الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة لا تعرف القانون

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2020 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


فى المطلق تنشأ الثورات على عدم احترام القوانين التي يعتبرها الثوار مهينة على كافة مستوياتها الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية، دون حسابات لرد فعل النظام الحاكم، على مستويات الفشل والنجاح ومهما كانت القوانين غاشمة أو لفقها مجموعة من المرتزقة من العمل السياسي، فالقوانين العادلة وإعمالها تفعيلا وتأصيلا، هي الضمانة لاستمرار أي نظام دون سقوطه تحت غضب الجماهير، وهي أيضا ضمانة المواطنة المتوجة برضاء الجماهير واصطفافهم حول الوطن، وفى قراءة للمشهد المصري، نرى تصرفات متخبطة بل وشاذة أيضا على المستويين، التنفيذي والتشريعي الذي كان يرأسه الدكتور علي عبد العال، ذلك الرجل الفضائحي على مستوى اللغة العربية، فالرجل حالة يرثى لها بل ويستحق الشفقة تجاه غلطاته التي تخزي فى التعاطي مع لغة التواصل بين العرب، فلا هو يرفع ما يجب رفعه وكثيرا ما ينصب ما لا ينصب، فكيف لي أن أطمئن إلى برلمان يقوده رجل يثير الشفقة تجاه أبسط قواعد اللغة؟ تلك القواعد التي لم يعد لها قاعدة من الأساس. فعلى سبيل اليأس هناك قانون مباشرة الحقوق السياسية، ذلك القانون الذي تفعله هذه الأيام الحكومة التي تعرت فى انتخابات مجلس الشيوخ الذي لم يصوت فيه سوى ١٤٪ ممن لهم حق التصويت رغم محاولات التحشيد الهائلة، ولأننا جميعا نعرف أن مصر منذ حكم المشير السيسي، ليس لديها مشروع نهضوي بائن وليس لديها دخل قومي قائم على الإنتاج، بقدر ما هو قائم على الجباية شأن دولة المماليك التي أسقطها ذلك النظام، نرى الحكومة تتجه صوب إحالة الشعب بأكمله إلى النيابة العامة بتهمة عدم مباشرة الحقوق السياسية والإدلاء بالدلو بالتصويت فى انتخابات مجلس الشيوخ أو بصيغة عامية التجردل بالجردل والتصويت على اعتبار أن الجردل هو بديل الدلو. هذا على اعتبار أن الشعب عليه أن يثبت أنه فى أيام التصويت كان لديه العذر لعدم الذهاب، فعلى المرأة المريضة نتاج العادة الشهرية أن تثبت أمام النيابة أنها كانت حائض وعلى الحامل أن تثبت تعبها وعلى المصاب بالإسهال أن يثبتإسهاله، وعلى الموجوع من مؤخرته نتاج البواسير، أن يثبت أيضا، أما المريض النفسي فله الله. إن أبسط قواعد العقل والمنطق تقول أن الإنسان حر تماما فى ممارسة حقه أو التنازل عنه، أما من اقترح هذا القانون من الأساس فلا أجد وصفا له حتى لا أقع تحت طائلة قانون السب والقذف، أما أن تحيل الحكومة شعبها إلى النيابة العامة لتطبيق غرامة على من لم يذهب لممارسة حقه، فهذا عين الخبل والجهل والتخلف بمعنى كلمة الحق فى لسان العرب، وعين الإرهاب لذات الشعب الذي أتوقع من خلال قراءة المشهد أنه لن يذهب لانتخابات البرلمان أيضا، فكانت الضربة الاستباقية بمفهوم اضرب المربوط يخاف السايب واصطياد عصفورين بحجر. الأول: إرهاب الناس وحثهم قهرا على ممارسة حقهم، ودعني هنا أقطع تواصلك بنبرة من منخاري أو أنفي أو هأهأة أو بكاء على حالة تلك السلطة التي ينظر لها.... ضع أنت ما يناسبك مكان النقاط، أما الثاني: فقيمة الغرامة ٥٠٠ جنيه أي مليارات ستدخل خزينة دولة الجباية، تلك الخزينة التي قرر لها مجلس النوائب التصديق على قانون تغريم الطالب الراسب فى الجامعة غرامة تصل إلى ١٢ ألف جنيه، رغم سوء الحالة الإقتصادية للبلاد وأزمة الكرونا المفتعلة عالميا، وشكاية الناس من سوء الأحوال.
فهل ينتبه الرئيس السيسي أنه يخسر ما تبقى لديه من رصيد لدى الجماهير التي لم ولن تحترم أي قانون يخالف الطبيعة والإنسانية والكرامة تحت أي مسمى ولن ترهبها قوانين السجن والتشريد التي دوما ما تضعها سلطة مرتعشة. على الرئيس أن يدرك تماما أنه بلا منظر بضم الميم. الكارثة ستحل قريبا، إن لم ينظر إلى الشعب، لأنه الشعب وبالشعب ومن الشعب وإلى الشعب، فلا تقل تحيا مصر. لكن قل يحيا الشعب. فوطن بلا شعب خرابة وشعب بلا وطن لاجئ. الرحمة يا رجل فالثورة لا تعرف القانون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي