الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوسيولوجيا المجتمع الجنوبي في العراق

احمد طاهر كاظم
باحث واكاديمي

(Ahmed Tahir Kadhim)

2020 / 9 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في عام 1998 وفي طريقي من الناصرية الى العاصمة العراقية بغداد وعند مرورنا بمدينة الكوت, لفت انتباهي وبشكل غريب جدا, احد البيوت الطينية ولازالت صورته في ذاكرتي كان بيت متكامل لكن العجيب في الموضوع عندما رأيته, اجهشتٌ في البكاء على ساكني هذا المنزل كنت افكر كيف يكون حال هؤلاء الناس وهم يعيشون داخل منزل طيني (علماً بيتي ايضاً من الطين )واستمر هذا الحال (15 دقيقة) بعدها فكرت ملياً متسائلاً,(الم يكن بيتنا طينياً ايضاً؟) اذن (لماذا ابكي ؟) ولا جــــواب.
يذكر علماء الاحياء ان دماغ الانسان يتكون من مجموعة فصوص او اجزاء متفاوته في الحجم وتتنوع وظائفها, اما السبب الرئيسي وراء استحواذ فص دون اخر على مساحة اكبر هو العمل فكلما كان الفص منتجاً لنوعية من الافكار واكثر حيوية فأنه يزداد حجماً على حساب فص اخر له وظيفة اخرى لكنه اقل حيوية ونشاطاً.
على ضوء ما سبق ان انسان مجتمع جنوب العراق يمتاز بحيوية فصوص لها علاقة بالعاطفة دون سواها, وهذه العاطفة غالبا ما تثير لدى الفرد مشاعر الحزن والأسى, لأسباب كثيرة لعل أبرزها, مجالس العزاء التي يقيمها المجتمع بأستمرار على امامهم المظلوم (الحسين ع) والتي تثير عواطفهم وشجونهم وهذه الاستمرارية ستجعل من الجانب العاطفي والوجداني اكثر حيوية عند هؤلاء القوم من غيرهم.
لذا على مستوى العلاقات الاجتماعية في هذه المجتمعات قد تكون اكثر عاطفية واقل عقلانية , لذا غالبا ما تكون المشاكل الاجتماعية أكثر تفشياً, لأن إنسان تلك البيئة يتأثر بمؤثرات عاطفية الى درجة كبيرة ويكون رد فعله على أساس عاطفي لا عقلاني, وغالبا ما تكون ردود الأفعال العاطفية أكثر خطورة وألما من ردود الأفعال العقلانية, و99% من الردود العاطفية تنتهي بالندم والحسرة,لعل علماء النفس اكثر دقة في صياغة هذه الفكرة,لكنني احاول ان اسحب الموضوع الى ميدان علم الاجتماع, وتكمن خطورة هذا المجتمع في الاستجابة السريعة للأشاعات بغض النظر عن مصدرها فهي تحمل جانب عاطفي يثير المتلقي الذي تكون لديه العاطفة طاغية على الجانب العقلاني, طبعا ليس جميع افراد المجتمع هم عاطفيون, هناك قسم من المجتمع يتمتع بعقلانية السلوك والتدبر وهم اصحاب العلم والاعمال العقلية.
واذا ما اردنا تنشيط العلاقات الاجتماعية لمستوى يتناسب مع انسانية الانسان علينا ان نعمل على بناء عقلي تفكيري موازً او يطغى على الجانب العاطفي من خلال التعليم بمستوياته المختلفة, ومن خلال توازن الطرح الخطابي لأصحاب المنابر كــ طرح مسائل فلسفية فكرية تكون بارزة على مستوى المحاضرات الدينية والتقليل من اثارة العاطفة لدى الناس او جعلها تتناسب طرديا مع الجانب العقلاني قدر المستطاع, من الجدير بالذكر ان ضمور الفص العاطفي واستفحال العصبية الصحراوية القاسية يشكل خطورة كبيرة على المجتمع بلا شك لأن في هذه الحالة تنعدم العلاقات الاجتماعية وتتحجر, ما اريد قوله هو النسبة والتناسب في المعلومات التي يتلقاها الانسان في أي مجتمع ليكون معتدلاً عادلاً حكيماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر