الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهل يستوي بائعُ السّعادة وحفّار القلوب ؟

روزا سيناترا

2020 / 9 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


قفزتُ من شرفة الشمس وحاولتُ العودة لعالم البشر وتحديدا هبطتُ في بقعةٍ من أرض العرب وقبل أن اطرح السلامَ على سكان المكان نتفوا وردتي وقالوا أن الأبيض خيّرٌ أكثر مما يجب وأن النقاط السوداء ستمنح أجنحة ملاكي النائم في قلبي مناعة الأرضيين !
قلتُ لا بأس سأتجاوز المرئي الحزين بالخيال الملون ورحتُ أخرج من جيوبي النجوم وأنثرها في الأنهار وحين وقفت على الحافة سألني الصيادون عن نواياي قلت وهل جمال القلوب في اخضرار ربيعه يفسّرُ؟ وهل على الجوريات في قبائلكم ان تعتذر لأنها في كل صباحٍ تغني وتبتسمُ ؟
صمتوا ولكنهم وبكلّ قوتهم حاولوا الامساك بآخر شراييني المربوطة بنور الله وقطعها وزجّي في بحار أحكامهم الغبية كي أغرق بإدعاء القضاء والقدر لا أرجلهم الممدودة كسكاكين الجزارين !
تمسكت بجذوع الأشجار ومن حيث لا أعلم راودتني صورة العذراء على صفحة السماء وظلت ابتسامتها ترفعني إلى قمم الجبال وهناك قادتني ساقاي الى نيران الحكمة كي أقف وأتفرج على كل الذين يتقاتلون تحتي من أجل الحق الذي يدّعون، يقتلون باسمك يا الله، يذبحون النساء باسمك يا الله، يسرقون الحصالات باسمك يا الله ثم يقولون انهم سيبنون المساجد والكنائس،يتحزبون تحت شعارات الإستقامة والمصلحة العامة وهم من يعيثون في الأرض ويفسدون، يستغلون طيبة الطيبين، ينهشون لحم الأحياء ويلوكون جلد أمواتهم ثم عليهم يترحمون، ينزعون الغطاء عمن سترتهم، يمنعون الهواء عن كل الذين يحاولون نشر عطر الأمل ولو للمرة الأخيرة، يخطفون اوكسجينهم ويحقنونهم بالإحباط في كل مرة من جديد وهم نائمين !
يزرعون الإشارات المرورية ويضيئونها بالأحمر لكل من عاش غراماً وكتب شعراً ورسم شجرة، يلوثون الهواء والماء بإدعاء غريزة البقاء ثم يبكون على أجسادهم التي تشتعل من الحرارة بعد كل نشرة أخبار، يفجرون الجمال بقنابل شائعاتهم التي لا تنتهي حتى بعد انهيار النهار في كل يوم، يزيّنون الإسمنت والأبراج بالنخيل ويتناسون إضاءة أرواحهم المعتمة ثم يدّعون الإنسانية والعفة بشعارات الكرز وحمامات السلام وغصن الزيتون !
نظراتهم عنيفة تقاتل بدون سبب، جبهاتهم عريضة تقرأ فيها كل ما هو صراع بين الحلال والحرام لا سعياً وراء النقاء، وجوههم تنذرك انك مقبل على معركة جديدة لا مشياً رقيقا في دروب الحياة ..
لن يفهموك يا الله، حتى لو وضعت كل الوصايا في قارب من الزهور وإن حملتهم الحب كلّه في جرة ماء وبحة ناي..لن يفهموك
سيظنون دوما ان المجد لأوسمة الشرف والعقاب وأن الثواب وحده مرهون للمآذن والأجراس وأننا نسير كلنا على جسر واحد..
كأنما الحب لغة واحدة والإيمان لهجة واحدة وكأننا الى العنوان ذاته كلّنا ذاهبون، وهل يستوي بائع السّعادة بحفار القلوب؟
حاولت العودة لعالم البشر يا رب وما نبت على كفي إلا الأشواك وفي الوقت الذي حاولت فيه إصلاح ندوب النوافذ المكسورة أحاطني القناصون من كل الجهات فرفعت يداي كي أراك واضحا فيّ ، فالذي لم يجد الله في قلبه لن يجده في السماء !


https://www.facebook.com/rozasinatra2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست