الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسارات الوجع الفلسطيني

شريف حسني الشريف

2020 / 9 / 3
القضية الفلسطينية



أربع صور تتحد معا لتشكل سيرة غير مكتوبة، وإطارا للجسد الفلسطيني الممزق، الذي تنام عن أحزانه الدنيا، في استعارة لعبارة حملتها جدران مخيم اليرموك في دمشق، عاصمة الشتات الفلسطيني في يوم ما.
• الصورة الأولى لثلاثة أشقاء طواهم الموت في مخيم النصيرات بغزة جراء اشعال شمعة لتضيء نومهم بكوابيس أقل وحشية من مشاهدات النهار المتكررة.
قيل أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام. ولكن في غزة أن تلعن الظلام خير من إشعال شمعة تسببت في إحداث كل هذا الحريق. و إن كان قد تبقى للألم من القول ما لم يبح به بعد. فالفعالية معدومة باستثناء الشجب والادانة، وتلك حيلة العاجزين دوما.
كان للأم أحلامها الصغيرة وخططها المستقبلية، وكان للأب طموحا لا يحد، بأن يطوع المستحيل بسواعد صغاره كي يحققوا ما عجز هو عن تحقيقه، كل ذلك الآن غدا أمنيات مبددة.
هذه الشعلة الصغيرة التي لا تكاد تضيء مساحة تتسع لجناحي فراشة، تركت جرحا بحجم بركان وفجيعة قد تبلغ عتبات المطلق. من بصيص ضوء باهت إلى اشتعال يطال ثلاث حيوات، وتدمير لحياة من تبقى، حين لا يتبقى من الإرث سوى حفنات من رماد، وذكريات كالوتد مغروسة في قلب لم يبق له من أثر من أحبهم سوى نشيج يتجدد، على امتداد ما تبقى من العمر.
• والصورة الثانية هي صورة الفلسطيني المسن، الذي مارس الجنود الإسرائيليون ساديتهم عليه بأبشع صورها، وهو يستميت متشبثا بأرضه. حيث تناثرت شظايا الجسد المثقل بالهموم على الأرض ، ولكن الروح التي لا تتزحزح كصخرة من صوان، هي ما يشكل أديم هذه الأرض.
• الصورة الثالثة للشهيد الفلسطيني الأسير داوود الخطيب الذي استشهد يوم الأربعاء3/9/2020، في سجن عوفر بالقرب من رام الله. نتيجة إصابته بجلطة قلبية، بعد معاناة طويلة من مضاعفات الإهمال الطبي، من قبل سلطات الاحتلال، لحالته المرضية، عقب إصابته بجلطة مماثلة في العام 2017. وقبيل انتهاء فترة سجنه البالغة 18 عاما، قضى أغلبها، ولم يبق له سوى أشهر قليلة ليخرج من سجون الاحتلال إلى فضاء حرية موهومة ولكن على الأقل أخف وطأة على الروح التي لم تنكسر، وربما من سجن أصغر إلى سجن أكبر.
• الصورة الرابعة هي صورة الفلسطيني اللاجئ في وطنه والقابع في منافي الشتات تتوزعه أصقاع الأرض المترامية في ظل احتلال خارجي و احتلال داخلي وباسم الحفاظ على الحياة يتم سلب الحياة كي يتربع السادة والقادة، باسم المبادئ والشهداء ، وكي يحولوا ربيع الحياة الى خريف شاحب وطموح مقتول فلا مكان سوى لذكريات عمن كان هنا.
ما بين احتراق مؤجل وتشبث بالأرض حتى الرمق الأخير، واعتقال واستشهاد، وتشريد، هذه هي سيرة الحضور الفلسطيني في سياق واقع منهزم، وسطور التلاشي في ظل الحضور الكامل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س