الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص المُقرْأن ٣

محمد ليلو كريم

2020 / 9 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نحتاج ، وكما استشعر ، الى التطرق الى عدة ملاحظات تتعلق بالقرآن لتبيان علاقة علماء الدين بالقرآن ومدى معرفتهم به ، فالقرآن وكما هو معروف للمتخصص وغير المتخصص نصٌ مكون من عدد من السور وكل سورة تتكون من عدد من الآيات مع تفاوت في عددها بين سورة وأخرى ، وهذا من المعلوم عند اغلبية المسلمين خواصهم وعوامهم ، فإذا تطلّب الأمر الغوص في النص القرآني صار ولابد من توفر الإحاطة أو شيء من الإحاطة به وإلا فعدم توفر الإحاطة وتعذر أو عدم مراجعة التخصص يفضي الى هراء لا طائل منه ولا ثمرة ، وعندما يتعلق الأمر بالتخصص فهناك من تعرّفَ على النص القرآني كظواهر ، وهناك من أدرك النص الجلي ، أي أن هناك فهِمَ وجه النص وهو ظاهره ، وهناك فهم اعمق اعتبر أن هناك نص جلي ، والفهمان يقصدان نفس النص ، فقد يُنظَر الى ظاهر آية في حين أن لها معنى أعمق وهو القصد الجلي ، وقد تحدث رجل الدين الشيعي السيد كمال الحيدري في هذا الموضوع وقال : (( بينكم وبين الله مَن مِن علماء الإمامية والفقهاء أقاموا دليلًا نقليًا بهذه الشروط على اثبات المعاد . كل ما قالوه ؛ ظواهر القرآن . وهل ظواهر القرآن الكريم نصٌ أو ظهورٌ ؟ )) ويُجيب (( هو ظهورٌ ، فهل يُفيد القطع أو لا يُفيد القطع ؟ )) ويُجيب (( لا يُفيد إلا الظن )) (( الإستشهاد مأخوذ من اليوتيوب وعنوان المقطع : سبب تكفير الفقهاء للملا صدرا . المنشور بتاريخ ٢١ / ١١ / ٢٠١٤ )) .
لا توجد في الاوساط الحوزوية الشيعية ثقافة قرآنية ، فالمباحث تنصب على كتب من تأليف علماء الطائفة توجّب حفظها والإحاطة بها ولا أهمية لنصوص القرآن حتى أن احد كبار علماء المذهب وهو حسن زاد آملي تأسف وندم لتفويته الإحاطة بالقرآن وانشغاله الطويل بألفية إبن مالك وألفية بحر العلوم فكان خالٍ من الأعلمية بكتاب المسلمين المقدس ، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، فالحوزات تنبذ من ينشغل بحفظ ودراسة القرآن ( لأن الثقافة العامة في الحوزة ليس من ضرورات الاجتهاد والعلم الفقهي العلم بالتفسير ، أسمعتم في مكان أنه من مقومات الإجتهاد . وقرأنا لكم عبارات سيدنا الاستاذ الخوئي وهو علم من أعلام مدرسة أهل البيت ، وكل الأعلام المعاصرين وتلامذته ، يقول أن الإجتهاد يتوقف على علم الأصول وعلم الرجال / كمال الحيدري ، من مقطع يوتيوب بعنوان : يمكن أن يكون فقيهًا في الحوزة لكن يقرأ الآية غلط ) ولكن نفس السيد الحيدري حين ينقل عن كتاب للمصطفوي يُبين بالإشارة أنه وهو اكثر تعمقًا في فهم القرآن يورد الآية التي تتحدث عن إلقاء أم موسى لوليدها في اليم فينبري قائلًا أن العلامة المصطفوي لا يعتمد فقط على اللغويين في التفسير بل يرجع لنفس القرآن لفهم نصه للنظر في ( الاستعمال القرآني ) ويُعلق السيد الحيدري على الكتاب تقييمًا فيصفه ( أهم الكتب في هذا المجال ) وينتخب الحيدري مثالًا آخر من القرآن ورد في كتاب المصطفوي مع تفسير (( تعالوا معنا الى سورة طه الآية ٣٨ : إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ - انتهى النص القرآني - يقول ( أي المصطفوي ) وأما حكمة إلقاءه في التابوت ، فأن اقذفيه في التابوت ، ورميه في اليم ، فالتابوت ناسوته ، واليم بحر العلم / مقطع يوتيوب : مفتاح مفاتيح الاسرار القرآنية )) !!!!!!!!! .. لا المبحث اللغوي نفعنا في الرجوع للغة قوم موسى ، ولا كتاب المصطفوي نفعنا في تفسيره الأسطوري هذا ..
(( عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسًا عند عمر رضي الله عنه، إذ أتي برجل من عبد القيس سكنه بالسّوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبديّ؟ قال: نعم، قال: وأنت النّازل بالسّوس؟ قال: نعم، فضربه بعصاة معه، فقال: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس. فجلس، فقرأ عليه (بسم الله الرّحمن الرّحيم، الر * تلك ءايات الكتاب المبين * إنّا أنزلناه قرءانا عربيّا لعلّكم تعقلون * نحن نقصّ عليك أحسن القصص...) الآية، فقرأها عليه ثلاثا وضربه ثلاثا، فقال: الرّجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الّذي نسخت كتاب دانيال؟! فقال: مرني بأمرك أتّبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم والصّوف الأبيض، ثمّ لا تَقْرَأه، ولا تُقْرِأه أحدا من النّاس، فلئن بلغني عنك أنّك قَرَأته، أو أقْرَأتَه أحدا من النّاس لأنهكنّك عقوبة )) .. وكذلك (( رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ صَحِيفَةً مِنَ التَّوْرَاةِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، حَتَّى اتَّضَحَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَالَ: «أَمُتَهَوِّكُونَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» يَعْنِي أَمُتَحَيِّرُونَ «لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ». وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي»
أخرجه أحمد في «مسنده» 3/387 )) وقد توزعت هذه المرويات عند المسلمين الى عدة درجات من قوة السند ، ولا يستوجب القول بضعفها نبذها ( ولا يعني ضعف سند الحديث أنّ الحديث ضعيف لأنّه قد تكون له طرق أخرى صحيحة، أو شواهد تعضّده إذا كان الضّعف ينجبر ) .
.................
لنُكمل تبيان النص ( المُقرْأن ) :
لنطلّع على الإجتهاد العربي من قِبل النُحاة الذين بحثوا في اشتقاق كلمة توراة ووزنها : ( التوراة : اسم عبراني ، وقد تكلف النحاة في اشتقاقها وفي وزنها وذلك بعد تقرير النحاة أن الأسماء الأعجمية لا يدخلها اشتقاق ، وأنها لا توزن ، يعنون اشتقاقاً عربياً.
فأمّا اشتقاق : التوراة ، ففيه قولان : أحدهما : إنها من : ورى الزند يري ، إذا قدح وظهر منه النار ، فكأن التوراة ضياء من الظلال ، وهذا الاشتقاق قول الجمهور.
وذهب أبو فيد مؤرج السدوسي إلى أنها مشتقة من : ورَّى ، كما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً ورى بغيره ، لأن أكثر التوراة تلويح.
وأما وزنها فذهب الخليل ، وسيبويه ، وسائر البصريين إلى أن وزنها : فوعلة ، والتاء بدل من الواو ، كما أبدلت في : تولج ، فالأصل فيها ووزنه : وولج ، لأنهما من ورى ، ومن ولج.
فهي : كحوقلة ، وذهب الفراء إلى أن وزنها : تفعلة ، كتوصية.
ثم أبدلت كسرة العين فتحة والياء ألفا.
كما قالوا في : ناصية ، وجارية : ناصاه وجاراه.
وقال الزجاج : كأنه يجيز في توصية توصاه ، وهذا غير مسموع.
وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها : تفعلة ، بفتح العين من : وريت بك زنادي ، وتجوز إمالة التوراة ) .
ونُكمِل في آخر المقال التالي . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية