الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربع الأخير .... تخاريف (4) كوفيد - 19

نضال عرار

2020 / 9 / 12
سيرة ذاتية


مساء اليوم السادس من العزلة .....
صبيحة السابع عشر من كانون الثاني لعام 1991 ، صحوت باكرا جراء ألم شديد في لثتي كان التهاب قد ألم بها ، نهضت على عجل ابحث عن مسكن للألم ، كان صوت الرئيس العراقي صدام حسين يصدح في خطاب ناري يتوعد به أنظمة التحالف وبعض الزعماء العرب .... إقتربت من مصدر الصوت ، كان منبعثا من مذياع بجانب سرير أمي وهي متكئة على الوسادة تستمع وقد إنهمرت الدموع من عيناها وتتمتم بالدعاء ( آمين ) كلما توعد صدام بهزيمة الغادرون .... إتكئت بصمت على حافة الباب نسيت ألمي ، وأصغيت إلى وعد الرجل بتحرير فلسطين وأهلها الطيبون المجاهدون كما أذكر وأضاف منهيآ ، ( يا نار كوني بردآ وسلاما على العراقيين الصابرين .... الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر وَيَا محلا النصر بعون الله وليخسئ الخاسئون ) .
شعرت بقهر شديد وإنشلت قدرتي عن الحركة كان حدسي يقول أن العد التنازلي قد بدء لقهر العراق ودمار بغداد . كنت مقهورآ على بغداد الرشيد وعلى دموع أمي أكثر .
هذا المساء حار مشبع بالرطوبة ، لا يساعد المرء على شيئ يقوم به سوى حركة لا إرادية لشرب الماء والمزيد من الماء .
مساء اليوم السابع للعزلة ....
بكى الإسكندر المقدوني كثيرآ بعد أن تربع على عرش بابل وشكى من غياب شاعر كبير يخلده كما فعل هوميروس لأخيل في ( الإلياذة ) حرب طروادة التي دامت عشر سنين .
ما أن بدئت حرب الخليج ( عاصفة الصحراء ) حتى بدت شوارع دمشق خاوية من حركتها الإعتيادية وأجزم أنه في ساعات الليل المتأخرة لن تلحظ في شوارعها سوى دوريات أجهزة الأمن ، والكلاب الضالة ، كانت مشاركة نظام الأسد إلى جانب قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تتناقض والمشاعر الشعبية المؤيدة للعراق وصدام حسين .... ولأنني أحب السهر بقيت أمارس النمط الذي أحب مع القليل من المنغصات التي لا تذكر .
هربت هيلين ملكة إسبارطة وزوجة مينلاوس مع باديس إبن ملك طروادة بريام فثارت ثائرة الإغريق ولإعادة هيلين إلى زوجها قاد أغاممنون جيشآ ضخما من الإغريق ضم نخبة من سادتهم وعلى رأسهم أخيل البطل الشجاع إبن الآلهة زيوس والحكيم أوديس .

كان شارع النصر في دمشق هو نقطة البداية لي وبالتحديد عند محطة الحجاز ، من هناك كنت أعرج أيما شئت ... عادة ما كنت أتجه نحو قصر العدل وألج في سوق الحمدية الشهير هكذا حتى أصل لأعمدة الآلهة جوبيتر أو ما يسمى المسكية حيث تنتشر فيها بسطات الكتب والعطور معا .
ومن يعرف دمشق ، يعلم أنني قبالة الجامع الأموي .
في سوق المسكية عثرت على ضالتي ( مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب ) لاقا هذا الكتاب رواجآ حتى أنه فقد من المكتبات حينها أمسكت نسختي بفرح شديد وتابعت طريقي إلى مقهى النوفرة أقلب صفحات الكتاب .
كان بيير روسي وهو مؤلف الكتاب دبلوماسيا فرنسيآ وباحثا وكاتب وقد إنحاز للحضارة العربية القديمة معتبرا الحضارة اليونانية القديمة ما هي إلا شرفة صغيرة في بناء الحضارة العربية الكبير ، وقدم من خلاله رؤية سردية جديدة لحروب الإسكندر الكبير
كان المرحوم الأستاذ والأديب فريد جحا قد ترجمه إلى العربية ... وأعترف أن روسي قد أثر في وزاد من شغفي لقراءة الحضارات قبل الميلاد وربما ليس من الصدفة أن إبنتي الأولى أسمها " إيزيس " .
حاصر الإغريق مدينة طروادة وإلتحمت الجيوش هناك في أكثر من معركة وكان نزالآ بين أخيل وهكتور إبن الملك بريام وكانت الغلبة لأخيل .
دمرت طائرات التحالف الجيش العراقي في الكويت وتوغلت قواته البرية في الأراضي العراقية ، وإستمر قصف بغداد طوال الحرب وبين الحين والآخر كانت تلقى على مسامعنا بيانات القيادة العراقية .
أما العلامة الغارقة للحرب فتمثلت بقصف العراق لتل أبيب بصواريخ سكود روسية الصنع .
صباح اليوم الثامن من العزلة .....
أظهرت نتائج الفحص التي أجريتها بالأمس أنني غير مصاب بكوفيد -19 إذآ إنتهى الحجر الصحي وأضحت عزلتي شيئ من الماضي .
ولأن 2020 سنة الكوارث بإمتياز فقد الإكتظت الاخبار بها ... تجدد الحرائق في مرفأ بيروت وإنفجار يهز الزرقاء في الأردن مع إندلاع الحرائق هناك ووفاة النجمة البريطانية ديانا ريغ بطلة ( صراع العروش ) .
لم يكن أخيل يرغب في القتال ولم يرد الإبحار لحرب طروادة ، أقنعه الحكيم أوديس بذلك ، كانت نبؤة العرافين تقول إن النصر سيكون حليف أخيل ... ولكي يصبح أخيل أحد الخالدين غمرته أمه بنهر ستيكس ممسكة بكعب قدمه من عقبها وهي المنطقة التي لم تغمرها المياه وباتت موضع مقتله الوحيد ، وكانت مقولة ( عقب أخيل ) بمعنى نقطة الضعف والمقتل .
جاءت قوات التحالف لتحرير الكويت وحصار العراق بمقدراته وهو ما كان . أما بيير روسي فقد رأى أن الإسكندر المقدوني ما هو إلا ضابط آرامي جاء بناء على دعوة من مملكة بابل للوقوف بوجة التهديدات الخارجية .
سقطت طروادة وقبل دمارها أطلق الأمير باديس سهما أصاب أخيل في عقب قدمه .... فمات أخيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار