الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب وبناء الدول القادمة اقتصادية

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 8 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن تاريخ البشرية عرفت أشكال مختلفة من الحروب والصراعات وكذلك تجمعاتها السياسية -ما تسمى في يومنا هذا بالدولة الوطنية- فبدءً من تكوين الدولة الأولى العائلية القبلية وصولاً للدول والإمبراطوريات الدينية وانتهاءً بالدول القومية مع حركة النهضة الأوربية ومفرزاتها وحروبها، فإن المتغير في نشوء تلك الدول وصراعاتهم وحروبهم كانت الشعارات والأيديولوجيات، بينما الثابت هو المصالح المادية والمعنوية من اقتصاد ونوذ سياسي حيث ورغم كل الصراع الديني بين المسيحية والإسلام وقضايا الخلاف في التعاليم اللاهوتية وتفسير ظواهر الكون ومسائل الدعوة والتبشير، إلا أن الصراع الحقيقي كان على المصالح والتحكم في المعابر المائية للحفاظ على طرق التجارة وكذلك فرض الضرائب والرسوم على الآخرين؛ بمعنى كان دائماً الاقتصاد هو الأساس في تلك الصراعات، لكن إن كان قديماً يتم تغليف ذلك بأيديولوجيات وشعارات ونظريات فلسفية لاهوتية دينية أو قومية أثنية أو سياسية إشتراكية وذلك في مراحل سابقة، ألا أن اليوم باتت تطرح شعاراتها ونظرياتها الاقتصادية؛ أي لم تعد هذه الحكومات تشن حروبها الاقتصادية تحت مسميات دينية أو قومية، بل تعلن صراحةً؛ إنها تصارع الآخرين لأجل مصالحها ومصالح شعوبها!

وكمثال عما سبق فها هو أردوغان؛ الرئيس التركي ورغم كل تبجحه التقوي وإدعاءاتها الدينية الإسلامية والدفاع عن حقوق المستضعفين -في سوريا و ليبيا أوغيرهما- يعلن كل مرة؛ بأن تركيا لن تفرط بحقوقها في “الوطن الأزرق” وهو تعبير تركي عن مصالحها في مياهها الإقليمية حيث ومؤخراً (قال أردوغان خلال افتتاح شركة للطاقة الشمسية اليوم الأربعاء، “بالوقت الذي مزقنا فيه معاهدة سيفر، التي كانت تهدف إلى محاصرة الأمة التركية وكبح جماحها، سنفعل الشيء نفسه ضد جهود تقييد مواردنا من الطاقة في المتوسط”) حيث (وفي اشارة إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، قال الرئيس التركي “مثلما رفضنا معاهدة سيفرس قبل 100 عام، لن تخضع تركيا للضغط باتفاقية مشابهة في شرق البحر المتوسط”. وأضاف أردوغان إنه “لا يمكن لأي قوة استعمارية أن تحرم تركيا من موارد الطاقة التي يقال إنها موجودة في المنطقة”. وكانت فرنسا أعلنت مؤخرا أنها ستنشر قطع حربية في شرق المتوسط، كما دخلت اتفاقية دفاع أمني مع جمهورية قبرص هذا الشهر حيز التنفيز ونشرت بموجبها طائرات حربية على الجزيرة المقسمة) وذلك بحسب ما أورده موقع “زمان التركية”.

وهكذا نلاحظ بأن اللعبة باتت مكشوفة وفاضحة حيث لا قضايا حقوق الانسان ولا ثورة من أساسها وكل ما قال ويقال عن دعم تركي للشعب السوري ليس إلا نوع من الضحك على الذقون، فهي -أي تركيا- تستخدم تياراً سياسياً إخوانياً لفرض أجنداتها ومصالحها على دول وشعوب المنطقة والرجل -أردوغان- واضح في خطاباته، لكن البعض وللأسف لا يريد أن يستوعب تلك الحقيقة أو بالأحرى هو مستوعب لها تماماً، لكن وبحكم ارتباط مصالحه الشخصية والفئوية أو الطائفية السياسية بمصالح تركيا، فهو يوافق على كل ما تفعلها الأخيرة بالمنطقة من حروب وصراعات لفرض واقع سياسي جديد تكون فيها تركيا دولة محورية تؤخذ مصالحها بعين الاعتبار وذلك بعد قرن من اسقاط الخلافة العثمانية وتهميش تركيا وهكذا فإن صراع اليوم وفي أكبر تجلياتها هي على منابع ثروات النفط والغاز وطرق إمداد تلك الطاقة للدول الأوربية وربما كان ذاك هو أهم سبب في احتلال تركيا لعفرين بالاضافة إلى الأسباب القومية والعنصرية لدى الأتراك ضد الكرد حيث كل الخوف أن تصبح كردستان وتحديداً البوابة العفرينية القريبة من البحر المتوسط، ممراً بديلاً عن تركيا في حال تعنتت في شروطها مع الروس والأوربيين.

وانطلاقاً من القراءة السابقة بخصوص تنافس الدول ومصالحها بمنطقة الشرق الأوسط، يمكننا القول: بأن صراع تركيا الأكبر هو مع هاتين الأخيرتين -أي الروس والأوربيين- وليس مع الأمريكان أو بالأحرى أن صراع المنطقة هو صراع شركات البترول العملاقة للتحكم بالأسواق العالمية وممراتها ومراكز ومواقع تخزينها.. والسؤال هنا؛ هل تعي شعوبنا وساستنا هذه الحقيقة وبأن تركيا تريد مصالحها لا مصالحنا وذلك مثل كل الدول التي تتصارع على جغرافيتنا وبالتالي نتفق نحن السوريين على ايجاد حلول وطنية ينقذنا جميعاً من هذه المقتلة والكارثة المستمرة منذ عقد من الزمن، إنه سؤال بعهدة الجميع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز