الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانغلاق المؤدلج آفة العقل .

يوسف حمك

2020 / 9 / 21
الادب والفن


الاعتزاز بالنفس اتزانٌ للشخصية ، يمنحها الهيبة ، و يهبها الكرامة .
الكبرياء المجرد من التعاظم حينما يحيط بالنفس ، يثيرها سحراً .
و التواضع لا يحط من شأن المرء ، ولا ينقص هيبته . بعكس الغرور الهالك للعقل ، و الخيلاء الخانق للمنطق .

و الأهم ذاك الفكر المزود بجرعاتٍ عاليةٍ من الأدلجة و العقيدة الراكدة .
فكلما زادت حدة تلك الحرارة ، قلَّ مردود العقل ، و شح دخل المنطق ، و انحسر عطاؤهما ، كما ينكمش فضاء الذهن .
و الدماغ تحيط به هالةٌ من مرض التعالي المزمن .

يظن أن انتماؤه لتلك الأيديولولية ، قد رفعه إلى ملكوت حقائق العلم ، و تربع على عرش آفاق صواب السياسة ، لامتلاكه مفاتيح الأسس الحقيقية لكل تفاصيل الحياة . دون أن يعلم أنه تائهٌ في دهاليز الغرور اللامتناهي .
يرى الأمور دائماً حسب منطق أيديولوجيته ، لا طبقاً لمنطق حقيقة الأحداث و الظواهر .
رؤيةٌ مضللةٌ هدفها خدمة أفكارٍ يتبناها ، و تغذية أفكارٍ يعتنقها .

فلأن حقائق الأشياء نسبيةٌ ، فإن إدراكها مقترنٌ بالاحتمال .
حتى إذا كانت مطلقةً فالعقل لم يبلغها إلى هذه اللحظة .
و بما أن الأشياء في تغيُّرٍ مستمرٍ - و الشيء الواحد ينقلب من حالةٍ إلى أخرى - طبقاً للفلاسفة المتنورين " كل شيءٍ يكمن فيه نقيضه " .
فإن العقائد الجامدة و الأيديولوجيات الراكدة ، غطاءٌ سميكٌ تحجب الرؤية السليمة .
و على هذا فإن الحقائق ليست في عداد الثبات أو حالة الركود الدائم .
لذا فالانتماء للأيديولوجيات هو التشبيح التام لفكرةٍ غالباً ما تكون هدّامةً ، غُلفت بإطارٍ مزيفٍ .
و مهما حاول المرء الخروج عن الدارج ، فإن جذب مغناطيس الأيديولوجية يجره إليها ، فينحني أمام أشخاصٍ جعلوهم قدوةً عن طيب خاطرٍ و باختياره .
ثم حفظ الشعارات عن ظهر قلبٍ و ترديدها ببغائياً كالتابع و تابع التابع . مستهتراً بآراء الآخرين ، ظناً منه أنه يتمسك بناصية الحقيقة و بموهبةٍ استثنائيةٍ .

غرور بعض المستسلمين للعقائد الجاهزة ، يستذكرني بحكمةٍ قديمةٍ صاغها بعض العقلاء : " يعتقد الحمار أنه عالمٌ ، حينما يحمل على ظهره كتباً " .
و الأخطر هو عندما يستفحل صراع الخلاف العقائديُّ و الأيديولوجيُّ بين المجموعات و الطوائف و الحشود و حتى الأفراد ، بغية الهيمنة الفكرية و العقائدية و التفرد لقهر الآخرين ، و إنجاز مكاسب ماديةٍ لتغذية الاستحكام و بسط النفوذ و إعطاء زخمٍ لاستدامة السطوة .
و عندما يخضع السلوك لقانون العقيدة تلك ، يتعطل العقل إلا من تلقي المبادئ الجاهزة ، كما الفكر يُعدُّ لاستقبال القواعد الثابتة - دون إدراكٍ - و اللسان على أهبة الاستعداد لترديد العبارات المقولبة ببغائياً .

يا لمصائب العقول حينما تقع في حبائل مكر الأيديولوجيات الراكدة !! ويا لتعاسة الفكر عندما تكبله سلاسل نفاق العقائد الآسنة ، كما بؤس اللسان حينما يخدم عقلاً متوقفاً عن العمل !!!

و بالمقابل ما أرقى العقل المنفتح ، و ما أجمل الفكر المبدع بلا قيودٍ ، و ما أفضل الذهن الذي فضاؤه رحبٌ بقبول الأجود و الأحسن .
أما أعظم اللسان فهو الناطق باسم عقلٍ حرٍ ، لا تعيقه قيودٌ ولا تربكه عقائدٌ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في