الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالله العروي والخانات الثلاث

حسن مدن

2020 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحت الوقع المدوي لهزيمة حزيران 1967، كتب عبدالله العروي كتابه: «الإيديولوجية العربية المعاصرة». والحق أن تلك الهزيمة، على فداحتها، غدت مجرد واحدة من سلسلة هزائم ونكبات تلتها، لا تقل عنها فدحاً، إن لم تبزها، ولكنها، على أي حال، شكلت الانعطافة الأولى نحو مسلسل الهزائم ذاك.
سعى العروي لتقصي جذور الأزمة في العالم العربي، وهي أزمة سابقة لهزيمة حزيران، بل لعل تلك الهزيمة نتيجة من نتائجها، وكونه مشتغلاً بالفكر صنف الباحث الاتجاهات السائدة فيما دعاه ب «الإيديولوجية العربية» في ثلاث خانات رئيسية، متخذاً من مصر حقل دراسة ورصد، لأنه يراها، وهو محق تماماً، أسبق الأقطار العربية تطوراً.
في الخانة الأولى وضع العروي الاتجاه الديني ممثلاً في الإمام محمد عبده، وفي الخانة الثانية وضع الاتجاه الليبرالي ويمثله أحمد لطفي السيد، أما في الخانة الثالثة فوضع الاتجاه العلماني القائل بالتطور الاقتصادي والثقافي ويمثله سلامة موسى.
أساس هذا التبويب في الخانات الثلاث يعزوه الباحث إلى السبب الذي يرد به ممثلو كل اتجاه أسباب التخلف في العالم العربي، بين من يراه في الابتعاد عن الدين، ومن يراه في غياب الديمقراطية، ومن يراه في عدم عصريتنا.
ولنا حول هذا التبويب أكثر من ملاحظة، فرغم أنه لا غبار على أن محمد عبده مثلَّ الاتجاه الديني، لكن الإمام لم يضع الدين في مواجهة الحداثة، بل إنه في دعوته للإصلاح الديني كان مجدداً، حتى لو تحفظنا على وصفه بالحداثي، فالتجديد، بالمعنى الذي قصده محمد عبده، كان دفعاً في اتجاه الحداثة. ولنا أن نعقد مقارنة بين ممثلي الاتجاهات الإسلاموية الحالية ومنهج محمد عبده لنرى الفرق، ولا نتحدث هنا فقط عن الاتجاهات التكفيرية منها وحدها، وإنما حتى تلك التي تزعم أنها معتدلة مثل «الإخوان المسلمين» أو «حزب الدعوة».
الملاحظة الثانية تتمحور حول السؤال: إلى أي درجة بوسعنا أن نضع أحمد لطفي السيد وسلامة موسى في خانتين مختلفتين؟ فعلى الرغم من الفروقات لا نحسب أن الأخير كان أقل حماسة للمسألة الديمقراطية من الأول، حتى وإن طغى الطابع التربوي التثقيفي على مؤلفاته. ولا نحسب أن أحمد لطفي السيد كان أقل حماسة للحداثة منه إلى الديمقراطية، حتى وإن غلبت الدعوة للأخيرة على مؤلفاته.
الخلاصة: أن التجديد الديني، والحداثة، والديمقراطية أقانيم متلازمة غير منفصلة، لاتقوم قائمة لأحدها من دون الركنين الأخريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س