الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال ساعة سورين في البصرة

عادل عبد الزهرة شبيب

2020 / 8 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعتبر مدينة البصرة ثالث اكبر مدن العراق , وهي المركز الاداري والسياسي لمحافظة البصرة , كما تعتبر العاصمة الاقتصادية للعراق. وتقع البصرة في اقصى جنوب العراق على الضفة الغربية لشط العرب , وهي المعبر المائي الأول في العراق. والبصرة من المدن القديمة في التاريخ شيدها ( عتبة بن غزوان ) في عهد الخليفة الراشدي ( عمر بن الخطاب ) وهي من المدن العربية الكبرى .
وتضم مدينة البصرة الكثير من المعالم التاريخية التي تعتبر رمزا من رموزها , ومن تلك الأثار التاريخية المهمة كانت ساعة سورين التي انشأ برجها في العهد العثماني عام 1906 والذي يقع في بداية الجسر المؤدي الى سوق المغايز حيث تقع الساعة في مدخل السوق. واستمر عمر الساعة وبناءها ستة عقود للفترة من ( 1906 – 1965 ) ممثلة لمراحل زمنية متعاقبة وممثلة رمزا للبصرة الحبيبة المزدهرة بنشاطها التجاري كونها ميناء العراق الوحيد الذي كان مرتبطا بالمرافئ العالمية تجاريا .
يحتضن هذا البرج ساعة سورين والتي جاء اسمها من المصور الشمسي ( سورين) وهو رجل ارمني بدين كان يتخذ من فتحة الجسر مكانا لكاميرته الخشبية البدائية. وتتميز هذه الساعة بوجوهها الأربع المستديرة كما يحمل برجها مؤشرا ملاحيا كبيرا لتحديد اتجاهات الريح ( دوارة الرياح) واربعة اسهم مكتوب على اطرافها الحرف الأول للاتجاهات باللغة الانجليزية :( شمال N , جنوب S ,شرق E , غرب W ) , وتعمل ساعة سورين بنظام ميكانيكي على ستة تروس مسننة فقط بينما تعتمد الساعات الاخرى على ثلاثية ترسا مسننا او اكثر. وكان صاحب المبنى الذي يحوي البرج والساعة تاجرا يهوديا من اصل روسي وكان وكيلا لشركة المانية متخصصة بإنتاج المحركات الميكانيكية والأدوات الكهربائية. كما كان المبنى يضم بنكا ومكاتب تجارية لأكبر تجار البصرة آنذاك مثل : ( محمد الثنيان الغانم ) و( محمد احمد الغانم ) , واشتمل القاطع الخلفي من المبنى على مكتب( عبد الله الصقر ) واخوانه ومكتب خالد العبد اللطيف الحمد واخوانه قبل انتقالهم من البصرة واستقرارهم في الكويت عام 1965.
وبذريعة طمس اسمها الأرمني( سورين) قام محافظ البصرة آنذاك ( محمد الحياني ) بإزالة البرج والساعة والمبنى عام 1965 لتطارده لعنة ساعة سورين بعد يومين حيث قتل في حادث سقوط طائرته في ناحية النشوة. وكان اغتيال ساعة سورين وبنايتها من قبل محمد الحياني ونظامه جريمة بحق التاريخ والبصرة اذ كان المفروض المحافظة على القيمة التاريخية والمعمارية للمبنى كما هي والعمل المستمر على المحافظة على المبنى وصيانته ومنع تقليل تأثير عوامل تدهوره واندثاره وحمايته من الأضرار المستقبلية المتوقعة , اضافة الى تقوية وتعزيز الهيكل الانشائي للمبنى التراثي من خلال الاضافة الفيزيائية للمواد الساندة والداعمة لغرض التأكد من استمرارية متانة وسلامة الهيكل وللحيلولة دون تدهور حالته الانشائية التي تؤدي الى زوال المنشأ او سقوطه دون التأثير على قيمة العناصر التاريخية او التراثية. وهذا ما كان يفترض اتباعه للمحافظة على مبنى ساعة سورين التراثي وليس هدمه نتيجة الجهل وبذريعة طمس الاسم الأرمني للساعة ( سورين) , وهكذا ينبغي المحافظة على كل الأبنية التراثية والمعمارية . ونحن اليوم بأمس الحاجة الى الحفاظ على تراثنا المعماري وليس هدمه.
المطلوب اليوم اعادة بناء ساعة سورين بنفس تفاصيلها وشكلها وصورتها وفي نفس المكان الذي بنيت فيه عند مدخل جسر المغايز بعد تعويض اصحاب المحلات الموجودة في نفس مكان الساعة كون الساعة تعتبر رمزا تاريخيا مهما للبصرة الفيحاء. وكلنا أمل بإعادة هذا الرمز البصري الى الوجود واحياء الساعة والبناء الى الوجود من جديد حتى لا تختفي ساعة سورين من الذاكرة الى الأبد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط