الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يمكن أن نُغِيِّر قبل أن نَتَغيَّر!

فارس إيغو

2020 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وهذا يعني في المقام الأول أن نغيّر بوصلة أفكارنا ومفاهيمنا، والتي مضى عليها دهراً ولم تتحيّن. تلاحظون على شاشات أجهزة الكومبيوتر أنه من حين الى حين يطلب من المستخدم أن يحيّن البرنامج لإدخال الجديد الى برنامج جهازه، حيث إن التغيرات منذ ظهور التكنولوجيا الرقمية هي من السرعة بمكان أننا نجد من الصعوبة للحاق بها، ولكن الخطر الأكبر هو أن نبقى أمام هذه الأجهزة الذكية، لا بل فائقة الذكاء بذهنيات مصممة من العقل المكوِّن لعصر التدوين للعلوم الإسلامية، والذي إنطلق عمل برمجته للعقل المكوَّن العربي الإسلامي اعتباراً من الربع الأخير من القرن الهجري الثاني، واستمر طوال القرن الهجري الثالث والرابع.
نحن لسنا ضحايا أقدارنا بقدر ما نحن ضحايا أفكارنا، وبالتالي، أفعالنا أو أفعالنا الخاطئة.
ها هي السماء قد وهبتنا بالشمس التي لا تغيب عنا في أكثر فصول السنة، لكن ماذا فعلنا بها؟ وكل شتاء نرثي ونشكو الى الله قلة الأمطار والجفاف، ونتذرع وتصرف الصلوات في الكنائس والجوامع من أجل استجلاب الغيث والأمطار، وأن يدفع الله عنا أخطار المجاعة والكوارث. لكن، لو قلبنا المعادلة، لوجدنا أن هذه الشمس الساطعة الحارقة هي ثروة كان من الممكن أن نكون نحن السباقون الى اكتشافها واستغلالها، والاستفادة من الطاقة البديلة والنظيفة والغير مستنفذة، لكن انتظرنا طويلاً حتى أتتنا هذه الألواح الشمسية من الغرب جاهزة مجهزة. وبالرغم من ذلك، لم نستعملها على مستوى واسع لاستغلال وتحويل هذه الشمس الحارقة التي تلهب الرؤوس من نقمة الى نعمة.
ونفس الشيء حدث مع البترول هذه الثروة التي أتتنا دون جهد وتعب، كيف أضعناها على تمويل مشاريعنا الأيديولوجية وعلى العسكرة والحروب مع الجيران المحيطين بنا، ونشر الوهابية والظلامية في كل البلدان الإسلامية، ولم ينج الغرب من هذا الإرهاب المجنون مع وجود الجاليات المسلمة عنده، فحاولنا تحويلهم الى دعاة ومبشرين ومجاهدين لنشر نسخ من الإسلام لا تنسجم مع عصرنا ولا مدنيتنا الحديثة. ومن حاول منا من العرب تجنب هذه الأفخاخ الأيديولوجية والهووية والمشاريع المستحيلة، وقع في هوّة النزعة الاستهلاكية البضائعية ((السوقية)) الرخيصة، فاعتبرنا مثلاً، بأن النهضة هي مجرد أبراج شاهقة نقلد فيها ناطحات السحاب في عاصمة المال والأعمال نيويورك، أو هي نقل نسخة منسوخة (فوتو كوبي أو كوبيه ـ كوليه باللغة الرقمية) من متحف اللوفر الفرنسي العريق وزرعه، كما تزرع النباتات في إحدى المدن العربية التي استفادت من الطفرة النفطية بعد حرب تشرين 1973، أو أنها أخيراً، عبارة عن زرع المدن العربية بالمولات الفارهة والمملوءة بالسلع المستوردة في معظمها من بلدان تنتج بفائض كبير عن ما تستهلك، وتستهلك ما تنتجه مصانعها وورشاتها التي تدور ليلاً نهاراً.
لقد أصبحت جريمة حيازة العقل في العالم العربي والإسلامي أخطر من جريمة حيازة وتجارة المخدرات. وهذه الجريمة واجهها علي عبد الرازق عام 1925 عندما نشر كتابه الإسلام وأصول الحكم، وواجه ما واجهه من عنت وتصلب وهجوم كاسح عليه وعلى شخصه من قبل التيارات الأصولية السلفية، وأولهم التيار الأزهري الرسمي الذي يعتبره البعض مارة إشعاع للفكر الإسلامي الوسطي.
ثمّ تكرر الأمر، مع عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي، الذي صدر عام 1926، وأدى الأمر الى محاكمته أمام القضاء المصري بسبب تهمة إهانة الرسول والأنبياء، وصادف أن القضاء المصري في ذلك الوقت كان ما زال متنوراً، غير القضاء الذي حاكم نصر حامد أبو زيد وحكم عليه بالردة وبتطليقه من زوجته الدكتورة ابتهال يونس، في سابقة قضائية لم يشهدها العالم قبل ذلك.
وما زالت محنة التفكير الحي والمبدع خارج السياجات العقائدية الدوغمائية مستمرة إلى اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س