الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تمكنت الحكومات المتعاقبة في العراق من الإيفاء بوعودها في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ...؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2020 / 8 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ 2003 بعد تغيير النظام السياسي الدكتاتوري والى اليوم لم تتمكن كل الحكومات العراقية المتعاقبة من الايفاء بوعودها الكاذبة في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي , فكانت وعودها في هذا المجال وحسب الأغنية العراقية للراحل رياض احمد (( مجرد كلام حجيته ونسيت ....)), فلم تبد الحكومات المتعاقبة أي اهتمام بحقوق المواطنين ومعالجة مشاكلهم المعيشية بسبب نهج المحاصصة والطائفية الذي تبنته هذه الحكومات بعيدا عن التغييرات العميقة التي تقود الى دولة المواطنة. وصار الفساد المالي والاداري بعد العام 2003 من سمات الدولة العراقية والى اليوم, ولهذا لا يزال العراق يمثل المراتب المتقدمة في الفساد بين دول العالم رغم الوعود الحكومية العديدة والمتكررة بمكافحته وعجزت عن ذلك .كما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم من تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ومواجهة التحديات الاقتصادية , فبقي اقتصادنا اقتصادا ريعيا وحيد الجانب واقتصاد استيرادي استهلاكي بامتياز . فالأوضاع تشير الى الفشل في تطوير القطاعات الاقتصادية ضمن الخطط الخمسية بعد 2003 حيث كانت الاخفاقات ملازمة للخطط الخمسية السابقة سواء في قطاع الصناعة او الزراعة او في القطاعات الاقتصادية الاخرى , كما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من القضاء على الفقر ورفع المستوى المعيشي للفرد العراقي وتحقيق الرفاهية للعائلة العراقية في ظل الثروات الكبيرة التي يزخر بها العراق مقارنة بالدول الاخرى . وبفضل هذه الحكومات بقي العراق يعتمد على واردات النفط في ظل اسعاره المتذبذبة والمنخفضة وبقي الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا استهلاكيا استيراديا بامتياز, ولم تسع هذه الحكومات الى تطوير وتنويع مصادر الدخل القومي.
وما يزال تحدي المديونية الخارجية من اولى التحديات الاقتصادية التي واجهت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 حيث تعتبر هذه الديون الكبيرة وفوائدها احد معوقات تحقيق التنمية الاقتصادية – الاجتماعية في العراق وتحد بارز يواجه الحكومة في تحقيق الموازنة بين تحقيق التراكم الداخلي وتحقيق التنمية وبين متطلبات الايفاء بتلك الديون وفوائدها الكبيرة , وهذا العامل لم تتمكن كل الحكومات المتعاقبة من مواجهته حسب وعودها بل بالعكس فقد ازداد توجهها نحو زيادة القروض الخارجية خاصة من صندوق النقد الدولي الذي يلجأ الى فرض الشروط المجحفة ويتحكم بالدولة المدينة.
وقضى رؤساء الحكومات المتعاقبة جل وقتهم بالحديث عن الاصلاحات ومحاولة تطبيقها لامتصاص حدة الغضب الشعبي والتظاهرات السلمية التي طالبت بتطهير مؤسسات الدولة من آفة الفساد التي كبدت الدولة العراقية خسائر مالية كبيرة خلال السنوات الماضية , هذا الفساد الذي طال مختلف المؤسسات المدنية والعسكرية. واثر خروج تظاهرات شعبية كبيرة في العراق خلال عهد الحكومات السابقة مطالبة بإجراء اصلاحات جذرية في البلاد والقضاء على الفساد تم الوعد بتحقيق اصلاحات جذرية وتشكيل حكومة تكنوقراط والقضاء على الفساد والفاسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية واطلاق حزم اصلاحات متعاقبة ولكن بعد عامين من اطلاق الوعود وجد العراقيون ان أيا من تلك الوعود لم يتحقق حيث بقيت حبرا على ورق و( مجرد كلام ).حيث لم يتم اخراج الأحزاب من المقرات والمباني المملوكة للدولة والغاء المناصب الفخرية وتقديم المتورطين بقضايا الفساد الكبيرة الى القضاء واصلاح مجلس القضاء الأعلى ومراجعة بعض فقرات الدستور العراقي المثيرة للطائفية واستقدام لجنة دولية لمعرفة مصير اموال العراق الضائعة والغاء رواتب التقاعد لأعضاء مجلس الحكم. وتم الحديث عن الكثير من وعود الاصلاح ولكن الواقع يؤكد غير ذلك .كما لم تتمكن الحكومات السابقة من مواجهة خطر الفساد الذي تسيطر عليه مافيات فساد تغلغلت خلال فترات الحكومات السابقة في المؤسسات والوزارات , وترتبط هذه المافيات بدول اقليمية والتي وقفت بوجه الخطوات الاصلاحية وسخرت قوتها وسلطتها بالضغط على السلطة القضائية وعلى الجهات المسؤولة بقطع الطريق امام خطوات الاصلاح ما ادى الى انتهاء الاصلاحات بفشل كبير .
وجرى اطلاق وعودا كبيرة بإصلاح الأوضاع المتردية في البلاد غير ان كثير من الأحزاب والجهات السياسية قد وقفت بوجه تلك الإصلاحات مفضلة مصالحها الشخصية على مصالح الشعب ما ادى الى انتهائها وفشلها .
الوعود الكثيرة والكبيرة التي يطلقها المسؤولون والسياسيون من مختلف الدرجات والمناصب اصبحت حالة عامة تتكرر في الأحاديث والتصريحات التي لم يعد يصدقها ويهتم بها المواطن.
كذلك الحال بالنسبة للحكومة المستقيلة التي استلمت زمام السلطة في 25 اكتوبر عام 2018 حيث وعد رئيسها بتحقيق الرفاهية للشعب وتوزيع مساكن للفقراء وتعيين العاطلين عن العمل وتحقيق مطالب المتظاهرين والاهتمام بالخدمات العامة ومكافحة الفساد وتحقيق الاستقلال بالقرار السياسي للعراق وحصر السلاح بيد الدولة من خلال دمج الميليشيات المسلحة بالقوات المسلحة الرسمية . وفعلا تم تحقيق هذه الوعود الكبيرة حيث تم تحقيق الرفاهية لشعبنا ولا نجد اليوم أي فقير او متسول في شوارعنا ولا نجد أي اسرة محتاجة وتعاني من شظف العيش . وتم تهديم مساكن الفقراء والعشوائيات من اجل بناء مساكن جديدة تليق بكرامة الانسان, وتم تعيين العاطلين عن العمل ولم يواجه خريجو الكليات والمعاهد واصحاب الشهادات العليا بالماء الساخن والرصاص الحي, كما تم توفير الخدمات الصحية بمستوى عالي بحيث لا يضطر العراقيون بعد الان من السفر الى خارج العراق الى الهند وايران وتركيا ولبنان وغيرها من الدول لتلقي العلاج , كما تم توفير الأدوية خاصة بالنسبة للأمراض السرطانية والأمراض المزمنة , وتم مكافحة الفساد في دوائر وزارة الصحة, واستقل العراق اليوم في عهد هذه الحكومة بقراره السياسي اذ لا يتلقى التوجيهات من ايران وامريكا وغيرها. وتم ايضا تقديم كبار الفاسدين على اختلاف احزابهم ومناصبهم الى المحاكمة وتم استرجاع الأموال المنهوبة. كما جرى ايضا حصر السلاح بيد الدولة ولا نجد اليوم ميليشيات عسكرية في الساحة العراقية تقتل المتظاهرين السلميين او تقوم بعمليات الخطف والاغتيال بعد ان نفذت امر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء القاضي بدمجها مع القوات المسلحة العراقية الرسمية. اضافة الى ان الحكومة لم تقدم المناصب ارضاء للكتل السياسية المتنفذة وخضوعا للضغوط الخارجية.
وفي عهد الحكومة المستقيلة لم تتمكن القوى المتنفذة السياسية والأمنية من التأثير على قرارات الحكومة او تهيمن على المشهد السياسي كونها حكومة قوية تمكنت من اكمال كابينتها الوزارية بيسر دون معوقات وتدخلات داخلية وخارجية . قدمت الحكومة العديد من الاصلاحات العامة الضرورية والمهمة وتوفير الخدمات وتطوير المؤسسات الصحية والتعليمية والخدمية ومشاريع البنى التحتية , فنجد التعليم اليوم في اعلى مستوياته وتم القضاء على الامية وتم التوسع في بناء المدارس ولم تسمح الحكومة بتوسع التعليم الاهلي على حساب التعليم المجاني الحكومي , ولم تقمع الحكومة المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي والغازات القاتلة( والتي يقول عنها المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء بأنها غازات عادية جدا تستخدم في روسيا وامريكا وبريطانيا) كما لم يتم الاعتداء على الحريات العامة. ولم تهدد الحكومة بسجن المتظاهرين السلميين لمدة عشرين عاما في الوقت الذي قامت بالقبض على كبار اللصوص في العراق الذين يسرقون العراق منذ 16 عاما .
وفي عهد الحكومة السابقة لم تتعطل المصانع وتتوقف الزراعة وتم تفعيل القطاعات الاقتصادية المنتجة ولم يبق اقتصادنا الوطني اقتصادا ريعيا استهلاكيا استيراديا. الم نسمع عن تأهيل الحكومة لمعامل وزارة الصناعة العديدة المتوقفة والتي ازدهرت في هذا العهد مثل معمل الحديد والصلب ومعمل تعليب كربلاء والشركة العامة للجلود ومعامل الالبان في ابو غريب ومعامل الاسمنت والصناعات الخفيفة ومعامل النسيج وفتاح باشا والسجاد العراقي والزيوت النباتية والسكر وصناعة الكيمياويات والأسمدة والأدوية في سامراء والزجاج في الرمادي وغيرها كثير. والم نسمع عن تطوير القطاع الزراعي في العراق حيث تحول العراق اليوم الى بلد مصدر للمنتجات الزراعية بعد ان كان يستورد منتجاته وسلة غذائه من دول الجوار. كما تم السيطرة على المنافذ الحدودية بعد ان كانت مشاعة للأحزاب والكتل السياسية الحاكمة , واليوم لا تسيطر الأحزاب والميليشيات على غالبية المنافذ الحدودية والاستيلاء على حوالي ( 6) مليارات دولار من هذه المنافذ التي خسرتها الميليشيات بسبب قوة الحكومة . كما قامت الحكومة بوضع حد على الرسوم غير القانونية والإتاوات على التجار كشرط لدخول بضائعهم, وبفضل الحكومة لم تعد اليوم تدخل حدودنا البضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمسرطنة ولا يتم تهريب المخدرات من ( الأرجنتين ) الى العراق حيث اصبح العراق خاليا من المخدرات. كما تمكنت الحكومة من تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي اخذ دوره وتمكن من مكافحة الفساد ومحاكمة كبار الفاسدين في الدولة واصبح العراق اليوم بفضلهم خاليا من الفساد بين دول العالم . وتم ايضا تشكيل وتفعيل مجلس الخدمة الاتحادي الذي يقوم بكل التعيينات وبذلك حرمت الحكومة الأحزاب المتنفذة من تعيين من تشاء في دوائر الدولة بغض النظر عن الشهادة والخبرة والممارسة . اضافة الى قيام الحكومة بتطبيق المادة ( 140) من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها .
كما وضعت الحكومة حدا للهيئات المستقلة التي تدار من قبل الأحزاب والتكتلات وتخضع للمحاصصة الحزبية الطائفية والقومية . اضافة الى ذلك لم تسلم الحكومة المناصب الكبيرة لشخصيات تحوم حولها شبهات الفساد. ولو لم تقدم الحكومة السابقة استقالتها لتمكنت من جعل العراق في مصاف الدول المتقدمة . اليس كذلك ؟؟؟!!!!
الم يكن هذا تحقيقا للوعود الكثيرة التي قطعتها الحكومة السابقة ؟!!!
ام ان ذلك مجرد حلم بعيد المنال في ظل المنهج الفاشل المتبع ؟؟؟!!!
واليوم امام الحكومة الجديدة العديد من التحديات التي ينبغي معالجتها لصالح الشعب العراقي والوطن وقد وعدت الحكومة الحالية بالعديد من الانجازات والمهم عندها هو تحويل الأقوال الى افعال . فهل تستطيع فعل ذلك ؟ سنرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك