الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي

امال قرامي

2020 / 8 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي




وصوّروا خصومهم من «بني علمان» باعتبارهم «يحاربون الدين» و«العلماء» ولا «يفقهون شيئا» فإذا بالجدل حول الشريعة، والثوابت الدينيّة، والزكاة، والمواريث.. يثبت مدى تمكّن النساء والرجال: «العلمانيات والعلمانيين» من تحليل النصوص الدينيّة وفق مقاربات متنوّعة، وفي ضوء مسار تعدّد المعاني واختلاف الوقائع وتغيّر أحوال الناس، دون ادّعاء امتلاك الحقيقة والرغبة في ضرب الوصاية على الجموع. وكانت المفارقة أنّ أبناء المدرسة العمومية و«حثالة الفرنكوفونية» و«الشلايكية» و«التغريبيون» و...هم الذين كانوا ، وخاصّة النساء،أكثر إنتاجا ومشاركة وتفاعلا وقدرة على تبكيت الخصوم والتأثير في الجموع.

انطلق المسار الانتقالي بسرديّة «معاداة بورقيبة للدين» و«جهل بن عليّ بالثقافة الدينيّة» ومحاربته للتيارات الإسلاميّة ووصلنا مع أوّل رئيس منتخب «الباجي قائد السبسي» إلى خطب سياسيّة تتجاور فيها الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة مع أقوال الحكماء والزعماء وغيرهم، وها نحن مع ثاني رئيس منتخب يتفنّن في سحب البساط من أقدام من احتكروا المرجعيّة الدينيّة ليثبت للقاعدة (وهي رصيده الانتخابي) أوّلا: أنّ الذين «يعرفو ربيّ» كُثر في البلاد، ومن خارج دائرة «النهضة» أو «حزب التحرير» أو «أنصار الشريعة»... وثانيا: أنّ الرئيس بإمكانه، هو أيضا، أن يُفعّل المتخيّل الدينيّ فيقتدي بعمر بن الخطاب ، ويتفقد «الرعيّة» ليلا ونهارا ويغضب ويدعو إلى ترسيخ العدل والحرية والمساواة...( وفق الدلالات القديمة) وثالثا أنّ بمقدوره أن يحارب المفسدين في الأرض...

استهلّ المسار الانتقالي بخطاب يزعم فيه أصحابه أنّ سياسات الحكّام السابقين قد أفضت إلى «تصحّر دينيّ» وأنّه آن الأوان لمصالحة التونسيين مع هويّتهم الدينيّة العربية والإسلاميّة، ولغتهم العربية وتراثهم... وعلى هذا الأساس تصاعدت وتيرة تشييد المساجد وتأسيس المدارس القرآنية وبرزت الجامعات والروابط الدينية والقوافل الدينية وغيرها وشنّت المعارك في بيوت الله،... فإذا بنا نكتشف إفلاس أغلبها في التصدّي لأزمة الأخلاق، واستشراء العنف، وخطاب الكراهية، والتكفير... وانخراط بعضها في استقطاب الشباب أو تسفيرهم إلى بلدان النزاع... فلم نسمع أصوات «العلماء» إلاّ في مناسبات انتخابية أو في مواجهات أيديولوجية. وشيئا فشيئا انتقلنا من تصحّر دينيّ إلى تصحّر شامل وشعبويّة عامّة: سياسيا وثقافيّا وفكريّا...

انطلق المسار الانتقالي بنقاشات عامّة حول مواضيع شائكة :المواطنة، والحريات الفردية والحق في التعبير، وحرية الضمير، والفساد، والعدالة الاجتماعيّة ، والمساواة والإرهاب، والمثليّة ، والعولمة والحوكمة والمساءلة والمحاسبة والحقرة، والحرقة والعنف وغيرها وتحوّل النقاش من الفنادق 5 نجوم إلى دور الثقافة والمقاهي ، والإذاعات والفضائيات والفايسبوك ووسائل النقل وغيرها ثمّ قلّت حماسة «المجتمع المدني» وغُيّبت أسماء من المشاركة في البرامج الإعلامية المرئية بسبب تواطؤ بعض المؤسسات الإعلامية مع «رجال المال ورجال السياسية»، وساد الإحباط «لتعفّن» المشهد لاسيما بعد مأسسة الجهل وهيمنة «الأمييّن» في المجال السياسي...وها نحن اليوم ننشغل بفستان حرم الرئيس/سيّدة تونس الأولى أكثر من اهتمامنا بظاهرة الهجرة غير النظامية وارتفاع منسوب العنف، وهشاشة الدولة التي صار يتجرّأ عليها «الكناترية» ولا نكترث بما ترتّب عن الأزمة الاقتصادية والجائحة من نتائج بدت جليّة ولا نعير اهتماما لنوّاب وأشباه سياسيين فقدوا شرعيتهم ومصداقيتهم .

هذا المسار الذي اتّسم بالإرباك وهيمنت عليه حركات المدّ والجزر، والإحجام والإقدام لم يكن التونسيون/ات الفاعلين الوحيدين فيه بل ظهرت قوى إقليمية وعالمية لتفعل فعلها فيه فهل استخلصنا الدروس وتعلّمنا من أخطائنا؟ أمَا آن لنا أن نستيقظ من غفوتنا لنصحّح المسار الذي انحاز عن الطريق فنضخ روحا جديدة ونفتح مساحات جديدة نمكّن فيها «الفاعلين الجدد» من الشباب والفتيات والنساء من الانتقال من «الهامش» إلى «المركز» ؟

لقد أراد أصحاب القرار أن لا تشارك هذه الفئات في قيادة المرحلة والمشاركة في بناء تونس الغد فهل سيتسنّى لها اليوم فرض وجودها في مرحلة حلّ الأزمات ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في