الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس المال: الفصل الرابع عشر (66) فائض القيمة المطلق وفائض القيمة النسبي

كارل ماركس
(Karl Marx)

2020 / 8 / 25
الارشيف الماركسي



جرت معالجة عملية العمل فيما سبق (أنظر الفصل الخامس) بصورة مجردة، بمعزل عن أشكالها التاريخية، بوصفها عملية بين الإنسان والطبيعة، وقلنا هناك: «ولو تفحصنا مجمل هذه العملية من زاوية النتيجة، أي المنتوج، فمن الجلي أن كلا من وسيلة العمل وموضوع العمل هما وسيلة إنتاج (*)، وأن العمل نفسه عمل منتج». وأضفنا إلى ذلك في الحاشية رقم 7: «إن هذه الطريقة في تحديد العمل المنتج، من زاوية عملية العمل البسيطة، لا تكفي أبدا في عملية الإنتاج الرأسمالي». وهذا ما تنبغي هنا مواصلة دراسته.

طالما بقيت عملية العمل ذات طابع فردي صرف، فإن العامل الواحد ذاته يجمع كل تلك الوظائف التي تتجزّأ فيما بعد. وإن العامل يراقب نفسه بنفسه عند الاستحواذ الفردي على مواد الطبيعة من أجل أهداف عيشه. ومن ثم يخضع لرقابة الآخرين. وليس بوسع الإنسان بمفرده أن يؤثر على الطبيعة من دون أن يحرك عضلاته هو برقابة من دماغه هو. وكما أن الرأس واليدين في الجسم الطبيعي نفسه لا انفصام لهما، كذلك يتوحد العمل الذهني والعمل الجسدي في عملية العمل. وفيما بعد ينفصلان ويصلان إلى حد التضاد العدائي. ويتحول المنتوج على العموم من منتوج مباشر للمنتج الفردي إلى منتوج اجتماعي، إلى منتوج مشترك للعامل الكلي، أي جماعة عاملة مركبة يقف أعضاؤها على مقربة أو مبعدة من معالجة موضوع العمل. لذلك فإن الطابع التعاوني ذاته لعملية العمل يوسّع حتما مفهوم العمل المنتج، وحامله، العامل المنتج. وتنتفي الآن ضرورة أن يستخدم المرء يديه مباشرة من أجل العمل بصورة منتجة، بل يكفي أن يغدو عضواً للعامل الكلي وأن يؤدي إحدى وظائفه الجزئية. وإن التعريف الأولي الذي أوردناه أعلاه للعمل المنتج، والناجم عن طبيعة الإنتاج المادي نفسها، يحتفظ على الدوام بأهميته واستخدامه إزاء العامل الكلي منظوراً إليه ككل واحد. بيد أنه لا يصلح بعد الآن بالنسبة لكل عضو من أعضائه مأخوذاً بمفرده.

ولكن نجد، من جهة أخرى، أن مفهومنا عن العمل المنتج يضيق. فالإنتاج الرأسمالي ليس مجرد إنتاج للسلعة، بل هو من حيث جوهره إنتاج لفائض القيمة. إن العامل لا ينتج لنفسه، بل لأجل رأس المال. فلا يعود يكفي الآن أن ينتج العامل وحسب، إنما ينبغي أن ينتج فائض قيمة. ولا يعتبر عاملاً منتجاً، غير ذاك الذي ينتج للرأسمالي فائض قيمة، أو الذي يخدم نمو رأس المال بصورة ذاتية. وإذا ما أوردنا مثالا من خارج نطاق الإنتاج المادي، لوجدنا أن معلم المدرسة هو عامل منتج حين ينهك نفسه أثناء العمل، لإثراء مالك المدرسة، علاوة على معالجة رؤوس الأطفال. أما كون المالك قد استثمر رأسماله في مؤسسة للتعليم أم في مصنع لإنتاج المقانق، فذلك لا يغير من الأمر شيئا. لذا فإن مفهوم العامل المنتج لا يتضمن العلاقة بين النشاط وثمرته النافعة، أي العلاقة بين العامل ومنتوج عمله فحسب، بل ينطوي أيضا على علاقة إنتاج اجتماعية خاصة، علاقة انبثقت تاريخياً، تجعل العمل وسيلة مباشرة لإنماء قيمة رأس المال. وعليه، حين يكون المرء عاملاً منتجاً، فهذا ليس من حسن الحظ، بل من سوئه. ولسوف نرى عن كثب، في الكتاب الرابع من هذا المؤلف، والذي يعالج تاريخ النظرية، أن الاقتصاد السياسي الكلاسيكي اعتبر منذ بداية عهده وعلى الدوام أن إنتاج فائض القيمة هو السمة الحاسمة للعامل المنتج. من هنا، نجد أن تعريفه للعامل المنتج يتغير بتغير فهمه لطبيعة فائض القيمة. فالفيزيوقراطيون، مثلا، يعلنون أن العمل الزراعي هو وحده المنتج، نظراً لأن هذا العمل، حسب ما يرون، هو الوحيد الذي يولد فائض قيمة، فالفيزيوقراطيون يرون أن فائض القيمة لا وجود له، إلا في شكل الريع العقاري على وجه الحصر.

إن إنتاج فائض القيمة المطلق يكمن في إطالة يوم العمل إلى ما بعد الحدود التي يستطيع العامل ضمنها، أن ينتج معادل قيمة قوة عمله وحسب، واستيلاء رأس المال على هذا العمل الفائض. ويؤلف إنتاج فائض القيمة المطلق القاعدة العامة التي يرتكز عليها النظام الرأسمالي، كما يؤلف أيضا نقطة الانطلاق لإنتاج فائض القيمة النسبي. وهذا الإنتاج الأخير يفترض أن يوم العمل مشطور سلفاً إلى قسمين، هما العمل الضروري، والعمل الفائض. وابتغاء إطالة العمل الفائض، يقلص العمل الضروري بأساليب تتيح إنتاج مُعادل الأجور في وقت أقصر. إن إنتاج فائض القيمة المطلق يتوقف، حصراً، على طول يوم العمل؛ أما إنتاج فائض القيمة النسبي فإنه يثور العمليات التكنيكية للعمل وتركيبة شرائح المجتمع على حد سواء تثويرا متصلا.

لذا فإن إنتاج فائض القيمة النسبي يفترض وجود نمط متميز من الإنتاج، هو النمط الرأسمالي للإنتاج، الذي ينبثق إلى الوجود ويتطور، هو وطرائقه ووسائله وشروطه، بصورة عفوية، أولا على أساس خضوع العمل لرأس المال خضوعاً شكلياً. ثم يحل محل الخضوع الشكلي خضوع العمل خضوعاً فعلياً لرأس المال.

حسبنا أن نذكر هنا، بعض الأشكال الوسيطة التي لم يعد يعتصر فيها العمل الفائض من المنتج بالقسر المباشر، مع أنه لم يجر بعد خضوع المنتج خضوعاً شكلياً لرأس المال. فهنا لم يستحوذ رأس المال بعد على عملية العمل بصورة مباشرة. فإلى جانب المنتجين المستقلين الذين يزاولون الحرف أو الزراعة بالطرق التقليدية الموغلة في القدم، يبرز هنا المرابي أو التاجر، رأس المال الربوي أو رأس المال التجاري، وهما يقتاتان على جهود هؤلاء المنتجين، مثل الطفيلي. إن سيادة هذا الشكل من الاستغلال، في مجتمع ما، تستبعد النمط الرأسمالي للإنتاج، رغم أن هذا الشكل من الاستغلال يمكن، من ناحية أخرى، أن يشكل درجة انتقالية إلى النمط الرأسمالي، كما جرى في أواخر القرون الوسطى. وأخيرا ثمة أشكال وسيطة معينة تنبثق مجدداً هنا وهناك، على أرضية الصناعة الكبرى، رغم أنها تكتسب مظهراً جديداً تماما، كما يبين مثال العمل المنزلي الحديث.

وإذا كان، يكفي تمام الإنتاج فائض القيمة المطلق خضوع العمل لرأس المال خضوعاً شكلياً، أي إذا كان يكفي، على سبيل المثال، أن يتحول الحرفي الذي كان يعمل، في السابق، لنفسه بالذات أو كمساعد معلم في طائفة حرفية، إلى عامل ماجور خاضع للرقابة المباشرة لأحد الرأسماليين؛ فإن طرائق إنتاج فائض القيمة النسبي، هي، من جهة أخرى، وفي الوقت ذاته طرائق لإنتاج فائض القيمة المطلق، كما رأينا. ذلك أن الإفراط في إطالة يوم العمل يمثل أمامنا بوصفه ناتجاً مميزاً للصناعة الكبرى. وعلى العموم، فإن النمط الرأسمالي المتميز للإنتاج، يكفّ عن أن يكون مجرد وسيلة لإنتاج فائض القيمة النسبي ما إن يتم له الاستيلاء على فرع كامل من فروع الإنتاج، أو بالأحرى ما إن يتم له الاستيلاء على جميع فروع الإنتاج الحاسمة. وعندها يغدو هذا النمط الشكل العام والسائد اجتماعياً لعملية الإنتاج. ولا يعمل هذا النمط كطريقة خاصة لإنتاج فائض القيمة النسبي، إلا بمقدار ما يشمل، أولا، الصناعات التي لم تكن خاضعة لرأس المال من قبل إلا خضوعاً شكلياً، وبالتالي بقدر ما ينتشر أكثر فأكثر. وثانياً، بقدر ما يحدث ثورة متواصلة في الصناعات التي شملها، وذلك بفضل تغيير طرائق الإنتاج.

ومن وجهة نظر معينة فإن الفرق بين فائض القيمة المطلق وفائض القيمة النسبي يبدو وهمياً بوجه عام. ففائض القيمة النسبي مطلق، لأنه يفترض تمديداً مطلقاً ليوم العمل بما يتجاوز وقت العمل الضروري لوجود العامل نفسه. وفائض القيمة المطلق نسبي، لأنه يفترض تطويراً لإنتاجية العمل يسمح لوقت العمل الضروري أن ينحصر في جزء من يوم العمل. ولكن إذا وضعنا نصب أعيننا حركة فائض القيمة، فإن هذا التطابق الظاهري يتلاشى. ولكن ما إن ينشأ النمط الرأسمالي للإنتاج، ويغدو نمط إنتاج عاماً، حتى يغدو الفرق بين فائض القيمة المطلق والنسبي محسوساً، وذلك عندما تصبح القضية قضية زيادة معدل فائض القيمة على العموم. فلو افترضنا أنه يدفع لقاء قوة العمل حسب قيمتها، فسنواجه هذين الخيارين: إذا كانت القدرة الإنتاجية للعمل ودرجة شدته الاعتيادية، ثابتتين، فلا تمكن زيادة معدل فائض القيمة إلا عن طريق الإطالة المطلقة ليوم العمل؛ ومن جهة أخرى، إذا كانت حدود يوم العمل ثابتة، فلا تمكن زيادة معدل فائض القيمة، إلا عن طريق تغيير المقدار النسبي لكل من جزءيه المكونين ليوم العمل، أي العمل الضروري والعمل الفائض؛ وهذا ما يفترض بدوره تغيير إنتاجية العمل أو شدته لأنه لا ينبغي أن تهبط الأجور دون قيمة قوة العمل.

لو كان العامل بحاجة لأن ينفق كل وقته بغية إنتاج وسائل العيش الضرورية له ولعائلته، فلن يتبقى له بالطبع وقت كي يعمل مجانا لأجل آخرين. وما لم تبلغ إنتاجية العمل مستوى معيناً فلن يتوافر عند العامل وقت متاح لأجل العمل المجاني، ومن دون هذا الوقت الفائض يغدو العمل الفائض محالا ويستحيل بالتالي وجود الرأسمالين، ولكن في مثل هذه الظروف يستحيل كذلك وجود مالكي العبيد، أو السادة الاقطاعيين، أو، باختصار، يستحيل وجود أي طبقة من كبار المالكين (1).
وعلى هذا، بوسعنا أن نتحدث عن أساس طبيعي لفائض القيمة، لكن هذا القول جائز بمعناه العام فقط، أي بمعنى أنه لا توجد عقبة طبيعية مطلقة تمنع إنساناً ما، من أن يزيح عن كاهله عبء العمل الضروري لتأمين وجوده هو، وإلقاء هذا العبء على كاهل إنسان آخر. وبمثل هذا الحق والصواب يمكن الزعم أنه لا توجد في الطبيعة، على سبيل المثال، عوائق كأداء تمنع إنساناً من أكل لحم قرینه الإنسان (2). ولا يجوز للمرء أن يلصق بإنتاجية العمل، النامية بصورة طبيعية، أيما أفكار صوفية غامضة، كما جرى ذلك في بعض الأحيان. فما إن ارتقى البشر بفضل عملهم فوق مستوى الحيوان، وما إن اكتسب عملهم بالتالي الصفة الاجتماعية، بدرجة معينة، حتى نشأت علاقات غدا فيها العمل الفائض لإنسان ما، شرطاً لوجود إنسان آخر. لقد كانت القدرات الإنتاجية للعمل ضئيلة جدا في المراحل الأولى من الحضارة، ولكن هكذا كان أيضا حال الحاجات البشرية التي تنمو بموازاة نمو وسائل تلبيتها وبالاعتماد المباشر على نمو هذه الوسائل. زد على ذلك، أن نسبة تلك الأقسام من المجتمع التي تعتاش على عمل الغير، كانت، في تلك المرحلة المبكرة، ضئيلة للغاية بالمقارنة مع كتلة المنتجين المباشرين. ومع نمو قدرة إنتاجية العمل الاجتماعية تنمو هذه الأقسام من المجتمع، نمواً مطلقاً ونسبياً (3). يضاف إلى ذلك أن العلاقات الرأسمالية، تنبثق من تربة اقتصادية هي نتاج عملية تطور مديدة. وإنتاجية العمل الموجودة التي تشكل ركيزة رأس المال ونقطة انطلاقه، هي ليست هبة من الطبيعة، بل ثمرة تاريخ يمتد آلاف القرون.

وإذا تجردنا عن درجة تطور شكل الإنتاج الاجتماعي، كبرت هذه الدرجة أم صغرت، فإن إنتاجية العمل تظل مرتبطة بالشروط الطبيعية. ويمكن ارجاع جميع هذه الشروط إلى طبيعة الإنسان نفسه، مثل العرق وغير ذلك، والطبيعة المحيطة به. وتنقسم الظروف الطبيعية الخارجية، اقتصادياً، إلى صنفين كبيرين هما الثروة الطبيعية من وسائل العيش، ونعني بها خصوبة التربة والمياه الغنية بالأسماك، وإلخ. والثروة الطبيعية من وسائل العمل، كمساقط المياه، والأنهار الصالحة للملاحة، والأخشاب، والمعادن، والفحم، إلخ. وفي المراحل الأولى من الحضارة، كانت كفة الصنف الأول من الثروات الطبيعية هي الراجحة؛ أما الصنف الثاني فلا ترجح كفته إلا في مراحل أعلى من التطور. قارن، على سبيل المثال، بين إنكلترا والهند، وقارن، في العصور الغابرة، بين أثينا وكورنثيا من جهة، والبلدان الواقعة على سواحل البحر الأسود، من جهة أخرى.

وكلما قلّ عدد الحاجات الطبيعية الواجب إشباعها بالمطلق، وكلما عظمت الخصوبة الطبيعية للأرض واعتدال المناخ، تناقص وقت العمل الضروري لإعالة المنتج وتكاثر نسله. وتعاظم، لذلك فائض عمله الذي يعود للآخرين بالمقارنة مع عمله لنفسه. وقد کتب دیودورس منذ أمد بعيد، عن قدماء المصريين، فقال:

“عجيب كيف أن تنشئة الصغار لا تكلفهم سوى القليل من العناء والنفقات. فهم يطهون للصغار أول غذاء بسيط يقع تحت اليد، ويعطونهم الجزء السفلي من سيقان القصب ليأكلوه، بمقدار ما يصلح للشي على النار، كما يعطونهم جذور وسيقان بعض نباتات المستنقعات، إما نيئة أو مسلوقة أو مشوية. ويسير أغلب الصغار حفاة، عراة، بسبب اعتدال الهواء. لذا فإن تنشئة الطفل حتى يقوى عوده، لا تكلف الأبوين، عموما، أكثر من عشرين دراخما. وهذا، بالدرجة الرئيسية، ما يفسر لنا لماذا نجد سكان مصر بهذه الكثرة، ولماذا يمكن بالتالي تشييد مثل هذا العدد من الصروح العظيمة”(4).
الواقع أن الصروح العظيمة في مصر القديمة، لا تدين بوجودها إلى كثرة السكان بقدر ما تدين به إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء كانوا رهن التصرف للقيام بهذا العمل. إن العامل الفرد يمكن أن يؤدي عملا فائضا أكثر بمقدار ما يكون عمله الضروري أقل، كذلك الحال بالنسبة للسكان العاملين إجمالا، إذ كلما كان القسم اللازم لإنتاج وسائل العيش الضرورية أصغر، كان القسم المتاح الذي يمكن استخدامه للقيام بأعمال أخرى أكبر.

وما إن يقوم الإنتاج الرأسمالي، فإن مقدار العمل الفائض يتباين بتباين الشروط الطبيعية اللازمة للعمل، وبخاصة خصوبة التربة، شريطة أن تبقى الظروف الأخرى ثابتة، وأن يكون طول يوم العمل معيناً. ومع هذا، لا يستتبع ذلك العكس وهو أن الأرض الأكثر خصباً هي الأفضل ملاءمة لنمو نمط الإنتاج الرأسمالي. فهذا النمط يتطلب سيطرة الإنسان على الطبيعة. فحيثما تكون الطبيعة مفرطة السخاء فإنها “تمسك بزمام الإنسان، فتقوده كالطفل” (**). فهي لا تجعل تطوره الذاتي ضرورة طبيعية (5). إن المنطقة المعتدلة، لا المناطق الاستوائية وفيرة النبات، هي موطن رأس المال. فليس خصب الأرض المطلق، بل تنوعها، وتنوع منتوجاتها الطبيعية، هو ما يؤلف القاعدة الطبيعية للتقسيم الاجتماعي للعمل. وبفضل تغيرات البيئة الطبيعية المحيطة بالإنسان تجري مضاعفة حاجاته وقدراته، ووسائل عمله وأساليب عمله. إن الضرورة القاضية بإخضاع قوة من قوى الطبيعة لسيطرة المجتمع من أجل تدجينها، والاستيلاء عليها أو ترويضها بواسطة منشآت ضخمة مشيدة باليد البشرية، هي ما يضطلع بالدور الحاسم في تاريخ الصناعة. ومن أمثلة ذلك تنظيم المياه في مصر(6) ولومبارديا وهولندا وغيرها، أو في الهند وبلاد فارس وغيرهما، حيث لا يعني الإرواء بالقنوات الاصطناعية تزويد الأرض بما يلزم من مياه فحسب، بل ويحمل إليها مع الطمي كذلك الأسمدة المعدنية من التلال. ويكمن سر الازدهار الاقتصادي في إسبانيا وصقلية، أيام حكم العرب، في تشييد نظام الري (7).

إن مواءمة الظروف الطبيعية لا تعطي سوى إمكانية وليس واقع الحصول على العمل الفائض ومنتوج فائض وبالتالي على فائض قيمة وليس منتوجاً فائضاً. إن اختلاف الظروف الطبيعية للعمل يؤدي إلى هذه النتيجة وهي أن نفس الكمية من العمل تلبي مقادیر من الحاجات متباينة بتباين البلدان (8)، وعليه فإن وقت العمل الضروري يختلف من بلد لآخر، شريطة أن تكون الظروف الأخرى متماثلة. إن هذه الظروف تؤثر على العمل الفائض بوصفها قيوداً طبيعية لا أكثر، أي أنها تحدد النقاط التي قد يبدأ، عندها، العمل لأجل الغير. وبقدر ما تتقدم الصناعة، بقدر ما تتراجع هذه القيود الطبيعية. أما في قلب مجتمعنا الأوروبي الغربي، حيث يشتري العامل حقه في العمل لأجل وجوده، بأن يدفع لقاءه عملا فائضاً، فإن من السهل تماما أن يظهر الوهم القائل بأن تقديم منتوج فائض هو بمثابة صفة متأصلة في العمل البشري (9). ولكن لنأخذ، على سبيل المثال، سكان جزر الأرخبيل الآسيوي الشرقية، حيث ينمو نخيل الساغو البري في الغابات:

“حين يتيقن السكان، بعد أن يثقبوا الشجرة، أن اللباب قد نضج، يقطعون الجذع، ويشطرونه قطعة قطعة، ثم ينزعون اللباب منه ويمزجونه بالماء ويصفونه: عندها يغدو دقيقاً صالحاً تماما للاستعمال. إن النخلة الواحدة تعطي، عادة، 300 باون، وأحيانا من 500 إلى 600 باون. فهناك، إذن، يذهب الناس إلى الغابات كي يقتطعوا خبزهم، مثلما يذهب الناس، عندنا، لاقتطاع الحطب” (10).
لنفترض الآن أن قاطع الخبز الآسيوي الشرقي هذا يحتاج إلى 12 ساعة عمل في الأسبوع لإشباع كل حاجاته. إن الظروف الطبيعية المؤاتية لا تغدق عليه مباشرة غير نعمة واحدة هي وفرة من وقت الفراغ. ولكن قبل أن يستطيع استخدام وقت الفراغ هذا لنفسه بصورة منتجة، لا بد من وجود جملة كاملة من التطورات التاريخية؛ ولكي ينفق هذا الوقت في أداء عمل فائض لأشخاص غرباء، لا بد من وجود قوة خارجية ترغمه على ذلك. وإذا حل الإنتاج الرأسمالي في جزيرته، فلربما كان على صاحبنا الطيب أن يعمل ستة أيام في الأسبوع، لكي ينال منتوج عمل يوم واحد لنفسه. إن الظروف الطبيعية المؤاتية لا تفسر لنا البتة لماذا يتعين عليه أن يعمل الآن 6 أيام في الأسبوع، أو لماذا يقدم خمسة أيام من العمل الفائض. فهي تفسر فقط، لماذا يقتصر وقت عمله الضروري على يوم واحد في الأسبوع. ولكن منتوجه الفائض لا يمكن، إطلاقا، أن ينشأ، عن أي مزية سحرية خفية ملازمة للعمل البشري بالفطرة.

إن قدرات إنتاجية العمل سواء أكانت اجتماعية متطورة تاريخية أم ناتجة عن الطبيعة بالذات، تبدو وكأنها قدرات إنتاجية لرأس المال الذي يضاف إليه العمل.

إن ریکاردو لا يكلف نفسه ابدا عناء البحث عن منشأ فائض القيمة. فهو يعالجه كشيء ملازم داخلياً لنمط الإنتاج الرأسمالي، الذي يرى فيه الشكل الطبيعي للإنتاج الاجتماعي. وحيثما يتحدث عن إنتاجية العمل، فإنه لا يبحث فيها عن علة وجود فائض القيمة، بل يبحث عن السبب الذي يحدد مقدار تلك القيمة. ولكن مدرسة ریکاردو أعلنت صراحة أن قدرة إنتاجية العمل هي العلة المولدة للربح (يعني: فائض القيمة). وهذا، على كل حال، تقدم واضح بالقياس إلى المركنتليين، الذين كانوا يعزون تجاوز سعر المنتوج على تكاليف إنتاجه، إلى فعل التبادل، أي إلى بيع المنتوجات بسعر يفوق قيمتها. ومع ذلك تهربت مدرسة ريكاردو هي الأخرى من المسألة ببساطة، وتركتها بدون حل. فقد رأى هؤلاء الاقتصاديون البورجوازيون، رأوا، بغريزتهم، عن حق، أن ثمة أخطاراً داهمة في المضي ببحث هذه المسألة الملتهبة بصورة أعمق، نعني منشأ فائض القيمة. ولكن ماذا نقول عندما يعلن جون ستيوارت میل، بعد نصف قرن من ریکاردو، بوقار مهیب، تفوقه على المركنتليين، بتكراره الفج للتبسيطات الباطلة التي لاكها شُرّاح ریکاردو المبتذلون الأوائل؟
يقول میل:

“تكمن علة الربح في أن العمل ينتج أكثر مما يلزم لإعالته”.
حتى الآن لا شيء سوى القصة القديمة؛ إلا أن ميل يتوق إلى ابتداع جديد من عنده، فيضيف:

“أو بتعبير آخر فإن سبب نشوء الربح من رأس المال، يرجع إلى أن الطعام واللباس، والمواد الأولية ووسائل العمل، تدوم وقتا أطول مما يلزم لإنتاجها».
إن ميل يخلط، هنا، بين طول وقت العمل، وطول حياة منتوجاته. وحسب هذا الرأي، فالخباز الذي لا يدوم منتوجه غير يوم واحد، لن يستطيع أن يستمد من عماله المأجورين نفس الربح الذي يستمده صانع آلات تعمر عشرين عاما أو أكثر. وعلى كل حال، لا ريب لو أن أعشاش الطيور لا تدوم أكثر من الوقت اللازم لبنائها، لكان على الطيور أن تمضي حياتها بلا أعشاش وما إن يتوصل ميل إلى هذه الحقيقة الجوهرية، حتى يثبت تفوقه هو على المركنتليين. فيمضي قائلا:

“وهكذا نرى أن الربح ينبثق، لا عن وقوع التبادل العرضي، بل عن قوة إنتاجية العمل؛ والربح الإجمالي الذي يحققه بلد من البلدان تحدده، دوماً، قوة إنتاجية العمل، سواء كان هناك تبادل أم لا. ولو لم يكن ثمة تقسيم للأشغال، لما كان هناك بيع ولا شراء، ولكن مع ذلك سيكون ثمة ربح”.
فالتبادل، والشراء والبيع – أي الشروط العامة للإنتاج الرأسمالي – هي عند میل، مجرد حادث عارض، وأنه سيكون هناك ربح، حتى بدون بيع وشراء قوة العمل! ويتابع میل قائلا:

“إذا كان مجمل عمال بلد من البلدان ينتجون 20% أكثر من مقدار أجورهم، فإن الربح سيكون 20%، مهما كان مستوى أسعار السلع”.
إن هذا القول حشو نادر تماما، لأنه إذا أنتج العمال فائض قيمة بنسبة 20% لأجل الرأسماليين، فإن نسبة ربحهم إلى إجمالي أجور العمال ستكون كنسبة 20: 100، من ناحية. ومن ناحية ثانية فإنه لخطأ مطلق القول بأن «الربح يبلغ 20%». فهو أقل بالضرورة، لأن الربح يحسب استنادا إلى المبلغ الإجمالي لرأس المال المدفوع سلفاً. فلو كان الرأسمالي، مثلا، قد دفع 500 جنيه، منها 400 لوسائل الإنتاج و100 للأجور، وكان معدل فائض القيمة 20%، كما افترضنا أعلاه، فإن معدل الربح يساوي 20: 500، أي 4% لا 20%.

يلي ذلك نموذج بديع على طريقة ميل في معالجة مختلف الأشكال التاريخية للإنتاج الاجتماعي.

“إنني افترض، في البحث كله، وجود الوضع الحالي للأمور الذي يسود بصورة شاملة، عدا بعض الاستثناءات، وهو بالتحديد وضع يدفع الرأسمالي فيه كامل النفقات سلفاً، بما في ذلك أجور العامل”.
وإنه لخداع بصر غريب حقا أن نرى، في كل مكان، علاقات كانت تسيطر حتى الآن في كوكب الأرض بصورة استثنائية فقط! ولكن فلنمض لاحقاً. إن ميل يقر طواعية بأن ليس ثمة ضرورة مطلقة لأن تجري الأمور على ذلك النحو(***). بل على العكس:
“فالعامل يمكن أن ينتظر حتى يكتمل العمل، لكي يتلقى كل أجوره، إذا كان لديه مال يكفي لإعالته خلال هذه الفترة. ولكن في هذه الحالة الأخيرة، يكون العامل، وإلى حد معين، رأسمالياً يسهم برأسماله في المشروع، ويقدم جزءا من الأموال الضرورية لاستمراره”.
وكان بوسع ميل أن يمضي إلى أبعد من ذلك ويضيف بأن العامل الذي يسلف نفسه ليس وسائل العيش فحسب، بل كذلك وسائل العمل، هو، في واقع الأمر، ليس إلا عاملا مأجوراً عند نفسه. أو كان بوسعه أن يقول أيضا إن الفلاح الأميركي إنما هو عبد لنفسه لا يختلف عن العبد العادي إلا بكونه يؤدي السخرة لنفسه، لا لسيد غريب.

وبعد أن يبرهن میل بجلاء كهذا أن الإنتاج الرأسمالي موجود، أبدا، حتى إن كان لا وجود له، فإنه يبدي ما يكفي من التماسك المنطقي ليبين لنا أن الإنتاج الرأسمالي لا وجود له، حتى عندما يكون موجوداً بالفعل.

“ولكن حتى في الحالة الأخيرة، (أي إذا سلّف الرأسمالي لعامله المأجور كل وسائل عيشه) فيمكن النظر إلى العامل من وجهة النظر نفسها، (أي بوصفه رأسمالياً). ذلك لأنه عندما يقدم عمله بأقل من سعر السوق (!) فإنما يبدو وكأنه يسلّف الفرق (؟) إلى رب عمله، وإلخ”. (11). في الواقع الفعلي، إن العامل يسلف عمله مجانا إلى الرأسمالي لمدة أسبوع، وإلخ، لكي يتلقى في نهاية الأسبوع، وإلخ، سعره حسب السوق، وهذا ما يحول العامل، بنظر ميل، إلى رأسمالي! في السهول المنبسطة تبدو حتى أكوام التراب كالتلال. وإن أفضل ما تقاس به ضحالة الفكر البورجوازي الراهن، هو وزن «مفكريه العظام».



______________

(*) راجع الصفحة 196 من هذا المجلد، [الطبعة العربية، ص237-238]. [ن. ع].
(1) إن وجود أرباب العمل الرأسماليين ذاته كطبقة متميزة، يتوقف على إنتاجية العمل، (رامزي Ramsay، المرجع المذكور، ص 206). “لو كان عمل كل إنسان لا يكفي إلا لإنتاج قوته الخاص، لما كانت هناك أية ملكية”. (رافنستون Ravenstone، المرجع المذكور، ص 14).
(2) وفقا لأحدث الحسابات، ثمة، الآن أربعة ملايين من أكلة لحوم البشر، على الأقل، في أصقاع الأرض التي جرى استقصاؤها حتى اليوم.
(3) عند هنود أميركا المتوحشين، نجد أن كل شيء تقريبا ملك للشغيل الذي أنتجه، فالعامل يجني 99 في المائة من ثماره. أما في إنكلترا فقد لا يحصل العامل على 2/3. (مزايا تجارة الهند الشرقية، إلخ، ص 72 – 73).
(4) دیودورس الصقلي، المرجع المذكور، الكتاب الأول، الفصل 80، [ص. 126].
(**) تحوير لقصيدة “إلى الطبيعة” للشاعر الألماني شتولبرغ، نهاية القرن السابع عشر. [ن. ع].
(5) «لأن الأولى، (الثروة الطبيعية) أعظم ملاءمة وفائدة … فإنها تجعل الناس مهملين، متغطرسين، نازعين إلى كل اسراف، بينما الثانية تدعو إلى تطور الهمة، والأدب، والفنون، والسياسة»، (انظر: كنز إنكلترا من التجارة الخارجية، أو ميزان تجارتنا الخارجية هو أساس كنزنا، بقلم توماس مون، تاجر من لندن، نشره الآن ابنه جون مون لفائدة العموم، لندن، 1669).
«كما ليس بوسعي أن أتصور لعنة تحل بقوم أعظم من أن يجدوا أنفسهم في رفعة أرض تنتج لهم وفرة من وسائل العيش والطعام، تلقائية، ويوفر لهم مناخها أو لا يتطلب سوى القليل من الحرص على الملبس والمأوی… وربما هناك حالة متطرفة في الاتجاه المعاكس. إن تربة لا تثمر شيئاً بالعمل، لا تقل سوءاً عن تربة تثمر وافر المحصول بدون عمل». (ن. نورسترا، بحث في أسباب الارتفاع الحالي لأسعار المؤن، 1767، ص 10).
(6) إن ضرورة التنبؤ بأوقات ارتفاع وانخفاض منسوب مياه النيل هي التي خلفت علم الفلك المصري، وجلبت معه سيطرة طائفة الكهنة، بوصفهم موجهين للزراعة. إن الانقلاب الشمسي هو تلك اللحظة السنوية التي تبدأ عندها مياه النيل بالارتفاع، وقد رصده المصريون بانتباه مضاعف… وكان من الهام لهم تحديد هذه الفترة من السنة لكي يقوموا بموجبها بعملياتهم الزراعية. ولذا كان ينبغي لهم أن يبحثوا في السماء عن علامة واضحة تدل على عودتها. (كوفييه، مبحث في دورات الكون، طبعة هوفر، باريس، 1863، ص 141).
(Cuvier, Discours sur les révolutions du globe, Éd. Hoefer, Paris, 1863, p. 141).
(7) كان تنظيم توزيع المياه في الهند أحد الركائز المادية لسيطرة الدولة على الجماعات الإنتاجية الصغيرة، المبعثرة. وقد أدرك حكام الهند المسلمون هذه الحقيقة خيراً من أخلافهم الإنكليز. يكفي أن نعيد إلى الأذهان مجاعة عام 1866 التي أودت بحياة أكثر من مليون هندي في مقاطعة اوریسا بولاية البنغال.
(8) “لا يوجد بلدان ينتجان عددا متساوياً من وسائل العيش بالوفرة نفسها، ببذل مقدار واحد من العمل… فحاجات البشر تزيد أو تقل… حسب قسوة المناخ أو اعتداله، وبالتالي فإن تلك الأبعاد التي يضطر سكان مختلف البلدان لممارسة صناعتهم بها، لا يمكن أن تكون واحدة ، وعليه ليس عملية في شيء أن نحدد درجة التباين بأكثر من درجات الحرارة والبرودة؛ فمن ذلك يمكن أن يستخلص المرء نتيجة عامة تفيد أن كمية العمل اللازمة لإدامة حياة عدد معين من الناس ستكون أكبر في المناخات الباردة، وأقل في المناخات الحارة؛ لأن الناس في الحالة الأولى، لا يعوزهم لباس أكثر فحسب، بل إن التربة تحتاج إلى حراثة أعمق مما في المناخ الحار”. انظر: بحث في الأسباب المقررة لمعدل الفائدة الطبيعي، لندن، 1750، ص 59.
(An Essay on the Governing Causes of the Natural Rate of Interest, London, 1750, p. 59).
إن مؤلف هذا الكتاب الغُفل الذي يشكل فتحة تاريخية، هو ج. ماسي J. Massie وقد اقتبس id,l نظريته عن الفائدة المئوية من هذا الكتاب.
(9) “على كل عمل (ويبدو أن هذا يؤلف جزءا من حقوق وواجبات المواطن droits und devoirs du citoyen) أن يولد فائضاً معيناً، (برودون) (م).
(م) ب. ج – برودون، نظام التناقضات الاقتصادية، او فلسفة البؤس، المجلد الأول، باريس، 1846، ص 73.
(10) ف. شوف، الأرض، النبات والإنسان، ط2، لايبزيغ، 1854، ص 148.
(***) اقترح ماركس في رسالته إلى ن. ف. دانييلسون المؤرخة في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1878، الصيغة التالية لهذا المقطع: يلي ذلك نموذج رائع على طريقة ميل في معالجة مختلف الأشكال التاريخية للإنتاج الاجتماعي. فهو يقول: «إنني أفترض، في البحث كله، وجود الوضع الحالي للأمور الذي يسود بصورة شاملة، عدا بعض الاستثناءات، حيث يؤلف العمال والرأسماليون فيه طبقتين متميزتين، أي أنني أفترض أن الرأسمالي يدفع سلفاً كامل النفقات بما في ذلك اجور العامل». يرغب ميل بتصديق أنه لا وجود لضرورة مطلقة لأن تجري الأمور على هذا النحو حتى في ظل نظام اقتصادي يؤلف فيه العمال والرأسماليون طبقتين متميزنين. [ن. برلین].
(11) جيمس ميل، مبادىء الاقتصاد السياسي، لندن، 1868، ص 252 – 253 ومواضع أخرى. (J . St . Mill , Principles of Political Economy , London , 1868 , p . 252 – 253 . passim) [المقاطع الواردة هنا مأخوذة من الطبعة الفرنسية ل رأس المال. ف. إنجلز].








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري