الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كميل أبو حنيش والأدب

رائد الحواري

2020 / 8 / 23
أوراق كتبت في وعن السجن


رغم ميل العديد من القراء والكتاب إلى الرواية والشعر، إلا أن هناك من يقدم (نصوصا) أدبية، بعيدا عما هو سائد، الأديب كميل أبو حنيش متعدد المواهب، يكتب الشعر والرواية والنقد والمقال السياسي والرسائل الأدبية، ورغم أنه أسير منذ ما يقارب العشرين خريفا، إلا أننا نجد الصوت الإنساني في أعماله، واللغة الأدبية الهادئة والناعمة، بعيدا عن (الصخب والصوت العالي)، وهذا ما يميز أدب كميل.
في هذه الرسالة يتحدث الأديب عن اتصال الأدبية "حنان باكير" الآتي من النرويج، فتتدفق فيه المشاعر والاحاسيس كماء نهر هادئ، "...كان رقماً دولياً، أضع السماعة فوق أذني وإذا بصوت حنان ينسكب كشلال موسيقى في أذني" مثل هذه اللغة تؤكد على أن صوت الأديبة حرر الأسير من وقع الجدران عليه، وجعله يتحدث بلغة وصور أدبية بعيدا عن واقع الأسر.
وحتى عندما تفرض عليه الجداران ذاتها وتذكره بأنه أسير، يبقى محافظا على اللغة الإنسانية الهادئة: "...تعلن أن الغربة والشتات وجدران السجون لن تمنعنا من صناعة لحظات من الفرح وأن فلسطين واحدة يلتقي أبناؤها ولو في لحظة في الأثير رغماً عن أنف الزمن" فهنا يجمع الأديب الهموم الإنسانية والوطنية والشخصية، بحيث لا يمكن فصل أيا منها، فتبدو كأنها ثوب نسج بعدة الوان، تعطيه رونقا خاصا ومتميزا، وهذا يلبي طموح مجموعة القارئ، الفلسطيني والعربي، والقارئ الأممي الذي يبحث عما هو إنساني، وأيضا طموح القارئ القريب من كميل ـ أهله وأصدقائه ـ (الشخصي)، وهذا ما يجعل الرسالة تصل إلى قلب كل قارئ، بصرف النظر عن مكانة الجغرافي وتوجهاته.
وعندما يتقدم الأديب من الواقع ـ علان معاهدة التفاهم بين الإمارات ودولة الاحتلال ـ نراه يتحدث عنها بهذه الصورة: "قد سقط الهاتف منتحراً ومحتجاً وغاضباً. إذ كيف يمكن أن يتسنى له أن يصور مشهد فرح في ذلك اليوم التعيس. حتى الهواتف يا حنان انتحرت وأحجمت عن رسم صورة مشرقة على خلفية قاتمة." بمثل هذه الصورة يؤكد الأديب على الطابع الأدبي للرسالة، رغم أنها تتناول حدث سياسي ساخن ومؤلم، وهذه الطريقة الأدبية في تقديم الموضوع السياسي تؤكد على أن الأديب يحافظ على نهجه الأدبي الهادئ والممتع، فيبقى المتلقي منسجما معها ومستمتعا بها.
الفلسطيني مسكون بالفلسطينية، فلسطينية المكان وفلسطينية الاجتماع، ورغم أن "كميل" أسير، ورغم الحرمان من التواصل الاجتماعي مع الآخرين، إلا أننا نجده يتحدث كإنسان يمتاز سلوك اجتماعي فريد: "... ويا حنان أعلم أن عكا تحتل كامل مساحة روحك. وأن فردوس المنافي لا يغنيك عن حبة رمل فيها. وكم نحن متشابهون لأننا متورطون بعشق بلادنا الأزلي. نعشق رائحة الأرض"، وهنا يجمع الأديب ومشاعره ومشاعر "حنان" معا، ولكنه جمعها بطريقة هادئة وناعمة، وليست بالصوت العالي المدوي، لهذا نجد عدد الكلمات البيضاء يتجاوز بكثير تلك السوداء والتي تقتصر على "تحتل، المنافي، لا، متورطون" وبقية الفقرة جاءت بألفاظ بيضاء وناعمة، وكأن الأديب يؤكد بها على تحرره من واقع الأسر والجدران، ويريد أن يبقي الصفاء والهدوء للقاء (الصوتي) الذي جمعه بالأديبة "حنان باكير".
وعندما يريد "كميل" أن يقدم رغبته باتصال آخر من "حنان" يقدمه بطريقة غير مباشرة: ويا حنان أسعدني صوتك القادم من بعيد، صوت فتح كوة شاسعة في جدار السجن السميك." وبهذا يكون "كميل أبو حنيش" أحسن الحديث عن مشاعره الشخصية والوطنية والإنسانية، وقدم نصا أدبيا يعد نموذجا في تجاوز الواقع القاسي، ونموذجا في كيفية الحديث بلغة أدبية تحمل مشاعر وأفكار شخصية وطنية وإنسانية.
الرسالة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا


.. الأمم المتحدة ومجلس أوروبا يدعوان بريطانيا للعودة عن قرار تر




.. بدء ترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى رواندا ينتظر مصادقة الملك


.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى




.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم