الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيروت منفى وغربة

اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)

2020 / 8 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


انطفأ سراجها، وكأنّ جنّيّاً هرب من قمقمه، وخيّم بغيمة من الظلام الأحمر، إبر الصنوبر تناثرت، تلملم اخضرارها من فوهة النار، وسرير صغار العصافير تقوض بالريح. توقّفت الأرض تحت وطأة الصاعقة، ودوت في الأفق، وأبرقت لعنة أخرى. صيحات الوجع تختلط بدهشة الذعر، هل من الممكن أن تمطر في شهر آب؟ نعم تغيّرت معادلة السماء، وأمطرت زوبعة من الأشلاء فوق قارعة الطرق، وعلى سفح البحر وصهوة الموج وأكتاف الأزقة.
مطرٌ يصمّ الآذان رعده، ونظرات تحدّق في الجهات الأربع تدوّن المجزرة، تحملق في الطرق المسدودة بعين طفلة خبّأت دمعة مسحوقة، سيلٌ جارف يقتلع المساكن، ويزرعها فوق سكانها، هل نزل عقاب الله على صلف من نهشوا لحم ساكنيها؟ كيف تكون عدالة وقد نجا من المأساة كلّ من جار على بيروت، ليقتلع جمالها من قلوب عاشقيها، لكن بيروت عازمة أن تستكمل فصول الحكاية ، يغمغم الحمام المبعثر فوق غيمة صفراء وحمراء، مثل الأوراق المصفرة في مساء خريفيّ تحاول أن تتشبّث عبثاً بالشجر، على أكتافها أمّي تحمل شجرة زيتون، في ظلّها تعودت أن أستريح، أتسابق مع صغار العصافير على اقتناص النسيم الذي يحمله الوادي القريب من كروم العنب، حيث البلابل التي تغزو شجر التين، وفي المساء أتوسّد غصون الصنوبر، أصغي إلى شدو البلابل، فيحملني غناؤها إلى عوالم أخرى، أكتب بإبر الصنوبر يوميّات الفراش والعصافير، على الربى مات اخضرار الربيع، وصمتت أغنية الفرح التي كانت تنبثق من تمايل الزهر وعناقها للريح ، تنثر أريجها في الأجواء، وقبلات المطر للزعتر، في المنفى لبيروت وصف آخر، أن تكون منفيّاً في منفاك، لا كلمات تسعفني كي أكتب، معلّقة ما بين غربة وطن وغربة روح، قدماي ما زالتا تحتفظان برائحة تراب الأرض في مواسم المطر، تحفظ عن ظهر غيب الممرّات الضيّقة، حيث نشر الموت خيمته على كلّ ما عرفناه ، وتبخّرت الأحلام، ونشف الدم في الوريد، وبينما أعدّ حقيبة عودتي أزداد نفياً، وأزداد غربة، ويقبض اليأس على يدي، يسامرني ويسير في شرياني، ينفيني بلونه الأحمر، ومن أحلامي يسخر. سنطوي هذا الوجع، ونتبع خطى الحياة، هكذا قالت شجيرات الزيتون، هل تصمد شجرات الغار حتى أعود من غربتي ومنفاي؟ ومعاً نواجه الريح، نجمع حفنة من رمل البحر، ونزرع القمح في كفّي للعصافير تنقر حبّها على مهل.





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


اخر الافلام

.. حرب إسرائيل وإيران... مع من ستقف الدول العربية؟ | ببساطة مع


.. توضيحات من الرئيس الإيراني من الهجوم على إسرائيل




.. مجلس النواب الأمريكي يصوت على مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرا

.. حماس توافق على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود



.. -مقامرة- رفح الكبرى.. أميركا عاجزة عن ردع نتنياهو| #الظهيرة