الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق السلام .. قراءة تاريخية

محمد خدام عبد الكريم
كاتب

(Mohamed Khadam Abdalkareim)

2020 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


أوراق السلام..قراءة تاريخية (2)


مؤتمر المائدة المستديرة.. ما أشبه الليلة بالبارحة

ما زلت على قناعة تامة أن الطريق لتحقيق سلام آمن وشامل ومستدام في السودان يمر عبر منصة المؤتمر الدستوري الذي يحقق تطلعات الشعب السوداني صاحب المصلحة الحقيقية في السلام والأمن والاستقرار والتنمية.
هنالك تشابه إلى حد التطابق بين مؤتمر المائدة المستديرة الذي عُقد في مارس من عام 1965م ومفاوضات سلام جوبا الحالية، فقد جاء المؤتمر عقب ثورة اكتوبر 1964م، وجاءت مفاوضات جوبا بعد ثورة عظيمة وكبيرة هي ثورة ديسمبر
المجيدة.
كان مؤتمر المائدة المستديرة ينادي بتحقيق السلام كمطلب رئيسي لثورة اكتوبر، وذلك لحل قضية الجنوب، ولذات الهدف قامت مفاوضات جوبا كمطلب ثوري وأساسي لإنجاز أهداف ثورة ديسمبر المتمثلة في شعار (حرية، سلام وعدالة).
وقد فشلت المائدة المستديرة كما سنبين لاحقا في ان تتسع لأحلام الشعب السوداني في السلام لأنها لم تُعبر عن تطلعاته، وأتمنى ألا تسلك مفاوضات جوبا ذات المسلك.
عُقد مؤتمر المائدة المستديرة في الفترة من 16- 29 مارس 1965م في مدينة جوبا، ثم انتقلت جلساته إلى الخرطوم بسبب أعمال شغب وعنف وحرائق وقعت في جوبا.
كان المؤتمر يهدف إلى ايجاد حل لمشكلة جنوب السودان، إلا أنه لم يجد الجدية والرغبة الكافية لدى الشمال لخلق حل يرضي جميع الأطراف، فانقسم الجنوب إلى ثلاث فئات، فئة تطالب بالوحدة، وأخرى بالانفصال، وثالثة بالحكم الذاتي في اطار سودان موحد فدرالي.
وهكذا أضاع ساسة الشمال فرصة تاريخية كانت تضمن لنا وحدة السودان، عندما رفضوا النظام الفدرالي الذي نادى به بعض الجنوبيين وأصروا على برامجهم ومقترحاتهم المتمثلة في النظام المركزي الاسلامي العروبي، وعندها انتهى المؤتمر إلى لجنة عرفت بلجنة (الاثني عشر). وفي 30 مارس أصدر المؤتمر قرارته المتمثلة في فتح المدارس، وانشاء جامعة في الجنوب، واعادة الحياة فيه إلى طبيعتها وغيرها.
نجح المؤتمر في كل شيء إلا معالجة أصل مشكلة الجنوب، وبالتالي لم يتمكن من الوصول إلى قرار اجماعي بشأن شكل الحكم في السودان أو غيره من القضايا المطروحة.
ومن ضمن المشاكل التي اعترضت طريق المؤتمر هي عدم تمثيل الحركات المسلحة التي كانت تناضل عن طريق السلاح وتقود العمل العسكري في الجنوب، وهو نفس الخطأ الذي ترتكبه الآن مفاوضات جوبا عندما أبعدت بعض الحركات المسلحة من المشاركة في عملية السلام. نتيجة لخطأ المائدة المستديرة استمرت الحرب إلى أن انفصل الجنوب ثم تجددت الحرب في مناطق أخرى، ولذات الخطأ ستستمر الحرب في دار فور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وإن تم توقيع مئات الاتفاقيات.
لأن أي اتفاق لا يلامس وجدان وتطلعات الشعب السوداني سيكون مصيره الفشل والانهيار، وإن كُتب بماء الذهب وعُلق في جوف الكعبة. وبفشل المائدة المستديرة ضاعت منا أول فرصة حقيقية للسلام وأصابتنا (لعنة) الحرب والسلام التي ما زالت تلازمنا حتى لحظة كتابة هذا المقال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا