الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الربوتات الإنسانية

طارق الهوا

2020 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الصراع غير المسبوق في انتخابات الرئاسة الاميركية القريبة، الذي وصل إلى حدود تأييد الفوضى في شوارع بعض عواصم الولايات، وتبرير التدمير الممنهج والاعتداء على البنايات الفيدرالية طلباً للعدالة (؟!)، والمطالبة بإلغاء جهاز الشرطة حتى بواسطة بعض أعضاء الكونغرس، يبدو ظاهرياً أنه بين رئيس جُيشت كل وسائل الإعلام الاميركية والعالمية لتفشيله وتحطيم صورته، ومرشح تؤكد سلوكياته وعدة مصادر أنه يعيش بداية مرض الزهامير ويمثل تدهور حزبه فكرياً، لكنه يناسب التصريح الغريب الذي صدر في ميشيغان في العاشر من أيلول الجاري "إذا أردتم أن يحكم باراك حسين أوباما مرة ثانية انتخبوا بادين". هكذا قال حرفياً حسين أوباما. فما هو الجانب غير المرئي في هذا الصراع الانتخابي العنيف لفظاً وأفعالا؟
تؤكد كل مظاهر بؤر الصراع في العالم أن هناك حرب عالمية يتجنب الجميع حدوثها، لأن الخراب الذي سيأتي بعدها أعظم بكثير من فوائدها الاقتصادية وتشكيل العالم وفق خريطة جديدة، وأعتقد أن أردوغان قد يكون فتيل اشتعال هذه الحرب العالمية التي ستكون بالوكالة، وليس بين أطراف النزاع الأساسيين لتجنب وقوع كوارث نووية، لأن نقض المعاهدات، وافتعال المشاكل مع الجيران، ومحاولة إحياء إمبراطورية ماتت، والتبجح بحقوق تركيا في الموصل وليبيا وسوريا لأنهل كانت من أوقاف السلطان العثمنلي، ولغة البلطجة السياسية والدينية لقارة أوروبا، كلها مظاهر أردوغانية تشبه ما فعله أدولف هتلر تماماً، وتغاضت عنه بريطانيا أكبر إمبراطورية آنذاك، لأن هدفها كان هزيمة الاتحاد السوفياتي بواسطة هتلر، لكن رياح الحرب أتت بما لا تشتهيه نوايا لندن، فجلس يوسف ستالين مع الحلفاء في يالطا رغما عنهم، وخسر تشرشل انتخابات ما بعد الحرب مباشرة رغم ربحها، لكنهم سرعان ما اعتبروا ستالين عدوا بعد نهاية الحرب العالمية.
صورة الصراع العالمي لتشكيل العالم تغيرت الآن، فأمراء المال في "مؤتمر دافوس" يريدون إعادة تشكيل reset العالم اقتصاديا وثقافيا على قياس مصالحهم المالية، التي تتوافق حتى مع اقتصاد البابا فرنسيس The economy of Francesco ، ويحاول كل الرؤساء المؤثرين في العالم ركوب هذا القطار المستقبلي الذي سيقوم على تقليص عدد سكان العالم (قد يكون كوفيد 19 مجرد تجربة ستعقبها تجارب أخرى) و تقليص استخدام الصناعة في الاقتصاد وتحديدها في بعض الدول فقط، وتدمير الدول القومية، وتشكيل حكومة عالمية تحكمها المصارف وسوق المال.
يبدو أن الجميع متفقون على إعادة هيكلة العالم مرة ثانية، ما عدا سيد الكرملين بموقفه المبهم بسبب دروس تقويض دولته التي تعلمها من التاريخ، والرئيس ترامب صاحب الموقف الواضح، لأن أميركا ستفقد دورها وكيانها في هذه الخلطة العجيبة، التي هدفها حياة ونجاح الشركات، وتدمير الدول والثقافات وخلق عصر الربوتات الإنسانية، التي تراقبها وتحكمها وتوجهها التقنية الصينية العالية.
لكن ما هو الدور الذي سيلعبه المتشددون المسلمون الذين يسيّرون أكثر من مليار مسلم في إعادة هيكلة العالم؟
رغم عدم وجود أمير مسلم متمول قوي، بشكل علني على الأقل، بين أمراء مال "مؤتمر دافوس"، إلا أن دور التشدد الإسلامي مهم جدا في تدمير الدول القومية، وهو الامر الوحيد الذي يفسر عدم تصدي الدول الأوروبية بحزم لهم.
دور أمراء التشدد الإسلامي الفعلي، وليس ما يدور في رؤوسهم، هو كونهم مجرد موظفين يمهدون أكثر من مليار نسمة معظمهم أميين ثقافيين لخريطة طريق جديدة، فلديهم القوة العقائدية الأخطر والأكثر فعالية لتدمير القوميات والدول، وحسين أوباما أُختير منذ أكثر من عقدين للعب هذا الدور في أميركا والشرق الاوسط (الربيع العربي بأدوات السوشيال ميديا وليس الثورات العسكرية)، وكل ما فعله وهو رئيس لزرع بذور تدمير القومية الاميركية متعددة الثقافات، باستعادة أحقاد وبدايات تاريخ الأقليات المهاجرة إلى أميركا، التي كان لابد لها أن تعمل في الاشغال المتواضعة لأنها لا تملك اللغة ولا المهارات ولا المال لتكون مؤثرة منذ قرنين.
كل هذه الامور بدأت تنطمر مع تطور المجتمع الاميركي وظهور الحقوق المدنية وبدء حصول أحفاد هذه الأقليات على مناصب قيادية وامتلاكهم أسهما في الصناعات كافة ومناصب في الوزارات والجيش، لدرجة وصول مسلم من أصول كينية حكم أميركا لمدة ثمانية سنوات، لكن باراك حسين اوباما ومن يقف خلفه من قوة عالمية وداخلية أميركية، يستغلون الماضي لسحب الثقة من ترامب الذي يقف بدون أي مواربة ضد عصر الربوتات الإنسانية وتدمير الدول القومية.
صراع الانتخابات الاميركية يعكس بشكل ما صراعاً عالمياً على تغيير وجه مجتمعات العالم. والرئيس ترامب فعل ثلاثة أشياء خطرة جدا ضد هذا التوجه: رفضه الفكرة علانية في دافوس وتمسكه بأميركا كقوة رأسمالية ذات كيان منفرد لا يذوب، ومحاربة التشدد الاسلامي فعليا وليس من على المنابر، وتمسكه بالاقتصاد الصناعي على حساب اقتصاد أسواق المال والشركات الافتراضية كقوة لأميركا.
من المرجح بشكل كبير جداً أن يخسر حسين/جو الانتخابات في تشرين الثاني القادم، فترامب ومن يقف ورائه لا يُستهان بهم، وقد توسعت قاعدته الشعبية بواسطة جهازّي الشرطة والقضاء الذين يعتبروه "مرشح النظام والقانون"، والتدمير الممنهج الذي يحدث في بعض الولايات الاميركية سينعكس سلباً على مسيرة حسين/جو، علاوة على تفاهة اللاعبين الأساسيين في الحزب الديمقراطي وعدم وجود كاريزما، ولا أحد يعرف ما المفاجأة التي سيطلقها ترامب والذين يقفون معه داخلياً وعالمياً قبل الانتخابات.
الاسئلة عن سبب اهتمام دول العالم بنتائج الانتخابات الاميركية، ودعم حسين/جو علانية، وعمل بعض الجهات والرؤساء ومعظم وسائل الاعلام على تشويه سمعة ترامب واتهامه بالعنصرية تثبت بما لا شك فيه أن الانتخابات الاميركية لم تعد شأناً داخليا هذه المرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير