الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مستنقع السياسة، إلى أزهار الثقافة...لنجرب!

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2020 / 8 / 19
الادب والفن


تحولات دراماتيكية، متغيرات صاعقة، صدمات...انفجارات نووية صغيرة!!!هذه الساحة العربية القديمة، تتفكك الآن وتتشكل من خلال هذه الصدمات اللاهثة وراء سحابات وخرائط ضبابية، تتبلور وتمهد لصدمات أعمق...هذا التكالب السياسي والديمغرافي المتهور اليوم في المنطقة خلط الأوراق وألقى بأوراق غامضة، لتنفض الغبار عن المنطقة القديمة لنواجه منطقة مبهمة تثير فينا ضغط الدم...
وحتى لا نفنى بعد وقت قصير، أقلها لنتجه غربًا نحو الثقافة...لماذا؟ حتى لا نفنى؟!
بهذا الأوان ومع تراشق المصالح والمشيئات، وتقاطر الأزمات والشدائدبالشعوب المغلوبة على أمرها برهن إرادتها هي ذاتها!! لانعدام الوعي والفهم، فإن الثقافة تبدو لي بهذا الوقت الحرج وسط الصدمات هي الملاذ الأخير، للإفلات من الانهيار الأعظم المنتظر... صور قاتمة في العراق وإيران وليبيا وسوريا وفلسطين، ولبنان طبعًا... و....، لذا لزم التنويه بضرورة اليقظة، التي تكمن بذرتها إن لم أُخطئ، بعيدًا عن السياسة التي أثقلت كاهل كلّ من له علاقة ومن ليسله.
الثقافة، مخزن هائل للوعي لو توفرت الطليعة المثقفة ذات الأفق الواسع، وتهيأ لها مناخ وبيئة حاضنة، لأنقذنا ما تبقى من انهيار للطبقة الوسطى التي عادة ما تقود التغيير في المجتمعات الحية، وأحيانًا كذلك الميتة!!!ندرك مضمون الثقافة، إذا كان ثمة "طبقة" مثقفة! ولكن المحزن أن فئة المثقفين والأدباء والمفكرين، انحسرت مؤخرًا لفقرِها إلى وقودٍ يوقظ همتها، فبدأت منزوعة الدسم!وانزلقت في تضاربٍوتناقض بينها وبين واقعها وبدت وجهًا آخر من العملة للسياسة.
لو استيقظ العقل الجدلي وتفهم معطيات وتناقضات المرحلة الراهنة لأمكن الرهان على التغيير الإيجابي، ولكن السياسة أكلت الأخضر واليابس... لذا يبقى الرهان على الثقافة، لعلّ يمكن أن يؤدي توطينها في البيئة الصحية، إلى إحياء حضارة إنسانية بغاية النضج والارتقاء، تشاركبارتقاء الشعوب وانتشالها من الجهل والفاقة الفكرية التي غرستها السياسة طيلة عقود مسهبةصيرت من بعض هذه الشعوب قطاع مراعي ينتفع منها أصحاب النفوذ وذوي البشرة الحمراء الذين يتحكمون بدفة الدول.
الهجرة إلى الثقافة، فن وأدب وفكر وموسيقى، راقية بالطبع تكون كذلك، لأن الضوضاء تكبس على العقل، ولابد من فتحِ قنواتٍ ثقافية مُطلة على الحياة وغرس بذور واقع جديد وجريء في مجتمعاتٍ تعاني من فقرٍ ثقافي يمكن أن يرتقي بالوعي وينمي العقل ويزيح الجهل من أروقة واقعنا الذي يرزح تحت وطأة التخلف. إن غياب الثقافة وبالشكل الراقي هو أحد أسباب رؤيتنا لهذا التجهم على وجه الدول والشعوب التي تواجه اليوم أزمة وعي جعلها تدخل بحروب وصراعات طائفية ومذهبية وسياسة وكلها من وراءها تقف طبقات سياسية مستفيدة من هذه الأكوام من التخلف، هل رأيت أمة تعشق الأدب والثقافة والفن وتستمع إلى الموسيقى الراقية يتحارب سكانها ويقتتلون بعضهم بعضًا؟ هل رأيت أمة تعشق المسرح والسينما وتقرأ الأدب وتهتم بالفلسفة تسفك دماء بعضها؟ ربما تكون هناك استثناءات وربما تحصل بعض المواجهات بحكم تدخل السياسة ولكن سرعان ما يعود الوعي لمثل هذه الأمم لتعيش بسلام وفي رخاء لا تعكره المذابح على طريقة داعش والحشد الشعبي.
ربما يبدو استجلابي للثقافة بهذا الأوان المشحون بالأزمات والاحتقان، استجلاب مثالي لا ينسجم مع إيقاع العصر الراهن الذي يشهد تكالب السياسات على كلِّ شيءٍ وسطوة السياسيين على الشعوب وتحكم الطبقات السياسة بمصير البشر، فيتزعمونهم كالخرافِ الضالة، يقتتلون على المذهب والطائفة والدين وحتى على افتراض نهجنا نحو الثقافة أخشى ما أخشاه، هو نفوذ السياسيين أو مدعي المعرفة على عالم الثقافة وبالتالي تفسد السياسة ومعها الثقافة وتفسد الشعوب اللاهية مع الشعارات والخطب الرنانة ولا يدوم لنا بعالمنا العربي سوى الحروب فيما بيننا.
فالصمت وقت الضوضاء أقوى تعبير عن الرأي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر