الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(يهوديان عراقيان في بيتنا)

ضياء حميو

2020 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان ذلك قبل مايقارب العشرين عاما في كوبنهاگن، حين اتصل بي الرفيق وصديق العمر رزكار عقراوي مؤسس ومنسق مؤسسة الحوارالمتمدن؛ أن أستقبل وأرافق زائرين قادمين من بريطانيا إلى شقة ضيافة أمّنتها لهما (مؤسسة الحوار المتمدن).

لم يكن هذان الزائران سوى الماركسي العراقي المخضرم حسقيل قوجمان (١٩٣١- ٢٠١٨)، وزوجته ورفيقة دربه ( حبيبة).

كانت الفكرة أن أتركهما يرتاحا من عناء السفر وهما المسنان في شقة الضيافة، إلى يُنهي الرفيق رزكار التزامه الوظيفي ليتكفل بالباقي.

ولكن فور دخولنا للشقة وقبل أن يفرغا حقيبتيهما خاطبتُ حسقيل: "رفيقي مارأيك أن تكونا في ضيافتنا أنا وزوجتي مع طفلتينا الصغيرتين، اللتين أتمنى أن لا تزعجاكما".

فرحا أيما فرح بهذا، وقال حسقيل: "رفيق إنما جئنا لنلتقي أهلنا العراقيين، ونعيش معهم".

هكذا طيلة خمسة أيام، نخرج يوميا لندوات ولقاءات، ولكبر سنهما نعودباكرين إلى البيت، فيفرحان بصغيرتي اللتين وجداتا أخيرا (جد وحبوبة)، تجلسان بحضنيهما وتلعبان معهما، وظلّت علاقتنا بالرسائل إلى أن توفي حسقيل عن ٨٧ عاما رحمه الله.

في تلك الأيام حدثني كثيرا، عن بعض محطات عمره، في العراق،وإسرائيل، وأخيرا بريطانيا، وإن أسعفتني الذاكرة سأدون أدناه ماعلقمنها وعلى لسانه:

المحطة الأولى ( بغداد):

١ بسبب ماركسيتي، لا أتذكر أني خرجتُ من سجن إلا ودخلتُ غيره.

٢ إنتميتُ إلى حزب التحرر الوطني وعصبة مكافحة الصهيونية عام١٩٤٥، وهما واجهتان علنيتان للحزب الشيوعي العراقي المحضور.

٣ كان أغلب أعضاء عصبة مكافحة الصهيونية من اليهود العراقيين المناوئين للصهيونية، إلى أن تم حضرها عام ١٩٤٦ من قبل الحاكم الفعلي للعراق آنذك - الإنگليز-.

٤ كانت زوجتي حبيبة، أول طالبة عراقية تدخل كلية الهندسة، يتم اعتقالها في مرحلتها الدراسية الثالثة، ويُحكم عليها بخمس سنين سجن.

٤ تم اعتقالي وزوجتي وأمي وعدد من أفراد عائلتي عام ١٩٤٩ بعدإعدام فهد بخمسة أيام-، ولم التق بعائلتي إلا عام ١٩٦١ في إسرائيل.

٥ تم اطلاق سراحي بثورة تموز عام ١٩٥٨، وأعادوا اعتقالي بعد عام بدون سبب أو محاكمة، سوى كوني شيوعي.

٦ في عام ١٩٦١ أطلقوا سراحي، فهربتُ إلى إيران سرّا، هنالك إعتقلتني شرطة الشاه السرّية وسلمتني لمنظمة يهودية تسفّرنا رغما عنّا إلى إسرائيل، وذات الأمر حدث مع زوجتي ( حبيبة) وعائلتي إذ سفّروهم من العراق إلى إسرائيل رغما عنهم عام ١٩٥٤.

٥ كانت الشرطة السرّية العراقية والإيرانية في العهد الملكي تختم ختما خاصا بالشيوعيين اليهود، لتحذّر الإسرائليين منهم.


المرحلة الثانية ( إسرائيل):

١ كان التمييز واضحا ضدنا نحن اليهود العراقيين، عشنا لسنوات في مخيمات بائسة، وفي السنوات الست الأولى، تمنّى أغلبنا العودة إلى أوطاننا على البقاء في إسرائيل.

٢ لم انتم للحزب الشيوعي الإسرائيلي، لأنني اعتبرته حزبا تحريفيا.

٣ بعد سنوات من العمل في تدريس العربية والموسيقى، قررت وزوجتي مغادرة إسرائيل، إذ قريبا سيبلغ إبني وابنتي الثامنة عشر،وسيجبرونهما على الالتحاق بجيش الدفاع الإسرائيلي ليقتلوا عربا.


المحطة الثالثة ( بريطانيا):

١أكملتُ كتابة أطروحة الدكتوراة في الموسيقى العربية ولم أناقشها.

٢ في عام ٢٠٠٢ كنتُ حاملا جوازي سفر: إسرائيلي وبريطاني، وعلىمتن باخرة سياحية إقتربتْ من شواطيء فلوريدا الأمريكية، كنتُ الوحيد الذي لم يسمحوا له بالنزول، لأن ولادتي عراقية، وكانت واحدة من أسعد أيام حياتي، نعم أنا ( العراقي).


ضياء حميو Dia Hamio








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا