الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميتافيزيقا - ماوراء الطبيعة

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2020 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشأ مصطلح الميتافيزيقا (ماوراء الطبيعة) Metaphysics بداية كتسمية لكتاب أرسطو صدر بعد كتابه "الطبيعة". ثم صار مع الوقت يشير إلى عالم آخر روحاني خلف عالمنا الطبيعي.
الحقيقة أننا نعيش في عالمنا الطبيعي هذا، وأي حديث عن عالم آخر خلفه أو بعده هو محض ادعاء.
الحقيقة أيضاً أن ما نروجه من منظومات تخيلية لما وراء الطبيعة، ليست بالفعل وراء الطبيعة أو مختلفة عنها. فإذا نزعنا من هذه المنظومات الشق الأخلاقي، والذي هو منتج إنساني اجتماعي بحت، حتمته ضرورة تنظيم حياتنا المشتركة، فإننا نجد ما سواه من تخيلات ندعي أنها لعالم روحاني مفارق لعالمنا الطبيعي، ليست أكثر من تخيلات مشوهة للعالم الطبيعي.
فتصورنا مثلاً للملائكة هو تصور لبشر بأجنحة طيور. ونتصور الآلهة شكلاً وموضوعاً على هيئة ملوك وسلاطين يجلسون على عروشهم ويتحكمون في مصائرنا. ثواب وعقاب الآلهة للبشر في العالم الآخر، هو ذات ما نرجوه من عدالة نفتقدها في الأرض.
العالم الآخر المزعوم إذن ليس عالماً مفارقاً أو وراء عالمنا الطبيعي، لكي ننساق وراء نفاق الفيلسوف الفرنسي إيمانويل كانط، ونقول معه أن عقولنا غير قادرة ولا صالحة لمقاربته. هو بكامله عالم طبيعي مشوه الشكل والعلاقات بين الأشياء.
لقد أراد كانط رفع سيف التكفير أو الهرطقة عن رقاب العلم والعلماء. وأن يحفظ في نفس الوقت للكهنة بضاعتهم. ويحافظ هكذا على حياته ومنصبه. فكان كتابه "نقد العقل الخالص"، الذي زعم فيه أو أقر ولو ضمنياً، بوجود عالم آخر "وراء الطبيعة"، وأن العقل هكذا غير قادر على إدراكه أو محاكمته.
التسمية الصحيحة للعالم الآخر المزعوم ليست "ماوراء الطبيعة"، ولكنها "ضد الطبيعة". وليست الميتافيزيقا منتجاً يفوق العقل، بل هي منتج عقلي مشوه. قد تم تشويهه عمداً، ليحيا فيه من يعجزون ويفشلون في مواجهة العالم الوحيد الذي نعرفه، وهو العالم الطبيعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah