الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا وتدجين الشعوب

خالد الصعوب

2020 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من أبرز آثار كورونا الراهنة، القدرة على السيطرة التامة على الشعوب باسم الخوف من المرض، فبينما يحشر الناس في بيوتهم تجنبا للعدوى، يعتادون الأوامر العسكرية الصادرة حسب مزاج المتنفذين، فتصبح الحركة والتوقف عن الحركة والخروج والدخول والأماكن المقصودة كلها رهنا بما يقرره صناع السياسة.

في الأردن تجد المفارقة الطريفة في التناقضات الواضحة، فمثلا، بينما تكتظ مسابح العقبة بروادها تخلو دور العبادة من أهلها والحجة منع التجمعات تجنبا للعدوى. بينما يجتمع مئتا شخص لحفل عرس يخص وزيرا، يعاقب من يتجمع من عامة الشعب لعرس أو وليمة.

بعيدا عن دور العبادة والعادات الاجتماعية، خرجت التطبيقات الاستخباراتية للعلن، والتي يجب أن تحملها على هاتفك لتحدد موقعك ومن قمت بمخالطتهم. المخالطون تحدد الحكومة درجة خطورتهم حسب هواها، فيقوم فريق التقصي الوبائي باعتقال من يشاء أو عزل من يشاء ساعة يشاء وللمدة التي يشاء.

قريبا من ذلك، تدجن الشعب الأردني، فلم تخرج تظاهرة واحدة تندد بمشروع السلام الإماراتي الإسرائيلي بحجة كورونا، بالرغم من وجود عدد كبير من الفلسطينيين في الأردن. على نفس الخطة، تم حل جماعة الإخوان فرع الأردن مباشرة قبل إعلان السلام المزعوم.

بسبب الحظر والحجر والخوف على الشعب، جاع الشعب الذي خسرت أعماله بسبب توقفها، فلما جاع انشغل بجوعه وخسارته وتوقف أعماله والتزاماته عن قضايا مصيرية. هنا، تجد أن منطق فرض الحظر، من حظر تجول، لحظر مدارس، لحظر تنقل، لحظر أعمال، لحظر تجمعات مفقود تماما. المنطق الوحيد فيه أن تنشغل العامة بنفسها عما تساق إليه، مع التشديد على رفض التجمعات ذات الطبيعة الدينية خلال أي إجراء، والحجة كورونا!

القنوات الإعلامية تشدد على ضرورة تحميل تطبيقات التعقب وتصف من لا يؤمن بكورونا دينا جديدا بالمريض النفسي والخائن والتافه، وحزم الجهات الأمنية مع المخالفين غير مسبوق، صغار العسكريين ينفذون الأوامر دون تفكير لأن الطاعة واجبة، ولأنهم يخالون أنفسهم يحمون الوطن، فممن يحمونه؟

ممن يحمون الوطن والمتنفذون يرتعون فيه باستثناءات تفضيلية والشعب مقموع الإرادة، يبحث عن اللقمة طوال اليوم فلا ينشغل بشيء آخر. ممن يحمون الوطن واتفاقية السلام المزعومة تطبخ فيه؟

كان لا بد من فرض حظر منزلي استمر لأكثر من شهر كوسيلة تخويف، والتلويح بهذا الإجراء كلما هب نسيم الصباح، حتى إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة، تم اللجوء إليه. بهذه الطريقة أصبح المقروص يخاف من جرة الحبل، ويرجو كل يوم ألا يطبق الحجر المنزلي، لا أكثر. أصبح هذا سقف الطموح الشعبوي.

في السعودية، منع الحرم عن رواده، ولم يكن ذلك ممكنا بأي حال دون الكورونا، فهل خشيت على صحتهم؟ أم أن وجه عبادة المسلمين حول العالم تغير للأبد؟ في مصر أصبحت العبادة تهمة رسمية، بينما امتلأت الشواطئ بروادها.

في فلسطين المحتلة، خرجت للعلن آلاف الحالات المصابة ومعظمها مكذوبة بشهادة أهالي المصابين والمتوفين، حتى أن قائمة الوفيات شملت أشخاصا ماتوا قبل الكورونا بأشهر، فهل أصبحت السلطة الفلسطينية فجأة تراعي صحة الفلسطينيين؟ أم هل استيقظ الإسرائيليون بعاطفة جياشة لحماية المدنيين من الوباء وهم الذين يسفكون دماءهم ليل نهار؟ بالطبع لا، ولكنه التكتيك وما أدراك ما التكتيك. لا تظاهر، لا رد فعل، لا تحرك. أشغلوهم بأنفسهم وهكذا ...تم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال




.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟


.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال




.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا