الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى الحكمة الإلهية (الثيورجيا) -الجزء الثاني-

وليد مهدي

2020 / 9 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


-1-
قرابة العقدين , بحثت موضوع الروحانيات وعلاقتها بالعلم الحديث , استطيع اليوم ان أوكد بان اصل " الصنعة الإلهية" في بلاد الرافدين هو حضارة متقدمة جاءت من ما وراء المجرات او خارج ابعاد الكون المدرك .
اطلق السومريون على هؤلاء اسم جماعة آنو ( إله السماء ) أو الانوناكي , ووصفوهم بانهم يحملون نفس سمات وصفات الملائكة في الديانات الزرادشتية والابراهيمية . رغم كل الامتعاض لدى المؤرخين الوطنيين الذي تسببه مثل هذه الآراء واعتبارها تجنيا على ابداع الانسان العراقي , لكن هذه النتيجة واضحة لدى كثير من الباحثين في تاريخ العلم والمعرفة , والحقيقة , ليس في ذلك اي انتقاص من قيمة ابداع الرافديني القديم , لكن هذا ليس موضوع اليوم .
في موضوع الجزء الاول السابق اعطينا لمحة عامة وتاريخية عن طقوس المعبد البابلي وعلاقة الاخير بصنعة " الاتصال بآلهة" او بالملكوت الكوني ..
حقيقة الموضوع , ان هذه الصنعة بالأساس ربما تعلم البشر طرق شفاء صعبة المنال حتى في ضوء الطب المعاصر اليوم , و طرق للاتصال بعوالم اخرى وحضارات كونية اعتمادا على تقنيات " السايكوفيزيا" , أي تامين العلاج و الاتصال بدون اللجوء الى صناعة تكنولوجيا متقدمة قياسا الى تلك الحقبة من العصور البدائية , وذلك عبر استغلال الطاقة المثلى للنفس والعقل في بني البشر . حسب نصوص سومر كان معلموا البشر لهذه المعارف هم من " هبطوا من السماء " .
التدقيق في كتابات الهندوس والبوذيين عن الشاكرات و الكونداليني وتشريح " الروح " , ونظرا لتشابهها في العديد من الثقافات في الشرق كوسائل للمعرفة والشفاء والتغيير في المادة ايضا , ايضا يمكن عدها تعليمات من حضارات كونية , وعند مقارنتها بمراسم الزواج المقدس في بابل وجدناه يمر بنفس مراحل تحريك طاقة الكونداليني من الجذر مرورا بالشاكرات الملونة السبعة , الفارق فقط , في سومر وبابل , كانت تتم العملية بمشاركة زوج وليس تأمل فرد واحد ..
قدمنا في الموضوع السابق ادلة ثقافية من تاريخ الشعوب , ممثلة بزوج ادم وحواء واتصالهما بالله مباشرة وكذلك موسى وزوجته وعيسى والمجدلية وخديجة و والنبي محمد وكذلك فاطمة بنت النبي وعلي .
يبدو بان افعى الكونداليني ورمزية موقعها اسفل ظهر الإنسان هي " الدي ان ايه " وهو ملتف فعلا كما تصفه الكتابات السنسكريتية في قاع الظهر ( مركز الخلية الحية ) , هذا التقابل في الترميزات هو ما جعلني اعيد النظر في فكرة الكونداليني باعتباره طاقة الحياة الاولى , أي طاقة الولادة والطفولة الاساسية , لأنه اساس الشيفرة التي بني منها الجسد . الشاكرات تعبر عن الغدد الاساسية والقلب , الطاقة التي يتم تفعيلها روحانيا من اسفل الظهر وصولا الى اعلى الراس في شاكرا التاج , تطابق تفعيل طاقة ما , خفية في الدي ان ايه او المادة الوراثية تقوم بتفعيل الغدد السفلى الجنسية مرورا بالغدد الكظرية والبنكرياس والصفراء مرورا بالقلب والدم واللمف حتى الغدد الدرقية والجار الدرقية و انتهاءا بالغدد الصنوبرية والنخامية في المخ , وهو مسار يقابل في الهندوسية تحرك طاقة الكونداليني الملتفة من قاع الظهر نحو الاعلى في العمود الفقري مرورا بالدوامات السبعة .
بمعنى مادي , ما نسميه في عالم الروح طاقة , هو في عالم الغدد والجسد الذي يحتويها , عمليات تفعيل للمادة الوراثية في خلايا جسم الانسان ( كونداليني ) تؤدي الى دفع الغدد للعمل بأقصى طاقتها المثالية الفطرية . لان كل غدة مؤلفة اساسا من خلايا جوهرها هو نسخة مكررة من الشريط الوراثي في بلايين خلايا الجسم .
وكأن صورة المادة الوراثية المجهرية وطريقة عمل الغدد , نراها مصورة او ممثلة بنظام اخر في بعد اخر بهيئة دوامات طاقة و كونداليني كما وصلنا من تراث الشرق , وحسب تجربتي الشخصية , والتي لي الشرف ان اضعها بين يدي القارئ الكريم , فان مفتاح تفعيل الكونداليني , والذي يسري مثل تيار بارد في الظهر إنما يتفعل بإثارة " الموروث الجذري الثقافي " في المجتمع الذي يعيش فيه صاحب التجربة ..
كيف ذلك ؟ وما علاقة البيولوجيا والجينات بالثقافة ؟
ترسم الشاكرا الجذرية , في الطب الهندوسي والبوذي , وكان لها جذور شجرة مرتبطة بالأرض , و كذلك المادة الوراثية البيولوجية , هي في واقع الامر جذور شجرة مرتبط بارض المملكة الحيوانية وتاريخ التطور البيولوجي , ايضا تنطبق هذه الصفة تماما على الموروث الثقافي للأسلاف وارتباط هذه الثقافة بارض ما ووطن ما ..
نحن اذن , امام تجسد زمكاني , لعموم " الموروث " البيولوجي والاجتماعي بهيئة افعى كونداليني :
بيولوجيا هي تعني الدي ان ايه
ثقافيا هي تعني " اللغة و تفاصيل مفهوماتها في اللهجة المحكية لشعب ينتمي له السالك " ..
كأن الروح هو الهيولي المحايد الذي تحدث عنه افلاطون , هو حالة وسطى بين المادة والعدم ..
في الكونداليني تتماهى الثقافة واللغة مع الشريط الوراثي والخلية الحية , لهذا السبب , يتم تفعيل الكونداليني في طقوس المعبد البابلي بواسطة تلاوة اشعار وكلمات " اباحية " من موروث البلاد المحكي المحلي المتداول , أي استلال الطاقة وبقوة من " الجذور " الثقافية , حالة من اثارة رنين بين هيكل اللغة و هيكل الشريط الوراثي , بين مكونات الخلية الحية وبين مكونات الثقافة الجمعية لشعب ما , وكليهما شيفرات تحمل الذاكرة , الذي يؤدي الى ذلك الشعور بانسياب التيار خلف الظهر اثناء ممارسة تلك الطقوس واثناء التأمل وفق الطريقة الشرقية .

-2-
بكل الأحوال، الكونداليني حسب الطب الروحاني الشرقي، هو طاقة ملتفة مثل أفعى في قعر العمود الفقري في الظهر، سواء كانت انعكاسا لشريط المادة الوراثية الملتف في قلب الخلايا الحية، وهو نفس الشريط مكررا في كل الخلايا، او كان شيئا آخر، فهو يتحرك في بعده الروحي الزمكاني العابر للهيكل الفيزيائي المعروف من قعر الظهر ويمر كطاقة نابضة عبر كل شاكرا باعثا فيها طاقة منشطة وصولا إلى شاكرا التاج.

في الطب الشرقي المعروف، يلعب التأمل العميق دورا في تحرير هذه الطاقة ورفعها صعودا على جانبي العمود الفقري وصولا للتاج ، أي يقوم الفرد بتحفيز نفسه بنفسه ، بتأمل ذاته لسنوات ومحاولة اصلاحها او تطهيرها بمساعدة مشرف او معلم روحاني .

لهذا السبب سيجد الممارس السالك لهذه الطريق صعوبة جمة في إدراك هذه السيطرة الاعماقية التي قد تتطلب منه سنوات طويلة لتحقيقها، لكن، برأيي، الزواج الرافديني المقدس تجاوز معضلة التأمل الفردي إلى توفير شريك يقوم بدور رفع طاقة الكونداليني بعد تحريرها من الجذر الظهري. الترانيم المكتشفة في الرقم القديمة تؤكد بأن باغيات المعابد المقدس، اللواتي يلعبن دور عشتار ربة الحب والقوة والجمال، كن يؤدين دور المنشط للطاقة الخفية ورفعها وبثها على طول حبل الظهر لدى الملك حاكم البلاد الذي يلعب دور الإله تموز او مردوخ في الحقبة البابلية.

حسب التجربة، الشريك، ضمن الممارسة التأملية المقدسة يختصر الكثير من سنوات التأمل والتطهر المنفرد ، وبنفس الوقت، هو الضامن لتلافي اي أضرار جانبية خارج السيطرة تحدث كثيرا في التأمل والتنشيط الفردي.

مراحل ما قبل التنشيط

كلا الشريكين بحاجة إلى فترة إعداد وتهيئة ذهنية ونفسية وبدنية لمدة من الوقت، تزيد او تنقص حسب استجابة كل منهما للدخول إلى النطاق الفعال من الانطباع الوجداني عن الشريك.
الانطباع، والفكرة العامة عن الشريك، وعن نفسه هو مفتاح الدخول إلى هذه الممارسة التأملية المزدوجة المستوحاة من الزواج السومري المقدس .

يمكن ملاحظة ذلك، إن الملك والكاهنة في بابل، لم يكونا يؤديان ذلك الدور بصفتهما او هويتهما الشخصية المعروفة، كانا يتلبسان تماما دور إلهين سماويين، ذكرا وأنثى..
الانطباع الكلي الذي وصلا اليه قبل الطقوس هو أنهما إلهين..

وارجح الظن ، إن هذا النوع من الانطباع لديهما يقود إلى اتحاد كلي لتحقيق روحانية مطلقة تتجاوز طاقة الاشفاء للجسم او التنبؤات بالمستقبل، إلى " السيطرة والتأثير في المادة عن بعد".
عموما، اعتبر هذا المستوى من الانطباعات متقدم جدا وليس من السهولة ادراكه، لذا، سنبدأ بتمارين تغيير الانطباعات الأولية عن الشريك وتحويلها إلى " انطباعات مثالية بشرية".

اولا وقبل كل شيء، يجب على الممارس تدوين العيوب التي يراها في شريكه، بدون آن يخبره بها، التأمل خلال الفترة التحضيرية، يجب أن تصل فيه نفس المتدرب والمتدربة إلى تقبل عيوب الآخر اولا في مرحلة أولى، ومن ثم التأقلم معها واعتبارها مزايا وصولا إلى" حب " هذه العيوب..
بكل تأكيد يحتاج مثل هذا المستوى من التحول الانطباعي العميق إلى رجل و امرأة بمستوى عال من التحكم بالنفس والسيطرة على الذات،. لذا سنفرد مستقبلا موضوعات و طرق محاكاة للسيطرة وتطويع النفس.

بعد مرحلة التكيف مع العيوب في الشكل او المظهر او ذوق وميول الشريك، تبدأ مرحلة " تقديس الشريك" واعتباره مثاليا كاملا.

-3-
تنشيط مراكز الطاقة السبعة
مركز الطاقة الأحمر ( شاكرا الجذر)
منبعه المادي هي الكروموسومات والأجهزة التناسلية وجذع المخ في الدماغ ومنعكسها النفسي هي الغريزة العميقة الموروثة ومشاعر الرغبة في المستوى الأحمر من الطيف النوراني. تعتبر العطور والاثارة الجنسية اهم عوامل تنشيط هذا المستوى.
لتنشيط المركز الأحمر للطاقة لكلا الشريكين، وهو أول المراكز التي يجب تنشيطها ابتداءا ، لا يكفي فقط الشعور بالإثارة الجنسية بينهما وشم الروائح الجميلة ، لابد من شعور متبادل بأن جسد الشريك يتصف بالكمال وخال من العيوب، أي، الشعور بالقناعة التامة بجسد الشريك، و شعور فيض الرضا فوق القناعة. في حالة التأمل بمستويات عليا يتوجب الشعور بقداسة جسد الشريك.
وهذا الحال ينطبق في حالة كونهما عاشقين لبعضهما البعض، حيث لن يعود العقل يدرك اي عيوب. الإثارة الجنسية العادية احيانا لا تنبه للعيوب، لكنها تعود لتنكشف وتظهر غالبا بعد تفريغ الشهوة وزوال الرغبة. حتى في حالة لم يكونا عاشقين لبعضهما، يمكن للمتدربين على التأمل لفترات طويلة أن يوصلوا أنفسهم لمستوى من " القناعة" التأملية بأن جسد الشريك كامل وقد خلق في أحسن تقويم، أي بمعنى تقاني، تعديل الذوق الجنسي بمرور الوقت ليكون مطابقا لصفات الشريك الجسدية. وهو ما يحصل بين المتزوجين لفترات طويلة.
(( في حالة اللقاء , الافضل ان لا يكون التلامس الجنسي بينهما تاما , حتى تبقى المشاعر متقدة وتصبح لكليهما قابلية السيطرة على المشاعر والغريزة )) .
المركز البرتقالي : منبعه المادي البطن والغدة الكظرية، منعكسه النفسي مشاعر الإثارة وسمات الجاذبية الجنسية لدى الشريك. المستوى البرتقالي من الطيف النوراني.

نفس الحال ينطبق على التحضير لتنشيط المركز الأعلى مستوى من الأحمر، وهو البرتقالي ، تقبل أناقة الشريك، تصفيفة الشعر، ملابسه، عطره، اسلوب حركته وما يتمتع من سمات او كاريزما للشخصية، كلها تكون مثيرة للآخر. القناعة والفيض الغامر بعدها بهذه الأمور تحقيقها سيكون أسهل. لأنك تستطيع أن تطلب من الشريك ان يرتدي ويتصرف دائما بما تحبه وترتضيه ميولك ، يمكن لمشرف اجتماعي او نفسي مع خبراء ازياء وتجميل ان يتدخلوا في هذه الحال بينهما لتوليف هذا التقبل ليكون مثاليا تاما.
المركز الأصفر من الطيف النوراني : منبعه المادي البنكرياس والانسولين، منعكسه النفسي الإنتباه والاصغاء و الانشداد نحو الشريك.
هو مركز الكلام والأفكار، يحتاج تحضيره ان يعتبر الشريكان كلمات الآخر وصوته وافكاره واهتماماته المعرفية ومعتقداته perfect كاملة و تميزه ولا يشبهه بها احد، لدرجة ان الشريك ينشد لحديثه وكأنه ليس في العالم من يتحدث مثله. أيضا يمكن توليفها ومناغمتها بين الاثنين حتى لو لم يكونا عاشقين عن طريق باحثين نفسيين واجتماعيين.

مركز القلب الأخضر : منبعه المادي هو القلب والدم، منعكسه النفسي هي مشاعر الطرب والبهجة والسعادة والاطمئنان، في المستوى الأخضر من الطيف النوراني.
نصل من ثم إلى مستوى القلب ، وهي حالة انشراح وراحة كل طرف بحضور الآخر، يجب أن يؤدي حضور الآخر إلى فرحة ولهفة، خصوصا عند الإشتراك بسماع موسيقى ما او المشاركة في إحتفال. التذوق المشترك المتطابق للموسيقى، بمستوى أدنى، والاناشيد الدينية او الوطنية بمستويات التأمل العليا، يمكنه تأجيج هذا المركز لدى كليهما بشكل متزامن، لدرجة يمكنهما الشعور بنشوة وحضور القلب بشكل واضح.
هذا المستوى من الاعداد يواجه صعوبة أحيانا في حالة لم يكن الشركاء عاشقين، يحدث التشويش بفعل الإثارة الجنسية للقائهما مسببا نوعا من اللهفة المؤقتة والتوق العابر ممثلا بزيادة ضربات القلب بفعل الإثارة العصبية الهورمونية.
ينبغي تجاوز ذلك، والوصول بينهما إلى ما يشبه " حضور القلب" في الصلاة التي يصل إليها المؤمن حيث يشتاق للصلاة ويجد فيها لذة روحية. الشعور بدغدغة او ما يشبه قشعريرة في منطقة الصدر فوق القلب.
اغلب من يفقدون هذا المستوى من العشق في حياتهم، او تنكسر قلوبهم في فترة مبكرة، يصبح من الصعب عليهم استعادة هذه القابلية على الحب بمستوى اللهفة القلبية وحضورها من جديد، وايضا فقدان حضور القلب أثناء الصلاة.
معالجة هذا المستوى من الروحانية في مركزها القلبي هو أهم ثمار التأمل الزوجي.
اغلب من يجرون التأمل الفردي في تمارين اليوغا و الريكي لا يستطيعون إصلاح شاكرا القلب بسبب انكسارات واخفاقات في علاقات فاشلة في الماضي، حتى ولو بدأ لهم انهم نشطوها او فتحوها، لن يكون سوى تنشيط مؤقت بلا فائدة طويلة المدى. فقط حضور شريك مثالي تتوفر عنه قناعة تامة بمثاليته من شأنه آن يساعد في اصلاح المستوى القلبي الأخضر من الكيان الزمكاني الاثيري للجسد. ولن يكون عندها التنشيط عابرا مؤقتا، بل دائميا وكأن المرء قد اعيد خلقه من جديد.
ما يغيب عن اغلب المتأملين والممارسين لتمارين الاستنارة في الشرق و الغرب على حد سواء، هو أن المركز الأخضر للطاقة في القلب هو أهم هذه المقامات (او الشاكرات حسب معناها في السنسكريتية) وليست العين الثالثة و مركز التاج سوى نوافذ اتصال كونية، الأساس هو " القلب"، فإذا تم إصلاح القلب أصبحت بقية المراكز العليا سهلة الوصول والادراك.
تحضير المركز القلبي للشريكين في هذا النوع من التأمل يكون بإيمان كليهما بالآخر..!!
هنا، نحن نتجاوز القناعات ومشاعر الرضا والقبول، إلى مستوى الإيمان به والتصديق بما يقوله، الإيمان ببراءته وصدقه وطيبة قلبه وحبه للناس وللخير. هذه هي وظيفة المركز القلبي الأخضر للجسد الاثيري الزمكاني. الإيمان بلا حافز إثارة مادي او جسدي، وبلا مبرر عقلي منطقي، ايمان واطمئنان قلبي بلا اي دوافع..!!
هذا الإيمان بين الشركاء سيسهم في إعادة بناء مراكز القلب لكليهما ، بمجرد ان يقتنع كل واحد فيهم ان شريكه يعتبره مثاليا جدا . العلاج يبدا من شعورك بانك مقبول تماما لدى الآخر حتى مع عيوبك . وكما قلنا في مواضيع سابقة، اساس التعديل هورموني في الغدد الأساسية ينعكس نحو هيكل الزمكان مشكلا البنية المستديمة للطاقة خارج الزمان ، الكونداليني يفتح شيفرات ربما نائمة في المادة الوراثية ويجعل جميع خلايا الجسد تتصرف و كأنها خلايا جذعية .
هذا ينعكس في بنية ما بعد الموت الاثيرية و كأنها افعى تتحرك من الاسفل نحو الاعلى , و للأفعى رمزية خاصة كونها بداية تشكل الدماغ الزاحفي الاساسي للحياة في مسار التطور ..
وكأنها عملية إعادة خلق جديدة للقلب، الذي سيعيد السيطرة على الهورمونات والغدد الجسدية بشكل كامل ويجعلها تنشط بتناغم وتكامل يشبه السنين الأولى من عمر الطفولة المملوءة بالحيوية وحب الحياة.

مركز الطاقة الأزرق :- منبعه من الحنجرة والغدد الدرقية وجار الدرقية ، ويتمثل نفسيا بقواعد الإلتزام الاجتماعية والديني والاتيكيت. كذلك قانون الدولة والنظام الحاكم، الإلتزام بالصلاة والعبادة هو أعلى مستويات إثارة هذا المركز، ونلاحظ هنا، إننا انتقلنا فجأة من المشاعر الفردية وعلاقتها الثنوية مع الشريك إلى علاقة مع المجتمع البشري و الوعي الجمعي. تنشيط هذا المركز الأزرق من الطيف النوراني يحتاج من كلا الشريكين الإلتزام بذات القواعد الاجتماعية والاتكيت والعبادات بشكل متناغم ومحاولة المطابقة السلوكية بينهما أثناء تأدية طقوس العبادة بشكل متناغم منسجم، خصوصا مع جموع الناس، ذلك سيؤدي لتوهج هذا المركز لدى كليهما بشكل متزامن. وكذلك تفعيل برنامج بينهما متناغم لأوقات النوم والصحو والرياضة والعمل , سيساعد هذا على توحيد النمط الحياتي لهما ويعزز امكانية توارد الخواطر بينهما او ما يعرف بالتلباثي . لان توحيد الانماط الحياتية ومناغمتها يخلق موجات دماغية متقاربة او متطابقة احيانا يؤدي الرنين بينها الى توارد خواطر ولو كان الفاصل بينهما قارات .

مركز الطاقة النيلي، او الأزرق الداكن : منبعه الغدة الصنويرية او ما تعرف بالعين الثالثة، منعكسه النفسي هو الحزن الشديد ومشاعر اللاوعي الباطنية الدفينة التي تكون خلفية عميقة مخبأة عن الوعي الظاهري للإنسان، تحتوي افكار وذكريات ومشاعر يخاف منها الإنسان و يكرهها.
ينشط هذا المركز بالحزن والفراق بين الحبيبين حين تصل المشاعر حدا .. وهو.. البكاء..
وكما قال نزار : أنا عاشق حتى البكاء..
الحزن الشديد والدموع في هذا المستوى من رحلة التنشيط من شأنها ان تجعل العين الثالثة او المركز النيلي يتوهج، ينتقل الوعي الظاهري إلى الوعي الباطني أثناء اليقظة فتتبدى الانكشافات والرؤى والمسموع من حديث الملكوت عن اخبار المستقبل و الغيب.
يجب أن يتباعد الحبيبان فترة من الوقت، وتحقيق حالة إشتياق شديدة وحزن شديد على فراق بعضهما حتى تتوهج العين الثالثة بالأحزان. كان السومريين والبابليين في هذا المقام من طقوس الاكيتو، عيد الزواج المقدس، يجسدون نزول تموز في العالم السفلي، أي موته، لتبقى حبيبته عشتار وحيدة تبكي عليه ويضج الجمهور المتابع لهذه الفرجة بالبكاء و النواح والعويل معها، وهو ما يضاعف شدة الشعور بهذا الحزن ويفتح الطريق بقوة امام العين الثالثة أن تتالق وتتفتح بصورة أكبر.. ينعكس هذا التفتح بشكل نقطة ضوء ابيض مركزة امام الجبين تتحرك مع حركة الرأس كالظل، أو تكون بين اليدين، امام راحة كل كف.

مركز الطاقة التاجي البنفسجي من الطيف النوراني : منبعه من قشرة المخ الخارجية أعلى الدماغ، فوق الرأس، لذا تسمى هالة التاج او شاكرا التاج، منعكسها النفسي هو الشعور بلقاء الكائنات النورانية، وتلقي التعليمات منها مثل هاروت وماروت أو كائنات الشر في العالم السفلي كالجان والشياطين. النبوة مرحلة عليا متقدمة من هذا التنشيط او التفتح، بلقاء الكائنات العليا او " الله".. و قصة موسى إنموذجا.

هنا , ما يتم تأمله التسليم والرضا والقبول بالقضاء والقدر، وتقبل فكرة موت الحبيب او فقدانه للأبد بعد مرحلة البكاء و الحزن الشديد السابقة في المستوى النيلي (الأزرق الداكن)، يجب أن يصبح الآن لدى كل فرد قناعة بقبول فكرة الانفصال وعدم اللقاء ثانية، بعد يأس طويل من اللقاء تتم مراسم اللقاء المقدس من جديد وكأن أحدهما عاد بعد الموت للحياة، هنا يمتزج الحزن الأزرق مع الفرح الأحمر ، فيكون النور البنفسجي متألقا مؤذنا بفتح المركز التاجي الأعلى.. لدى كليهما، الذكر والأنثى، كأنما هم " واحد"..
هنا يمكن ان يكون اللقاء الجنسي تاماً ونموذجيا ومثاليا جدا ...
هنا تتحقق النبوة بأعلى تجلياتها بلقاء الكائنات العليا والسفلى او لقاء الله، حسب مستوى التأمل ومستوى الممارسين لها وايضا حسب ظروف وتداعيات هذه الرحلة الروحانية.
كان السومريون يعيدون إحياء تموز في اليوم الاخير من هذه المراسم ويعود للحياة ناثرا بين الجماهير البهجة والفرح الممتزج بالدموع بعد يأس طويل.
تداخل هذه المراكز اللونية السبعة في تناغم تام هو الذي يمزجها في نور ابيض موحد. الآن أصبح لدى السالك تصور واضح عن السببية التي دعت لتأسيس مثل هذه الصنعة....
وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السومريون والأبراهيمية
طاهر المصرى ( 2020 / 9 / 20 - 21:14 )
الأستاذ/ وليد مهدى
سلام وتحية,
أوقفنى السطر الثالث عن متابعة قراءة المقال حيث تقول أن: السومريون أطلقوا أسم جماعة آنو )إله السماء) أو الآنوناكى. أنتهى، هل تعبير إله السماء تفسير وشرحك أنت؟؟ أم أن السومريون كانوا يؤمنون بالسماويات؟
وتستمر وتقول فى عبارتك أن السومريون: وصفوهم بأنهم يحملون نفس سمات وصفات الملائكة فى الديانات الزرداشتية والإبراهيمية.أنتهى، هل السومريون كانوا موجودين قبل الديانات الإبراهيمية أو بعدها؟؟
أعتقد أن السومريون عاشوا قبل الأديان الإبراهيمية لذلك لا معنى لأن تنسب للسومريون أنهم وصفوهم بأنهم يحملون نفس سمات وصفات الملائكة للأديان الإبراهيمية التى لم يكون لها وجود بعد؟!!
شكراً


2 - الأخ طاهر المصري
Waleed Mahdi ( 2020 / 9 / 20 - 23:40 )
السومريين قبل ابراهی-;-م وزارادشت بآلاف السنين وصفوا الهتهم بما يطابق وصف الملائكة لاحقا، و اللبس كان باعتبارهم آلهة كما قال القرآن بخطاب الله للملائكة اهولاء إياكم كانوا يعبدون؟
لم يطرأ في التاريخ بشر عبدوا الملائكة سوى السومريين

ثانيا، اسلوب الاستفزاز في كلامك لا يعبر عن نفس معرفي
والمعنى واضح في العبارة أعلاه

وكملت او ما كملت الموضوع
شيء هذا يخصك

شكرا لاهتمامك


3 - أعتذر لتساؤلاتى
طاهر المصرى ( 2020 / 9 / 21 - 08:53 )
الأستاذ/ وليد مهدى
معذرة إذا فهمت تعليقى بغير ما قصدت منه، كان هدفى هو معرفة: إذا كان فى وقت السومريين أستخدام كلمة السماء شائعاً كما تستخدمها الأديان الإبراهيمية أم لا؟
وحسب قدرتى المعرفية فهمت خطأ أن السومريين وصفوا الأديان الإبراهيمية بسمات وصفات الملائكة، وهذا الألتباس عندى جعلنى أتساءل ولم أقصد توجيه أستفزاز لك.
أما أن هذه العبارة أوقفتنى عن القراءة لأنها أدخلت الشك فى عقلى، فكتبت تعليقى لمعرفة الصواب ثم أكملت قراءتى ولم أقصد أن تفهم أن المقال أو صاحبه لا يستحقون القراءة،وأحب تأكيد أنى من المتابعين الجادين لمقالاتك المختلفة فى معارفها والمتعمقة فى موضوعاتها التى أتشوق لمعرفتها.
أنا أساساً لا أؤمن بالأديان لكنى أهتم بمعرفة التاريخ الذى ظهرت فيه كلمة الدين وما يتصل بها من معتقدات دينية.
ويسعدنى معرفة متى كانت كلمة السماء شائعة الأستخدام فى المعارف الإنسانية أو الدينية، وأرجو أن تقبل أعتذارى وأن لا تفهم كلامى هذا أنه أستفزاز ثانى منى إليك.
مع خالص الشكر


4 - - الأخ طاهر - السماء السومرية
وليد مهدي ( 2020 / 9 / 21 - 13:59 )
اخي الكريم
كلمة آن في السومرية تعني السماء، آنو هو إله السماء الأعلى
آنو - ناكي تعني جماعة انو او السماوي ين
وهو مصطلح يشير إلى مجمع الالهة حسب السومريين
والذي تحول إلى ملكوت السبعة الكبار برئاسة جبريل في الديانات الابراهيمية

واهلا وسهلا بك دائما

اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة