الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر أمناء الفصائل الفلسطينية: مهرجان خطابي تلفزيوني ببيان ختامي لا يستجيب للأخطار التي تهدد القضية الفلسطينية بالتصفية

عليان عليان

2020 / 9 / 5
القضية الفلسطينية


تابعت كغيري مؤتمر الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، الذي عقد وفق آلية " الفيديو كونفرنس"، في كل من مقر السفارة الفلسطينية في بيروت ورام الله، في الثالث من شهر أيلول (سبتمبر ) الجاري ، وتسمرت على مقعدي وأنا أستمع لكلمة رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن" وكلمات الأمناء العامين ، علني أجد ما يبشر بالخير في مواجهة التحديات الراهنة ، التي تعصف بالقضية الفلسطينية ،بعد أن حصر الجميع التحديات في ثلاثة وهي : صفقة القرن ، وقرار الضم ، والتطبيع الذي بات يشكل خنجراً مسموماً في خاصرة القضية الفلسطينية.
وكلمة البدء كانت لرئيس الاجتماع ومديره رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن" التي أكد فيها مجدداً على نهج المفاوضات والتسوية عبر " الرباعية الدولية" وعلى قاعدة " الشرعية الدولية" وعلى تشكيل قيادة وطنية للمقاومة الشعبية ، وعلى الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وعلى رفض الانحراف التطبيعي ممثلاً في البيان الثلاثي " الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي".
ثم تلته كلمات الأمناء العامين ، التي ثمنت ما جاء في كلمة الرئيس ، مع بعض الإضافات هنا وهناك ، مع ضرورة الإشارة هنا، إلى أبرز ما جاء في هذه الكلمات للتعرف على مدى جدية هذه الفصائل في مواجهة الأزمة ما يلي :
1- اسماعيل هنية- رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- غازل عباس في كلمته مراراً وتكراراً، بحكم أن اللقاء جاء نتيجة مطبخ مشترك بين فتح وحماس ، وطرح خارطة طريق في مواجهة التحديات، ومايز حركته بالحديث عن استراتيجيتها ، بشأن عدم التنازل عن شبر من فلسطين التاريخية ، والتأكيد على كافة أشكال المقاومة وعلى رأسها الكفاح المسلح.
2- أبو أحمد فؤاد – نائب الأمين العام للجبهة الشعبية- وضع النقاط على الحروف عندما أشار إلى شرط رئيسي لإنهاء الانقسام بقوله :" أنّ الطريق الذي يمكن وبالضرورة أن يؤدي إلى انهاء الانقسام واستعادة الوحدة هو الغاء اتفاقيات اوسلو وسحب الاعتراف بالاحتلال، لأنّ أحد أسباب حالة الانقسام هو موضوع أوسلو وما ترتب عليه".
وأيد دعوة الرئيس عباس لإقامة قيادة وطنية موحدة ـ ودعوته للحوار الوطني الشامل ، ورأى في مثل هذا الحوار ، مفتاحاً لحل مشكلات وخلافات وتوترات ، فيما بين الأطراف الفلسطينية للوصول إلى نتائج لصالح الوحدة الوطنية .


3- فهد سليمان – نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية- خرج عن سياق العلاقات العامة في المؤتمر ،باعتباره سلطة حماس في قطاع غزة "سلطة الأمر الواقع" لا بد من وضع حد لها من خلال تطبيق اتفاق نوفمبر 2017 ،بتمكين الحكومة لممارسة مهمتها شرط أن تأخذ هذه الحكومة طابع حكومة الوحدة ، وهو بهذا الطرح تجاوز طرح أبو مازن الذي عالج المسألة في سياق مختلف ،بأنها خلاف بين أشقاء ، تعالج في إطار إنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني.
كما خرج عن اللازمة التاريخية المعهودة، التي تنادي بكل أشكال المقاومة وفي المقدمة منها الكفاح المسلح ، عندما قال " كل أشكال المقاومة وفي المقدمة منها " المقاومة الشعبية"؟!!.
4- أما زياد نخالة – الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي- فقد قدم نقداً مكثفاً لاتفاقات أوسلو بقوله : "أن منهج أوسلو شكل جسراً للتمدد التطبيعي الذي نشهده منذ فترة" ، مطالباً باستثمار الفرصة المتاحة لوقف الانهيار الذي يتوالى، منذ كامب ديفيد مروراُ بأوسلو ووادي عربة وحتى اتفاق" أبراهام الجديد" ، ناهيك أنه أعاد الاعتبار لمبادرة حركة الجهاد لعام 2016 م التي تنص على إلغاء اتفاقات أوسلو ، وسحب اعتراف المنظمة بالاحتلال، وإعادة ترتيب المنظمة والإعلان عن المرحلة الحالية ، بأنه مرحلة تحرر وطني.
5- أما كلمتي كل من طلال ناجي " نائب الأمين العام للجبهة الشعبية – القيادة العامة" وكلمة أمين عام تنظيم " الصاعقة" فقد شكلت تراجعاً عن مواقفهما الحادة، اتجاه السلطة ونهجها وانشدتا إلى التأكيد على أن الفصيلين لعبا دوراً أساسياً في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
نقاط على حروف اجتماع الأمناء العامين للفصائل
في ضوء استعراض ما هو رئيسي في هذه الكلمات ، يمكن التأكيد أن البيان الختامي الذي سنعرض له، تضمن الرؤية المشتركة لحركتي حماس وفتح ، التي جرى تصميمهما في اللقاءات المشتركة بين الطرفين على نار هادئة ، منذ اللقاء الأول بين صالح العاروري – نائب رئيس حركة حماس- وبين جبريل الرجوب- أمين سر حركة فتح ، في الثاني من شهر تموز (يوليو) الماضي، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى بات واضحاَ من الكلمات والإطراء الجماعي على كلمة الرئيس ، بأن نهج التسوية وقيادته، هي المرجعية السياسية للعمل السياسي الفلسطيني في هذه المرحلة ، وهو ما أكده بوضوح اسماعيل هنية بقوله أن مرجعية اللجان التي ستتشكل هو " الرئيس أبو مازن".
ومن ناحية ثالثة : تحت عنوان بأنه لا مجال للمناكفات وتحميل المسؤوليات ، غاب عن اللقاء إجراء أية مراجعة نقدية لتجربة منظمة التحرير الأوسلوية ، وما جرته على الشعب الفلسطيني من ويلات ، ومن ضمن هذه الويلات أن قطار التطبيع الجاري يستند في مبرراته إلى أن منظمة التحرير، هي أول من أقام علاقات تطبيعية وثيقة مع الكيان الصهيوني ، رغم أن هذه المبررات زائفة وكانت موجودة تحت الطاولة ، وانتظرت الظرف الملائم للإفصاح عنها.
واللافت للنظر أن لقاء الأمناء العامين ، كان لقاءً لإلقاء الخطب والكلمات وليس أكثر ، بينما واقع المرحلة ودقتها وخطورتها ، كان يقتضي أن يسمع الشعب الفلسطيني وعلى الهواء مباشرةً نقاشات تفصيلية حول فحوى البيان الختامي ، لا أن ينتهي الاجتماع بصدور البيان الختامي.
البيان الختامي لمؤتمر الأمناء العامين
قراءة أولية لبيان الختامي ، تقودنا إلى تسجيل ما يلي :
أولاً : البيان أكد على موقف سبق التوافق عليه بشأن رفض صفقة القرن جملةً وفصيلا ورفض قرار الضم ، ورفض نهج التطبيعى المنحرف ، ورفض كل المشاريع الهادفة إلى تصفية القضة الفلسطينية، وتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ورفض لأي مساس ب القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية".
وهذا الإعلان يشكل نقطة إيجابية ، رغم أنه ليس بحاجة إلى مؤتمر وبيان ختامي، لكنه لم يشر من قريب أو من بعيد ، إلى أن التطبيع الفلسطيني الإسرائيلي الذي وصل إلى مرحلة متقدمة، هو من سهل الأمر على القوى الرجعية لأن تتذرع بالتطبيع الفلسطيني ، لتمارس التطبيع في أعلى مستوياته.
ثانياً : أن البيان حصر المقاومة " بالمقاومة الشعبية فقط " ولم يأت على ذكر الكفاح المسلح ما يجعل العدو الصهيوني يسند رأسه على مخدته مستريحاً ، وفي الذاكرة تصريح نتنياهو المتبجح بأنه مضى عام بأكمله لم يقتل فيها إسرائيلي واحد ، ناهيك أنه حصر السلاح فقط بالسلاح الرسمي " أي سلاح الأجهزة الأمنية "!!
وهذا البيان تجاهل حقيقة أن المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها الكفاح المسلح والفعل الانتفاضي الجماهيري ، هو الذي يرفع الكلفة الأمنية والبشرية والاقتصادية للاحتلال ، وهو الذي يفرمل الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، وهو الذي يضع العصي في دواليب التطبيع الرسمي العربي ، وفي الذاكرة كيف أن انتفاضة الأقصى (2000-2005) لعبت دوراً مركزياً في فرملة التطبيع العربي الرسمي بعامة والخليجي بخاصة .
ثالثاً : لا نجادل في أن ما تضمنه البيان بشأن تشكيل لجنة من شخصيات وطنية وازنة مهمتها وضع خطة لإنهاء الانقسام وترتيب البيت الوطني الفلسطيني ، مسألة إيجابية في السياق النظري ، لكن هذه المسألة تفقد قيمتها إذا لم تستند إلى استراتيجية كفاحية تعبئ جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، لمواجهة التحديات التي تضع القضية الفلسطينية برمتها على مقصلة التصفية النهائية .
ولفت انتباهي وانتباه العديد من المراقبين النص بشأن "ضرورة الإسراع في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية ،من أجل تحقيق أهدافنا الاستراتيجية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة "، وهذا النص جعل من هدف إقامة الدولة في الضفة والقطاع، هدفاً استراتيجيا ما يعني تراجعاً وعلى المكشوف عن الأدبيات السابقة " بأنه هدف مرحلي" وما يعني أيضاً تراجع عن الهدف الاستراتيجي ممثلاً بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.
رابعاً : أن البيان لن يشر من قريب أو بعيد ، إلى سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني وحقه في الوجود ولم يشر إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية معه ، ما يعني أن جوهر اتفاقات أوسلو لا يزال قائماً ، ناهيك أنه لم يقترب ولو بالحدود الدنيا من مراجعة نهج أوسلو المدمر ، ولم يتعرض نهائياً لنهج المفاوضات الذي أعلن رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن" تمسكه به ، في الوقت الذي أعلن فيه نتنياهو ومن ورائه ترامب عن رفضه المطلق – نظرياً وميدانياً- لحل الدولتين..
خامساً : لم يتوقف البيان الختامي عند " المبادرة العربية للسلام " في مؤتمر قمة بيروت العربية عام 2002 ، والتي نصت على مبدأ الأرض مقابل السلام " باعتبارها " فخاً " نصب لمنظمة التحرير ، وأنه جرى استثمارها لاحقاً من قبل الرجعيات العربية ،باتجاه التطبيع على أرضية " سلام مقابل سلام" تحت مبررات واهية ومكشوفة.
سادساً : البيان الختامي لم يعكس ما جاء في بعض الكلمات حول ضرورة التحالفات المطلوبة مع أطراف محور المقاومة ، في مواجهة التحالف الرجعي الصهيو أميركي ، ما يعني أن منظمة التحرير لا تزال تعلق آمالاً على النظام العربي الرسمي في جامعة الدول العربية ، التي تخضع منذ عقود لنهج المعاهدات والتطبيع مع العدو الصهيوني ، وباتت منذ زمن غرفة ملحقة بوزارة الخارجية الأمريكية.
وأخيراً فإن البيان الختامي هو برنامج حد أدنى أو أقل من حد أدنى بكثير ، في حين أن التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية ، تستدعي برنامج الحد الأعلى وهذا لم يحصل ومن ثم فإن مؤتمر بيروت ،انتهى عند الرؤية التوافقية المشتركة بين حماس وفتح بمرجعية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وهذا البيان – كما أشار أحد الرفاق والعديد من المراقبين- ، بأنه بيان لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا يحتاج الى اجتماعات أمناء عامين واستعراضات تليفزيونية ، في حين أن المطوب هو صياغة استراتيجية وطنية حقيقية تستجيب عملياً للتحديات التي تعصف بالقضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة