الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنيه المصري قادم

صبحى إبراهيم مقار
(Sobhi Ibrahim Makkar)

2020 / 9 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


==========
يعرف سعر الصرف بأنه "عدد وحدات النقد المحلي التي يمكن مبادلتها بوحدة واحدة من النقد الأجنبي"، ولذلك يعتبر سعر الصرف أداة الربط الأساسية بين اقتصاد الدولة واقتصاديات دول العالم الأخرى مما يسهل المعاملات الدولية من خلال ثلاثة أسواق مختلفة تتمثل في كل من سوق الأصول، سوق السلع، سوق عوامل الإنتاج. ويلعب الدولار الأمريكي دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي نتيجة لعدة عوامل تتمثل أهمها في كونه يمثل عملة أكبر اقتصادات العالم وارتباط العديد من العملات بالدولار أو بسلة عملات دول صناعية يمثل الدولار فيها وزناً نسبياً كبيراً، ولقيامه بدور عملة الاحتياطي العالمي من خلال احتفاظ البنوك المركزية في معظم دول العالم باحتياطيات كبيرة منه لتلبية احتياجاتها من السلع والخدمات المستوردة لكونه العملة الأساسية التي تتم بها معاملات أسواق الصرف الأجنبي واستخدامه لتسعير أهم السلع العالمية مثل الذهب والبترول.
وقد شهد سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي ارتفاعات متتالية بعد نجاح مصر في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى أن وصل إلى 15.91 جنيه في 31/8/2020 مقارنة بـ 17.96 جنيه في 31 ديسمبر 2018. ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة استمرار الأداء القوي للجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي ليصبح من أفضل العملات العالمية، حيث تتوقع صحيفة "إيكونوميست" تحسن أداء الجنيه المصري بنسبة 4.5% مع نهاية عام 2020، 4.3% عام 2021، 5.1% عام 2022، 5.8% عام 2023، 6.4% عام 2024.
وتتمثل أهم العوامل التي ساعدت على تحسن سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي في كل من:
1) تحقيق فائض أولي بنسبة 2.0% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2018/2019 مقارنة بعجز أولي بنسبة 3.5% خلال العام المالي 2015/2016، ويعتبر هذا الفائض المتحقق ثاني أعلى فائض أولي على مستوى الدول الناشئة. كما تم تحقيق فائض أولي (وفقاً للتقديرات المبدئية) بقيمة 30.5 مليار جنيه بما يمثل 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة يوليو/ديسمبر 2019 مقارنة بـ 20.8 مليار جنيه بما يمثل 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة عام 2018، ومقابل عجز أولي بقيمة 14.1 مليار جنيه بما يمثل 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة يوليو/ديسمبر 2017.
2) نجاح مصر في تخفيض دين أجهزة الموازنة العامة ليصل إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2019 مقارنة بـ 108% في يونيو 2017. والسداد المبكر بقيمة 33 مليار جنيه لصالح صناديق المعاشات بما يمثل 0.56% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول يوليو/سبتمبر من العام المالي 2019/2020، وهي تعادل كامل مستحقات الفوائد لصالح صناديق المعاشات عن إجمالي العام المالي 2019/2020.
3) تثبيت التقييم الإيجابي للاقتصاد المصري من مؤسسات التقييم العالمية نتيجة لاستقرار سوق الصرف، وتحقيق معدل نمو حقيقي أعلى معدلات النمو المحققة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدول الناشئة، حيث أشادت العديد من المنظمات الدولية بالاقتصاد المصري. وذلك وفقاً لتوقعات التقارير الدولية الصادرة عن كل من البنك الدولي، الإيكونيميست، شركات التصنيف الائتماني (فيتش، ستاندرد آند بورز) بتحقيق الاقتصاد المصري لمعدل نمو ايجابي يصل إلى 3% على الرغم من الآثار السلبية لفيروس كورونا التي أثرت في كافة اقتصاديات دول العالم.
4) تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة مما أدى إلى زيادة تدفقات الأموال من الخارج وتجنب ظاهرة الدولرة، وزيادة استقرار صافي الاحتياطيات الدولية. كما قام البنك المركزي بتغطية عمليات سحب رؤوس الأموال التي قامت بها المحافظ الأجنبية من خلال آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب للخارج، والتي تضمن للمستثمرين إمكانية سحب الأرباح بالعملة الصعبة. وقيام البنوك التجارية المصرية بتدبير موارد النقد الأجنبي من الدولار للمستثمرين مما ساعد على الحفاظ على استقرار العملة المحلية خلال موجة بيع السندات. كما قام كل من البنك الأهلي، بنك مصر بإصدار شهادات ذات عائد سنوي 15% لامتصاص فائض العملة المحلية وتجنب اللجوء للمضاربات.
5) نجاح مصر في الحفاظ على استقرار سوق العملات خاصة بعد تأثير حالة عدم اليقين عالمياً الناتجة عن تفشي فيروس كورونا على استثمارات المحافظ في غالبية الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى موافقة صندوق النقد الدولي على طلب التمويل المقدم من مصر بقيمة 8 مليار دولار بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني وأداة التمويل السريع لدعم عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات. كما تم إصدار سندات دولية بقيمة 5 مليار دولار مما ساهم في كل من زيادة نسبة تغطية الاحتياجات الاستيرادية من السلع المختلفة، تقديم المساعدات للفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً، تأمين موارد الدولة من النقد الأجنبي في ظل أزمة كورونا، والتي ساعدت في تشجيع العديد من صناديق الاستثمارات الخليجية والدولية في ضخ استثماراتها في أدوات الدين المصرية.
6) احتواء تداعيات كورونا وتعافي القطاعات الاقتصادية خاصة القطاع السياحي وقناة السويس وتنوع مصادر التمويل للاقتصاد المصري (مقارنة بالدول التي تعتمد على مصدر رئيسي للعملات الأجنبية) خاصة مع تخفيف القيود العالمية المتعلقة بجائحة كورونا وعودة شهية المخاطرة على مستوى العالم، دعم عودة رأس المال الأجنبي إلى مصر.
ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة من تحسن سعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي نقدم الاقتراحات التالية:
1) إعادة تأهيل الصناعة لزيادة الإنتاج ورفع الإنتاجية والاستفادة من الانخفاض المتوقع في تكاليف الإنتاج لنصل في النهاية إلى إنتاج سلع وخدمات جيدة تتوافق مع رغبات المستهلكين وتلتزم بمعايير الجودة وتكون بسعر تنافسي مناسب في كل من الأسواق الدولية والمحلية على حد سواء مما يؤدى إلى الحد من الاستيراد وتقليل عجز الميزان التجاري. لذلك يجب التوسع في شبكات الجودة لضمان تحقيق أعلى كفاءة إنتاجية ممكنة من خلال التحديث المستمر لنظم الميكنة ومختلف مراحل العملية الإنتاجية، بمعنى التحول من تصدير المنتجات الرخيصة والمنخفضة الجودة إلى تطبيق إستراتيجية "اكسب السوق عن طريق تحسين جودة المنتجات" من خلال الاعتماد على البحوث والتطوير وتطبيق أحدث الأساليب التكنولوجية في الإنتاج، وتطبيق نظام لمراقبة الجودة ونظام آخر لتراخيص الجودة للسلع المصدرة للخارج، بالإضافة إلى التوفيق بين الجودة الداخلية والمظهر الخارجي للصادرات السلعية، وفحص السلع والمنتجات بداية من البحث والتطوير والتصميم إلى التصنيع ووسائل النقل والتخزين.
2) توفير البرامج التدريبية اللازمة لرفع كفاءة القائمين على الإدارة النقدية للصرف الأجنبي مما يساعد على تحقيق الاستقرار النقدي العادل في قيمة الجنيه المصري في مواجهة كافة العملات الأجنبية بصفة عامة والدولار الأمريكي بصفة خاصة. ويتحقق الاستقرار النقدي بصفة أساسية من خلال استقرار المستوي العام للأسعار ونمو العرض النقدي الإسمى بمعدل يقترب من معدل نمو الإنتاج السلعي، بالإضافة إلى وضع السلطات المختصة معدلات هدفية لكل من العرض النقدي الاسمي والمستوي العام للأسعار لا يجب تجاوزها.
3) ربط سعر الفائدة على ما يتم إصداره من أصول مالية مقومة بالجنيه المصري بعائد الأصول البديلة المقومة بالعملات الأجنبية لضمان تحقيق عائد تنافسي يدفع الأفراد إلى زيادة ما في حوزتهم من موارد وأصول بالجنيه المصري.
4) تحديد أولويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والواردات للحد أكثر فأكثر من الطلب علي الدولار الأمريكي والسيطرة علي عجز ميزان المدفوعات، وتقليل حجم الدين الخارجي من خلال ترشيد عقد القروض والتسهيلات الخارجية، مع الحد من الإنفاق الحكومي في الخارج لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، سواء كان هذا الإنفاق علي تمثيل دبلوماسي أو قنصلي غير ضروري، وكذلك العمل علي تخفيض الإنفاق الخاص في الخارج، وبصفة خاصة الإنفاق السياحي مما يؤدى إلى استمرار انخفاض الطلب علي الدولار الأمريكي.
5) تشديد الإجراءات الرقابية في الموانئ والمطارات والتدقيق في عمليات فحص الواردات السلعية للقضاء على ظاهرة تهريب السلع بصفة عامة والحبوب المخدرة بصفة خاصة، والتي يتم تهريبها ضمن الشحنات المستوردة بمسميات لسلع أخرى مما يؤدي إلى تحجيم سوق الصرف غير الرسمي. وبالتالي، زيادة فاعلية سياسة الصرف الأجنبي المتبعة من قبل البنك المركزي وزيادة درجة مصداقيتها لدى الوكلاء الاقتصاديين. ويتطلب ذلك الأمر توعية المواطنين بأهمية تفضيل مصلحة المجتمع على المصالح الشخصية، خاصة وأن نسبة كبيرة من حصيلة النقد الأجنبي التي تتدفق إلي السوق غير الرسمي يتم استخدامها في تمويل المزيد من عمليات التهريب وتجارة السلاح والمخدرات.
6) توعية المواطنين بأهمية شراء العملات المناسبة للدول التي يسافرون إليها، فالمسافرون مثلاً إلى السعودية أو دول الاتحاد الأوروبي لا يحتاجون بالضرورة شراء الدولار الأمريكي، كما يجب حثهم على إيداع العملات الأجنبية في الجهاز المصرفي ليزداد العرض مقابل الطلب مما يسهل من عملية الوصول إلى سعر عادل ومتوازن لصرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي وباقي العملات الأجنبية الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي