الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/2

ضياء الشكرجي

2020 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



6. والعلماني: تجده يصرح باطلاً بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة وأنه يدعو إلى التخلف، لأنه لم يقدم للبشرية ما ينفع، ويتناسى عن قصد الأمجاد الإسلامية من فتوحات ومخترعات في مجال الهندسة والجبر والكيمياء والفيزياء والطب، وإن علم الجبر الذي غير المفاهيم العلمية، وكان السبب الرئيسي لكثرة من مخترعات اليوم، وربما المستقبل ينسب لمبتدعه العبقري جابر بن حيان وهو مسلم عربي.

مناقشتي:

نعم، صحيح، من العلمانيين من هم لادينيون، وفيهم ملحدون ولاأدريون، كما فيهم أتباع ديانات تختلف عن الإسلام، لكن من العلمانيين من هم مسلمون مقتنعون بدرجة أو أخرى بالإسلام، ونقد الإسلام، كما هو نقد أي دين آخر، هو من متطلبات حرية العقيدة وحرية التعبير، واللتين أقرهما دستور ٢٠٠٥ لجمهورية العراق في أكثر من مادة، على سبيل المثال البند (ثانيا) من المادة (٣٧)، والذي نصه: «تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني»، وإذا علمنا إن الدستور كتب بإشراف ممثل المرجعية الدينية، ومباركتها له، فهذا يعني أن المؤسسة الدينية ليس لها اعتراض على ذلك. ثم معظم المسلمين في العصور السابقة الذين تألقوا في مختلف العلوم كالكيمياء والطب والفلك والفلسفة، كان مشكوكا في إيمانهم بالإسلام، ومعظمهم جرى تكفيرهم، فهذا إذن كان نتاج بشر علماء، وليس نتاج دين.

7. والعلماني: تجده يعتقد بأن الأخلاق نسبية، وليس لها وجود في حياة البشر، إنما هي انعكاس للأوضاع المادية والاقتصادية، وهي من صنع العقل الجماعي، وإنها أي الأخلاق تتغير على الدوام وحسب الظروف (فكر ماركسي).

مناقشتي:

أرجع هنا إلى مناقشتي للنقطة الثانية، والتي مفادها إن القيمة الأخلاقية مطلقة، بينما السلوك الأخلاقي نسبي، أما إذا كان من العلمانيين الذين يعتمدون الفلسفة المادية، من الذين يقولون بذلك، فهذا رأي مختلف فيه سواء بين العلمانيين أو غيرهم، وهي ليست مقولة معتمدة من عموم العلمانيين، بل من فريق منهم، فيجب التمييز بين ما هو فكر، وبين ما هو موقف سياسي، أو موقف ديني.

8. والعلماني: تجده يعتقد بأن التشريع الإسلامي والفقه وكافة تعاليم الأديان السماوية الأخرى ما هي إلا امتداد لشرائع قديمة أمثال القانون الروماني، وإنها تعاليم عفى عليها الزمن، وإنها تناقض العلم. وإن تعاليم الدين وشعائره لا يستفيد منها المجتمع. (وهذا فكر ماركسي).

مناقشتي:

الرؤى الفلسفية لا علاقة لها دائما بالعلمانية، لأن العلمانية ليست إيديولوجيا، بل العلمانيون يحملون مختلف الرؤى الفكرية والفلسفات والإيديوجيات، ومنهم المؤمنون بهذا أو ذلك الدين، فهنا مرة أخرى خلط بين العلمانية واللادينية، فإذا كان كل اللادينيين علمانيين بالضرورة، فليس كل العلمانيين لادينيين. ثم إن الكثير من العلمانيين لا علاقة لهم بالماركسية، ومع هذا لا أدري ما إذا كانت الماركسية سبة أو مثلبة. وأكثر الإصلاحيين من مفكري الدين يعتمدون ما ذكر.

9. والعلماني: تجده حين يتحدث عن المتدينين، فإنه يمزج حديثه بالسخرية منهم، ويطالب بأن يقتصر توظيف خريجي المعاهد والكليات الدينية على الوعظ أو المأذونية أو الإمامة أو الأذان، وخلافه من أمور الدين فقط.

مناقشتي:

حتى العقلاء من المتدينين تدينا عميقا، تراهم يسخرون من المتدينين تدينا سطحيا أو خرافيا، ويتبعون رجال الدين، لاسيما المشعوذين من الذين يعتلون المنابر من غير علم، أكثر من اتباعهم للدين، فكون مجموعة من الناس تحمل فكرا، أو تسلك سلوكا يدعو إلى السخرية لدى بعض الناس، سواء بسبب تدينهم المتزمت واللاعقلاني وربما الخرافي، أو لأي سبب آخر، لا علاقة له بالعلمانية، ثم مقابلة أشياء وسلوكيات وأفكار ترى غير معقولة، هو سلوك نجده عند بعض الناس ولا نجده عند آخرين، وهذا نراه في المتدينين وفي غير المتدينين، في الإسلاميين وفي العلمانيين، ولا يمكن تعميمه على فريق ما.

10. والعلماني: تجده يعترض اعتراضا شديداً على تطبيق حدود الله في الخارجين على شرعه، كالرجم للزاني، أو قطع اليد للسارق، أو القتل للقاتل، وغيرها من أحكام الله، ويعتبرها قسوة لا مبرر لها.

مناقشتي:

بل كثير من الإصلاحيين والتنويريين من المفكرين الإسلاميين ورجال الدين يرفضون إقامة هذه الحدود، ويرون إنها كانت صالحة لزمانها، ولأنهم يعتمدون فكرة أن الشريعة ديناميكية وليست صلدة، مع ثبات جوهر الدين فقط عندهم، وليس شكله، أو ما يسمى عند البعض بمقاصد الشريعة، كالعدل، الذي يبقى كقيمة أخلاقية مطلقا في ذاته، لكن كيفية تطبيقه تكون نسبية ومتغيرة بتغير الزمان، مستندين في ذلك إلى أصالة النسخ، والتمييز بين الجوهر والشكل.

11. والعلماني: تجده يطالب ويحبذ مساواة المرأة بالرجل، ويدعو إلى تحررها وسفورها واختلاطها بالرجال، دون تحديد العمل الذي يلائمها، ويحفظ كرامتها كأنثى.

مناقشتي:

إن النظر إلى المرأة كأنثى لا غير، هو إهانة وتحقير للمرأة، فالمرأة إنسان قبل أن تكون أنثى، كما إن الرجل هو إنسان قبل أن يكون ذكرا أو (فحلا)، والمساواة يفهمها الكثيرون من الإلهيين كلازم من لوازم العدل الإلهي، بالنسبة لمن يؤمن بالله، وهي من لوازم المثل الإنسانية عند المؤمن وغير المؤمن على حد سواء.

12. والعلماني: تجده يحبذ أن لا يكون التعليم الديني في المدارس الحكومية إلزامياً بل اختيارياً.

مناقشتي:

وأين المشكلة في ذلك، مازال العلماني لا يمنع التعليم الديني، بل يعتبره حقا؟ والفرق واضح بين الحق والواجب، خاصة وإن الدين متعدد الفهم والتأويل، ومنه ما يثير النزعات الطائفية، أو الانفصال النفسي عن الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا.

13. والعلماني: يتمنى تغيير القوانين الإسلامية، بقوانين علمانية، كالقانون المدني السويسري، والقانون الجنائي، المعمول به في إيطاليا، والقانون التجاري الألماني، والقانون الجنائي الفرنسي، وهذا القانون يعمل به في بعض الدول العربية، ويعتبر أن تلك القوانين هي الأفيد في حياة الفرد والمجتمع من التنظيم الإسلامي.

مناقشتي:

بل كثير من الفقهاء يلتقون كثيرا مع القوانين الوضعية، ما زالت تحقق العدالة والأمان والنظام للمجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س