الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عماد حجاج والديمقراطية الآيلة للسقوط

خالد الصعوب

2020 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عندما بدأت اعتصامات الدوار الرابع، راع الإسرائيليين أن تكون الأردن بهذا التقدم، فكتبوا مقالة بعنوان "الأردن هو الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". أثار حسدهم أن يجتمع الأردنيون من شعب ورجال أمن يتقاسمون الزاد قبل أن يبدأ يوم جديد من الاعتصام. كان عبق القهوة يملأ الدوار وقد أتى كل معتصم بدلة قهوة وطبق تمر لكي يتأكد من أن رجال الأمن يشاركون في العرس الديمقراطي.

ولكن الأشياء المثالية لا تدوم إلا في الخيال، فقد تسلط قانون الجرائم الإلكترونية سيفا على رقاب المريدين لحرية التعبير بحيث أصبح ينتقي من يحاسب بموجبه. فبينما مرت الصحف الصفراء تلوك سمعة الأردن والأردنيين يمنة ويسرة دون حساب واغتيلت شخصيات بحجم الكون فقط لأن صحفيا سعى لمجد رخيص ولم يحرك أحد ساكنا باسم نفس القانون، لم يمر كاريكاتير يعبر تعبيرا بحتا عن نظرة صاحبه عماد حجاج، الذي لم يشفع له أبو محجوب الذي كبر مع الأردن ينشر التوعية ويرسم الابتسامة في كافة المسائل الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.

كل ما في القصة أن عماد حجاج رسم محمد بن زايد وهو يقبل بشفتين منتفختين يريد تقبيل السلام الإسرائيلي متمثلا بحمامة بيضاء، فما كان من الحمامة إلا أن بصقت على وجهه في مقاربة للمشهد الأخير، فبعد أن أعلنت الإمارات عن اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني، قام الصهاينة بالاتصال بالأمريكيين يطلبون منهم عدم بيع طائرات إف ٣٥ للإماراتيين فبصقوا عليهم باسم السلام.

السؤال هنا، لماذا يحل للإسرائيلي أن يبصق في وجه قيادة عربية ويسخر منها ويجعلها تبدو بمظهر الأحمق، بينما يحرم على مواطن عربي أن يعبر عن الأمر بصورة كاريكاتورية؟ لماذا لا يغضب الإماراتيون والسعوديون من الإسرائيليين الذين يسخرون منهم صبح مساء؟ الفتاة الإسرائيلية المعجبة بابن سلمان تدعو السعودي المتصهين للتوجه إلى تل أبيب عله يجد الغلمان ولا أحد يعلق. إيدي كوهين يسخر من الإمارات والسعودية ومصر كيفما أراد ولا أحد يعلق. نتنياهو بوقفه بيع الطائرات يسخر من العرب جميعا موجها فوهة بصاقه على الإمارات، فيغضب ابن زايد وتقوم السلطات الأردنية بتوقيف عماد حجاج لأنه أغضب دولة شقيقة!

وكأن السلطات الأردنية لم تقدر على الحمار فتشاطرت على البردعة. وكأن ابن زايد رب الكون الذي يجب ألا يخالفه إنسان ولو خالف نفسه. وكأن حرية التعبير يبكمها الإسرائيلي، فيمكن التعبير عن أي شيء إلا ظلمه وبطشه واحتلاله. وكأن يد الاحتلال تخنق العروبة جمعاء.

الأردن هو الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بفضل حرية التعبير. إن انتسفت هذه، فهل يصبح الأردن ديكتاتورية شرق أوسطية؟ بالأمس أغلقت الميادين دون الاعتصامات، ثم اعتقل المعلمون لمطالبتهم بحقوقهم، تصفيات للرأي بممارسات يقال عنها قانونية، واليوم سجن لصحفي من أجل كاريكاتير.

متى تصبح قياداتنا أقل هشاشة فلا تهز عرشها كلمة أو رسمة أو تعبير أيا كان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة