الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/1

ضياء الشكرجي

2020 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صديق من المشاركين في التمهيد لتأسيس «تجمع دولة المواطنة» ككيان سياسي عراقي، علماني ديمقراطي ليبرالي، يعتمد المواطنة والعدالة الاجتماعية، نشر مشكورا منشورا يلخص فيه ما يشاع عن العلمانية والعلمانيين، رأيت أن أتناوله بالمناقشة، بحسب ترتيب النقاط التي أوردها، وكان قد قدم لذلك بقوله: «بعض ما يشاع عن العلمانية، وكيفية تخويف الناس منها، نورد هنا بعض النقاط التي يتم تداولها [مما يعتبرونه] نهج العلمانية وطرق دعوتها»:
1. العلماني: تجد البعض يؤمن بوجود إله، لكنه يعتقد بعدم وجود علاقة بين الدين وبين حياة الإنسان (فكر بوذي)، كما يعتقد بأن الحياة تقوم على أساس العلم التجريبي المطلق وهذا (فكر ماركسي).
مناقشتي:
وجود علمانيين يؤمنون بالإله، بحد ذاته ينفي إذن التهمة الموجهة إلى العلمانية بأنها كفر وإلحاد، فالعلمانية بمعناها السياسي تستوعب المؤمن والملحد واللاأدي، وطريقة إيمان كل فرد علماني مؤمن، هو شأن شخصي لا علاقة له بالسياسة، ووجود علمانيين يفكرون بهذه الطريقة صحيح، ولكن ذلك لا يمكن تعميمه على كل العلمانيين. ولا علاقة بذلك بالبوذية حصرا، بل هي رؤية فلسفية تتفاوت في التفاصيل بين فلسفة وأخرى، كما اعتماد العلم التجريبي، فهو ما يعتمده حتى المؤمنون بالدين، فيما يتعلق بقضايا عالم (الشهادة) حسب المصطلح الديني، ويقتصر إيمانهم بما يسمى بعالم (الغيب)، أي عالم ما وراء الطبيعة، على شؤونهم الدينية من أحكام وعبادات ولاهوت. ثم ماذا لو كانت البوذية معتنقة من قبل شريحة من الشعب العراقي، فهل يجب منعها يا ترى؟
2. والعلماني: تجده يعتبر القيم الروحية التي تنادي بها الأديان والقيم الأخلاقية بأنواعها هي قيم سلبية يجب أن يتم تطويرها أو إلغائها وهذا (فكر ماركسي).
مناقشتي:
وهذا أيضا لا يقبل الإطلاق والتعميم، فمن العلمانيين من هم مؤمنون بالله، سواء كان إيمانا دينيا، ولو حسب فهمهم، أو إيمانا فلسفيا لادينيا، وهم يؤمنون بقيم روحية. أما الأخلاق فهي قيم إنسانية لا علاقة لها بالدين، وحتى هناك فريق من لاهوتيي الدين يقولون بالحسن والقبح العقليين، ويعنون هنا العقل الأخلاقي أو العملي، وليس العقل الفلسفي، ويعنون بذلك عدم وجوب الاستحسان الأخلاقي وعكسه وفق معايير الدين حصرا، بل هو أمر مستقل عن الدين. ثم هناك قول حتى لمفكرين من رجال الدين أنفسهم، مثل مرتضى مطهري، وأتفق معه في ذلك كليا، يفرقون بين القيمة الأخلاقية والسلوك الأخلاقي، فالقيمة الأخلاقية كالعدل والصدق وغيرهما مطلقة في ذاتها، بينما السلوك الأخلاقي نسبي، وهكذا هو كل شيء في عالم الإنسان نسبي. وهذه الرؤية لا تقتصر على الفلسفة الماركسية.
3. والعلماني: تجده يطالب بالإباحية كالسفور، والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والخاصة (أي الخلوة) ويحبذ عدم الترابط الأسري (دعوة ماسونية).
مناقشتي:
قبل كل شيء لا تلازم مطلقا بين السفور والإباحية، ثم نجد هنا خلطا بين العلمانية والليبرالية، فكل ليبرالي علماني، ولكن ليس كل علماني ليبراليا، وحتى الليبرالية تتفاوت في درجاتها، فالليبرالي لا يجب أن يكون إباحيا، بل من الليبراليين من يمقت الإباحية، ولا يستسيغها، لكنه يرفض ملاحقة الإباحيين وقمعهم، إذا لم يتعرضوا للصالح العام، ثم هناك لكل مجتمع ذوق اجتماعي، لا يمكن للعقلاء الاصطدام به، فحتى في الغرب، لا يمكن لإنسان أن يخرج عاريا إلى الشارع، أو يمارس الجنس في الأماكن العامة. ثم العلماني حتى لو كان لادينيا أو ملحدا أو مؤمنا بدين لا يوجب الحجاب، بل حتى لو كان يمقت ظاهرة الحجاب، فهو كديمقراطي يؤمن بالحريات الشخصية، لا يسمح لنفسه أن يمنع الحجاب أو يدعو إلى منعه، كما إن من السافرات من هن مؤمنات بالدين، بل وملتزمات إلى حد ما، لكن دون اقتناعهن بوجوب الحجاب، وتعميم صفة الماسونية على من يفكر بهذه الطريقة هو تعميم وإطلاق يخالف الواقع، ومعظم السافرات نساء محترمات، ولا تلازم بين السفور والممارسات المرفوضة اجتماعيا.
4. والعلماني: تجده يطالب بعدم تدخل الدين في الأمور السياسية، وإنه يجب تطبيق الشرائع والأنظمة الوضعية كالقانون الفرنسي في الحكم. وإن الدين للعبادة فقط، دون تدخل في شؤون الخلق وتنظيمها، كما أراد الله سبحانه وتعالى.
مناقشتي:
بل هذه أيضا رؤية غير قليل من رجال الدين، من السنة والشيعة على حد سواء، بل وحتى المرجع الديني الأعلى للشيعة في النجف، الذي يتمتع بأوسع مساحة من المقلدين في الأوساط الشيعية في العالم، وليس في العراق حصرا، عبر عن ذلك بوضوح لا لبس فيه في خطبة الجمعة بتاريخ ٢---٩---/١---١---/٢---٠---١---٩---، عندما قال ممثله في تلك الخطبة: «إن المرجعية الدينية ستبقى سندا للشعب العراقي الكريم، وليس لها إلا النصح والإرشاد، إلا ما ترى إنه في مصلحة الشعب، ويبقى للشعب أن يختار ما يرتئي أنه الأصلح لحاضره ومستقبله، بلا وصاية لأحد عليه». فهل يختلف هذا من حيث المضمون عن قول العلمانيين؟
5. والعلماني: تجده يردد دائماً بأن الإنسان هو الذي ينبغي أن يستشار في الأمور الدنيوية كلها، وليس رجال الدين، ويطالب بأن يكون العقل البشري صاحب القرار وليس الدين.
مناقشتي:
بل هو قول كثير من رجال الدين العقلاء، الذين يرون الرجوع في الأمور الحياتية إلى أصحاب الاختصاص، وهذا يشمل أمور السياسة وإدارة الدولة، لأن معظمها مما يعتبرونه من الموضوعات الخارجية، التي هي من اختصاص (المكلف)، أي الإنسان البالغ والراشد المؤمن بالدين، وليست من اختصاص الفقيه. ثم إن أكثر رجال الدين لا دراية لهم بأمور المجتمع والسياسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة حلوة ، و العلمانية كلمة حق اريد بها باطل
فادي بطرس ( 2020 / 9 / 25 - 09:34 )

العلمانية نشأت في اوروبا منذ الثورة الفرنسية، غايتها المعلنة كانت ابعاد تدخل الكنيسة في شؤون الدولة وهذا بالفعل تم تطبيقه في الغرب، النخبة التي نادت بالافكار العلمانية و عملت على تأسيسها كانوا معادين للمسيحية و غايتهم كانت اقصاء الدين المسيحي و تشجيع الالحاد، المستفيد من تطبيق العلمانية كانت الاقلية الدينية التي كانت مهمشة في اوروبا ، العلمانية في حقيقتها ليست محايدة تجاه الاديان و ان كانت مفكروها يدعون ذلك فهي تعادي المسيحية احيانا بصورة سافرة مثلا تمنع المدارس من التبشير الديني و لكن لا تمانع لنشر الاباحية و الزنا و تعارض مظاهر التدين في الاماكن العامة ، العلمانية ليست ديموقراطية مثلا لو الشعب اراد بنسبة 99٪-;- بالمائة وضع الصليب في المدارس الحكومية فالقوانين العلمانية تمنع ذلك ، في الغرب الحرية موجودة فقط في الطعن في المسيحية و الاساءة الى رموزها بينما ممنوع الاساءة الى رموز اليهودية و الاسلامية و يتم محاكمة الناس الذين يطعنون في الاسلام بحجة نشر الكراهية و الاسلاموفوبيا ، هناك تتمة


2 - العلمانية لا تتوافق مع الاسلام
فادي بطرس ( 2020 / 9 / 25 - 15:32 )
العلمانية نشأت في الغرب و كانت غايتها ابعاد رجال الدين المسيحي و منعهم من التدخل في الحكم و اقصاء الدين المسيحي من المجتمع ،و المسيحية كعقيدة لا تتعارض مع العلمانية و لهذا امكن تطبيق العلمانية في الدول الغربية التي كانت مسيحية سابقا لأن المسيحية لا تسعى الى اقامة دولة دينية و المسيح لم يتدخل في شؤون الحكم و قال اعطوا لقيصر ما لقيصر فهكذا بسهولة اقتنع المواطنون في الغرب المسيحي بمبدأ العلمانية و ان كان الهدف المخفي لدعاة العلمانية هو محاربة المسيحية ، اما في الاسلام فلا يمكن تطبيق العلمانية ، المسلم المؤمن لا يمكن ان يكون علماني و يكون مسلم متدين في نفس الوقت و لا يمكن ان يقبل بقوانين تعارض ما سنَّه الله ، الاسلام دين و دولة وليس هناك فصل بين ما هو ديني ما هو دنيوي الاسلام يتدخل في كل شيء و محمد اقام الدولة و كان هو رئيسها الروحي و الدنيوي و الخلفاء من بعده ايضا ساروا على نفس النهج ، في الاسلام القوانين مستمرة من القرآن و ليس مسموحا للشعب ان يختار قوانين تتعارض مع الاسلام


3 - الشق كبير يا استاذ و الرقعة صغيرة
فادي بطرس ( 2020 / 9 / 25 - 15:42 )
معقولة يا استاذ ما سامع او ما تعرف انه الاسلام دين و دولة لها قوانينها الخاصة المستمدة من القران ؟ المسلم عندما يقول عن نفسه انه مسلم مؤمن فهذا يعني انه يؤمن بقوانين الاسلام و لا يمكن له ان يكون مسلما و علمانيا في نفس الوقت ! عليه ان يختار احدهما، في العلمانية القوانين قد تتعارض مع للشريعة الاسلامية، مثلا العلمانية تسمح بالردة عن الدين بينما الاسلام يمنع ذلك ، الرجل المسلم له حق الزواج بأربعة بينما العلمانية تدعو الى مساواة الرجل بالمرأة و تمنع الرجل من الزواج باربعة ، في الاسلام الرجل مسموح له الزواج من كتابية او ان يكون له ملكات يمين بينما ممنوع على المرأة الزواج من رجل كتابي او ان يكون لها ملك يمين ( رجل تتمتع به ) ، المؤمنون و الكفار ليسوا متساويين في الحقوق ، ممنوع على الكافر او اهل الكتاب تولي امور المسلمين ، في مصر منعوا تولي مسيحي منصب محافظ و لن تجد في كل الدول الاسلامية محافظ غير مسلم او حتى رئيس بلدية ؟ الاسلام هو في حالة حرب دائمة و مفتوحة على الكفار و الجهاد مفروض على المسلم ، الشق كبير و الرقعة صغيرة


4 - النبي محمد كان علمانياً
د. ليث نعمان ( 2020 / 9 / 26 - 06:18 )
ألديمقراطية نظام حكم و لا يوجد شيئ اسمه دولة في الاسلام. النبي محمد لم يصك عملة مثل الدولة البيزنطية و الساسانية كان اهل المدينة يجيدون التعامل بالمعادن (سيوف و رؤوس رماح). لم يكن هناك جيش نظامي متفرغ للقتال يتقاضى اجوراً مثل الدولة البيزنطية و الساسانية. لم يعين حكاماً او قضاة فارسل عمرو بن العاص وقد مضى على اسلامه سنة و نصف الى عمان حيث بقي يحكمها ملكيها الاخوين الجلندي. وكما تعرف لا يوجد شيئ اسمه خلافة او حد ردة او فتوحات في القرآن
في واقعة نهي الرسول (ص ) عن تلقيح النخيل : روى مسلم في صحيحه ، وابن ماجة في سننه ، ثلاث أحاديث تتضمن : أن النبي ( ص ) مر بقوم يلقحون النخيل فقال : لو لم تفعلوا لصلح . قال ثابت بن أنس : فخرج شيصا ، فمر ( ص) بهم . فقال ( ص ) : ما لنخلكم ؟ قالوا : قلت كذا وكذا . قال ( ص ) :إنما أنا بشر ، إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر و أنتم أعلم بأمور دنياكم
ماذا تريدون علمانية اكثر من هذا؟

اخر الافلام

.. 12345


.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo