الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تنبأت التوراة بالعقيدة الإثني عشرية الشيعية ؟

محمد ياسين

2020 / 8 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يزعم رجال الدين الشيعة وأتباعهم بأن التوراة قد بشرت بظهور الأئمة الاثني عشر، وعقيدة الاثني عشر -التي هي العمود الفقري للمذهب الشيعي- لمن لا يعرفها، باختصار: الشيعة يؤمنون بأن الإمام علي بالإضافة إلى أحد عشر فردا من أولاده وأحفاده أئمة معصومون وكلامهم بمثابة الوحي، وهم أفضل من الأنبياء، ولذلك ينبغي أن يرثوا النبي في الحكمة والوحي، وأن يخلفوه في السلطة والتشريع والمكانة الروحية .
فالإمام الأول هو علي بن أبي طالب، والأخير أي الثاني عشر هو المهدي المنتظر وهو نفسه محمد بن الحسن العسكري المزداد سنة 255هجرية! نعم ولا عجب، المهدي المنتظر عند الشيعة مولود منذ القرن الثالث ولازال حيا يرزق وعمره اليوم 1187 سنة، وهو الآن متخف عن الأنطار في مكان ما من العالم حتى لا نقول في سرداب الغيبة بسامراء .
ومن الواضح أن من اخترعوا هذه النظرية كانوا يعتقدون بأن نهاية العالم ستكون في القرن الثالث الهجري على أبعد تقدير، لذلك قدروا بأن عصر الإمام الثاني عشر سيتزامن مع نهاية الزمان، وهكذا ورطوا معهم ملايين الشيعة المساكين الذين لم يجدوا تخريجا لهذه المعضلة سوى الزعم بأن المهدي لازال حيا يرزق كل هذه القرون ولكنه مختبئ في مكان مجهول، وبهذا أصبحوا مادة للسخرية والتفكه، حتى أولئك المنقوعة عقولهم في الخرافة من أمثال ابن القيم سخروا منهم، حيث يقول هذا الأخير في كتابه المنار المنيف : ((لقد اصبح هؤلاء (الشيعة) عارا على بني آدم ، يسخر منهم كل عاقل)) .
الشيعة لم يكتفوا بسرقة فكرة المهدي المنتظر (خصوصا بصيغتها الشيعية) من اليهود الذين ينتظرون بدورهم خروج البطل القومي "المسيا" لنصرتهم والانتقام من أعدائهم، بل وأيضا تطاولوا على بعض الآيات من التوراة لإثبات أن عقيدة "الإثنا عشر" الشيعية هي عقيدة قديمة ومبشر بها في كل الأديان السابقة والكتب المقدسة، وتحديدا الفقرة 20 من الإصاح 17 سفر التكوين التي تقول : (( و اما اسماعيل فقد سمعت لك فيه ها انا اباركه و اثمره و اكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد و اجعله امة كبيرة)) .
فمادام هذا النص قد أشار إلى إثني عشر رئيسا من نسل النبي إسماعيل، فحتما سيستنتج الذهن الشيعي الموبوء بالهلاوس والأبوفونيا أن هؤلاء الاثنا عشر رئيساً، هم الأئمة الاثنا عشر الذين يؤمن بهم، فقط لأنهم من نسل إسماعيل ولأن عددهم إثنا عشر !!
والرد يكون من ثلاثة محاور على الرغم من أن هذا الاستدلال ظاهر البطلان ولا يحتاج أصلا إلى رد :
المحور الأول، معنى الآية : فما علاقة كلمة رئيس الوادرة في النص بالعصمة والإمامة والولاية التي يؤمن بها الشيعة؟!! ثم إن المعنى واضح جدا، وهو أن إله اليهود "يهوه" يخبر النبي إبراهيم بأنه سيبارك ابنه اسماعيل حيث سينجب إثنا عشر ولدا مباشرا، ولا يقصد بالرقم 12 نهائيا اي شخص أو مجموعة من أحفاد أحفاد الأحفاده!! والدليل هو أنه يقول له بأن هؤلاء الإثنا عشر ولدا ستكون لهم ذرية وسيكوِّنون في ما بعد أمة كبيرة، وهذا هو التكثير، وإذا لم تفهم الآية على هذا النحو، فيجب حينها الإيمان بأن إثنا عشر فردا تعتبر أمة كبيرة وكثيرة !!
المحور الثاني ، سياق الآية : النص الذي يستشهد به دراويش الشيعة منتزع من سياقة، وللفهم فهما صحيحا لابد من العودة إلى السياق وقراءة الآيات التي تسبق هذه الآية والتي تليها، وهذه هي:
(( 18 وقال ابراهيم لله: «ليت اسماعيل يعيش امامك!». 19 فقال الله: «بل سارة امراتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه اسحاق. واقيم عهدي معه عهدا ابديا لنسله من بعده. 20 واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها انا اباركه واثمره واكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد، واجعله امة كبيرة. 21 ولكن عهدي اقيمه مع اسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الاتية» )) .
القصة باختصار : أن الله وعد إبراهيم بأن يقيم عهده الأبدي مع ولده إسحاق الذي لم يولد بعد، ثم مع نسله من بعده، ولن يقيم اي عهد مع ولده إسماعيل ونسله، ولكنه في المقابل لن ينساه وسيباركه ويكثر نسله .
والعجيب أن الشيعة يستدلون بهذه الآية على الرغم من أنها في الحقيقة تنفي نهائيا أية علاقة خاصة بين الرب وذرية اسماعيل الذين ينتمي إليهم الأئمة الإثنا عشر، فكيف بالوحي والعصمة والإمامة التي هي أمور جليلة وأكثر خصوصية حتى من العهد ؟!!
المحور الثالث، تفسير الآية التوراتية بآية توارتية : من سوء حظ الشيعة أن التوراة ذكرت أسماء هؤلاء الإثنا عشر رئيسا من نسل النبي اسماعيل ولم تتركهم مبهمين، تقول الآيات 12- 16 من سفر التكوين الإصحاح 25 :
((12 وهذه مواليد اسماعيل بن ابراهيم، الذي ولدته هاجر المصرية جارية سارة لابراهيم. 13 وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب مواليدهم: نبايوت بكر اسماعيل، وقيدار، وادبئيل ومبسام 14 ومشماع ودومة ومسا 15 وحدار وتيما ويطور ونافيش وقدمة. 16 هؤلاء هم بنو اسماعيل، وهذه اسماؤهم بديارهم وحصونهم. اثنا عشر رئيسا حسب قبائلهم)).
فأسماء هؤلاء الرؤساء الإثنا عشر ذكرها سفر التكوين بالتفصيل : نبايوت، قيدار، ادبئيل، مبسام، مشماع، دومة، مسا، حدار، تيما، يطور، نافيش، قدمة، فأين هي أسماء الأئمة الإثنا عشر الذين يؤمن بهم الشيعة من هؤلاء ؟! .
المضحك المبكي، أن الجهابذة لم يخجلوا من انفسهم وعوض الاعتذار للعالم إزاء هذه الفضيحة التي رفعت الأستار عن دجلهم وتدليسهم، راحوا يحاولون نفي العلاقة بين الآية التي تبشر بظهور إثني عشر رئيسا من نسل إسماعيل (تكوين 17) وبين الآيات التي صرحت بأسمائهم وفضحت مثالب المسفسطين (تكوين 25) .
ومن الأمثلة على ذلك كتاب اسمه "بشائر الأسفار"، حاول صاحبه نفي العلاقة بين النصين، لكن تصور المنهج الذي سلكه صاحب الكتاب ؟ إنه "حساب الجمل"، فهل ثمة إفلاس أكبر من أن يصل بك التخرص والكذب إلى تفنيد االواضح والصريح الذي لا يحتاج مراده لأية أدلجة ولا تأويل،باستعمال الطلاسيم والأساليب الغامضة والملتوية ؟!
الشيعة لم يكتفوا بسرقة فكرة الإمام الحجة المنتظر من الموروث الثقافي الإسرائيلي، ولا بسرقة النصوص الإسرائيلية ومحاولة تحريفها لاثبات وجهات نظرهم وعقائدهم، بل سرقوا أيضا حتى مناهجهم الفكرية؛ لأن علم حساب الجمل هذا الذي تعج بهذه الثقافة الشيعة ولهم كتب مقدسة فيه، أشهرها على الإطلاق "كتاب الجفر" الذي هو الآن بحوزة المهدي المنتظر حسب الشيعة انفسهم !! هو علم سبقهم إليه اليهود واسرفوا في استعماله، ويسمى عندهم ب "الجيماتريوت"، وقطعا قد سرقه منهم الشيعة كما اختطفوا كل شيئ من ثقافتهم، مع فارق أن هؤلاء اليهود لو عاينوا الطريقة التي استعملها مؤلف الكتاب المذكور (بشائر الأسفار) لاثبات وجهة نظره الباطلة لضحكوا حتى تقطعت أمعاؤهم، لاسيما وأنه يؤمن بأن كتبهم المقدسة التي سيطبق عليها منهج العد في الحروف والجمل محرفة ومنحولة !!
هذا بصرف النظر عن كون هذا الحساب حتى وإن استعمل بطريقة سليمة فإنه يبقى علما متجاوزا عفا عنه الزمان ولا يخضع لأية ضوابط علمية يعول عليها، علاوة على اختلافه من ثقافة لأخرى وبصرف النظر أيضا عن العبث والغموض الكبير الذي يلفه، ما يتسبب في كوارث ذات أبعاد أخرى عندما يتم استخدامه في تشفير النصوص المقدسة .
مثلا، "هيكساكوسيويهيكسيكونتاهيكسا فوبيا"، هذه الجملة ليست طلسما ولا تعزيمة بل هي اسم علمي لمرض نفسي يعرف أيضا باسم "رهاب الرقم 666"، إذ أن المسيحيين كانوا يعانون من رهاب إتجاه الرقم 666، والسبب طبعا هو حساب الجمل ، حيث كانوا يعتقدون أن العدد 666 هو عدد يشير إلى الشيطان، فقد ورد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 18:13 : (( هنا حكمة: مَن له فهمٌ فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان، وعدده ست مئة وستة وستون)) .
فالحاصل أن ادعاء الشيعة هذا هو ادعاء مقطوع ببطلانه، ولا يعكس اية حقيقة باستثناء الأماني العريضة والأوهام المريضة والسفسطة والكذب والتدليس والهلاوس وخداع العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح