الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائري الإفريقي!

ردوان كريم
(Redouane Krim)

2020 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


{نتحدث عن المغرب العربي و كأن أفريقيا ليس لها شمال.} _ كاتب ياسين _

نلتقي كل يوم في شوارعنا زنوجا (أصحاب البشرة السوداء) يمتهنون التسول (لغياب العمل حتى للجزائريين و ما أدراك بالأجنبي) و هم لاجئين بدون وثائق من الدول المجاورة كمالي و النيجر. تسميهم الناس بالكلمة الفرنسية " les africains" بمعنى الأفارقة! و هي تسمية غير عنصرية بل ندرة الأجانب في الجزائر ما جعل الجزائريين يسمون الفئة القليلة القادمة إليهم بمصدرها متناسين إنتسابهم إلى نفس المصدر. و هذه الكلمة (les africains) بطريقة غير واعية و غير دارية تجرد الجزائري من لقب أفريقي. إن وصف الجزائري السود بالأفارقة هو إستثناء نفسه من أفريقيته و هذا دليل على خلل مفاهيمي مصطلحاتي. هل الجزائري يجهل تاريخه الأفريقي؟ هل ينكر كونه أفريقي أم هناك تغليط في المفاهيم؟ هل ثقافة الجزائري إقتلعت من أصلها الأفريقي؟ و ما هي الثقافة التي عوضت الثقافة الأفريقية في حياة الجزائري ؟ و بما أن الثقافة مرتبطة بالأدب و التاريخ، هل الجزائري منفتح على تاريخ قارته و هل هو مطلع على الأدب الأفريقي أم أنه معزول عن أفريقيا فكريا و ثقافيا؟
لقد شكلت الصحراء الكبرى جدار عازل بين أفريقيا السوداء كما يسميها البعض وهي منطقة جنوب الصحراء المعتزة و المفتخرة بأفريقيتها، تاريخها، أدابها، لغاتها الكثيرة، ثقافة أجدادها، متمسكين بعاداتهم و تقاليدهم. و شمال أفريقيا أي شمال الصحراء الكبرى و هي المنطقة التي مازالت تبحث عن هويتها بحيث تفتخر بثقافة غير ثقافتها، تاريخ غير تاريخها، و تستورد عادات و تقاليد غير عادات وتقاليد أسلافها. الجغرافيا الأفريقية و الصحراء الكبرى لا علاقة لها بهذا الإختلاف بل هذا التقسيم الإقليمي يعود إلى عهد الغزو العربي الإسلامي لأفريقيا، حيث لم يجد قادة الجيوش الإسلامية الغازية أهمية إقتصادية ولا سياسية لمواصلة احتلالها جنوبا كون هذه المنطقة بعيدة عن مراكز خلافاتهم و غياب وسائل النقل السريعة التي تساعد على الغزو و إيصال الغنائم في ظرف زمني قصير. لقد بدأ الغزو الإسلامي من مصر و السودان متقدما شرقا إلى المغرب فإكتسبت هذه الدول ثقافة الغازي و لغته العربية، و تدينت بالإسلام و مع مرور الوقت زاد إرتباط هذه المنطقة الشمال أفريقية بالخليج العربي الأسياوي، و مع ذلك لم تنفصل عن أفريقيتها إلا بعد الإستقلال من الإحتلال الأوروبي. حيث عند تأسيس مفهوم القومية العربية و مفهوم الأمة الإسلامية إلتزم زعماء الدول الأفريقيا قيد النشأة بهذه المفاهيم أكثر من العرب نفسهم. حيث حاربوا كل ما هو أفريقي في دولهم بطريقة إرادية واعية أو لا إرادية لا واعية.
كانت مدرسة ما بعد الإستقلال تدرس الثقافة العربية وحدها، فكان التلميذ يتعلم الشعر الجاهلي العربي إلى أدب العصر العربي الحديث، تاريخهم، أمجادهم، فنونهم، عاداتهم و تقاليدهم. لا يدرس التلميذ الشمال أفريقي أي شيء عن أدب أجداده و بنو جلدته. لا يوجد ولا درس عن أدب أو تاريخ أفريقيا في المقرر المدرسي. لا يعرف الجزائري شيء عن أبطال أفريقيا، و لا رواد فكره، لا يعرف حتى أسماء كبار شعراء و كتاب أفريقيا في حين يعرف كل شعراء و كتاب الأدب العربي و يحفظ لهم أبيات، قصائد و مقولات. كانت الثقافة المحلية و الوطنية لا تدرس بل أسوء من ذلك تذكر بإسم الثقافة البربرية و هي نوع من شتم الذات و لم تغير هذه التسمية في المراجع الرسمية إلى مؤخرا لتعود إلى إسمها الحقيقي و الأصلي "الثقافة الأمازيغية". كان التلميذ لا يسمع عن كبار كتاب بلده إلا الإسم و نادرا.. فلم يقرأ لكاتب ياسين، مولود معمري، محمد ديب، مولود فرعون، رشيد بوجدرة، طاووس عمروش و أسيا جبار... هؤلاء و غيرهم كانوا يمثلون الثقافة و الأدب الوطني الجزائري و الهوية الأمازيغية التي هي الثقافة الأفريقية للمنطقة... محاربة و تجاهل فكر و كتابة هؤلاء كان سببا في غياب الشعور بالإنتماء إلى أفريقيا و عدم التمسك بالهوية الشمال أفريقية، و محاولة الإنتساب إلى الخليج العربي الأسيوي بطمس الثقافة الأمازيغية باء بالفشل، و تجاهل الثقافة و الأدب الوطني لم يطمس هوية و ثقافة الشمال أفريقيا و لكنها أبعدت الجزائري عن الشعور بإنتمائه الأفريقي، إلا عند حضور المشهد الرياضي مثل كأس أفريقيا للأمم.
غير أهل الإختصاص لم يسمع و لم يقرأ الجزائري عن الأدب الأفريقي شيء. فحتى كبار الكتاب، المؤلفين، الشعراء، و المسرحيين لا يذكرون في مقررات التعليم. في حين كان من الواجب التعرف على شعراء أفريقيا من أمثال:
Anyidoho Kofi, و Christopher Okigbo, و Léopold Sedar Senghor, و David Diop, و Ibrahima Sall, و J.P. Clark
و غيرهم من الذين يستحقون الذكر و لا يمكن لمقالة أو كتاب إحتوائهم جميعا. شأن الشعر لا يختلف عن المسرح، فالمسرح لا يعار له الإنتباه أصلا ، فهو غريب عن الأدب العربي، فكيف يدرس المسرح الأفريقي و المسرحي الجزائري مهمش؟! و الأصح هو إعادة الإعتبار للمسرح الوطني أولا لكي يسمع الجزائري بوجود مسرح أفريقي راقي رواده هم أمثال:
Wole Soyinka, و Ngugi wa Thiango, و Ama Ata Aido, و Mukotani Rugyendo,
و آخرين بدءا بالجيران التونسيون و المغربيين. لقد أصبح طغيان الثقافة العربية و هيمنتها على المشهد الثقافي، الفني، و حتى التعليمي يشكل خطرا على إستمرار وجود الطابع الأفريقي للرواية الجزائرية خاصة بعد وفاة كبار أدباء الجزائر من أمثال محمد ديب و آسيا جبار. إن الإهتمام بالمنتوج الأدبي الوطني المبني على الشخصية الجزائرية الشمال أفريقية يعد طريق إلى التصالح مع الذات و بوابة نحو الرواية الأفريقية التي يجهلها المواطن الجزائري البسيط و التعرف على كبار روائي أفريقيا من أمثال:
Chinua Achebe, و Peter Abrahams, و Ayi Kwei Armah, و Thomas Mofolo, و Camara Laye.
و آخرين يتعذر ذكرهم و دون نسيان كبار كتاب القصة القصيرة كالجنوب أفريقي Mtutuzeli المعروف بروايته القصيرة "Call Me Not a Man " و الزيمبابوي Ekwensi Cyprian.

الأدب الأفريقي غني جدا من حيث المبدعين و الإبداعات الفنية و الأدبية كونه متعدد اللغات، الديانات، الثقافات، كثير العادات و التقاليد بتشعبها، و كثير التأثر بالثقافات الأوروبية و العربية، لغات و ديانات مستعمريه سواء الأوروبيين أو العرب.. فحتى الثقافة العربية الإسلامية جزء من الأدب الأفريقي فهي غنيمة حرب كما يسمي كاتب ياسين اللغة الفرنسية و النقد الموجه لها يعود إلى الفاعلين و العاملين عليها بحيث جعلوها ثقافة و أدب شمولي يقصي كل الثقافات و الأداب من حولها. و أن يفتخر الجزائري الأفريقي بثقافته الوطنية و أفريقيته خير له و أسمى، و لا يسقط في أعراض أو متلازم المستعمر الذي الذي ينسب نفسه إلى جلاده(الغازي المحتل) ناكرا ذاته كما توسع في تسميته فرانس فانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت