الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/3

محمد بن زكري

2020 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


* ملاحظة أولية
أظهرت الخريطة الجينية ، للمجموعات (السلالات) البشرية ، من السكان الأصليين ؛ التي أنجزها مشروع " جينوغرافيك " ، من خلال إجراء تحاليل جينية متطورة ، لعينات من الحمض النووي الأبوي (Y-DNA) ، موزعة بين قارات العالم ، أن 68% من سكان جمهورية مصر " العربية " ليسوا عربا ، بل هم شمال أفريقيون أصليون ، يشتركون مع الليبيين الأصليين (الأمازيغ) و أيضا مع التونسيين ، في نفس الهابلوغروب الدموي الأبوي ، الحامل للبصمة الوراثية / الجينية الشمال أفريقية (E-1b1b1) ، بينما 17% فقط من المصريين هم من أصول سلالية عرقية عربية ، يحملون البصمة الوراثية - الجينية العربية (J1) .. أنظر الرابط :
https://yallafeed.com/thlyl-alhmdh-alnwwy-ythbt-an-alarb-lyswa-arbaan-balkaml-3681

و إنّ لهذه الملاحظة (العابرة) أهمية خاصة في حسم مسألة التركيبة الاجتماعية المتداخلة ، للمجموعات السكانية (القبائل) المنتشرة على جانبيّ الحدود الليبية - المصرية ؛ من حيث إن العناصر السكانية الأصلية لغرب مصر عموما ، هم فعلا أبناء عمومة للعناصر السكانية الأصلية للشرق الليبي . لكن تلك هي مواطنهم - و مواطن أسلافهم الأقدمين - في أرض مصر (الحالية) ، خلافا لما يروّج له البعض سياسيا و بدوافع اقتصادية ؛ و إلا لكان لـ 68 مليون مصري ، أن (يعودوا) إلى ليبيا الحالية ! و هذا بطبيعة الحال ضرب من الفانتازيا التاريخانية - إن صح التعبير - المفارقة للواقع ، أو ضرب من الإغراق في اللامعقول .

* وطنيون ، و طابور خامس .. و أرض ليبيا التاريخية
بالأمس غير البعيد (1950) ، لم يتردد شيوخ قبيلة العبيدات في الشرق الليبي ، باتخاذ موقف (وطنيّ) حازم و حاسم ، احتجاجا ضد أطماع مصر في مطالبتها بضم واحة الجغبوب و مرتفع السلوم ؛ فأرسلوا رسالة إلى كل من : أمير إمارة برقة (العربية) محمد إدريس السنوسي (ملك ليبيا تالياً) ، و السيد أدريان بلت مندوب الأمم المتحدة في ليبيا ، و القنصل المصري و المعتمد البريطاني في بنغازي .. ، جاء في نصها : " و لتعلم حكومة مصر ، أن صداقتنا لها خير من عداوتنا ، كما يجب أن تعلم الحكومة المصرية أن أراضينا تمتد إلى شرقٍ براني ، وربما إلى مرسى مطروح ، فإذا تقدمت مصر بمطالبها إلى هيئة الأمم المتحدة ، فإننا سنعتبر عملها هذا عدائياً ، وسنرد عليها بالمثل ... " .
و مصداقا لما أورده أولائك الرجال الوطنيين ، مِن شيوخ قبيلة العبيدات (انظر الهامش آخر المقال)* ، مِن أنّ الأرض الليبية تمتد شرقا إلى ما بعد براني و ربما إلى مرسى مطروح ؛ فإنّ الحقيقة المغيّبة هي أنّ أرض " ليبيا التاريخية " ، تمتد إلى ما بعد مرسى مطروح (بل إلى ما بعد العلمين) ، بدليل خصائص الهوية الثقافية - الموروثة - السائدة هناك ، المتمثلة في اللباس و العادات الاجتماعية و الفنون الشعبية (الفولكلور) . و لعلم من لا يعلم ، فإن مدينة مرسى مطروح ، اكتسبت اسمها من اسم حاكم طرابلس و أحد أعيانها " رافع بن مطروح " ، الذي كان الطرابلسيون قد اتفقت كلمتهم على توليته حاكما ، لأنه قاد الثورة الطرابلسية ضد حكم ملك صقلية (روجر الثاني) . ثم أقرّه عبد المؤمن بن علي الزناتي (مؤسس دولة الموحدين) واليا على طرابلس لدولة الموحدين ، (حسب ما أورد الطاهر الزاوي ، في كتابه : تاريخ الفتح العربي في ليبيا) ، حيث بقي (مطروح) واليا عليها من قِبَل الموحدين إلى أن هرم و عجز عن الحكم ، أيام يوسف بن عبد المؤمن ، فطلب إليه أن يعفيه من مهام الحكم ، و أن يأذن له بالذهاب إلى مصر ، فأعفاه و أذن له ، فسافر بطريق البحر إلى مصر سنة 568 هـ (1173 م) مصطحبا معه حاشيته و خواصه ، حيث نزل و أقام بالموقع الذي صار يُعرف باسمه : " مرسى مطروح " ، قبل أن ينتقل منه إلى الاسكندرية ، التي توفي بها ، و بقيت ذريته التي كانت لهم رياسة بها . (ص 234 ، 237) .
و إنه لَمِن المعروف أنّ كل الصحراء غرب وادي النيل ، كانت حتى خمسينيات القرن العشرين (قبل أن يغيروا اسمها - لاحقا - إلى الصحراء الغربية) ، تسمى في كل الأطالس الجغرافية المصرية : " الصحراء الليبية " ، نسبة إلى قبائل (الليبو) الأمازيغ ، حيث كان قديما كل سكانها من قبائل الليبو (الأمازيغ) ، يتكلمون اللغة الأمازيغية . ولا زالت واحة سيوا في مصر ، شاهدا حيّاً على (أمازيغيّة / ليبيّة) تلك الأرض ، حيث لا زال سكان واحة سيوا المصرية ، يتكلمون - حتى اليوم - اللغة الليبية الأصلية (الأمازيغية) ، بنفس لهجتها في أوجلا و يفرن و نالوت بليبيا و جزيرة جربا بتونس . و يُلاحَظ أن هيردوت - في المجلد الخامس من تاريخه - يصف ملك سيوا (إتارخوس) ، بأنه : " ملك الليبيين هناك " ، ما يعني أن أرض ليبيا التاريخية تمتد شرقا لتشمل واحة سيوا .
هذا .. فضلا عن أن كل ملوك الأسرة الفرعونية 22 ، التي أسسها الفرعون " شيشنق الأول " الوارد ذكره في كتاب التناخ (التوراة اليهودية) ، و كان أبوه كبيرا لكهنة الإله آمون ، هم لوبيون (أمازيغ) ، و أيضا كل ملوك الأسرة 23 الفرعونية ، و ملكان من الأسرة 21 هما (الفرعون أوسركون الأكبر 992 – 986 ق م ، و الفرعون سي آمون 986 – 967 ق م . و ملكان من الأسرة 24 هما (الفرعون تيفناخت الأول 732 – 725 ق م ، و الفرعون بوكوريس 725 – 720 ق م) . و بذلك فإن الليبيين حكموا مصر ، عبر أربع أسرات فرعونية ، من سنة 992 ق م ، إلى سنة 720 ق م ؛ فنحن الليبيين - إذن - من لنا حق تاريخيّ في مصر و داخل الأرض المصرية الحالية ، و ليس العكس . لكن للتحولات التاريخية منطقا آخر أكثر واقعية .
و بالعكس تماما و كليّا ًمن موقف شيوخ قبيلة العبيدات سنة 1950 ، نجد اليومَ مِن الطابور الخامس - أصحاب الأجندات الخاصة اللا وطنية - في الشرق الليبي ، مَن يستقْوُون بدكتاتور مصر عبد الفتاح السيسي ضد بلادهم (أتباع الجنرال حفتر) ، و مَن يستجْدون قيام الجيش المصري باحتلال ليبيا ، كما فعل رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح (العبيدي) في كلمة العار الأبديّ التي ألقاها أمام البرلمان المصري (12 يناير 2020) ، و مِن ثم نجد تأييدهم المطلق لخطاب " الخط الأحمر " ، الذي توعد فيه السيسي بغزو ليبيا و احتلالها عسكريا ؛ بذريعة حماية الأمن القومي المصري ، ضد الخطر المزعوم للميليشيات الإرهابية (الطرابلسية) ! ، متعهدا في الوقت ذاته - و يا للعجب العُجاب - بتكوين ميليشيات مسلحة قبليّة (!) ، من أبناء القبائل على جانبيِّ الحدود المصرية - الليبية ، لمواجهة الميليشيات المسلحة من الغرب الليبي ، عند الخط السيساويّ الأحمر ، الممتد من سرت إلى الجفرة (داخل التراب الليبي) !

* من تيران إلى سرت ، و ما أدراك ما القبائل !
في العام 1982 ، خاضت بريطانيا - بزعامة مارغريت تاتشر - حربا على بعد نحو 15 ألف كيلومتر من أرضها ، ضد الأرجنتين ، لاستعادة السيطرة البريطانية على جزيرة فوكلاند (جنوب المحيط الأطلنطي) ، بتجاهل تام لمقترح التفاوض مع الأرجنتين ، على اعتبار أن أرخبيل فوكلاند (مالفيناس) هو إقليم بريطاني فيما وراء البحار ! و بالمقابل في العام 2017 ، صادق السيسي على تنازل مصر للسعودية عن جزيرة تيران المصرية ، التي لا يفصلها عن شرق سينا سوى 6 كيلومترات ، هي عرض مضيق تيران (الستراتيجي) ، و ذلك مقابل حفنة من البترودولار . و هو تنازل وثيق الصلة بصفقة القرن ، (مشروع ترمب لإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة ، باسم حل مشكلة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني) ؛ بالرغم من حكم مجلس الدولة (قضاء إداري) ببطلان اتفاقية التنازل عن جزيرتيْ تيران و صنافير للسعودية ! فكم هو البوْنُ شاسعٌ بين حزم مارغريت تاتشر و بين تفريط عبد الفتاح السيسي !
فالسيسي الذي تنازل للسعودية عن جزيرة تيران المصرية (أو هو بالأحرى باع أرضا مصرية لآل سعود بثمن بخس) ، و هي الجزيرة ذات الموقع الستراتيجي الهام جدا في مدخل خليج العقبة - بما يعنيه ذلك من تحويل مضيق تيران إلى ممر مائي دولي ، لمصلحة الأمن القومي الإسرائيلي - وذات الأهمية السياحية الكبرى استثماريّا ؛ هو نفسه السيسي الذي يأتي (20 يونيو 2020) ليتفقد جاهزيّة جيشه المتربص للانقضاض على ليبيا ، مدفوعا بأطماع التوسع و الأطماع الاقتصادية المصرية - غير الخفيّة - في الأرض و الثروات الليبية ، يتميز غيظا لاندحار ميليشيات حفتر (القوات المسلحة العربية – الليبية !) عن تخوم عاصمة الدولة الليبية طرابلس ، فيحشد مئات الدبابات و أسرابا من الطائرات الحربية المقاتلة و عشرات آلاف العساكر في قاعدة البراني العسكرية ، بكامل الجاهزية القتالية البرية و الجوية ، على الحدود الليبية ، مهددا بالتدخل العسكري المباشر ، للسطو - بقوة السلاح - على ثروة البترول الليبية ، كحل - غير مكلِّف - لأزمة الاقتصاد المصري ، الممول بالقروض و المرهَق بأعباء خدمة الديْن العام الخارجي ؛ و ذلك بذريعة حماية الأمن القومي المصري ، من خطر (لا وجود له) تمثله الميليشيات المسلحة (الطرابلسية) ! حتى لو أدى الأمر - بل ربما ذلك هو المخطط له أصلا - إلى تفكيك الجغرافيا الليبية و تقسيم ليبيا ، بفصل شرق البلاد عن غربها ، عند الخط السيساوي الأحمر من سرت إلى الجفرة ، ما لم يتحقق لأتباعه من الطابور الخامس (دعاة الإقليمية و دعاة قيام دولة برقة) في الشرق الليبي ، إحكامُ قبضة حفتر على حقول و موانئ النفط الليبية كافة .. زائدا البنك المركزي الليبي في طرابلس !
و بينما يتخذ السيسي من مخاطر (الميليشيات المسلحة في طرابلس) ذريعة مفتعلة لتبرير تدخله - غير المقبول - في الشأن الداخلي الليبي ، إلى درجة التهديد بالغزو ؛ فإنه يعلن عن استعداده لتدريب و تسليح ميليشيات قبلية ، من أبناء القبائل البدوية المسماة " أولاد علي " على جانبيِّ الحدود الليبية – المصرية ، بتواطؤ شتى فصائل الدعوة الإقليمية - الانفصالية البرقاوية ، لتحقيق ما عجز جيش حفتر (القوات المسلحة العربية – الليبية) عن تحقيقه بالوكالة ، من أطماع النظام المصري في الثروة الوطنية الليبية .
و إن حديث السيسي عن تجنيد أبناء القبائل في الشرق الليبي ، و استدعاءَه لمن يسمون أنفسهم وجهاء و أعيان و شيوخ القبائل الليبية (اللويا جيرغا) ، للمثول بين يديه في القاهرة ؛ يذكّرنا بحديث محمد حسنين هيكل (صاحب دعوة امتداد الأرض المصرية إلى مدينة المرج الليبية) ، في أحد حواراته المذاعة على فضائية سي بي سي (CBC) مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي ، حسب ما نشرته صحيفة (الشعب) بتاريخ 27 أبريل 2014 ، تحت عنوان : هل قام هيكل بتوريط السيسي ، لاحتلال شرق ليبيا من أجل البترول ؟! ، مِن أنّ : " وفدا من زعماء القبائل ، ومجموعات من رجال القذافي فى ( البرقة ) ، طالبوه بتدخل الجيش المصري فى شرق ليبيا ، للسيطرة على النفط الليبي و تلك المنطقة الغنية بالبترول ، و أن زعماء القبائل قالوا ليس هناك حل لدعمهم ضد الإسلاميين إلا أن يقوم الجيش المصري بمساعدتنا في ليبيا على استقرار الأمور ، و كان رده بأنه قام بطلب ذلك من قيادات الجيش المصري ، الذين استثقلوا المهمة في شهر ديسمبر 2013 ، نظرا لتوتر الأوضاع السياسية في مصر خلال فترة الاستفتاء على الدستور " . (أنظر الرابط) ..
https://www.masress.com/alshaab/137947

و عندما نقول بإنّ ليبيا مستهدفة بخطر داهم ماثل للعيان ، يتهدد وجودها في التاريخ و في الجغرافيا كدولة مستقلة ذات سيادة و كإقليم جيوسياسي ، متمثلا - ذلك الخطر - في الأطماع المصرية بالأرض و الثروات الليبية . فإنه يكفي دليلا أنْ نشير إلى حديث الجنرال المتقاعد خليفة بلقاسم حفتر (أمير تنظيم الكرامة) عن توطين 10 ملايين مصري ، داخل إقليم الدولة الليبية و على ترابها ، ليتأكد لدى كل متشكك ، مدى جديّة الأمر و مدى خطورته المحدقة بليبيا (سياسيا ، و اقتصاديا ، و ديموغرافيّا) .
و إنه ما من أدنى شك في أنّ المخابرات المصرية ، تعمل على ملف « القبائل » ، بهدف الاستثمار السياسي في تداخل العناصر السكانية على جانبيّ الحدود الليبية – المصرية ، لتحقيق الأطماع الاقتصادية و أطماع التوسع المصرية في ليبيا . انطلاقا من أنَّ ما يعجز عنه العمل السياسي أو يتعذر تحقيقه بالتدخل العسكري غير المباشر ، يمكن بلوغُه بواسطة العمل المخابراتي بين القبائل - بتركيبتها الاجتماعية المتداخلة - على جانبيّ الحدود المشترَكة ، لاستقطابها سياسيا كي تتبنى نفس المشروع ، حتى ينتهي بها الأمر إلى دعوة النظام المصري للتدخل عسكريا ، من أجل حماية (إقليم برقة) و نفط برقة ، من خطر الميليشيات الإرهابية المسلحة في الغرب الليبي (بمعنى : خطر الشعب الليبي غرب الهلال النفطي) ، و هو ما نجحت فيه المخابرات المصرية نجاحا (باهرا) فعلا .
و لم يكن مفاجئا ، أنّ وفد ما يسمى " شيوخ القبائل الليبية " ، الذي حشدته المخابرات المصرية ، للمثول بين يديّ السيسي (بتاريخ 20 يوليو 2020) ، بدعوة من " وزارة الخارجية المصرية ! " ؛ كان من ضمن أعضائه البارزين ، شخصٌ يدعى " عبد الستار حثيثة " ، يقول إنه من (قبيلة أولاد علي بمصر) ، و هو رجل مخابرات مصري متخصص بمتابعة الملف الليبي إعلاميّا ، كان يظهر في برنامج أسبوعي (بنادق للإيجار) ، على فضائية « ليبيا الآن » ، التي تبث برامجها من القاهرة ، و يديرها أنصار نظام القذافي ؛ ليحرّض على الغرب الليبي ، و يصوّر الشعب الليبي - في طرابلس - بأنه شعبٌ من الإرهابيين يجب سحقه و محوه من الوجود !
ففي إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني (بنادق للإيجار) على قناة « ليبيا الآن » ، لم يتردد رجل المخابرات المصري عبد الستار حثيثة ، في أن يقول حرفيا و بالنص : " إن كل المدن الواقعة في الغرب الليبي ، ابتداءً من سرت إلى الحدود التونسية ، هي مدن إرهابيّة ، و يجب ضربها حتى يتم تسويتها بالأرض ، و إنْ لزم الأمر تدخّل الجيش المصري " .
و أضاف رجل المخابرات المصرية - عضو وفد من يسمون أنفسهم شيوخ القبائل الليبية - المدعو عبد الستار حثيثة ، فقال حرفيا و بالنص : " يجب رجوع قبائل أولاد علي إلى ليبيا ، المقدرة بـ 10 مليون نسمة ، دون أيِّ اعتراض من قبائل الشرق الليبي ، فنحن إخوة ، والرجوع لأرضنا هو حق لنا ، بعد اكتشاف خيانة طرابلس لليبيا " . !!!
و إن ما طرحه - بكل أريحية و (وقاحة) - رجل المخابرات و الإعلامي المصري عبد الستار حثيثة ، على فضائية « ليبيا الآن » ، مِن تحريض على غزو ليبيا و ضرب مدن الغرب الليبي و تسويتها بالأرض ؛ لا يفسر فقط وحشية قصف جيش حفتر لمدينة طرابلس ، و لا يفسر فقط الأطماع المصرية بأرض ليبيا و ثرواتها ، بل هو أيضا يطرح عدة تساؤلات ، منها :
- هل لا زال ثمة ليبي - وطنيّ - واحد ، يشك بجدية الأطماع المصرية في ليبيا ؟!
- هل قبيلة أولاد علي (المصرية) ، التي يضع النظام المصري - من ورائها - عينه على الشرق الليبي ، هي أكبر عددا من كل الشعب الليبي ؟!
- هل غفل حفتر و نظام السيسي المؤيد له ، عن تجنيد عشائر أولاد علي المصرية (ص . ش) ، في عدوان جيش تحالف قبائل برقة على عاصمة الدولة الليبية ؟!
و جوابا على هذه التساؤلات ، باختصار شديد :
ليس من أدنى شك ، في أنّ النظام المصري ، يضع نُصب عينيه التوسع غربا ، توغلا في أرض الشرق الليبي . لماذا ؟ لأن الشرق الليبي ، مُهيأٌ - جغرافيا - لاستيعاب الفائض السكاني المصري ، و لأن النظام في مصر يعوّل على (نفط برقة) لإنقاذ الاقتصاد المصري من الإفلاس ؛ و ذلك بالنظر إلى الانفجار السكاني الهائل في مصر ، حيث تجاوز تعداد المصريين 100 مليون نسمة ، خصوصا مع الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد المصري الموشك على الانهيار ، حتى إنه بات عاجزا عن الإيفاء بسداد خدمة الدين الخارجي المصري ، الذي تجاوز 120 مليار دولار ، وفقا لتقارير البنك المركزي المصري و البنك الدولي .
لذا فإنه بالمنظور الذي عبّر عنه رجل المخابرات و الإعلامي المصري سالف الذكر ، يحتاج المرء إلى قَدْر كبير من السذاجة ، كي يستبعد احتمال استعانة حفتر بعساكر (مصريين) محترفين .. جنودا و ضباطا (خصوصا من عشائر قبيلة أولاد علي المصرية) ، في جيشه القبليّ ، الذي جرده لـ (تحرير طرابلس ، من الطرابلسيين) . خصوصا و أن النظام المصريّ - عبر أدواته المختلفة - لم يتوقف عن التلويح بما يسمونه حق مصر التاريخي في أرض الشرق الليبي ، امتدادا إلى المرج على الأقل ، و ليس فقط واحة الجغبوب و ميناء البردي ، و أن نفط برقة (أو بالأحرى ما تبقى من مخزونه) هو حق لمصر ، و أن حوض المياه الجوفية الليبية بمنطقة الكفرة ، الذي تسميه إيمان غنيم « نهر الكفرة العملاق » ، يكفي حاجات مصر لمدة 150 عاما .
و ليس من سبيل إلى تحقيق الأطماع المصرية في ليبيا - حربا أو سلما - إلا بواسطة الاستفراد بـ " إقليم برقة " ، سواء بالضم - جزئيا أو كليا - أم ببسط الهيمنة و النفوذ . و يجب أن لا نستبعد تَحوّل الأطماع المصرية إلى واقع جيوسياسي على الأرض ؛ فبالأمس غير البعيد كانت يافا - المشهورة عالميا ببرتقالها - مدينة فلسطينية (فضلا عن كل فلسطين) . و بعدها كانت بيوغراد عاصمةً لدولة - لم يعد لها وجود - تُدعى يوغوسلافيا ، و لن تعود . و بالأمس القريب ، كانت شبه جزيرة القرم أوكرانيّة ، و لن تعود . و بالأمس القريب جدا ، كانت هضبة الجولان سوريّة ، و لن تعود أبدا.. إلا إذا عاد لواء الاسكندرون ! .
-----------
* هامش : في تلك الفترة – قبل سبعين عاما – كان مفهوما حضور القبيلة في السياسة ، بمناطق الشرق الليبي ، أخذا في الاعتبار تدني درجة التطور الاجتماعي آنئذ . أما الآن ، و نحن ندخل العشرية الثالثة من القرن الواحد و العشرين ، و مع تطور الوعي ؛ فإن حديث القبيلة و القبلية في ليبيا ، هو ليس فقط تخلفا اجتماعيا و انتكاسة حضارية ؛ بل هو أيضا تناقض مطلق مع الانتماء (للوطن) الليبي ، و إضرار بليغ بالأمن القومي الليبي ، و انسلاخ من الهوية الجامعة لـ (الأمة الليبية) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران