الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخيرا أُسدل الستار عن محاكمة ( قتلة ) رفيق الحريري -- تمخض الجبل فولد فأرا

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ا
بعد خمسة عشر سنة من التحقيقات والتحقيقات المضادة ، أسدل الستار عن أطول محاكمة جنائية تناولتها المحكمة الجنائية الدولية ، دون ان تصل العدالة الدولية الى الحسم القطعي ، في جريمة القت بخيوط كثيرة في اتجاهات شتى ، وتعثرت مرارا لتشعبها ، وبسبب خطورة النتائج التي قد تترتب عليها ، اذا عالجتها المحكمة الجنائية الدولية طبقا للقانون ، وليس بمنطق الترضيات .
ان القرار الذي خرجت به المحكمة ، لم يكن قرارا قانونيا ، بل كان قرارا سياسيا ، وقرار ترضيات ، وقرارا كانت المحكمة تجتهد للتخلص منه ، نظرا لثقل حمولته السياسية ، ونظرا لما قد ينطوي على القرار من اخطار تهدد الامن العام اللبناني ، في ظرف ما احوج لبنان ان يضمد جراحه المفتوحة ، ودماءه الهاطلة والمنسكبة ، وهو الذي تعرض لما يشبه الضربة النووية الصغيرة الشبيهة بضربة / تفجير 14 فبراير 2005 ، تاريخ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ..
فهل يمكن اعتبار القرار الصادر اليوم من قبل المحكمة الجنائية الدولية ، بمثابة نصف قرار لطيّ مرحلة مؤلمة ، وفتح أخرى تتماشى مع قوة القرار السياسي الذي يتحكم فيه اللوبي المافيوزي اللبناني ، او انّ نصف القرار هذا ، كان يرمي الى ابعاد مسؤولية الدولة التي وقفت وراء تفجير 2005 ، والتي تقف وراء تفجير المرفأ في 2020 ، لان الأساس من التفجير ليس استهداف شخص رفيق الحرير المناهض للوجود السوري بلبنان ، لكن الهدف من التفجير كان ابعد من ذلك ، لان التفجير كان وراء اصدار مجلس الامن قراره الشهير تحت البند السابع ، وهو القرار 1515 القاضي بخروج القوات السورية من لبنان ، وهو القرار الذي وقفت وراءه فرنسا بالضبط .. فالمستفيد من خروج سورية من لبنان ، هو من يكون يقف وراء التفجير ، أي إسرائيل وبتخطيط من وكالة المخابرات الامريكية ..
فهل بعد الآن لا يزال هناك من يثق في حكم المحاكم الدولية ، من محكمة العدل الدولية ، الى المحكمة الجنائية الدولية ، خاصة وان هذه المحاكم عند إصدارها لقراراتها ، فهي ترضخ للتعليمات التي تأتيها من القوى الكبرى المسيطرة على القرار الدولي سياسيا وقضائيا ، والتي يتواجد قضاتها بكثرة في هذه المحاكم ..
قبل وبعد اغتيال رفيق الحريري ، تم اغتيال لبنانيين سياسيين ، وصحفيين ، من أمثال الصحافي سمير قصير عن جريدة النهار ، جورج حاوي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني ، جبران غسان تويني ، بيار امين الجميل ، وليد عبدو ...لخ .
ورغم المكانة التي يحتلها هؤلاء في الساحة السياسية اللبنانية ، فاغتيالهم مر مرور الكرام ، ولم يحظى بالبهرجة التي حضي بها اغتيال الحريري ، بل حتى الرئيس ياسر عرفات الذي اغتاله الموساد بمشاركة محمد دحلان ، ومحمود عباس .. مر اغتياله مرور الكرام ، ولم يصل الى البهرجة التي عرفها اغتيال رفيق الحريري .. وفي جميع هذه الاغتيالات بقي المجرم الذي يغتال نكرة و مجهولا ... مع العلم ان كل الاغتيالات هذه ، كان الهدف منها يرمي الى ادخال لبنان في أتون حرب أهلية ، كانت ستأخذ طابعا دمويا ، واكثر بشاعة من الحرب الاهلية التي دامت خمسة عشر سنة ..
فهل المخابرات اللبنانية ، كما لجنة القاضي الألماني ديتليف مليس في قضية الحريري ، عاجزون في الوصول الى من يقف وراء كل هذه الاغتيالات التي حصلت تباعا ، وفي الأرض اللبنانية ؟
والسؤال هنا : من يقف وراء مقتل رفيق الحريري ، ومن يقف وراء كل الاغتيالات التي حصلت بلبنان ؟
لو كان القاتل لبنانيا ، يتحرك من قلب ، ومن داخل لبنان ، لتم التوصل اليه ، خاصة وان الاغتيالات كانت متعددة ، ولم تكن مجرد اغتيال واحد ...
لذا فاستغلال الاغتيالات لتوريط سورية ، عند اعتقال اربعة ضباط لبنانيين موالين لها ، قضوا رهن الاعتقال اربع سنوات ظلما ، وهم :
--- جميل السيد مدير الامن العام .
--- مصطفى حمدان رئيس الحرس الجمهوري .
--- ريموند عازار المدير السابق للمخابرات العسكرية .
--- وعلي بلحاج المدير العام لقوات الامن الداخلي .
لم ينجح في قلب موازين القوى لصالح اليمين اللبناني المتصهين ، ولم ينجح في التأثير و الاخذ من قوة المقاومة ، التي زادت تنظيميا ، ولوجستيكيا ، وزادت اشعاعا لاقتناعها ببراءتها من جريمة تم التخطيط لها بين تل ابيب ، وواشنطن ، وباريس التي كانت وراء قرار مجلس الامن 1515 القاضي بإخراج القوات السورية من لبنان .. وطبعا سيسدل الستار عن المخطط / المؤامرة ، بتبرأة لجنة القاضي الألماني ميلس للضباط الأربعة بعد قضائهم أربعة سنوات من الاعتقال ، وهنا ومع القرار الذي خرجت به المحكمة الجنائية الدولية بتبرئة حزب الله ، وتبرئة سورية ، وتبرئة كل من مصطفى بدر الدين ، وحسين عنيسي ، و حسن حبيب مرعني ، فان من حق الضباط الأربع ، ومن حق حزب الله ، ومن حق سورية ، ومن حق كل من تضرر من الاتهام الرخيص في قضية اغتيال رفيق الحرير التي تقف وراءها دول غربية وإسرائيل ، مقاضاة سعد الحريري للتعويض عن اضرار الاتهامات التي انساق وراءها ، قبل ان تفندها المحكمة الجنائية الدولية بقرارها السياسي ، وليس القانوني ، إرضاء لأطراف القضية ، وخدمة مشبوهة للواقف الحقيقي وراء كل الاغتيالات ، والواقف الحقيقي وراء تفجير مرفأ بيروت إسرائيل ... واطرحوا السؤال عن المستفيد من كل هذه الاغتيالات ، واستفسروا عن حقيقة القرار الرضائي على حساب روح رفيق الحريري طالما ان إسرائيل بعيدة كل البعد عن أي شبهة في الجرائم الحاصلة ..
ان القرار الذي خرجت به المحكمة الجنائية الدولية ، كان قرارا مخدوما ، لأنه يبقى قرارا جانب الحقيقية المرة من جهة ، ومن جهة لم يلمس اصل المشكل وراء كل هذه الجرائم التي هي إسرائيل ...
فكيف يمكن تصور ان تختزل المحكمة الجنائية الدولية التهمة في شخص واحد هو سليم عياش ، وتدينه لوحده رغم ان نص القرار يناقض حقيقة التهمة ، ويناقض حقيقة الطرف الحقيقي المسؤول عن كل هذه الجرائم التي ذهب ضحيتها كمال جمبلاط ، وذهبت ضحيتها قيادات فلسطينية ببيروت ؟
فهل من الممكن تقبل ادعاء قيام شخص واحد ، وبمفرده من مستوى سليم عياش، بإنجاز التفجير الضخم الذي هز بيروت ، واودى بحياة رفيق الحريري ، ومعه اكثر من واحد وعشرين شهيدا ، لو لم يكن التفجير من صنع إسرائيل ...
ولنفترض جدلا ، ان سليم عياش هو من يقف وراء التفجير .. هل يستطيع شخص عضو بحزب ، ان يقدم على عملية تفجير ضخمة ومرعبة ، لاغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري ، دون ان يحظى بمشاركة مختصين من الحزب في عملية التحضير ، وفي عملية التفجير ... ويحظى بمباركة القيادة ...
والحال ان قرار المحكمة الجنائية الدولية برأ قيادة الحزب ، وبرأ سورية ، وبرأ المتهمين الثلاثة الاخرين ... وفي هذه البراءة التي يُحِقّ قضاة المحكمة أسبابها ، يصبح السؤال : اليس نفس اليد الخبيثة التي فجرت بيروت ، واغتالت رفيق الحريري ، هي من اغتال كل الشهداء الذين سقطوا ، ووجهت التهمة في اغتيالهم الى سورية ، بدعوى ان المغتالين هم ضد الوجود السوري بلبنان ..
ان عملية التفجير التي حصلت في قلب بيروت في سنة 2005 ، واغتيال رفيق الحريري ، كان الهدف منه القرار 1515 التي تقف وراءه باريس التي تخدم الاجندات الصهيونية ، وكان التفجير يرمي الى افتعال الحرب الاهلية ( السنية ) ( الشيعية ) ، وهي ان حصلت كانت ستكون اخطر من الحرب الاهلية التي دامت خمسة عشر سنة ...
ان من فجر بيروت في سنة 2005 ، هو من فجر بيروت في سنة 2020 ، لان سقوط لبنان وهو لن يسقط ، سقوطا للمقاومة ، وانتهاء لأية معارضة للدولة الصهيونية التي تفتح اليوم عواصم الأنظمة العربية ...
لقد رحب رئيس الدولة اللبنانية بقرار المحكمة ، واعتبره قرارا يتجاوب مع رغبات الجميع ، ورحب سعد الحريري بالقرار واعتبره بمثابة احقاقا للعدالة انتظره خمسة عشر سنة ....
وبدا ان الجميع وعلى راسهم المحكمة الجنائية الدولية ، يسارعون الزمن لطي ملف إنْ بقي مفتوحا قد يسبب في حرب ستكون نتائجها كارثية على المنطقة ..
الجميع خدمه القرار الرضائي للمحكمة :
--- حزب الله الذي برأته المحكمة ، وبرأت الأشخاص الثلاثة المتهمين ، ويكون القرار قد برأ الضباط الأربعة الذين قضوا اربع سنوات من الاعتقال ..
--- سعد الحريري الذي هضم القرار ، لأنه اصبح مفروضا عليه ، خاصة وانه هو من كان يناصر التحقيق الدولي ، معتقدا ان الحكم سيصدر بإدانة حزب الله ، و بإدانة سورية ، وهذا ما لم يحصل .. ورغما عنه دعا الى الوحدة ... التي لن تكون بإقصاء طرف يمثل طائفة كثيرة بلبنان الذي هو حزب الله ...
--- إسرائيل الرابح الأكبر . فرغم وقوفها وراء كل الاغتيالات ، ووقوفها وراء تفجير بيروت الذي اودى بحياة رفيق الحريري ، ووقوفها وراء تفجير مرفأ بيروت الذي دمر نصف بيروت ، خرجت بسلام كالشعرة من العجين ...
وقبل الختام نطرح السؤال ... هل يستطيع شخص واحد ، سليم عياش ، ان يُحضّر تفخيخ شاحنة ب 2500 طن من TNT ، ويفجرها دون الرجوع الى قيادة الحزب الذي برأه قرار المحكمة الجنائية الدولية ؟
إسرائيل من يقف وراء جميع الاغتيالات ، ومن يقف وراء تفجير 2005 ، وتفجير 2020 ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سلمان رشدي لشبكتنا: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وما هو


.. جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي




.. بين الحية وأبو عبيدة.. تناقض في خطابي حماس السياسي والعسكري


.. عودة هجمات الحوثيين بعد هدوء نسبي.. الأسباب والأهداف | #الظه




.. مصر تعمل باتجاه دفع المفاوضات مع حماس قدما لمنع العملية العس