الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورصة كورونا .. غسيل دماغ و مضاربات

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2020 / 9 / 6
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في زمن كورونا الذي نعيشه وسط تفشي فايروسه الخبيث في أرجاء المعمورة ، انحصرت غالبية احصائيات الوفيات و أسبابها بتلك التي يتسبب بها هذا الوباء ، وصارت أرقامها تنشر على مدار الساعة عبر جميع القنوات الاعلامية و الاخبارية العالمية في مناخات تنتشر فيها الاشاعات و الخرافات و التنبؤات النوسترادوموسية و نظريات المؤامرة ناهيك عن الاخبار الملفقة و عدم الدقة في طرح الحقائق في حالة تصلح ان تكون موادا لا بأس بها لحبكات روائية و قصص الخيال العلمي و سيناريوهات افلام الكوارث و الأبطال الخارقون الذين ينقذون البشرية فجأة في آخر لحظة من لحظات اليأس و الإستسلام للقدر المحتوم .. ! وهناك من يرونها علامة من علامات الساعة و مناسبة لدعوة الجميع الضال للإيمان و السبيل القويم ، و اخرون يلقون بالمسؤلية على سنة 2020 و شؤمها على البشرية ..
و الواقع شيء آخر .. فمنذ نشوء المجتمعات البشرية و نموها ، ما من عام مّر و اخريات ستمر و كنتيجة من احكام و سنن الحياة و تفاعل البشر مع بعضهم البعض و مع تقلبات البيئة و المناخ ؛ إلا وأن انتشر أو ينتشر فيه وباء من الأوبئة منها القوية الواسعة الأنتشار و منها الضعيفة المحدودة التأثير ، تساعدها في ذلك عوامل و عناصر الطبيعة و حركة و تنقل الافراد من موقع الى آخر و من بلد لبلد و كثافة تجمعاتهم الحضرية .
و هي دائما ( الأوبئة الفايروسية و البكتيرية ) تتسبب في سقوط ضحايا بدرجات متفاوته ، و حتى لو كان الفايروس هذا ضعيفا كفايروس الأنفلونزا العادية مثلا ، فالأمر يعتمد على مناعة و مقاومة وعمر المصاب و الآمراض الأخرى التي يعاني منها .. و لا ننسى هنا كحقيقة علمية و بيئية راسخة (و دفاعا عن حق الفايروسات ايضا في الحياة ) ان كوكب الأرض لو خلت من الفايروسات و البكتريا و السبورات ، لأنعدمت فيها اغلب اشكال الحياة و منها الحياة البشرية ..! فالفايروسات اذن منها القاتلة السلبية و هي تمثل الاقلية القليلة جدا بين سلالاتها ، و منها الإيجابية المعينة و المساعدة على استمرارية كل اشكال الحياة على وجه البسيطة .
وما يهم قوله هنا ، انه ( في زمن جائحة كورونا ) ليس كل من يغادر هذه الدنيا يرحل عنها بسبب ( كوفيد19) فعدد المتوفين حتى الآن بسبب الاصابة بهذا الفايروس خلال الفترة المنصرمة من عامنا هذا (2020) أقل بكثير من المتوفين يأسباب مرضية اخرى أو بسبب الحوادث أو المخدرات و ما هو غير معلن من أعداد ضحايا المجاعات و الصراعات المسلحة و النشاطات الارهابية هنا و هناك ...
لا أقول ان الوباء ليس خطيرا و قاتلا ، و لا ان لا يحتاط كل امريء منه ، لكن الامر يشوبه الكثير من التهويل و التضخيم الدعائي المقصود و المدروس في كثير من جوانبه ، و إن نسبة الحقائق في الكم الهائل من المعلومات الاخبارية المتداولة بخصوصه قد لا يتعدى نسبة الـ(10%)من مجمل ما ينشر حوله ، و يكاد الامر الآن ينقلب اعلاميا الى حملة ( تخويف و ترغيب ) للناس في اطار حملة اعلامية تجارية عالمية للترويج لبضاعة مرتقبة تسمى بالـ (لقاحات) .. بل وانّ الوباء تحول ايضا الى ورقة تستخدم في المنافسات السياسية الدولية كأداة من ادوات الصراعات الساخنة حاليا على كوكبنا ، وتستخدم ايضا في الحملات الانتخابية الدائرة هنا و هناك ، بل و صارت ستارا و دخان تعتيم للتغطية على الكثير من التجاوزات و الانتهاكات للقانون الدولي في العديد من بؤر التوتر و النزاعات في العالم و منها على سبيل المثال شرق المتوسط و مناطق الاضطراب في افريقيا ، ناهيك عن استخدامها ( الوباء ) كسلاح فاعل في الحرب الاقتصادية الدائرة رحاها في عالم اليوم .. و أيضا الالتجاء اليها كحجة لقمع الاحتجاجات من قبل انظمة الفساد والاستبداد للهيمنة على مجتمعاتها والاحتفاظ بنفوذها .. و هكذا فالوضع ضمن الصورة البائسة التي اشرنا اليها اعلاه ، يذكّرنا بالظاهرة التي كنا نطلق عليها سابقا مقولة ( العودة الى شريعة الغاب ..) بعد ان صار كل من يملك شيئا من القوة و امكانيات النفوذ يحاول ان يفرض سلطانه و ارادته على الأضعف منه .
السوق الرأسمالية الاحتكارية ، لا يعيبها و لا يردعها رادع من ان يأتيها الربح من أي مصدر و استثمار كان ، فجني المال و اكتناز الثروة هو هدفها الأسمى و كل الوسائل عندها مباحة لتحقيق ذلك طالما كانت تملك القدرة على ذلك و تملك السبل للاحتيال و القفز على القوانين و كل رادع اخلاقي يعترض طريقها .. و هذه السوق بسبب سيطرتها و تأثير نفوذها على وسائل الاعلام ( فضائيات و اذاعات ، سينما و صحف و مطبوعات ..) تملك امكانيات هائلة لتسخيرها للتأثير على العقول نحو اتجاه المزيد ثم المزيد من الأرباح و لا يهمها ابدا ان تلحق اضرار الكساد و الافلاس بالاخرين من منافسيها فالأمر هذا ايضا يدخل ضمن ارباحها الصافية .
ان اغلب ما ينشر و يطرح هذه الايام من اخبار و معلومات حول الوباء ، يدخل في باب غسيل دماغ للمجتمع البشري ككل بغية تهيئتهم لتقبل أي دواء أو لقاح يطرح في السوق و بأي سعر وبأي وسيلة كانت , بدليل انه لايوجد الان انسان على كوكب الارض لا يترقب بلهفة و قلق انتاج العلاج و الحصول عليه .. و بالطبع فإن الرابح الاكبر في مضاربات بورصة ( كوفيد 19) ستكون شركات الدواء ( التي تم تحديدها ) مسبقا و اصحاب رساميلها و اسهمها و معهم بالطبع انظمة الحكم الفاسدة و ( ضباع) عصابات الجريمة المنظمة من مهربين ومزورين و تجار السوق السوداء و كل المؤسسات المتطفلة التي تعتاش على ازمات المجتمعات البشرية تحت براقع تقديم خدمات الاغاثة الانسانية ..
نعيش عالما فاسدا .. أليس الامر هكذا ؟
عالم ربما يحتاج الى قرن من الزمان لإصلاح ما دب فيه من عطب اخلاقي و انساني .. أو ربما سيمضي ( قدما ) نحو الاسوأ بسبب جشع و هيمنة الكبار المفسدين على الأرض ..
(9سبتمبر – أيلول 2020)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على