الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق السلام .. رؤية ثورية(4)

محمد خدام عبد الكريم
كاتب

(Mohamed Khadam Abdalkareim)

2020 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الأرض ملك الدولة.. والحواكير من أرث الاستعمار

الحقيقة أن هنالك عدة عوامل ساهمت بقدر متفاوت في خلق النزاع المسلح في السودان بأشكاله المختلفة لكن جميعها تتعلق بقسمة الثروة والسلطة والموارد؛ والأرض التي هي سر النزاع المسلح وذلك لأنها تشكل الثابت الوحيد بالنسبة لمتحولات الثروة والسلطة.
لكن على الجميع أن يدرك مسألة مهمة جدا لا ينبغي إغفالها وهي أن ما يسمى بالحواكير وديار بني فلان وغير ذلك من المسميات أن أصلها التاريخي يعود إلى فترة العهد الاستعماري الذي عمل على تقسيم خريطة الأرض السودانية بطريقة ماكرة القصد منها زج المكون الأجتماعي والقبلي في حرب ما زلنا ندفع فاتورتها حتى ذي اللحظة.
فالأستعمار في عام 1923م أعاد تقسيم خريطة السودان وفق رؤية تتعلق بالهوية القبلية والجغرافيا وفرض عليها الأستمرارية حتى وقتنا الحالي. فالأستعمار اعطى حواكير لبعض القبائل وضم اليها قبائل أخرى صغيرة من غير أن يُعطيها أي حق ومن هنا بدأ أصل النزاع الحالي.. لأن القبائل صاحبت الحواكير استخدمت موارد الأرض واحتكرتها لصالح أفرادها وحرمت البقية واهملت دورها الطبيعي ولم تسمح لها بالاستفادة من تلك الموارد. وبمرور الوقت ترسخت هذه الفكرة الأستعمارية وأصبحت حق تقليدي يتم توارثه عبر الأجيال.
ثم قامت بعض الجهات والحكومات المتعاقبة على حكم السودان بدعم وتأكيد هذه الحقيقة المزيفة من خلال الزعماء التقليديين كالنظار والشراتي والعمد والشيوخ الذين ترسخت فكرة ملكية الحواكير والديار في اذهانهم وصاروا يدافعون عنها بالسلاح والقوة. لأن الناظر والشرتاي لا يريدان أن يفقدان ميزة ادارة حواكيرهما حتى لا يخسران سلطاتهما القانونية والمالية وطبيعي جدا أن تثور القبائل المحرومة من خيرات وموارد الأرض وتحمل السلاح ضد من ظلمها وهنا تكمن حقيقة النزاع الدارفوري.
مع بداية الصراع المسلح في دارفور العام 2003م ضج قاموس السياسة والحرب الدارفوري بمصطلحات جديدة جميعها اتفقت على تغذية الصراع حول الأرض واكسبت ملف الاراضي والحواكير بعدا اجتماعيا واثنيا جديدا يرسخ لفكرة ملكية الأرض وفقا للتقسيمة الاستعمارية.
ومن ثم ظهرت مصطلحات تفوح منها رائحة العنصرية مثل مصطلح (القادمون أو المستوطنون الجدد) وفي غمرة هذا الصراع نسي الجميع أن ما يسمى بالقادمين الجدد أنهم مواطنون سودانيون يتمتعون بكافة حقوقهم المدنية والتزاماتهم القانونية وفقا لمفاهيم الدولة الحديثة.
لذلك إذا اردنا حل النزاع الدارفوري بطريقة حقيقية يجب علينا أن ننطلق من مفاهيم الدولة الحديثة التي تعتبر الأرض للجميع وبالتالي ننسف مفهوم الديار والحواكير المتوارث بشكل مبطن يحمل في داخله عوامل فناء النسيج الاجتماعي الدارفوري. وعلينا أيضا أن ندعم عقد مؤتمر حول الأرض يعقد في كل عواصم دارفور بالتساوي يحضره أصحاب المصلحة بعيدا عن مزايدات السياسة ولعلعة البنادق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر