الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان الاسلام الليبرالي (التحرري)!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2020 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بيان الاسلام الليبرالي (التحرري) في مواجهة الاسلام الاصولي والسياسي وأيضا في مواجهة التغريب العلماني!
****************
الليبرالية في اصلها الفلسفي لا تتناقض مع الاسلام ، الليبرالية ليست هي العلمانية، العلمانية تتناقض مع الاسلام لأنها تقوم على فكرة أن الدولة لا دين لها، وقد يكون هذا مقبولا في بعض المجتمعات الغربية لظروفها التاريخية الخاصة المتعلقة بطغيان الكنيسة ورجال الدين، أما في مجتمعاتنا العربية، وخصوصا في المجتمع الليبي المسلم السني، فهذا غير ممكن، فهو يشبه محاولة تطبيق الشيوعية في بريطانيا!!، اما الليبرالية فتعني تعظيم واحترام الحريات الشخصية والحقوق الخاصة للافراد ، حق العقيدة والاختيار، حق الملكية الخاصة وحق الخصوصية.... أوروبا الغربية اصبحت ليبرالية في القرن السابع عشر قبل أن تكون ديموقراطية، والليبرالية تعني أيضا تسامح الجماعة والدولة الوطنية مع الافراد والاقليات واحترام حقوقهم وحرماتهم وخصوصياتهم، وهذا من حيث المبدأ لا يتناقض مع الاسلام بل الاسلام سبق الليبرالية في اقرار حقوق الافراد وقيمتهم وحرمات الافراد والاقليات غير المسلمة، العلمانيون والملحدون والشيوعيون في منطقتنا في زماننا باتوا لا يجاهرون بمذهبهم الحقيقي بل يرتدون جلباب الليبرالية الفضفاض في أغلب الأحيان، يخلطون بين مفهوم الليبرالية ومفهوم العلمانية ومفهوم الديمقراطية، وكأنها كلها شيء واحد !، بينما الحقيقة مختلفة، فلكل منها مفهومه الخاص وظروفه ومساره التاريخي، فيمكنك ان تقول "فلان مسلم ديموقراطي" او "مسلم ليبرالي"، فليس في هذا تناقض انما التناقض حينما تقول "مسلم علماني"!!!، فالعلمانية تعني ان الدولة لا دين لها ولا يمكن تضمين أحكام الشريعة في قوانين الدولة !!، لا يمكن لعلماني حقيقي وجاد يحترم نفسه وعلمانيته أن يقبل بتحكيم الشريعة حتى في الاحوال الزوجية والعائلية بل تحكيم العقل فقط، بينما في الاسلام فإن الاسلام هو دين الدولة في ديار الاسلام والمجتمعات المسلمة وهو موجه اساسي للجهاز التقنيني فيها، هناك اليوم صراع فلسفي وفكري بين المسلمين الاصوليين السلفيين التقليديين الرافضين للديموقراطية الليبرالية وبين المسلمين الليبراليين التحرريين الديموقراطيين، من جهة، ومن جهة اخرى هناك صراع فكري جدلي بين المسلمين الليبراليين وبين العلمانيين الرافضين لمبدأ ((الاسلام دين الدولة)) في البلدان المسلمة..... أنا شخصيا خرجت منذ عدة سنوات، وحتى قبل وقوع تسونامي ثورات الشارع العربي، من قوالب وايديولوجيات الاسلام الاصولي السلفي والسياسي ولم ادخل في العلمانية بل عدت لمنطلقي الاساسي الأول، وهو ((الاسلام الليبرالي)) كما في فكر (عباس العقاد) و(خالد محمد خالد) و(مصطفى محمود) و(جمال البنا)، و(الصادق النيهوم) رحمهم الله، وهو اتجاه يقوم على اساس تجديد فهمنا للاسلام، وخصوصا في الجانب الفقهي و السياسي، من خلال ما يلي:

(١) رد الاعتبار للعقل المسلم كي يعيد التدبر في القرآن الكريم بعقل منفتح مستنير لا يجتر التفاسير الموروثة، ليعمل على استخراج كنوز هذا القرآن العظيم المفيدة في فهم وتحسين ظروف الحياة الروحية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ويخوض، بمنهج عقلاني صارم، معركة تنقيح التراث الديني واعادة تشكيل الخطاب الديني ليكون أكثر كفاءة وفاعلية، وهذا يتطلب التحرر من قيود الفقه التقليدي الموروث ومن خطابات الاسلام السياسي المؤدلجة المحتقنة المشحونة بكم هائل من الحقد والرغبة في الانتقام والتشفي وعقدة الاضطهاد!!.

(٢) رد الاعتبار لقيمة ومكانة الانسان الفرد كفرد مميز له كيانه الفرداني واحترام كرامته وحريته الشخصية في التفكير والتعبير والاختيار والابداع.. فالله خلقه فردا وسيبعثه فردا ويحاسبه فردا !.

(٣) رد الاعتبار لقيمة (التسامح والتعايش) في الاسلام، سواء التسامح مع الافراد وحقهم في اختيار عقيدتهم الدينية أو التسامح مع الاقليات غير المسلمة التي تعيش ضمن المجتمع الوطني المسلم، أو التسامح مع الشعوب والأمم غير المسلمة واعتبار أن قيم السلام والتعارف والتعايش هي اساس العلاقة بين البشر، وليس الكراهية والحروب، فالاسلام في الاساس دين سلام وتسامح يقوم على نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن، أما ما جرى في عهد النبي والصحابة من حروب وفتوحات فإن لها ظروفها وضروراتها التاريخية الخاصة، حالها حال نظام الرقيق، فتلك الحروب والغزوات والفتوحات كانت متعلقة من جهة بروح وطبيعة ((العالم القديم)) الذي كان يقوم على اساس الفتوحات وبناء الامبراطوريات، ذلك العالم الذي ربما استمر حتى نهاية الامبراطورية العثمانية والامبراطورية البريطانية مع الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومن جهة ثالثة فإن تلك الحروب التي خاضها النبي كانت متعلقة بالدفاع عن النفس والدين والمسلمين من محاولات الاجتثاث بالقوة التي كان اعداء الاسلام يخططون ويسعون له، فلم يكن امام النبي ودولته الوليدة (المدينة) الا التمدد والتوسع لتصبح دولة (امبراطورية مسلمة) مهابة تحمي نفسها ومجتمعها الجديد في مواجهة الدول الاقليمية والدولية المتربصة بها الدوائر، أما اليوم فنحن نعيش في عصر الدول الوطنية لا الامبراطوريات ولا عصر الفتوحات ولا الاستعمار!.

(٤) رد الاعتبار لقيمة ودور ومكانة (الأمة/المجتمع) في مواجهة ديكتاتورية الفرد والحكم الجبري والملك العضوض باعتبار الأمة هي صاحبة السلطة والثروة العامة وصاحبة الدولة، وما ولاة الامر فيها والسلاطين إلا موظفين عمومين وخدم مأجورين عندها تختارهم بارادتها الحرة بالشورى وتوظفهم وتكلفهم بادارة شؤون دولة الأمة وفق شروط الأمة، فقادة الامة وولاة امرها ورؤوساء دولتها محكمون من جهة بأحكام وتوجيهات ومقاصد الشريعة ومن جهة بشروط الأمة التي تضعها في صحيفة مكتوبة تسمى بالدستور كوثيقة سياسية وطنية تعاقدية تبين الحقوق والواجبات للمواطنين وكذلك حقوق وواجبات الولاة وتبين طريقة انتقال السلطة والفصل في المنازعات بين السلطات العامة، ويحق للأمة صاحبة الدولة أن تشترط على ولاتها، أي من توليهم أمرها، في دستور دولتها ما تشاء من شروط ما لم يصطدم هذا الشرط بنص شرعي صحيح صريح، قطعي الثبوت وقطعي الدلالة، فالحاكم هو خادم الأمة الأجير ، والأمة هي السيد المخدوم الذي يدفع لهذا الحاكم أجر خدمته من مال الأمة العام، والقاعدة الطبيعية الشرعية أن تختار الأمة قيادتها السياسية بنفسها بكل حرية وأمان من بين عدة خيارات متعددة، وأما (التغلب) و(الوراثة) فهي الشذوذ الذي يعكس أن الأمة تعيش في حالة غير طبيعية وغير رشيدة، حالة الضرورة والقوة القاهرة!.

فهذه هي الاعتبارات الاساسية التي يقوم عليها ((التوجه والفكر الاسلامي الليبرالي الديموقراطي)) أو تيار (المسلمين الليبراليين الديموقراطيين) في مواجهة مشروعات الاسلام الاصولي والاسلام السياسي الشمولي، ومشروعات العلمانيين والقوميين الاشتراكيين جميعا وكل التوجهات ذات الطابع الشمولي والجماعوي والسلطوي الذي يقلل من قيمة الافراد وكرامتهم، أو التوجهات التغريبية التي تتبنى القطعية التامة مع دين الأمة ومع تراثها وماضيها بالكامل تحت ستار وشعار (الحداثة) وعلى حساب عقيدة وحقوق الأمة وثوابت هويتها وثقافتها التي تمثل محور شخصيتها الجماعية والوطنية والقومية العامة بين الأمم، وهكذا فإن المسلمين التحرريين (الليبراليين) يخوضون المعركة الفكرية في مواجهة مشروعات الاصوليين الاسلاميين سواء بخلفيتهم الاخوانية أو السلفية التي لا تقدم فكرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا يملك حلا جادا وعميقا لمشكلات مجتمعاتنا المسلمة المعاصرة ولا فكرا قادرا على مواجهة الفكر الغربي بما يكافئه ويتفوق عليه، وهي في حقيقتها مشروعات اجترارية تجتر اجتهادات فقهاء السلف المحكومة بظروفهم ومعطيات عصرهم، أو تجتر أفكار المفكرين الاسلاميين ممن عاشوا في ظروف الاضطهاد والسجون والديكتاتوريات الشمولية مما نتج عنه فكرا دينيا ملوثا، مأزوما وملغوما ينحو للتطرف والعنف والتكفير والارهاب تحت ستار الجهاد لاستعادة حكم الله في الارض!! وهي اجتهادات وأفكار وتفسيرات وفتاوى ابنة ظروفها وبيئتها المكانية والزمانية غير صالحة لكل زمان ومكان... وكذلك فإن المسلمين الليبراليين يخوضون اليوم معركتهم الفكرية، ولا نقول السياسية، في مواجهة مشروعات العلمانيين التغرببيين اصحاب استنساخ الثقافة والفلسفة الغربية، بقضها وقضيضها، وشرها وخيرها، تحت شعار (الحداثة) بغرض احلالها، بالكامل!؟، بسلبياتها وايجابياتها، محل ثقافتنا وفلسفتنا الاسلامية بدعوى أننا لن نتقدم وننتصر الا بهذا الطريق الاستنساخي!، وهو في حقيقته مشروع انسلاخي عن الهوية الاسلامية!.. لقد أفلس هؤلاء وهؤلاء جميعا وكشفت ثورات الخريف العربي عوراتهم وعجزهم وافلاسهم الفكري وعقمهم السياسي، ولهذا فإن الطريق اليوم مفتوح أمام المفكرين والمثقفين المسلمين التحررين ((الليبراليين)) ليقدموا مشروعهم الواقعي المتماهي مع واقع وتطلعات مجتمعاتنا الوطنية العربية والمسلمة بعيدا عن استنساخ الماضي أو الانسلاخ عن الاسلام والهوية الدينية والوطنية للامة!، وهذا هو الطريق!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكاتب يخدع نفسه و لا يمكن ان يقنع القراء
عبدالسلام حميد ( 2020 / 9 / 21 - 22:06 )
الكاتب يقول -فالاسلام في الاساس دين سلام وتسامح يقوم على نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن، أما ما جرى في عهد النبي والصحابة من حروب وفتوحات فإن لها ظروفها وضروراتها التاريخية الخاصة، - هل هناك ضحك على الذقون اكثر من هذا ؟ هل يتصور ان احدا ينخدع بهذا الكلام ؟ لا اعرف على ماذا استند الكاتب في في استنتاجه هذا ؟ و الى متى ستبقون تراوحون في مكانكم ؟ ما هكذا يتم الاصلاح ؟ ليس امامكم مفر سوى بتنقيح القرآن و ألا ستبقون مثل السيارة التي طمست في مستنقع من طين و ارض زلقة و تبقى عجلاتها تدور بدون ان تتقدم قيد انملة ، يجب تجفيف المستنقع و الا فستبقى السيارة لا تتحرك ، اكيد انت اعرف ماذا اقصد بالمستنقع ، انه تلك النصوص التي لا احد يستطيع ان يمسها و التي تحرض على القتل و العنف و تحلل السرقة التي يسميها الانفال و اغتصاب النساء و يسميها ملكات اليمين ، انتم واقعين في مستنقع لن تستطيعوا الخروج منه لأن لا احد يحرؤ بالمطالبة بتجفيف المستنقع


2 - منظومه الحكم
على سالم ( 2020 / 9 / 22 - 02:02 )
المنظومه الاسلاميه العروبيه منظومه فاسده قديمه متجذره وعميقه ومن الصعب خلخلتها او ازاحتها بسهوله , هذا ارث بدوى عروبى متورم وضخم وفتاك , منظومه الاسلام منظومه استبداديه قمعيه دمويه ظالمه اجراميه حيث الملك او الرئيس او الامير يستعبد الرعيه من الشعب ويعاملهم مثل العبيد وينتهك كرامتهم ويذلهم ويفقرهم فقرا مدقع والقتل لمن يفتح فمه , هذه منظومه ظالمه استبداديه كالحه والواجب الخلاص منها ومن شرورها ومن اثامها

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي