الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لم تنجح الثورة السّورية؟

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هل تنجح الثورات ؟
حوّلت الثورة الفرنسية فرنسا إلى بلد رأسمالي حديث وجعلت باريس "عاصمة القرن التاسع عشر" السياسية والثقافية ، أدت إلى نشوء الديمقراطية الحديثة والفلسفة السياسية بمفاهيمها عن الحرية وحقوق الإنسان. ثم الاشتراكية.
من السهل الحديث عن الثورات والانتفاضات التي فشلت - ثورة الفلاحين عام 1381 ، حرب الفلاحين في ألمانيا عام 1525 ، كومونة باريس عام 1871 ، ثورة إسبانيا عام 1936 وما إلى ذلك.
هل جميع الثورات تفشل ؟

يشرح جون مولينو لماذا هذا خطأ.
جون مولينو هو بريطاني تروتسكي وأكاديمي ومؤلف. كان عضوًا قياديًا في حزب العمال الاشتراكي قبل تقاعده في أيرلندا ، حيث أصبح ناشطًا في حزب العمال الاشتراكي الأيرلندي وهو محرر لمجلة آيرلندية ماركسيست ريفيو.
يقول:

" إن فكرة أن جميع الثورات تفشل هي فكرة خاطئة.
إن العديد من الأنظمة الرأسمالية الديمقراطية الرئيسية اليوم نتاج ثورات ناجحة. أوضح الأمثلة على ذلك هي الثورة الهولندية ضد الإمبراطورية الإسبانية في القرن
يقولا لسادس عشر والتي أرست أسس هولندا. الثورة الإنجليزية 1642-1649 التي كسرت سلطة الملكية والأرستقراطية الإقطاعية وفتحت الباب أمام الحكم البرلماني ؛ الثورة الفرنسية 1789-1994 ، التي أطاحت برئيس لويس السادس عشر ، حطمت سلطة الطبقة الأرستقراطية الفرنسية وأنهت الإقطاع في فرنسا ؛ والثورة الأمريكية عام 1775 ، التي مهدت الطريق لتطور الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الرأسمالية الرائدة في العالم.
لكن لا يمكن لأي كان أن يخفي حقيقة أن هذه كانت ثورات حقيقية تنطوي على تعبئة جماهير كبيرة من الناس العاديين ، والإطاحة بالقوة بالنظام القائم ، والأهم من ذلك ، نقل السلطة من طبقة اجتماعية واحدة (الأرستقراطية الإقطاعية) إلى أخرى (البرجوازية) بطريقة تؤدي إلى إنشاء نظام اجتماعي واقتصادي جديد بالكامل.
إن حالة العالم - مع تغير المناخ ، والفقر ، والحروب ، والعنصرية وغير ذلك الكثير هي من النوع الذي يصعب على حكامنا إقناع الناس بأن كل شيء على ما يرام. لكنهم لا يحتاجون إلى ذلك. كل ما عليهم فعله هو إقناع الناس بأنه لا يوجد شيء يمكنهم فعله حيال ذلك. لهذا السبب ، عندما يتعلق الأمر بتبرير الرأسمالية وعدم المساواة والحرب ، فإن شعار: "لكن لا يمكنك تغيير الطبيعة البشرية" كان دائمًا شائعًا لدى الأقوياء دافعين به إلى رؤوس الناس العاديين"
ترتبط حجة الطبيعة البشرية بفكرة أن الثورات تنتهي دائمًا بالفشل. إنهم مرتبطون ببعضهم البعض بالاعتقاد بأنهم فشلوا لأن الناس العاديين غير قادرين على إدارة المجتمع. القوة الشعبية ستكون دائمًا وهمًا. وهكذا ، على الرغم من أن جورج أورويل كان اشتراكيًا ، إلا أن كتابه مزرعة الحيوانات الذي يشير فيه إلى أن انحطاط الثورة الروسية إلى الديكتاتورية كان أمرًا لا مفر منه بسبب نقص ذكاء الحيوانات التي تمثل الطبقة العاملة.

لقد تبنى المهيمنين خطاب "الحقوق المتساوية" لحشد الدعم الشعبي ، لكنهم في الواقع قادتهم ، ونقلوا سلطة الدولة إلى طبقة - الرأسماليين - التي كانت بطبيعتها طبقة مستغِلة والتي لا يمكن أن توجد بدون طبقة عاملة تحتها"
أين تقع الثورة السورية على قائمة الثورات ؟
لكل ثورة طبيعتها ، لكن الهدف في النهاية هو تحقيق العدالة الاجتماعية ، ومع أن الثورة السورية سميت بثورة الحريّة والكرامة ، بينما الثورة الروسية الأولى سميت بثورة الخبز و الفرق كبير في المعنيين فلا حرية ولا كرامة إن لم تمتلئ المعدة . العديد من السّوريين يقول أنه كان في رغد من العيش، لكنه وقف مع أبناء شعبه، وهو كاذب طبعاً، فرغد العيش أمر نسبي، ولا يتجاوز في سورية العلف اليومي-تشبيهاً بالحيوان-.
كنّا أمام شباب سوري مستعد لإلغاء الهوية الطّائفية، أو المناطقية تحت شعار " الشعب السوري واحد" هذا هو الخطر. أن تنجح ثورة في سورية تقضي على الاستبداد مشكلة كبرى لمحيطها العربي من الدول المستبدة ، إضافة إلى أن بعض الذين لم يتضرّروا من النّظام، حتى لو كانوا سجناء سياسيين سابقين ن وبعضهم وكان لهم وظائفهم المحترمة، وملكياتهم .دغدغت أحلامهم المناصب فشكلوا منصات على وسائل التواصل كي لا يفوتهم المكسب . بعض تلك المنصات تحمل صورة صدام حسين، عبد الناصر، غيفارا إضافة إلى منصة قومية جامعة سميت بهيئة التنسيق، وهؤلاء جميعاً هم من بقايا البعث السابق ، أو الشيوعيين، أو البعثيين الذين قادوا سورية إلى الفشل ، أما منصة الإسلاميين، فقد تجاوزت دكتاتورية النّظام حيث كان لديهم جيشهم الالكتروني من أناس حقيقيين.
جيل من الشباب في سوريا انتهى مصيره إلى السّجن، أو التّشرد ، وهذا الجيل منبوذ من ما يدعى " المعارضة " التي هي في حقيقتها بعثية إسلامية مدعومة من المحيط العربي المستبد. الشباب الثائر اليوم أوشك بلوغ منتصف العمر، بدأ خطاً لا يستطيع التراجع عنه، وهو خط الثورة، وهو يحارَب في الداخل السوري، وفي المخيمات ، وحتى في أشخاصه. التّجمعات " المختلطة بين البعث والمعارضة" تتحدث عن نجاح بعض الأفراد السوريين الموالين لهم، فالناجحة يجب أن تكون محجبة، والناجح يجب ان تكون ذقنه إسلامية، وجميع المعارضين يسيرون في هذا النهج حتى لو كان بينهم مسيحيين، أو من الطوائف الأخرى.
السؤال : لماذا نثق مثلاً بشخص قضى حياته يرتزق من النظام إلى أن وصل إلى منصب رفيع في الدولة ثم انشق؟ هل فعلاً تغير؟ أي شخص من هؤلاء يمكن أن يحول مخيمات إدلب، و الركبان على سبيل المثال إلى ورشة عمل ثورية كما أنها تدّر عليه ربحاً لو وظف أمواله في بنائها ، و إلى نواة لدولة الديموقراطية ، لكن بدلاً من ذلك يبحث عن مبيض لأمواله، ولا أوضح مثال على ذلك من المدارس الإسلامية التي أنشأها غسان عبود " العلماني" والتي من شروطها أن تتحجب الفتاة في المرحلة الابتدائية. ننتظر ثورة ثانية في الدّاخل والشتات ليس على الأسد فقط بل على المعارضة، و أن يكون هناك تجمع شبابي يحيّد الدين والقومية، ويعمل من خلال النضال بالكلمة لبناء إنسان جديد بفكر جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غياب الطبقة السياسية الليبرالية
منير كريم ( 2020 / 9 / 3 - 06:30 )
تحية للاستاذة المحترمة
مقال بشخص فعلا الاسباب التي ادت الى الفشل
اود ان اضيف بان غياب اوضعف الطبقة السياسية الليبرالية كان وراء فشل الثورات العربية , فاجهزعلى تلك الثورات العسكر او القوى الاصولية الاسلامية
اما الماركسيون والقوميون فكان ولا زال ضررهم اكبر من نفعهم
من دمر الطبقة السياسية الليبرالية التي تكونت قبيل وبعيد الاسستقلال هي الانظمة العسكرية التي شجعها الاسستعماران الامريكي والسوفيتي
شكرا جزيلا

اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في