الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الدولي على لبنان وحتمية انتصار محور المقاومة

جورج حداد

2020 / 8 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إعداد: جورج حداد*

ان العامل الاقتصادي ـ الجيوسياسي (او ما يسمى في اللغة السياسية الدارجة: المصالح) هو العامل الاساسي المقرر في الحركية الجيوسياسية والجيوستراتيحية الدولية. واساس هذا العامل في مجتمعنا الراهن هو الرأسمال. ولكن الرأسمال ليس، كما قد يبدو في الظاهر، ظاهرة تجريدية موجودة بذاتها ومنفصلة عن الواقع. بل هو يوجد ويتحرك في ارتباط عضوي بالمجتمع، بتقسيماته الايديولوجية والدينية والقومية والدولانية. اي ان الرأسمال لا يتحرك من ذاته وبذاته، بل ان التقسيكات الاجتماعية والدينية والقومية والدولانية هي التي، في الحساب الاخير،، تتحكم بحركية الرأسمال.
وعلى هذا الاساس ينبغي النظر الى الصراع الدولي الراهن على لبنان. وهنا يجب الالتفات الى نقطتين مركزيتين:
اولا ـ انه كما كان يجري (ويجب) تقسيم ظاهرة الاستعمار القديم – قوميا ودولانيا – الى استعمار ايطالي وانكليزي وفرنسي الخ، فإنه ينبغي الان الاخذ بالاعتبار وجود كتل رأسمالية مختلفة، ارتباطا بالتقسيم السياسي، الايديولوجي، الديني والقومي للعالم. وهذه الكتل هي:
أ – ثلاث كتل مالية عالمية "غربية" هي:
1 – الكتلة المالية العالمية اليهودية ـ "الاميركية" اساسا.
2 ـ الكتلة المالية الكاثوليكية ـ "الاوروبية" اساسا.
3 – الكتلة المالية (النفطية) العربية ـ الاسلامية، المتمحورة حول السعودية اساسا.
وهذه الكتل هي موسومة او موصومة تاريخيا بانها مرتبطة عضويا بالاستعمار القديم (الكولونياليزم) والجديد (النيوكولونياليزم).
ب ـ الكتلة المالية "الشرقية" الصاعدة، المتمثلة في روسيا والصين وايران. وهي كتلة بديلة ونقيضة للكتل المالية "الغربية" المذكورة آنفا والموصومة بالاستعمار والامبريالية والصهيونية.
وهذه الكتل جميعا تتصارع الان، وتتقاطع في صراعاتها، على لبنان.
ثانيا ـ والنقطة المركزية الثانية هي لبنان. فهذا البلد الصغير ـ الكبير، الفينيقي العربي العريق، يمتلك ميزات تاريخية وجغرافية تضعه في صميم التاريخ والحضارة العالميين وتجعل منه نقطة ارتكاز في الجيوستراتيجية العالمية برمتها. وفي هذا الصدد يكفي ان نشير الى المعطيات التالية:
ـ1ـ لقد اعطى لبنان الابجدية الفينيقية، أم جميع ابجديات العالم. وكل تلميذ ابتدائي في العالم يعلم هذه الحقيقة العلمية التاريخية.
ـ2ـ ان اللغة الارامية (الفينيقية "اللبنانية" القديمة) قد انتشرت في "العالم الهيلينيستي" القديم، جنبا الىى جنب اللغة الاغريقية القديمة. والسيد المسيح نفسه، العبراني المولد، تبنى اللغة الارامية وتكلم وبشّر بها. وهذه نقطة ساطعة النور في تاريخ الحضارة العالمية.
ـ3ـ ان الفلسفة الرواقية، التي صاغها وبلورها زينون الفينيقي، كانت هي التمهيد الفلسفي ـ الاخلاقي للديانة المسيحية، اكبر وافعل ديانة في الزمن الحاضر.
ـ4ـ ان صور الفينيقية القديمة قاومت حتى الرمق الاخير غزو الاسكندر المقدوني.
ـ5ـ ان قرطاجة القديمة، الابنة العظيمة لفينيقيا، حاربت الزحف العبودي الروماني القديم نحو الشرق حوالى 120 سنة، وحينما هزمت في 146ق.م قاتلت حتى الرمق الاخير وفضلت الموت على الاستسلام.
ـ6ـ ان احفاد الفينيقيين العظام، مجاهدي المقاومة الوطنية اللبنانية، بقيادة حزب الله، دشنوا عصر الانتصارات على اسرائيل، المدعومة بكل قوة الدولة الامبريالية الاعظم اميركا خصوصا، والامبريالية واليهودية العالمية عموما.
ـ7ـ تقع الجغرافيا اللبنانية في منتصف الشاطئ الشرقي لحوض البحر الابيض المتوسط الذي يصل بين اسيا وافريقيا واوروبا، والذي يمثل المسرح الاهم للحركة الاقتصادية والسياسية والستراتيجية والحضارية قديما وحديثا.
ـ8ـ ان لبنان المعاصر هو جزء لا يتجزأ من الامة العربية والوطن العربي الكبير، وهو الرائد الاول والمحرك الحيوي الاول للنهضة العربية الحضارية الحديثة.
ـ9ـ يوجد في لبنان كتلة دينية "كاثوليكية" ترتبط دينيا ونفسيا بالغرب المسيحي. وكتلة اسلامية سنية ترتبط بالسعودية ومصر. وكتلة اسلامية شيعية ترتبط دينيا بالعراق وايران. وكتلة اورثوذوكسية ترتبط دينيا بروسيا.
ـ10ـ منذ الغزو العثماني للبلاد العربية، المدعوم اوروبيا ويهوديا، و"الامتيازات الاجنبية" التي منحها الغزاة العثمانيون للدول الاستعمارية الاوروبية، ـ منذ ذلك الزمن ولبنان يقع ضمن دائرة النفوذ والمصالح الاستعمارية الغربية، وهو ما كرسته اتفاقية يالطا التي وقعها، في شباط 1945، زعيما الامبريالية العالمية حينذاك روزفلت وتشرشل وخائن الشيوعية الاكبر يوسف ستالين، والتي بموجبها تم اعتراف القيادة السوفياتية الستالينية في 1947 بشرعية قيام اسرائيل.
وبصرف النظر عن التوازنات السياسية الظرفية بما فيها التوجهات السياسية الظرفية لهذه الحكومة او تلك، فإن مؤسسات التركيبة المجتمعية ـ الطائفية ـ الدولوية للبنان هي مؤسسات "عثمانية" انحطاطية تابعة للغرب الاستعماري تبعية الكلب لسيده.
ـ11ـ ولكن في الوقت نفسه فإن نزعة التحرر الوطني والاستقلال وثقافة المقاومة هي متجذرة تاريخيا في وجدان الجماهير الشعبية اللبنانية المناضلة، وقد قدمت في هذا السبيل قوافل من الشهداء بمن فيهم قادة تاريخيون أعلام كانطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفرج الله الحلو احد ابرز قادة الحركة الشيوعية اللبنانية والعربية، وكمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، والامام موسى الصدر مؤسس حركة "امل" اللبنانية، والسيد عباس الموسوي الامين العام السابق لحزب الله. وهؤلاء الشهداء الكبار هم مشاعل منيرة على طريق حركة التحرر الوطنية والتقدمية اللبنانية والعربية والعالمية.
وبهذه المعطيات، السلبية والايجابية بالنسبة للغرب والشرق، احتل لبنان ويحتل مركزا استثنائيا في اهتمام الغرب (والعالم المتمدن) به. وقد تضاعف هذا الاهتمام بعد اكتشاف وجود النفط والغاز في شرقي المتوسط. وتتفق الكتل المالية "الغربية" على الاحتفاظ بلبنان ضمن "الحظيرة الغربية". وهي تستند وتستعين على ذلك بالطابور الخامس اللبناني القديم، الموالي للغرب الاستعماري والصهيونية واسرائيل. ولكنها (اي الكتل المالية العالمية "الغربية": اليهودية ـ الاميركية، والكاثوليكية ـ الاوروبية، والعربية ـ الاسلامية) كانت تتزاحم فيما بينها لاحتلال مركز الاولوية في الهيمنة على لبنان، وتتسابق لتخريب وتدمير لبنان وذبح الشعب اللبناني، من اجل الاحتفاظ بهذه الهيمنة. وقد تجلى ذلك في تضافر جهود الكتل الغربية لاشعال وتسعير الحرب الاهلية اللبنانية سنة 1975، لتهجير المسيحيين من لبنان، وذبح و"تأديب" الجماهير الشعبية الاسلامية. وقد قال المندوب الاميركي الخاص دين براون، لرئيس الجمهورية حينذاك سليمان فرنجية (الجد) "ان البواخر جاهزة لنقل المسيحيين الى الغرب". كما ان السعودية كانت تمول المجموعات الاسلاموية المشبوهة لذبح المواطنين المسيحيين العاديين على الهوية، وفي الوقت ذاته تمول حزب الكتائب و"القوات اللبنانية" لذبح المواطنين المسلمين العاديين، بحجة ان تسعة اعشار هؤلاء هم اما ناصريون او بعثيون او شيوعيون. ثم قامت اميركا والدول الاستعمارية الغربية بتأييد ودعم الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982، بينما وقفت السعودية والدول العربية الاخرى الموالية للغرب (كما تقف اليوم) تتفرج على لبنان وهو يذبح ويدمر. وفي 1983 جاءت "القوات متعددة الجنسية" (الاميركية ـ البريطانية ـ الفرنسية) الى لبنان لقطف ثمار الاجتياح الاسرائيلي ووضع لبنان تحت الاحتلال والوصاية الدوليين. وفي تلك الاثناء قامت البارجة الحربية الاميركية نيوجرسي بقصف الاراضي اللبنانية بالقذائف فائقة الضخامة لترويع اللبنانيين وتركيع لبنان. وجاءهم الجواب بالتفجير البطولي لمقر المارينز الاميركيين قرب مطار بيروت في 23 تشرين الثاني 1983، وسقوط حوالى 250 من جنود وضباط الاحتلال الاميركي، فاجبرت القوات الاميركية على الانسحاب الى سفنها والاختفاء خلف الافق.
ولكن بعد توقيع ما سمي "اتفاقية اوسلو" في 13 أيلول 1993، نشأ امل وهمي لدى الكتل المالية الغربية بامكانية اخضاع الشعب الفلسطيني البطل وفرض "السلام الاسرائيلي" في المنطقة. ومن ثم تحويل المنطقة العربية باسرها الى مصدر وممر لموارد الطاقة (النفط والغاز)، والى منطقة اقتصادية ـ تجارية واسعة تتمحور حول مركز تجاري ـ مالي اقليمي موحد سمته اجهزة الاعلام مجازا "هونغ كونغ" العربية. وهنا ظهر تباين حاد بين مخططات الكتل المالية العالمية الغربية.
فالكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية ارادت ان تضطلع اسرائيل بدور "هونغ كونغ" الاقليمية المنشودة، على ان تقوم الدويلة الفلسطينية الاوسلوية المسخ الموعودة بدور السمسار والوسيط بين اسرائيل والبلدان العربية والاسلامية.
في حين ان الكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية كانت تميل نحو تحويل لبنان الى "هونغ كونغ" الاقليمية، نظرا لكونه بلدا عربيا، ونظرا لعلاقاته القديمة مع اوروبا الغربية.
اما الكتلة المالية العربية ـ الاسلامية فتأرجحت ـ ولا تزال تتأرجح ـ بين الكتلتين الاخريين.
ولكن رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، احد ابرز ممثلي البرجوازية الكومبرادورية اللبنانية والوثيق الصلة بالسعودية، فقد اضطلع بدور مميز في التقريب بين الكتلة المالية العربية ـ الاسلامية والكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية ومشروعها لتحويل لبنان الى "هونغ كونغ" العربية ـ الاسلامية. على ان تكون اسرائيل رديفا لها. ولهذه الغاية اسس الحريري الاب لعلاقات وثيقة مع الاوساط العالية الحاكمة في فرنسا، وهي علاقات ما تزال قائمة الى الان بين عائلة الحريري وفرنسا. ولكن هذا الدور للحريري الاب اغاظ جدا الكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية. وهذا هو السبب الرئيسي الكامن خلف اغتياله. وقد اجترحوا المحكمة الدولية لاجل تمويه هذه الحقيقة التاريخية حول اغتيال رفيق الحريري رحمه الله. وبعد اغتيال الحريري شنت اسرائيل عدوانها الوحشي على لبنان في حرب تموز 2006 لكسر شوكة المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله واحتلال لبنان وتمزيقه وتدويله.
وفي هذه الاثناء كانت روسيا قد تخلصت من الطابور الخامس اليهودي ـ الغربي الذي حكم روسيا وتحكم بها في عهد غورباتشوف ويلتسين. وجاء الى السلطة التيار القومي الروسي ـ الاورثوذوكسي بقيادة فلاديمير بوتين. واخذت روسيا الجديدة المبادرة لتشكيل "المحور الشرقي الجديد" ونواته المؤلفة من روسيا والصين وايران، بكل امكانياته الهائلة، البشرية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والمالية. ولم يكن هذا المحور ليسمح بسقوط لبنان في قبضة الدول الامبريالية الغربية واسرائيل واليهودية العالمية. وقد تجلى ذلك ميدانيا في الدعم الذي حصلت عليه المقاومة في حرب تموز 2006 والهزيمة المنكرة لاسرائيل في تلك الحرب.
وبعد هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006 تضافرت جهود الكتل المالية العالمية "الغربية" الثلاث لتحريك "الربيع العربي" المشؤوم، تمهيدا لشن "الحرب العالمية للجيش التكفيري العالمي" لاقامة "دولة الخلافة الداعشية" على انقاض النظامين السوري والعراقي. وكان الهدف الستراتيجي الرئيسي لتلك "الدولة الداعشية" فيما لو قامت هو اجتياح لبنان، بدعم اميركي ـ اوروبي غربي ـ سعودي ـ تركي ـ "اسلامي" ـ وطبعا يهودي عالمي، وسحق المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله، ومن ثم اقامة "السلام الدائم" العربي ـ الاسرائيلي، باسم "التآخي" التاريخي لابناء الديانات السماوية "الابراهيمية"(!).
ولكن مشروع "الخلافة الداعشية"، الذي كلف الكتل المالية العالمية "الغربية" مئات مليارات الدولارات، دفن تماما على الارض السورية، بفضل صمود جماهير الشعب السوري والجيش الوطني السوري، وبفضل الدعم الحاسم الذي قدمته قوات "محور المقاومة"، الروسية والايرانية والوطنية اللبنانية، بطلب من السلطة الشرعية في سوريا.
وهنا يجب التنويه بالدور البطولي المميز الذي اضطلعت به المقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة حزب الله، في دفن المشروع الداعشي وحماية لبنان من الطاعون الداعشي، وهو ما عزز مكانة حزب الله سياسيا وعسكريا في لبنان، بوصفه الضمانة الاولى والاساسية لحماية الاستقلال الوطني للبنان بوجه العدوان والمطامع الاسرائيلية، وحماية الوحدة الوطنية اللبنانية بوجه اي شكل من اشكال الداعشية. وقد تكرس هذا الدور وتعزز اكثر بعد التعاون الذي تم بين المقاومة والجيش اللبناني في تحقيق النصر على الارهابيين التكفيريين في معركة "فجر الجرود" في شهر اب 2017، والتي اطلقت على اثرها مفهومة "الثلاثية الذهبية": الشعب والجيش والمقاومة!
وفي هذه الاوضاع غير الملائمة لجميع اعداء لبنان، مقاومة وشعبا وجيشا، "طفح الكيل" لدى جميع الكتل المالية العالمية "الغربية"، فقررت فرض اشد العقوبات وتضييق الخناق على جماهير الشعب اللبناني بأسره، بما في ذلك جنود وضباط الجيش اللبناني وعائلاتهم، لاجبار الجميع على التخلي عن المقاومة، ومن ثم الاستفراد بالمقاومة وضربها او اخضاعها وتطويعها عن طريق توسيع صلاحيات قوات اليونيفيل وزيادة اعدادها وتكثيف اسلحتها وتحويلها الى "قوات ردع" دولية، كما فعلت فيما مضى "قوات الردع العربية" التي دخلت لبنان في حينه لضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وكانت خطة الحصار على لبنان وخنقه تهدف الى دفع اكبر عدد من اللبنانيين الى الهجرة، وافقار وتجويع من يتبقى من اللبنانيين، وفي الاخير تحويل لبنان كله الى "مخيم لاجئين" كبير، للاجئين في وطنهم اللبنانيين وللنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيشون جميعا على الاعاشات والمساعدات الغذائية وغيرها، التي تقدمها لهم الكاريتاس والصليب الاحمر الدولي والهلال الاحمر السعودي وحتى "نجمة داود الحمراء" الاسرائيلية.
ولهذه الغاية قامت عصابات الطابور الخامس اللبناني الموالي للغرب واسرائيل، المعششة في البنك المركزي والمؤسسات المصرفية وجميع الشبكة المالية والتجارية اللبنانية، ـ قامت بمراكمة الديون على الدولة اللبنانية وسرقة اموال المودعين بالعملات الاجنبية المقيمين والمغتربين وسرقة الاحتياطات من العملة الصعبة في البنك المركزي والمصارف، ومن ثم تهريب مليارات الدولارات من الاموال المسروقة والمنهوبة، الى الخارج. و ـ بسحر ساحر! ـ انطلقت في وقت واحد جميع ثعابين الازمات المالية والاقتصاية والاجتماعية والبيئية في لبنان بالتوازي مع ازمة وباء الكورونا: ازمة الدولار، ازمة الغلاء الفاحش، ازمة الخبز، ازمة الكهرباء، ازمة النفايات، ازمة اللحوم الفاسدة، ازمة التعليم، وغيرها وغيرها. وفوق جميع هذه الازمات انطلقت حملة هستيرية ضد المقاومة متهمة اياها بانها السبب في ما يحدث للبنان، لانها ـ اي المقاومة ـ هي التي تستجر غضب "المجتمع الدولي!" ضد لبنان. وكان الهدف الرئيسي لهذه الحملة توجيه الاحتجاجات الشعبية على الازمات ضد المقاومة تمهيدا لضربها وتطويعها. وكان يقود هذه الحملة الاعلامية عملاء منظمة "المجتمع المفتوح" لمؤسسها الملياردير اليهودي جورج سوروس، المهندس الاول لـ"الثورات الملونة" في جمهوريات الكتلة السوفياتية والاتحاد السوفياتي السابقين.
ولكن هذه الحرب المالية ـ الاقتصادية ـ المعيشية ـ السياسية ـ الاعلامية الشعواء فشلت فشلا ذريعا في الوصول الى هدف زرع الفتن وعزل وضرب المقاومة في لبنان. بل ادت الى نتائج عكسية، وهي ازدياد التفاف جميع القوى الوطنية والتقدمية وجميع المواطنين الشرفاء حول المقاومة، التي اصبحت معقد الامل ليس فقط في حماية لبنان من العدوان والمطامع الاسرائيلية، بل وكذلك في محاربة كتلة الفساد واللصوصية في الدولة اللبنانية.
وهنا طار صواب الكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية. وتشير الدلائل ان الدوائر الاكثر تطرفا في اميركا واسرائيل قررت تطبيق "الحل النهائي" (على الطريقة الهتلرية) ضد لبنان، اي ازالته من الوجود. وفي تصريح له امام الصحفيين، فضح احد الدبلوماسيين الاسرائيليين في اميركا الخطة الجديدة ضد لبنان بالقول حرفيا "اننا سندفن حزب الله تحت انقاض لبنان".
وفي هذه الاجواء الملبدة والمعقدة حدثت "صدفة" تفجير بيروت بواسطة قنبلة الامونيا، التي سبق للمخابرات الاميركية والاسرائيلية ان زرعتها في مرفأ بيروت، بالتعاون مع الطابور الخامس اللبناني الموالي لاميركا واسرائيل.
ولكن بالرغم من فظاعة هذه الجريمة الوحشية ضد الانسانية ومضاعفاتها المأساوية على الشعب اللبناني، فإن المعطيات الواقعية وموازين القوى على الارض، محليا واقليميا ودوليا، كانت تشير بقوة ان "محور المقاومة" الاقليمي والدولي، الذي دفن المشروع الغربي ـ الاسرائيلي ـ الداعشي في سوريا، لن يسمح بتاتا بدفن لبنان، بل على العكس سيتم دفن اصحاب مشروع حفر قبر لبنان، جنبا الى جنب مشروع الداعشية.
وقد ألقى تفجير بيروت الهلع لدى الكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية، التي وجدت ان "خسارة" لبنان تعني خسارتها لاهم موقع لها في الشرق العربي ـ الاسلامي.
ومن هنا جاءت الزيارة السريعة للرئيس الفرنسي الى لبنان، للملمة الاوضاع ومحاولة اقناع القيادة الاميركية بافضلية الاقتصار على مخطط تطويع لبنان، وربما ـ لهذه الغاية ـ التوصل الى "تسوية ستراتيجية" مع محور المقاومة حول الوضع اللبناني و"ربط النزاع" وضبط المواجهة اللبنانية ـ الاسرائيلية.
والسؤال الكبير الآن، المركب والمتعاكس، هو:
ـ هل سيتمكن المعسكر الامبريالي ـ الصهيوني من "تحييد" لبنان عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وبالتالي تمكين اسرائيل من الاستفراد بالشعب الفلسطيني وطرده وتهويد فلسطين بالكامل، قبل الانقضاض من جديد لتأسيس دولة "اسرائيل الكبرى" من الفرات الى النيل؟
ـ ام ان لبنان سيتحول الى القاعدة الرئيسية وطليعة المقاومة العربية ـ الاسلامية ـ الانسانية، لتحرير شعوب العالم من مشروع الداعشية اليهودية المعادي للبشرية جمعاء؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية