الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: تحالف الخوف

فريد العليبي

2020 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أعلن في تونس عن تحالف بين ائتلاف الكرامة و حزب قلب تونس، و لم يكن ذلك مفاجئا فمنذ مدة والأخبار تتري عن علاقة وثيقة بين رئيسيهما، وقد التقطت العدسات أكثر من مرة مشاهد تشير الى علاقة سرية بينهما، فضلا عن تبادل الخدمات، مثل طلب الإسلاميين من رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ توسيع حكومته لتشمل قلب تونس ورفض نواب هذا الحزب في البرلمان سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي . ومن هنا فإن ذلك التحالف غير منفصل عن أضواء خضراء أرسلها رئيس حركة النهضة المفتون دوما بصيد الحلفاء، وهو الذي ينظر اليه على نطاق واسع باعتباره يوظف ائتلاف الكرامة واقيا من الصدمات لفائدة حركته .
كما أنه ليس غريبا أيضا فجوهره ليس الأيديولوجيا وانما السياسة فنحن أمام مجموعتين سياسيتين الرابط بينهما الانتماء الى اليمين بمعناه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، رغم أنهما تنتميان ايديولوجيا الى الليبرالية المشوهة لاحداهما والإسلاموية السلفية التكفيرية للثانية .
وهناك خطران يمكن أن يترتبا عن ذلك التحالف، يخص الأول الدولة من حيث شكلها الحداثي الهجين، فقد تجد نفسها وهى تعود القهقرى على مستوى مؤسساتها وقوانينها الى الماضي التليد لتشرب من مياهه الراكدة، منفصلة عن المستقبل، خاصة اذا علمنا أن حزب قلب تونس لا تهمه كثيرا الأيديولوجيا الليبرالية بقدر ما يهمه الربح وحماية مصالحه الاقتصادية والتحصن من المعاقبة، فرئيسه تتعلق به ملفات قضائية ثقيلة في صلة بتهم فساد وتبييض أموال . بينما يهتم ائتلاف الكرامة فضلا عن تحقيق مثل تلك المصالح بتغيير شكل الدولة لتكون ذات طبيعة ثيوقراطية، فهو غارق في ايديولوجيا خلاصية دينية متزمتة ومتعصبة، أما الخطر الثاني فهو يخص الشعب الذي سيعاني أكثر في ظل برامج اقتصادية اجتماعية لا تهتم بالعدالة الاجتماعية، في بلد يغرق أكثر فأكثر في الفقر والبطالة والهجرة السرية الخ …
والذي يفسر هذا التحالف هو رئيسيا الخوف من النقيض السياسي والاجتماعي ممثلا في رئاسة الجمهورية والاتحاد العام التونسي للشغل، ولكن أيضا الطمع بما يعنيه ذلك من اغتنام الفرصة التي توفرها العهدة النيابية الحالية للتمكين لمصالحهما الاقتصادية والاجتماعية وتحصيل أكثر ما يمكن من المنافع والغنائم .واذا نجح هذا التحالف فإنه سيجلب الى صفه المزيد من القوى اليمينية المتعطشة بدورها الى تلك المنافع .
اما عن توقيت الإعلان عنه في هذا الوقت بالذات فهو متصل بحدة الأزمة السياسية فقد شعرت تلك القوى أنها قاب قوسين أو أدنى من خسارة البرلمان فاتحاد الشغل يطلق تهديداته ضده علنا تحت شعار “قادمون الى باردو” ورئيس الجمهورية يتحين الفرصة الدستورية للخلاص منه، وقد خطا خطوة بعزل تلك الأحزاب وغيرها وابعادها عن الحكومة، فكان ذلك بمثابة خطر داهم يتوجب التعامل معه بسرعة وهو ما كان.
والمهمة العاجلة التي يضعها التحالف الجديد هي تركيز المحكمة الدستورية وتغيير القانون الانتخابي، متباهيا بأنه يضم 120 نائبا، بما يمكنه من ذلك، أما اذا اتسع لاحقا وأصبح يشمل ثلثي النواب فسيكون من السهل عليه سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وربما احالته على القضاء والزج به في السجن بتهمة تجاوز صلاحياته الدستورية، وقد تكون تلك هي المفاجآت التي يعد ذلك التحالف التونسيين بها، ولكن حساباته يشوبها الارتباك فهو تحالف هش، إذ يكفي أن تأتي اعتراضات خارجية من القوى المتحكمة بمكوناته لكي يموت، كما أن الوضع الاجتماعي المتفجر قد يزهق روحه ومعه البرلمان برمته، وهو اذا عمر لبعض الوقت فإنه لن يدوم أكثر مما دام تحالف الباجي قائد السبسي مع راشد الغنوشي، فالمعارك على الغنائم ستقضي عليه، لذلك سيحاول اليمين الديني اختصار الزمن لتحقيق أكبر الفوائد منه في أقل وقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر