الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امراة منسية - أقصوصة

أحمد اسماعيل اسماعيل

2006 / 7 / 3
الادب والفن


الشمس تأفل!!
تمتمت بفزع، وأغلقت أذنيها عن همهمات عادت تملأ كيانها ككل مساء، سمعت عينيها تهمسان بإصرار:
-وبعد..؟
ثم همس فمها، وأنفها، ويداها:
-وووبعد..؟
صرخ جسدها كله بنزق:
وبعد، فتنتي تتملص مني كالماء المنساب من بين الأصابع، أكاد أجزم بأنه لن يعود.
ردت بضيق:
-بل سيعود.
علت الأصوات المتذمرة وتشابكت كصياح الباعة في سوق البلدة. فصرخت بحنق:
-اخرسن. ألا فاعلمن إنه سيعود. من انتظرناه طويلاً سيعود. ما هي إلا أيام معدودة حتى يهبط أمامنا كملاك. سيقول لي: صباح الخير يا حلوتي، مساء الخير يا أضمومة بنفسج وقرنفل ورياحين، كم اشتقت إلى عينيك الخضراوين.. إلى فمك المرسوم بعبقرية.. إلى يديك البيضاوين الرقيقتين. نعم سيقول ذلك ثم يمد يده المرتعشة نحوي لأصافحها، فتغوص كفي الصغيرة التي يعشقها في دفء كفه الكبيرة ليعتصرها برقة وخجل، فأحس بها تذوب وتسيل من بين أصابعه لهفة وحناناً، وعيناه العسليتان تنظران إليّ في شوق وافتتان. سيغمغم كعادته بكلمات قليلة لن أفهمها من فرط سعادتي. لن أعاتبه على طول غيابه.. لن أشكو مما قاسيت وعانيت وأنا أرى وأسمع الشفقة تفيض من عيون الأهل، والتذمر يتدلى من شفاههم.. لا. لن أوبخه كيلا أفوت على نفسي فرصة التحليق معه عالياً حين ألقاه، حيث السماوات الزرقاء اللامتناهية. ستسبحن هناك في نشوة غامرة أيتها الشقيات. سيبتسم القمر لنا بخجل ويتوارى خلف سحابة مسافرة، وستتقافز النجوم بتخابث مغمضة أعينها نصف إغماضة.. لننتظره، فقد أزف موعد قدومه، هذا اليوم الأبهي ينبئ بمجيئه، رائحته العطرة تدغدغ أنفي وروحي منذ الفجر.. أراه يمتطي صهوة حصان أبيض ينهب أرض الغابات والوديان برشاقة، ووجيب قلب حبيبي يعلو ويعلو.
قالت عيناها بتدمر ولا مبالاة:
-هذا كلام مللناه.
وصوبت نظرات تفيض فتنة وتأججاً صوب شاب ممتلئ عافية ورغبة فبادلها الشاب النظرات ذاتها.
وقالت يداها بضيق:
-إني سمعت كلامك هذا للمرة الألف.
وراحتا تتلامسان مستسلمتين للدفء اللذيذ الذي بدأ يسري لتوه فيهما، فبادلها الشاب الممتلئ عافية الحركة ذاتها.
عضت أسنانها الصغيرة الشفة السفلى بانفعال بالغ، فانبجس الدم فيهما وأحالهما إلى عنقود كرز ناضج تدلى باشتهاء. عض الشاب شفاهه بالتذاذ مرات عديدة واندفع صوبها كحصان بري جامح. انتفض جسدها كمهرة تسابق الريح بحثاً عن ربيع شارف على الرحيل .. انتصبت كعود خيزران وراحت تتململ في مكانها الذي ضاق بها. فرد الشاب صدره كطاووس وهو يلتصق بها. تسللت إلى أنفها وخلاياها رائحة خدرة غريبة.
لم تفه بكلمة زجر واحدة، ولم تبد أية ممانعة وهي تبصر الشاب الممتلئ عافية يقبض على كفها الصغيرة البضة التي ابتلعتها كفه الكبيرة.. ويقودها إلى أفق سماؤه غير بعيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله