الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج من جهنم

حواس محمود

2020 / 9 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يعد كتاب " الخروج من جهنم " لمؤلفه سعد محيو قراءة متميزة لاشتماله على جل جوانب الكارثة البيئية الراهنة في العالم ، من طبيعة العلاقات الدولية وحروب الطاقة ، والتقديس الأعمى للتكنولوجيا ( على حساب البيئة ) إلى تأييد - ما يسميه المؤلف - : " الوعي الميكا فيللي " المدمر ، إضافة بالطبع إلى وقائع ومعطيات تغير المناخ ، وانفلات معظم توازنات بيئة الأرض من عقالها ، كما أن المؤلف يدق ناقوس الخطر بالاشارة الى ان وعينا الاناني الراهن ، الذي لا يزال ملتصقا بصراع بقاء العصور الحجرية ، لم يعد يهدد بتدمير جنسنا وحده ، بل بدأ يجر المياه برمتها الى الهاوية .
يشير المؤلف الى ان الاحاديث عن " تغير المناخ " واحترار الكوكب ، والتلوث الشامل للبحار والمحيطات والأنهار والأجواء والتربة ، على كل شفة ولسان منذ نيف وثلاثة عقود وهي تطورات باتت تهدد ليس بقاء الجنس البشري وحسب ، بل ايضا مصير الحياة برمتها على هذا الكوكب
ويقول المؤلف انه على الرغم من مؤتمرات قمم الارض والمناخ التي عقدت على مدار العقدين الماضيين ، الا ان العلاقات الدولية بقيت في واد ومستقبل امنا الارض في واد آخر ، فالنظام العالمي واصل الاعتماد على مفاهيم القوة وموازينها ، والحروب الباهظة البشرية والايكولوجية والتنافس الضاري على ما تبقى من موارد الكوكب المحدودة ، وهذا ما جعل كل المؤتمرات و" صحوات الضمير " التي انتابت الرئيس الامريكي اوباما والبابا فرنسيس وبعض القادة الاوروبيين والآسيويين في العام 2015 مجرد " خرابيش " رسمت على عجل فوق رمال متحركة .
كما ان حرفا - بحسب المؤلف - لم يتغير في العلاقات الدولية في مجال وقف الصراعات والتنافسات الميكيا فيلية القاتلة على موارد " امنا الأرص " ناهيك بمعالجة صحتها البيئية العليلة ، كذلك لم يتغير شيئ في العوامل التي تؤدي دورا رئيسيا في اعتلال هذه الصحة : النفط والغاز ، لا بل ازدادت المخاطر مع بدء انتاج النفط والغاز الصخريين .
ويرى المؤلف أن كل الوعود الوردية لأقطاب النيوليبرالية لانقاذ البيئة والمناخ والطبيعة ، في العقدين الاولين من القرن الحادي والعشرين قد ذهبت ادراج الرياح ، العكس كان صحيحا حين استخدمت التكنولوجيا لانتاج المزيد من الطاقة الملوثة ، بيد ان مثل هذه الوعود استمرت ، لكن هذه المرة ليس في ما يتعلق بتحسين طبيعة كوكب الارض وحسب ، بل ايضا في مجال تغير طبيعة الانسان نفسه لجعله " اكثر سعادة وذكاء وصحة بما لايقاس " كما يقال، كيف؟ عبر عقد زفاف البيولوجيا على التكنولوجيا ، وشرائح السليكون على الخلايا الحية ، وإعادة على الروح لتصبح هذه الاخيرة " روحا تكنولوجية " وبالنسبة لتأثيرات التكنولوجيا في المسألة الوجودية البشرية ، ثمة سؤال هنا لا يقل اثارة للقلق عن الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي اذن ما هو الميزان ؟ ليس شيئا آخر سوى احتمال تغير طبيعة البشرية نفسها عن طريقي الهندسة الجينية وتقنيات الكومبيوتر ، إنه كابوس فرانكشتاين وقد بدأ يقترب من التحقق على أرض الواقع .
وقد يعتقد البعض ان هذا الخطر افتراضي او هو في اسوأ الأحوال ، في رحم مستقبل بعيد ، لكن الامر ليس كذلك ، فثمة العديد من الأصوات التي بدأت تلعلع في الولايات المتحدة الامريكية وغيرها ، مطالبة بالتدخل المباشر ل " تسريع " تطور الانسان الى" ما بعد الانسان " او حتى الى مخلوق جديد لا علاقة له البتة بالبشر ، هذه الاصوات تنتظم الآن في حركة اسمها " ترانس هيومان " ( transhuman ) اي " العابر للانسان " أو " ما بعد الانسان " وهي تستقطب مروحة من العلماء في شتى المجالات وشخصيات بارزة سياسية واقتصادية وقطاعات الشباب المتحمسين ل " تغيير الوعي البشري " وقد وضعت الحركة برامج مرحلية تنفيذية لتحقيق اهدافها ، مركزة تركيزا شديدا على العقل والتخطيط العلمي والخطوات البراغماتية المدروسة .
هامش
الكتاب : الخروج من جهنم - انتفاضة وعي بيئي كوني جديد أو الانقراض
المؤلف : سعد محيو
الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت لبنان 2016
الصفحات : 256 ق كبير
المؤلف في سطور : كاتب وصحافي لبناني من مؤلفاته : " مأزق الحداثة العربية : من احتلال مصر الى احتلال العراق " ، " العرب والعولمة " ، " السياسة الامريكية بين الثابت والمتحول " ، وغيرها من المؤلفات ..
...........................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية