الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع القوى السياسية المتنفذة في العراق حول قانون الانتخابات ودوائره .

عادل عبد الزهرة شبيب

2020 / 9 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في الرابع والعشرين من كانون الأول 2019 أقر مجلس النواب العراقي قانون انتخابات مجلس النواب الذي اعتمد الدوائر الانتخابية المتعددة في المحافظة الواحدة واعتبار من يحصل على اعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية فائزا ويكون الترشيح فرديا . ويدور الصراع اليوم بين القوى السياسية المتنفذة حول تعديل القانون واستكماله , فبعض القوى تريد العراق دائرة انتخابية واحدة واخرى تريد المحافظة دائرة واحدة وقوى اخرى تريد تقسيم المحافظة الى ثلاث مناطق , واخرى تريد تقسيم المحافظة الى دوائر صغيرة متعددة وان يكون كل قضاء دائرة واحدة فما هي مزايا نظام الدوائر الانتخابية المتعددة ؟ وأيهما الأفضل للشعب العراقي ؟
ان نظام الدوائر المتعددة تكون فيه كل محافظة دائرة انتخابية مستقلة عن غيرها يتنافس فيها المرشحون من ابناء الدائرة الانتخابية نفسها , أي ان المرشح والناخب يجب ان يكونا من محافظة واحدة , لذلك فإن المرشح بموجب هذا النظام يفترض ان يعبر عن ارادة ناخبي هذه الدائرة ( المحافظة ) ولا يعبر عن ارادة ناخبي الوطن العراق . ومن عيوب هذا النظام الانتخابي انه يهدد الكثير من الأصوات التي تحصل عليها الأقليات في حالة وجود اقلية في دائرة انتخابية لا تكفي للوصول للعتبة .اضافة الى ان هذا النظام الانتخابي سيكرس هيمنة الأحزاب واصحاب الثروات ورؤساء العشائر والمذهبية خاصة وانه يعتبر الفائز في الدائرة الانتخابية هو من يحصل على اعلى الأصوات في الدائرة وليس ( 50 + 1).
ان هذا القانون الانتخابي لا يوفر العدالة والفرص المتكافئة وهو لا يقصي الأحزاب المتنفذة والفاسدة بل انه سيوفر فرصة اكبر لتكريس هيمنتها , كما انه يشجع على الانتماء للهويات الثانوية بدلا من الهوية الوطنية , الى جانب انه لا يضمن تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 25 % , كما ان عدد المصوتين في كل دائرة انتخابية غير واضح حيث لم تشهد البلاد احصاء سكانيا منذ اكثر من عشرين عاما , لذلك لا احد يعلم عدد الأشخاص الذين يعيشون في الدوائر التي سيخضع لها تقسيم الدوائر الانتخابية , وان معرفة ذلك قد يستغرق شهورا او اكثر وبالتالي فإن الانتخابات المبكرة لا تبدو محتملة بسبب التعقيدات التقنية المتعلقة بتحديد الدوائر الجديدة . وهذا القانون يسمح للموالين للأحزاب المتنفذة الفاسدة الذين يملكون المال والسلاح بالفوز في الانتخابات من خلال فرض نفوذهم وسطوتهم على الأقضية التي يسيطرون عليها وفقا لما ينص عليه القانون المفخخ بأن صاحب الأصوات الأعلى هو الفائز وليس من يحصل على اكثر من 50. وقد ظلم هذا القانون الكثير من الأقضية التي لا تعترف بها الحكومة الاتحادية لأنها سوف لن يكون لها نواب في البرلمان اضافة الى مشكلة دمج الأقضية التي يقل عدد سكانها عن 100 ألف نسمة مع المدن او الأقضية الأخرى.
بعد صدور القانون رفعت لافته في ساحة التحرير مركز الاحتجاج كتب عليها (( لا يغشونك , قانون الانتخابات لا يمثلنا )) وبهذا القانون استغفلوا الشعب ومرروا مصلحة الأحزاب الفاسدة بطريقة ناجحة .
اما بالنسبة لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة فهذا النظام يجعل العراق بكافة محافظاته واقليم كردستان دائرة انتخابية واحدة , أي ان القوائم الانتخابية تتنافس فيما بينها على المستوى الوطني وليس على مستوى المحافظة حيث يحق للناخب في هذا النظام انتخاب مرشح وان كان من غير محافظته أي بإمكان الناخب من محافظة البصرة مثلا انتخاب مرشح من محافظة ميسان وبالعكس. وهذا النظام هو الأسلم للأقليات التي تتوزع على محافظات عديدة من البلاد في حين انهم في الدوائر المتعددة لا يمكنهم الحصول على أي مقعد بسبب قلة اعدادهم المتوزعة في مختلف انحاء العراق . كما ان المرشح الفائز في هذا النظام يكون ممثلا للشعب بأسره لا لمنطقة جغرافية معينة كالقضاء او المدينة او المحافظة مما يبعد المجلس المنتخب عن التمثيل المناطقي .
اما بالنسبة للقائمة المفتوحة والمغلقة فإن القائمة المفتوحة تعني ان للناخب الخيار في اختيار عدد مرشحيه الذين يحق له انتخابهم من بين مرشحي القوائم دون التقيد بقائمة معينة واحدة فقط . ومن مزايا القائمة المفتوحة انها تحترم ارادة الناخب من خلال منحه خيارات متعددة في اختيار مرشحيه ضمن اية قائمة على عكس القائمة المغلقة التي تقيد الناخب باختيار قائمة بعينها بغض النظر عن نوعية المرشحين الذين تضمهم القائمة والذين تم وضع ترتيبهم من قبل الكيان السياسي . وهذا يعني بالنسبة للقائمة المفتوحة ان المرشح الذي يفوز بعضوية البرلمان جاءت به ارادة الناخب اكثر مما جاءت به ارادة حزبه وبالتالي فإنه ملزم بالخضوع لارادة ناخبيه اولا.
كما تتميز القائمة المفتوحة بأنها تخفف من المحاصصة الحزبية التي هيمنت على الأداء البرلماني والحكومي طيلة السنوات الماضية , حيث ان النائب الفائز هنا يرجح المصلحة الوطنية على مصلحة حزبه وبالتالي ستضمحل المحاصصة ونتخلص من آثارها .
اما بالنسبة للقائمة المغلقة فهي عكس القائمة المفتوحة تماما حيث ينفرد الحزب او الكيان السياسي باختيار مرشحيه وينفرد في اختيار ترتيب مرشحيه في القائمة ولا خيار امام الناخب الا باختيار القائمة كاملة او عدم اختيارها كاملة , أي لا يحق للناخب اختيار مرشح او عدد من المرشحين منها او اعادة ترتيب المرشحين فيها , فالقائمة المغلقة لا تحترم ارادة الناخب اضافة الى عدم احترام مبادئ العدالة بين مرشحي القائمة الواحدة , اضافة الى انها ترسخ المحاصصة الحزبية لأن النائب المنتخب بموجب هذه القائمة يخضع لمصلحة حزبه اولا .
لذلك فإن القانون الانتخابي المناسب لشعبنا هو القانون الذي يأخذ بنظام يجعل العراق دائرة انتخابية واحدة وبالاعتماد على التمثيل النسبي وليس اعلى الأصوات اضافة الى اعتماد القائمة المفتوحة وتوزيع المقاعد وفقا للباقي الأقوى او نظام سانت ليغو الأصلي لكون ذلك يبرز الشأن الوطني العام ومبدأ المواطنة ويضمن حقوق الأقليات والمرأة , في حين ان القانون الذي اصدره مجلس النواب لن يساعد على الخروج من الأزمة وهو يكرس هيمنة الأحزاب المتنفذة الفاسدة والعشائرية والمذهبية وهو يغلب الهوية الفرعية على الهوية الوطنية العراقية . فقانون الانتخابات الجديد لا يمثل الشعب وهو استغفال للشعب شرع لمصلحة الأحزاب المتنفذة الفاسدة ولا يوفر العدالة والفرص المتكافئة . وما يجري اليوم من محاولات تعديله لا تصب في مصلحة الشعب .
فالمطلوب هو قانون انتخابات عادل ومنصف لا يهمش احدا يجعل العراق دائرة انتخابية واحدة والاعتماد على التمثيل النسبي وليس اعلى الأصوات مع اعتماد القائمة المفتوحة وليس المغلقة وتوزيع المقاعد وفق الباقي الأقوى مع ضمان حقوق الأقليات والمرأة , فمثل هذا القانون هو المناسب لشعبنا , ولا اعتقد ان قوى المحاصصة والطائفية ستأخذ به...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة