقيقة أن المدى الذي ستصل إليه الموجة التي بدأت حديثًا والأبعاد التي ستستغرقها لا يمكن التنبؤ به الآن. ما هو مؤكد ان مطلب التخلص من النظام الإسلامي اصبح مطلبا عميقا وتوجها جماهيريا في المجتمع الإيراني والذي يزداد سعة ويتعمق راديكالية كل يوم. مجتمع منتفض يتمتع اليوم أيضًا بدعم نشط من ملايين الأشخاص والنشطاء والشخصيات والمنظمات اليسارية والمؤسسات التقدمية على المستوى العالمي.

لا يوجد عامل يمكن أن يوقف المسار المتسارع للإطاحة بالنظام الإسلامي. وسيستخدم حزبنا من جهته كل قواه وقدراته لجعل حركة الإطاحة بالنظام تتقدم بشكل أكثر اتساعًا وانتشارًا وتنظيمًا ، وتحقيق النصر بسحق النظام الإسلامي الجهنمي. ذلك اليوم ليس ببعيد.

----------------------------------------------------
ترجمها من الفارسي الى الانكليزي ناصر شيشكار
ترجمها من النص الانكليزي عصام شكري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة