الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط إمارة «القاعدة» في البيضاء: اشتداد الخناق على مأرب في اليمن

محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)

2020 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


القاعدة تنظيم إسلامي إرهابي متعدد الجنسيات. برز نشاطه في أفغانستان والعراق ثم سوريا لاحقا. ولم تقتصر هجماته على الشرق الأوسط، بل طالت أيضا أوروبا وأنحاء أخرى من عالمنا.

يعود تأسيس تنظيم القاعدة إلى الفترة الممتدة بين أغسطس/ آب 1988 وأواخر 1989، وهو تنظيم يدعو إلى الجهاد الدولي. ويقوم التنظيم بهجمات انتحارية وتفجيرات إرهابية تطال الأبرياء في مختلف أنحاء العالم. بعد مقتل زعيمها أسامة بن لادن تولى أيمن الظواهري زعامة التنظيم. تشمل أهداف القاعدة المعلنة إنهاء النفوذ الأجنبي في البلدان الإسلامية وإنشاء خلافة إسلامية جديدة.

 قوات صنعاء،تمكّنت في عملية عسكرية استمرّت عدّة أيام وانتهت الخميس الماضي، من إسقاط إمارة البيضاء التابعة لتنظيم «القاعدة»، بعد سيطرتها على منطقة يكلا في مديرية قيفة، والتي تُعدّ المعقل الرئيس للتنظيم منذ عشر سنوات، وذلك بإسناد من قبائل المحافظة

 في إطار سعيها إلى تضييق الخناق على قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في محافظة مأرب، التي تُعدّ آخر معاقل تحالف العدوان شمال اليمن، شنّت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية هجوماً على منطقة قيفة التابعة لمديرية القريشية، شمال غرب محافظة البيضاء، التي تعتبر معقلاً رئيساً لتنظيمَي «القاعدة» و»داعش».
وتوزّع الهجوم على ثلاثة محاور: قانية باتجاه الكمب وجبل الثور، رداع باتجاه جبل نوفل يكلا، ومن ذي كالب وصولاً إلى جبل بلبل. وبعد معارك استمرّت ثلاثة أيام، استطاعت قوات صنعاء السيطرة على يكلا، آخر قرى قيفة المحاذية لمأرب، وبذلك أحكمت الطوق على قوات هادي في المحافظة المذكورة، حيث استشعرت قيادة «التحالف» خطر هذا التقدّم، معتبرة أن الجيش واللجان يهدفان من وراء عملياتهما الأخيرة في قيفة إلى التمهيد لدخول مديرية رحبة في مأرب. ووفقاً لمصادر متعدّدة، فقد نجحت قوات صنعاء في قطع الطريق الواصلة بين البيضاء ومأرب، الأمر الذي أثار الرعب في صفوف قوات «التحالف»، وخصوصاً أن «أنصار الله» أسقطت مواقع مهمة، كعقبة زعج، وقطعت طريق زعج - ذي كالب، مانعةً وصول أيّ إمدادات عسكرية من مأرب. وعلى رغم عشرات الغارات التي شنّتها مقاتلات «التحالف» على محاور تقدّم الجيش واللجان، إلا أنها لم تمنعهما من الوصول إلى مناطق سبلة خبران والحاجب وبلاد الظهرة في القريشية.
وفي نتائج العملية أيضاً، أفيد عن مقتل أمير تنظيم «القاعدة» في «ولاية القريشية»، المدعو «أبو صريمة»، ومسؤول الإمداد في التنظيم، وهو باكستاني يدعى «أبو حفص»، وقيادات أخرى. كما تمّ أسر عدد من العناصر من جنسيات متعدّدة، كباكستان وأفغانستان ومصر والسعودية. أمّا مَن تَبقّى من قيادات «القاعدة» و»داعش» وعناصرهما، فقد فرّ بعضهم إلى محافظة مأرب، فيما توجّه آخرون إلى محافظة لحج (جنوب) حيث أنشأت السعودية، أخيراً، العديد من المراكز الدينية، ولا سيما في مناطق قبيلة الصبيحة، بهدف نقل الثقل السلفي من الشمال إلى الجنوب. وسُجّل انتقال قسم ثالث إلى وادي يشبم في منطقة الصعيد في محافظة شبوة، ورابع إلى مديرية لودر في محافظة أبين.
كذلك، تمّ العثور على مستشفى ميداني تابع لـ»القاعدة» ومقرّات للتنظيم في منطقة ذي كالب الواقعة بالقرب من يكلا، ومعسكرات تدريب وتأهيل تحوي أسلحة سعودية متوسطة وخفيفة. وبحسب مصادر قبلية، فإن الهجوم الذي شنّه الجيش واللجان دفع تنظيم «داعش»، الموجود في المنطقة نفسها، إلى إسناد «القاعدة»، على رغم الخلافات الكبيرة بينهما، والتي وصلت إلى حدّ الاقتتال. وأشارت المصادر إلى أن التنظيمين كانا يَتخذان تحصينات طبيعية في غايه التعقيد، لكنها سقطت تحت سيطرة قوات صنعاء في عدّة أيام. وأضافت المصادر أن الجيش واللجان اقتحما سجون «داعش» و»القاعدة»، وحرّرا عدداً من السجناء الذين أمضى البعض منهم ثلاث سنوات خلف القضبان.
يُذكر أن قرية يكلا، التي أسقطها الجيش واللجان في المعارك الأخيرة، كانت تعرّضت في الـ29 من كانون الثاني/ يناير 2017 لهجوم أميركي بطائرات من دون طيار، أعقبته عملية إنزال واشتباكات نتج عنها مقتل 14 من «القاعدة»، بينهم ثلاثة قياديين، بحسب إعلان القيادة المركزية الأميركية، فيما تحدّثت بعض المصادر عن إسقاط مروحيّتَي «أباتشي» أميركيتين، ومقتل أميركي خلال العملية. لاحقاً، تَبيّن أن من بين القتلى زعيم «خلية القاعدة في شبه الجزيرة العربية» عبد الرؤوف الذهب، وشقيقه سلطان الذهب، فضلاً عن نورة أنور العولقي (ذات الثماني سنوات) ابنة زعيم «القاعدة» في اليمن أنور العولقي، الذي قتل في غارة أميركية في العام 2011.
وفي موازاة الإنجازات التي حَقّقها الجيش واللجان في محافظة البيضاء، سقط قبل أيام أحد أهمّ معسكرات ما يُسمّى «الشرعية» في محافظة مأرب، وهو معسكر الكمب وموقع حيد الثور الاستراتيجي في مديرية مأهلية جنوب المحافظة. وعلى جري عادتها في مثل هذه الحالات، وَجّهت قيادات في «الشرعية» اللوم إلى أخرى بالخيانة والتنسيق مع «أنصار الله»، فيما تصاعد السخط في أوساط قبائل مراد، الموالية لـ»التحالف» والمنتشرة على تخوم مأرب، وذلك على خلفية الزجّ بأبنائها في المعارك من دون مؤازرة، والتعامل الفوقي معهم.
الولايات المتحدة  كانت قد أعلنت مقتل زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قاسم الريمي في عملية عسكرية في اليمن.

وجاء الإعلان على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف مقتل الريمي بأنه "أضعف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وفي شتى أنحاء العالم كما أن هذه العملية قربتنا من القضاء على خطر تلك الجماعات التي تهدد أمننا القومي".

وقال ترامب في بيان "تحت قيادة الريمي، ارتكب تنظيم القاعدة أعمال عنف ضد المدنيين في اليمن كما أنه سعى لتنفيذ وإلهام أنصاره بتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة وقواتنا".

فمن هو قاسم الريمي وما أهميته في صفوف تنظيم القاعدة

يقع اسم قاسم الريمي،المكنى "أبو هريرة الصنعاني"، (واسمه الحقيقي قاسم عبدة محمد أبكر)، في أعلى قائمة المسلحين الضالعين في أعمال إرهابية "جهادية" المطلوبين عربيا ودوليا.

وتولى الريمي قيادة "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" في حزيران يونيو 2015 في أعقاب مقتل زعيم التنظيم السابق ناصر الوحيشي في ضربة جوية بطائرة مسيرة في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت شرقي اليمن.

وكان "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" أُنشأ من دمج فرعي تنظيم القاعدة في اليمن والمملكة العربية السعودية في عام 2009، ويقول بعض المراقبين إن الريمي كان أحد من أسهموا في جهود توحيد التنظيم تلك.

وتتهم الولايات المتحدةالتنظيم بالضلوع في عدد من الهجمات التي استهدفت المصالح الأمريكية والغربية، ومن بينها التخطيط والإشراف على عدد من العمليات الإرهابية ومن أبرزها تلك استهدفت المدمرة الأمريكية "يو أس أس كول"في خليج عدن وأسفرت عن مقتل 17 عسكريا أمريكيا، والهجوم على مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء عام 2008 والذي أسفر عن مقتل 16 شخصا.

وقد أعلنت في عام 2010 عن إدارج اسم الريمي في قائمة الإرهابيين المطلوبين وتجميد أي أرصدة أو أصول مالية يمتلكها داخل الولايات المتحدة.

وفي عام 2018 رفعت قيمة المكافأة التي وضعتها لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقاله من خمسة إلى عشرة ملايين دولار.

"خليفة الظواهري"

ويعتقد أن الريمي من مواليد 1978 وقد التحق بتنظيم القاعدة في عمر مبكر، حيث تدرب على السلاح في معسكراته بأفغانستان في التسعينيات.

وقد عاد الريمي إلى اليمن في عام 2004، واعتقل هناك وصدر بحقه حكم بالسجن، بتهمة التخطيط لاغتيال مواطنين أجانب في اليمن.

وتمكن الريمي من الهروب من السجن في عملية هروب جماعية لأكثر من 20 عنصرا من مسلحي التنظيم من سجن بصنعاء في عام 2006.

وتقول ريتا كارتز مديرة موقع (سايت) الاستخباري المهتم بمتابعة نشاطات الجماعات المتطرفة في تغريدة على حسابها الرسمي في موقع تويتر، إذا تأكد مقتل الريمي فسيعد ضربة كبيرة لعموم تنظيم القاعدة، لأن الريمي، حسب تعبيرها، كان مرشحا لخلافة زعيم التنظيم أيمن الظواهري.

ولم يحدد ترامب متى قتل الريمي وطريقة مقتله لكن تقارير صحفية تحدثت عن أنه قتل في غارة بطائرة أمريكية مُسيرة استهدفت الجمعة الماضية منزلا في مديرية "وادعي عبيدة" شرق مدينة مأرب اليمنية يستخدمه مسلحو القاعدة وكرا لهم.

وكانت تقارير سابقة تحدثت عن مقتل الريمي في غارة أمريكية في اليمن منذ يناير / كانون الثاني الماضي ولكن التنظيم أصدر رسالة صوتية بصوت الريمي للرد على تلك التقارير، ويرى بعض الخبراء أن الرسالة قد تكون سُجلت في وقت سابق.

ويصف مسؤولون أمريكيون تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بأنه من أنشط فروع تنظيم القاعدة خارج أفغانستان وباكستان.




ويستثمر التنظيم الأوضاع الأمنية المضطربة في اليمن لتوسيع قاعدته وشن هجماته، ويُتهم بالوقوف وراء العديد من الهجمات التي قتل فيها مئات الأشخاص في اليمن والسعودية، فضلا عن التخطيط لهجمات معقدة ضد مصالح الغربية، من بينها عملية إرسال طرود مفخخة على متن طائرة شحن متوجهة إلى الولايات المتحدة، التي احبطت في مطار دبي في عام 2010.

وفرضت الولايات المتحدة وست دول خليجية عقوبات مالية على أفراد وكيانات يُشتبه في صلتها بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في اليمن.

واستهدفت العقوبات المالية 11 فردا، بينهم رضوان قنان، مسؤول التمويل بتنظيم الدولة الإسلامية، ونشوان العدني "أبو سليمان" الذي تفيد تقارير بأنه مسؤول الاغتيالات بالتنظيم.

وتشمل قائمة الأفراد كذلك نايف صالح سالم القيسي، وعبد الوهاب محمد عبد الوهاب الحميقاني، وهاشم محسن عيدروس، خالد عبد الله صالح المرفدي، وسيف الرب سالم الحيشي، وعادل عبده فاري عثمان الذهباني، ووالي نشوان اليافعي، وخالد سعيد غابش العبيدي، وبلال علي الوافي.

كما استهدفت العقوبات كيانين، هما جمعية الرحمة الخيرية، وسلسلة متاجر "الخير" في اليمن.

وتهدف العقوبات إلى منع التحويلات المالية مع هؤلاء الأفراد، وذلك في محاولة لتجفيف منابع تمويل العمليات التي ينفذها التنظيمان.

وبموجب العقوبات، يُحظر إجراء أي تعامل مالي مع الأفراد المعنيين.

وقبل ساعات من إعلان العقوبات، أفاد تقرير بوجود تحرك لمصادرة أصول هؤلاء الأفراد في منطقة الخليج.

ويأتي هذا في إطار جهود أشمل للقضاء على مصادر تمويل الشبكات المتطرفة، حسبما يوضح آلن جونستون، محلل شؤون الشرق الأوسط في بي بي سي.

وجاء التحرك باتفاق الولايات المتحدة مع أعضاء المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب، وهم السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت وقطر.

وبهذا، جمع التحرك، الأول من نوعه، بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، ومنهم السعودية والإمارات وقطر.

ويحظى هذا التحرك بأهمية خاصة في ضوء العلاقات المتوترة بين قطر وعدد من الدول العربية، غالبيتها خليجية.

ففي يونيو/ حزيران، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع قطر، متهمين الدوحة بدعم "الإرهاب" واتباع نهج تصالحي مع إيران.

ووقعت الولايات المتحدة وقطر في يوليو/ تموز اتفاقا لمحاربة "الإرهاب" وتمويله

وعلى خلاف ما كانت التوقعات تذهب إليه من قدرة التنظيمات الإرهابية على استغلال حالة الفراغ الأمني وتوسيع خارطة انتشارها، ألقت عدوى التشظيات اليمنية بظلالها على تنظيمي القاعدة وداعش اللذين انهمكا في حالة صراعات مزمنة ترافقت مع صراعات إضافية كذلك داخل التنظيمين المتطرفين كما يقول الصحافي الباحث اليمني المتخصص في شؤون الجماعات “الجهادية” مشير المشرعي الذي يؤكد في حديثه لـ”العرب” أن تنظيم القاعدة في اليمن أو ما يعرف بـ”تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة وفقد السيطرة على محافظات عديدة بفعل العمليات العسكرية التي شنها ضده التحالف العربي.

تقلص خارطة الانتشار

يشير الباحث المشرعي إلى الدور الذي لعبته دولة الإمارات التي قامت بتدريب قوات خاصة عرفت باسم قوات النخبة الحضرمية وهي القوة التي استطاعت تحرير مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت من تنظيم القاعدة في عملية عسكرية انطلقت بالعام 2016 بدعم مباشر من التحالف العربي بقيادة السعودية.

ويضيف “تلت عملية تحرير المكلا عمليات أخرى في محافظة شبوة بواسطة قوات النخبة الشبوانية في العام 2017 التي تمكنت بعد معارك عنيفة مع التنظيم من تحرير مديريات شبوة والتي كان أهمها مديرية عزان إحدى أهم وأخطر المناطق التي انتشر فيها تنظيم القاعدة في اليمن، ثم توجهت قوات الحزام الأمني المدربة من قبل قوات إماراتية كذلك لتحرير محافظة أبين آخر المحافظات التي كانت بيد تنظيم القاعدة قبل أن تفر بعض قيادات التنظيم إلى الجبال في منطقة المحفد والبعض الآخر انتقل إلى محافظة مأرب أو مديرية قيفة بمحافظة البيضاء وجميعها مناطق متقاربة حيث تمكن المقاتلون من التنقل بين المحافظات بكل سهولة نظرا لوعورة التضاريس بالإضافة إلى غياب الانتشار الأمني في هذه المحافظات”.

ويلفت المشرعي إلى أن تنظيم القاعدة لم يعد له أي تواجد علني إلا في منطقة قيفة التابعة لمحافظة البيضاء، على حدود مأرب والتي تشهد معارك مستمرة مع تنظيم داعش، إضافة إلى تواجده في بعض الجيوب في جبال أبين وصحراء مأرب والتي تعتبر ملاذا آمنا إلى حد ما لمسلحي التنظيم.

جيل جديد من القادة

يلفت المشرعي إلى نشوء جيل جديد من القيادات في تنظيم القاعدة على وجه الخصوص نتيجة لتعرض أبرز قيادات هذا التنظيم للقتل جراء العمليات الأميركية بطائرات من دون طيار، ويرى أن هذا الأمر انعكس بشكل كبير على قدرة القاعدة على إدارة عملياتها أو توجيه عناصرها، نظرا لكون القيادات الجديدة ليست بحجم خطورة القيادات السابقة.

وعن أبرز القيادات الحالية للقاعدة في اليمن يقول”أشهر القيادات في الوقت الحالي هو خالد باطرفي الملقب بأبي المقداد الكندي وهو أمير تنظيم القاعدة في اليمن حاليا وتم تعيينه بعد مقتل قاسم الريمي وشاب تعيينه الكثير من اللغط بين أفراد التنظيم نفسه.

أما الرجل الثاني في التنظيم فهو سعد العولقي وهو القائد الفعلي وأحد المقربين من أنور العولقي اليمني الأميركي الذي قتل بغارة لطائرة دون طيار أميركية في العام 2011 في منزل سعد العولقي بمحافظة شبوة، ويعتبر من أخطر قيادات تنظيم القاعدة في اليمن نظرا لعلاقته القبلية الكبيرة والمتشعبة والتي تمنح له حماية قبلية بالتنقل في مناطق سيطرة القبائل في مأرب والجوف والبيضاء وشبوة وأيضا لتاريخه العسكري والجهادي في صفوف تنظيم القاعدة في اليمن حيث التحق في التنظيم بعمر مبكر وتدرج فيه حتى أصبح أميرا لولاية شبوة كما أعلن في أحد إصدارات التنظيم”.

ووفقا للمشرعي، فإن الرجل الثالث في قمة قيادة القاعدة باليمن هو عمار الصنعاني والذي تم الإعلان عن مقتله أكثر من مرة، لكن تم تفنيد تلك الأخبار خصوصا بعد ظهوره كوسيط للصلح بين خالد باطرفي وأبوعمار النهدي أمير المكلا سابقا.

وعن القيادات العربية في التنظيم يضيف “هناك قيادات عربية أمثال عبدالله المالكي والذي يوصف بأنه نقطة الوصل بين القاعدة في اليمن وبين منفذ عملية إطلاق النار في قاعدة فلوريدا الأميركية في ديسمبر 2019 وتم إعلان مقتله في منتصف رمضان بغارة أميركية في محافظة مأرب وبمقتله ترك فراغا كبيرا في تنظيم القاعدة في اليمن حتى أن خالد باطرفي كان يسجل محاضرات بشكل يومي ويبثها التنظيم خلال شهر رمضان حتى قتل المالكي وتوقف التنظيم عن نشر أي مقاطع أو تبني عمليات تم تنفيذها حتى أيام خلت عندما أصدرت القاعدة بيانا تتبنى فيه تنفيذ عملية ضد تنظيم داعش في قيفة وهو ما يكشف الدور الكبير للمالكي قبل مقتله. وهناك قيادات عسكرية للتنظيم أمثال أبوعمار النهدي أمير ولاية المكلا سابقا وإبراهيم أبوصالح وهو مصري الجنسية والذي يشغل منصب مسؤول التحقيقات في تنظيم القاعدة للكشف عن ‘الجواسيس’ وداود الصيعري وهو مقرب من النهدي أمير ولاية المكلا، كما أن هناك قيادات دينية مهمتها إصدار الفتاوى والتحشيد الديني للمقاتلين أمثال السوداني إبراهيم القوصي الملقب بخبيب السوداني المعتقل سابقا في غوانتنامو وأحد القيادات المقربة من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، والقاضي أبوالبراء الأبي الذي قتل برفقة قاسم الريمي بغارة جوية لطائرة دون طيار بالإضافة إلى حمد التميمي وهو من القيادات العقائدية للتنظيم ولم يتم الكشف عن وجهته مطلقا”.

عن طبيعة علاقة القاعدة قاعدة اليمن والتنظيم الأم الذي يقوده أيمن الظواهري، خليفة أسامة بن لادن، وارتباطات تنظيم داعش بالفرع الرئيسي في العراق والشام، يؤكد الباحث اليمني وجود ارتباط وثيق بين فروع القاعدة وداعش في اليمن والتنظيمات الأم من عدة وجوه أهمها أن قيادات التنظيمات سواء في أفغانستان أو العراق وسوريا هي التي تحسم الخلاف عادة حول الإعلان عن أمير جديد للتنظيم في حال مقتل الأمير السابق، كما حصل عندما أعلن عن مبايعة أمير القاعدة في اليمن خالد باطرفي ومباركة أيمن الظواهري لذلك، كما تتدخل التنظيمات الرئيسية في حالة الخلافات الداخلية التي ترفع إلى قيادة التنظيم كما هو الحاصل في الخلاف بين أبوعمار النهدي وخالد باطرفي بعد إعدام أحد المقربين من النهدي بتهمة “الجاسوسية” دون الرجوع إليه وهو ما أثار غضبه ورفع الأمر إلى أيمن الظواهري للحكم بين باطرفي والنهدي.

ويشير المشرعي إلى اعتماد تنظيم داعش في اليمن بشكل أكبر على قياداته في العراق وسوريا، باعتباره تنظيما ناشئا في اليمن ولا يمتلك الدعم المالي الذي تحصل عليه القاعدة لذلك يعتمد بشكل كلي على التنظيم الأم في العراق وسوريا سواء من ناحية التسليح أو تعيين القيادات وحتى الاتفاقات المبرمة بين القبائل والتنظيم وغير ذلك.

صراع الأجنحة في القاعدة

بقدر حالة الانقسام بين التنظيمات المسلحة في اليمن، تبرز أيضا انقسامات داخل هذه الجماعات ذاتها كما يكشف الباحث المشرعي الذي يقول إن الصراع بين قيادات تنظيم القاعدة الذي خرج للعلن بات يمثل صراع أجنحة بين القيادات العسكرية والأيديولوجية وهو الأمر الذي تسبب في فرز معسكرين داخل التنظيم؛ الأول بقيادة خالد باطرفي وأبرز الداعمين له هم سعد العولقي والقاضي حمد التميمي وعمار الصنعاني وكلهم قيادات كبيرة من الصف الأول، بينما المعسكر الثاني يضم أبوعمر النهدي وداود الصيعري.

ووفقا للمشرعي، تعود جذور الخلاف إلى اعتقال وإعدام ثلاثة أشخاص مقربين من أبوعمر النهدي وهم فياض الحضرمي وسعيد شقرة وأبي مريم الأزدي بتهمة أنهم من “الجواسيس” وعند التحقيق اعترفوا بذلك وتم تأجيل تنفيذ الحكم حتي يحضر أبوعمر النهدي لأنهم مقربون منه وبسبب عدم تمكنه من الحضور تم إعدامهم وهو ما أثار غضبه واعتبر أن إعدامهم تم عن طريق تلفيق تلك الاتهامات لهم وتمت محاولة الصلح بين النهدي وقاسم الريمي قبل مقتله ولكن لم يتم الوصول إلى حل، ما دفع النهدي إلى نشر وثائق تكشف عن حجم الخلاف بين قيادات التنظيم، كما تم نشر البيانات والرسائل المتبادلة بين الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي ما أثار زوبعة لدى مؤدي التنظيم بعد الكشف عن هذا التصدع الكبير الذي ظهر للمرة الأولى.

صراع القاعدة وداعش
صراع طويل

يعتبر الباحث المشرعي أن تصاعد الخلاف في اليمن بين تنظيمي القاعدة وداعش يعود إلى بداية ظهور داعش في اليمن وبروز الخلافات الفقهية التي عمقت حالة الانقسام وأظهرت التباينات التي أشعلت جذوتها الفتاوى التي بينت تنظيم داعش بشكل أكثر تطرفا وغلوا، إضافة إلى بث التنظيم لمقاطع مسجلة على الإنترنت أظهرت القيام بعمليات وحشية من بينها ذبح جنود تابعين للجيش وإعدام مقاتلين حوثيين بعد أسرهم في عدن باستخدام قذائف الآر بي جي والألغام الأرضية.

ويقول المشرعي لـ”العرب” “هذه الأمور كانت نقطة خلاف كبيرة بين التنظيمين في اليمن حيث أن تنظيم القاعدة يرفض أغلب فتاوى داعش وعلى سبيل المثال أعلن في أحد إصداراته عن رفضه الهجوم على قوات الجيش التابع للشرعية وقال فيه إن علينا أن نوحد الصف لقتال عملاء الأميركان، يقصد ‘الجواسيس’، بالإضافة إلى قتال الحوثيين، بينما تنظيم داعش يرفض تلك الفتاوى ويؤكد على أنه سوف يقاتل الجميع: القاعدة والجيش والحوثي، لأنهم بنظره جميعا مشركون ومرتدون وخوارج”.

وحول طبيعة وشكل الصراع بين القاعدة وداعش ونتائجه، يوضح المشرعي أن الاشتباكات والعمليات الانتحارية المتبادلة بين التنظيمين كان أغلب ضحاياها مدنيين خصوصا في منطقة قيفة ويكلا في رداع التي تعتبر المركز الرئيسي لتنظيم داعش في اليمن، حيث سقط العشرات من القتلى والجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال بألغام تمت زراعتها من قبل تنظيم داعش في الشوارع العامة من أجل استهداف مسلحي تنظيم القاعدة لكنها استهدفت مدنيين، بالإضافة إلى قذائف الهاون والقصف المدفعي الذي يتبادله الطرفان غالبا ما يؤدي إلى مقتل المدنيين.

علاقات مشبوهة أم تنسيق خفي؟

يعتبر العديد من الباحثين اليمنيين المهتمين بشؤون التنظيمات الإرهابية المسلحة أن مقتل الكثير من قيادات القاعدة يعزز من نفوذ داعش التنظيم الأكثر تطرفا ووحشية، والذي لم يعلن حتى الآن عن مقتل أي من قياداته، عوضا عن عدم تعرض معسكراته المعلومة لأي عمليات عسكرية من قبل الطائرات الأميركية دون طيار التي لعبت دورا مهمّا في تفكيك تنظيم القاعدة.

وحول هذه الجزئية يقول الباحث المشرعي إنه لا يوجد لديه أي تفسير لسبب التغاضي الأميركي عن استهداف قيادات أو معسكرات تنظيم داعش بالرغم من أن عناصر التنظيم تتحرك بشكل علني في مناطق انتشارها حتى أن معسكراتها معروفة للجميع في قيفة رداع بالإضافة إلى ظهورها المتكرر في التجمعات والأعراس والاحتفالات الدينية وحتى بالقرب من مناطق الحوثيين دون أن يلتفت لها أحد

ويضيف “في ذروة الاشتباكات الحاصلة بين القاعدة وداعش استهدفت غارة أميركية دون طيار تجمعا لمسلحي تنظيم القاعدة في منطقة قيفة وسمحت لتنظيم داعش بالتقدم والسيطرة على أحد المواقع التي كانت بيد القاعدة، وهو ما اعتبره تنظيم القاعدة وأهالي قيفة تنسيقا أمنيا بين داعش والأميركان للسماح لهم بالسيطرة على المنطقة التي تعتبر من أحد أهم المواقع التي تمثل قاعدة جماهيرية وقبليه لتنظيم القاعدة”.

وفي ذات السياق لا يعتبر المشرعي أن الحديث المتداول عن وجود علاقة مشبوهة بين الحوثيين وداعش أمرا قابلا للتشكيك، حيث يؤكد وجود علاقة تنسيق كاملة يقول إنه تم الكشف عن تفاصيلها من قبل أهالي منطقة قيفة ومصادر إعلامية أكدت أن “مناطق الحوثيين تعتبر إحدى أهم المناطق الآمنة لتنظيم داعش حيث توجد معسكراته بالقرب من نقاط الحوثيين المنتشرة في بعض جبال قيفة وتحديدا في منطقة ولد ربيع، حتى أن مسلحي داعش ينسحبون في حالة شن مسلحي القاعدة هجوما مباغتا عليهم إلى مناطق سيطرة الحوثيين”.

وعن الهدف من هذا التنسيق، يقول المشرعي “الحوثي يسعى إلى تضخيم تواجد داعش في اليمن وخصوصا في البيضاء من أجل إيصال رسالة للعالم أنه يقاتل تنظيم داعش والجماعات الإرهابية وأن حربه ليست حربا على اليمنيين وأنها حرب على الجماعات الإرهابية، ويعتمد في ذلك على شبكة إعلامية ترويجية في الغرب تسعى إلى إيصال تلك الفكرة والاستعانة ببعض البيانات التي يصدرها تنظيم داعش عن تبينه عمليات استهداف مقاتلين حوثيين”.

تقارب فكري مع الإخوان

في مقابل الاتهامات التي توجه للحوثيين بالتنسيق مع داعش بهدف استغلال تواجده في بعض مناطق اليمن، يعلق المشرعي على الأنباء المتداولة حول مقتل بعض قيادات القاعدة في مأرب بالقول “للأسف أصبحت مأرب مركزا آمنا لتنظيم القاعدة في اليمن وهذا بفعل العلاقات القبلية التي تربط بعض قيادات التنظيم مع بعض الشخصيات القبلية، بالإضافة إلى تقارب الفكر الإخواني مع فكر القاعدة، وقد تحول هذا التقارب أحيانا إلى اتفاقات حماية بين القاعدة والإخوان، حيث يقوم قيادات الإخوان بتوفير مأوى آمن لقيادات التنظيم مقابل دعم القاعدة للقيادات الإخوانية في حربها بالمال والسلاح، وخير دليل على ذلك التوافق في مقتل قيادات كبيرة في تنظيم القاعدة في مأرب أمثال خميس صالح عرفج وعبدالله المالكي (سعودي الجنسية) وقاسم الريمي الذي تشير التقارير إلى أنه قتل في أحد المنازل الآمنة في وادي عبيدة وليس في قيفة رداع كما تقول بعض وسائل الإعلام، بالإضافة إلى مئات القتلى من مسلحي القاعدة الذين تم استهدافهم بغارات للتحالف أو بغارات لطائرات دون طيار في محافظة مأرب وتتم تلك الغارات دون أي تواصل مع القيادات سواء العسكرية أو المدنية في مأرب خوفا من تحذير قيادات القاعدة من قبل بعض المتعاطفين معهم”.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب