الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتعنصر الفساد

خالد الصعوب

2020 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تتمحور المعارضة في الأردن حول سيدته الأولى، فتفاصيل حياتها مقلقة للشعب الأردني، من فساتين إلى نمط حياة إلى أسفار إلى خروج عن تقاليد المجتمع الذي يصر أنها محافظة مع أنك أصبحت ترى مشاهد لم تكن لتتخيل رؤيتها منذ ثلاثين سنة في شوارع العاصمة والمحافظات على حد سواء، فهل المعارضة حقا منصفة؟ هل دور الملكة بناء دولة في ظل ترهل مؤسساتها التي كلما أتت حكومة كانت في بلادنا أفسد من سابقتها؟ هل هي الراعي المسؤول عن رعيته في حال لم يجد المواطن قوت يومه؟

في المبادرات التي قامت بتنفيذها السيدة الأولى، تجدها ركزت على التعليم عندما وجدت منظومته متهالكة. فمن أكاديمية الملكة إلى مدرستي إلى مؤسسة نهر الأردن إلى توأمة المدارس الخاصة بأخرى أقل حظا، تمكنت من رفع مستوى التعليم عبر الطبقة الأساس، الشعبية، دون أن تتكلف الحكومة قرشا واحدا.

عندما سمعت بأحد البرامج، ذهبت لأتحرى ما قام أبناء مدرسة خاصة بإنجازه لمدرسة متهاوية في قرية نائية، فشعرت للمرة الأولى منذ زمن بالانتماء. بنوا لهم جدرانا بدل المتآكلة، وتعهد كل طالب في مدرسة خاصة طالبا آخر أقل حظا ليعلمه مما تعلم، كان المقتدرون منهم سعداء وهم يرون أن لهم دورا بناء في المجتمع وكان المتلقون سعداء بأن لهم إخوة جابوا البلاد ويشاركونهم ما تعلموه، كان منظرا يعبر بأقل تقدير عن التكامل، مرة أخرى دون أن تتأثر ميزانية الدولة العظيمة.

على هذا المنوال، تجدها تعمل كالنحلة في عدد كبير من المبادرات، وتجد المخرجات ليست مجرد كلمات على ورق، بل نتائج ملموسة على أرض الواقع و يمكن لأي مواطن تتبعها. ولكن هذا لا يكفي، فنحن نشامى لا يعجبنا "العوج" فنعلق فشل المؤسسات الأردنية على شماعة فستان الملكة، والدة ولي العهد الذي سيحكم البلاد يوما ما، ما لم يتدخل أحدهم.

بالمقابل، وبينما تشتد الهجمة على الملكة، تجد الملك في معزل عن الهجوم، فلا أحد يتطرق لأسفاره واستثماراته وبذخ بدلاته، بل إن المثير للسخرية أن تلام أي تجاوزات ملكية على الملكة في كل نقاش أردني، ليقال أنها كما نساء البلاط، تدير المشهد وهو المسكين لا حول له ولا قوة، في غفلة من أن هذا القول يسيء للزوج المستضعف وللشعب الذي يتذرع باستضعاف الزوج فيحكمه. يأتي ذلك في ظل تعزيز حقوق المرأة، فهل لا تروق لنا السيدة الأولى لأنها امرأة؟ كلا، فهند الفايز لديها تجاوزات لا تحصى لكن أحدا لا يجرؤ على المساس بابنة العشيرة.

الثقافة الشرقية الذكورية البحتة أصبحت فجأة تلوم السيدة على صنيع زوجها، ولا تلومه يوم ظهرت الزوجة بفستان لا يناسب التقاليد المبجلة.

بالمقابل، تجد فسدتنا من أبناء العشائر يمتازون بحصانة تليق بدبلومسي، فلا يجرؤ أردني على الإتيان باسم فاسد أردني ينتمي لعشيرة صونا لماء وجهه أمام العشيرة، فالفساد مذموم إن كان من أصل فلسطيني، مغضوض عنه الطرف إن كان بسواعدنا، من الفوسفات للخصخصة لبيع حصص من البلاد، للتهويد المعشّري علما بأن مسيحيي الأردن هم الأكثر تعصبا ضد السيدة الأولى، فهل المعارضة الأردنية ستحقق شيئا بهذا التوجه؟

ليس سرا أن انتقائية التسميات بإيجابياتها وسلبياتها لا تأتي بنتيجة، فمحاباة الإيجابية إن تأردنت تسمى واسطة، والتجاوز عن الفساد إن تأردن يسمى عنصرية، ولن تكون نهاية للفساد إذا انتقى واتقى وأعرض وأغرض حسب القائم بالفساد وليس حسب فعل الإفساد نفسه وما أفسده بالبلاد.

لو قامت السيدة الأولى ببناء الأردن من مرمر لما راقنا ذلك، فانتماؤها مشكوك فيه كيفما تقلبت، لأن أصلها لا ما تقوم به هو ما يغصنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس