الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباحث في الاستخبارات (234 ) التقييم والتحليل الاستخباري للمؤسسات

بشير الوندي

2020 / 9 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


باحث في الاستخبارات (234 )
التقييم والتحليل الاستخباري للمؤسسات
-----------
مدخل
-----------
من ادق مهمات الاجهزة الاستخبارية تقييم مؤسسات الدولة داخل الوطن , وتقييم مؤسسات العدو او العدو المحتمل , من اجل معرفة نقاط القوة والضعف او الخلل , نقصد هنا بالمؤسسات ( الجيش , القوات الامنية , الاجهزة الاستخبارية , المؤسسات التجارية والاقتصادية الهامة او ذات النشاط المريب والوزارات ) , وسنتناول في المبحث المهام الاستخبارية في تدقيق عمل المؤسسات الوطنية داخل البلاد ومؤسسات العدو خارج البلاد.
----------------------------
بين التقييم والتحليل
----------------------------
هنالك من يرى ان هنالك فرق جوهري بين التقييم والتحليل , على اساس ان التقييم يكون ضمن المؤسسة , وان التحليل يكون من خارج المؤسسة , ونرى ان التقييم والتحليل كلاهما متشابهان في اعتمادهما على اساليب جمع المعلومات والاختراق والتجسس ومن ثم تدقيق وتحليل المعلومات والخروج منها بالنتائج والتقييمات , كما ان الادوات التحليلية للمعلومات في الحالتين تستخدم فيها اساليب متشابهة واشهرها تحليل (SWOT) وهو اختصار الحروف الاولى لأربعة معطيات هي:
القوة (Strengths).
الضعف (Weaknesses) .
الفرص (Opportunities) .
التحديات (Threats) .
وهذا النموذج أحد أشهر أدوات التقييم و التخطيط وهو يقوم بتحليل أوضاع المنظمات والجيوش والشركات والمؤسسات العملاقة وتحليل بيئة العمل الداخلية والخارجية للمؤسسة او الدولة او المنظمة او اي قطاع من القطاعات , فتلك الأداة تصنف تلك العوامل إلى عوامل سلبية أو إيجابية وتحدد نقاط القوة والضعف وتحدد الفرص التي تواجه المنظمة او المؤسسة او الدولة والتهديدات الشاخصة التي يمكن معالجتها والتنبأ بها قبل حدوثها.
فهذه الرباعية مهمة جدا في تحليل المؤسسة سواء كانت داخلية او خارجية , الا اننا نرى ان هنالك فرقان جوهريان يحكمان شكل ومضمون التحليل والتقييم للمؤسسات التابعة للدولة الخارجية التي تستهدفها الاستخبارات , والمؤسسات الوطنية داخل البلاد , والفرقان هما :
1- ان هدف تقييم المؤسسات داخل البلاد هو التقويم والردع , فالتقويم من اي فساد او اختراق , والردع للمؤسسات المشبوهة كبعض المؤسسات الاعلامية او منظمات المجتمع المدني او الشركات التي تشك الاجهزة الاستخبارية انها تنفذ اجندات معينة او انها واجهات خفية , اي ان الغرض من ايجاد وكشف الثغرات في المؤسسات داخل الوطن هو لردمها ولتحسين الاداء والتشذيب , بينما يكون الهدف في رصد وتحليل المؤسسات في بلد العدو والعدو المحتمل هو التجسس على انتاجها وعملها ووثائقها من اجل التخريب وايجاد الثغرات من اجل توسيعها , بل وحتى ايجاد الفرص لفتح ثغرات فيها .
2- ان آليات التقييم للمؤسسات داخل البلاد قد يكون سرياً للغاية او ان يكون علنياً , فالسري من قبيل زرع موظفين داخل المؤسسات الحكومية او الاهلية الوطنية من خلال طرق ملتوية سواء كانت فنية الكترونية كأجهزة التنصت والكاميرات , او بشرية من خلال دس موظفين يعملون في المؤسسة ومرتبطين بالجهاز الاستخباري , وقد يكون التجسس علنياً كما في عناصر الاجهزة الاستخبارية العاملين في السفارات او امن المنشآت , فهم معروفون داخل المؤسسة من قبل الجميع , كما قد يكون علنياً من خلال اللجان التفتيشية والتحقيقية في القضايا الكبرى , والتي يكون احد اعضائها من الاجهزة الاستخبارية لأهميتها او لمساسها بالامن الوطني .
بينما في حالة مؤسسات العدو او العدو المحتمل او في المؤسسات والشركات الاجنبية سواء داخل البلاد وخارجها , والسفارات الاجنبية داخل البلاد , وكل ماهو اجنبي , فان عملية تحليل تلك المؤسسات يتطلب دوما التجسس والمراقبة والاختراق على اعلى درجة من السرية , ولايكون علنياً على الاطلاق , الا في استثناء واحد فقط وهو ان موظفي سفارة اي بلد هم بمثابة جواسيس رسميين في البلد الاجنبي الذي تتواجد فيه سفارتهم وهو عرف دولي معروف ولايعترف به احد رغم ان الجميع يقر بحقيقته .
نستخلص من ذلك ان الفروقات في تقييم وتحليل المؤسسات المحلية والاجنبية داخل او خارج الوطن لاتتعلق بالاصطلاح بقدر تعلقها بالاهداف والوسائل .
------------------------------
تحليل مؤسسات العدو
------------------------------
ان الاستخبارات معنية بتحليل مؤسسات الدول الاجنبية الجارة او مؤسسات العدو او العدو المحتمل لأنها الجهة التي تمتلك ادوات الحصول على المعلومات , لذا فهي تبحث دوماً على المعلومات المتعلقة بالمؤسسات العلمية والتصنيعية الحساسة او المشاريع الهامة من قبيل السدود او المفاعلات النووية والاختبارات والاختراعات السرية وغيرها .
وتستعين الاجهزة الاستخبارية في تحليل اداء المؤسسات الاجنبية بخبراء علوم سياسية وعلم اجتماع واقتصاديين وخبراء امن واعلام وغيرهم , ثم يتم دراسة روح المجتمع والبيئات المجتمعية للعدو من حيث قربها وبعدها من الحاكم (مناصرة , مشاركة , غير مهتمة , ممانعة , محاربة ) , ثم دراسة مزاج الشارع والموثرات ونقاط الضعف والقوة , وامكانية فتح الثغرات واضعاف مصادر القوة في تلك المؤسسات , وهو من الواجبات الهامة للاستخبارات الخارجية في اي بلد , ولعل من اصعب المهام الاستخبارية للاستخبارات الخارجية هي قدرتها على تحليل اجهزة الاستخبارات الاجنبية , لانها عملية تصطدم بالكثير من الحجب والكمائن والمخاطر والرصد المضاد .
من جانبها , تقوم الاستخبارات العسكرية بتحليل جيوش دول الجوار من حيث اهدافها وقدراتها واسلحتها ونقاط قوتها وضعفها من خلال تكثيف معلوماتها عن مؤسسات العدو واجهزته العسكرية والامنية والاستخبارية والاقتصادية , كتحليل صناعات العدو وتوجهاته (هجومي او دفاعي ) واسلحته الاستراتيجية والدول الداعمة والقوة الاقتصادية.
--------------------------------------
تقييم المؤسسات داخل البلاد
--------------------------------------
مما لاشك فيه ان العمل الاستخباري غير بعيد عن تحصين المؤسسات الوطنية داخل البلاد لاسيما الحكومية منها او المؤسسات التي يستهدفها العدو , كما ان الاستخبارات تجد من صلب عملها تحصين مؤسسات الدولة من الفساد الذي قد ينخرها لاسيما في المؤسسات المعنية بالصفقات , بالاضافة الى دور الاستخبارات في رصد التدفقات للاموال من خارج البلاد سواء كانت اموال سياسية تذهب الى احزاب او الى منظمات كبعض منظمات المجتمع المدني او الجهات الاعلامية كالقنوات والصحف الاهلية , عدا عن ان الاستخبارات معنية داخل البلاد بأمن المنشآت والوزارات والشركات الحكومية .
لكل ذلك يتوجب على اجهزة الاستخبارات ان تقيم المؤسسات داخل البلاد وتتدخل بأشكال مختلفة من اجل كشف الشبهات وسد الثغرات من قبيل فساد في شركة او تراجع ايرادات او مشاكل فساد اداري , وفي بعض الاحيان تكلف الاستخبارات بتقييم مشروع ما او مؤسسات ما , فمثلاً منظمات المجتمع المدني المسجلة في العراق اعدادها هائلة ومختلفة ومتنوعة , فلابد من اعادة تقييمها وتصنيفها وتدقيق دعمها لاسيما الخارجي , ومن منها اصبح غطاء تجسس؟ , ومن منها يعمل ضمن اختصاصه ويقوم بأهدافه بشكل صحيح؟ , ومن منها اسم على ورق؟ , ومن منها غطاء للفساد والافساد؟ .
وتوجد وسائل كثيرة لتحقيق الغرض الاستخباري هذا من قبيل غطاء لموظف منقول الى الدائرة , صاحب شركة تروم التعاقد مع وزارة ما , او فريق فني , او انضمام الى منظمة مجتمع مدني او في مؤسسة اعلامية مشبوهة , او من خلال طرق فنية كزرع الكاميرات والميكروفونات فنياً بالمراقبة الفنية , بالاضافة الى لجان التحقيق في القضايا التي تستوجب وجود عناصر استخبارات في اللجان , هذه عدا عن العمل العلني لضابط امن المؤسسة , او ضباط التصاريح المرتبطين بالأمن الصناعي او امن المنشاة او امن المواقع وغيرها
ومن ثم فان الاجهزة الاستخبارية لايمكن ان تركن لكافة المؤسسات والشركات داخل البلاد دون رقابة , فإهمال رقابة وتقييم المؤسسات الاقتصادية والسياسية والمدنية وحتى المنظمات الانسانية , يعني فتح الباب على مصراعيه للاستخبارات الاجنبية لتعشش وتنمو تحت مختلف الواجهات البريئة في البلاد وتمارس نشاطاتها دون رقيب او حسيب.
بل ان الاجهزة الاستخبارية الوطنية ذاتها تحتاج الى من يراقبها ويقيمها وهو امر منوط بإدارة المجتمع الاستخباري في التحقق من الدوائر الاستخبارية وتقييمها , لأن منتهى الخطر يأتي في حال اختراقها او تهاونها (انظر مباحث في الاستخبارات 12 ادارة المجتمع الاستخباري ) .
-----------
خلاصة
------------
ان التحليل للمؤسسات والمنشآت الاجنبية في بلد العدو والعدو المحتمل ودول الجوار هو عمل استخباري بحت بل انه صلب العمل الاستخباري الذي يستطيع من خلاله رسم صورة كاملة للبلد المستهدف ومعرفة نقاط قوته وضعفه ومن ثم اللعب على تلك النقاط واضعاف قوتها وتوسيع ضعفها , كما ان العمل الاستخباري على المؤسسات تقييم كافة المؤسسات الاهلية والحكومية داخل البلاد هو تحصين وتقوية وسد للثغرات وكشف اي تلاعبات مالية او امنية او سياسية , والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت