الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق المرأة في ظل حقوق الإنسان ...

السيد إبراهيم أحمد

2020 / 9 / 26
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


المقدمة:

تعاني المرأة في مناطق كثيرة من العالم من أوضاع تمس كرامتها وآدميتها بشكل كبير الأمر الذي جعل جميع الهيئات الدولية الحقوقية تندد بمثل هذه التصرفات، فصدرت العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية بصدد التصدي بشكل عملي لحمايتها، وحفظ حقوقها، بل أن دساتير العالم أصبحت تتضمن موادًا وبنودًا حول دستورية هذه الحقوق.

ولقد حققت المرأة في ظل هذه المواثيق في كثير من الدول حماية لحقوقها التي كفلها لها القانون، مثل قانون الأسرة، وقانون الإرث، إلا أنه على الرغم مما يبذل من جهد مازالت المرأة تعاني من التمييز، ومن العنف ضدها، غير أن القوانين الصادرة في هذا الصدد لا تراعي ظروف كل دولة، وثقافة كل شعب، ومعتقداته الدينية التي يحترمها، وهو ما يجعل دول كثيرة ومنها الدول العربية تتحفظ على بعض القرارات التي تنادي بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة في الميراث، وغيرها من الأمور التي لن يكون من السهل أن تحقق فيها المرأة نجاح.

حقوق الإنسان وحقوق المرأة دوليًا ومجتمعيًا:

سارت حقوق الإنسان وحقوق المرأة جنبًا إلى جنب على المستوى الدولي والمجتمعي وخاصة في مجتمع العصر الحديث، ففي ميثاق عصبة الأمم المتحدة تضمن حقوق فئات بعض البشر، ثم أقرت نظام حماية الأقليات، وجاءت منظمة العمل الدولية وهي أقدم منظمة دولية لتقر بحق الإنسان بصفة عامة وحق العمال بصفة حاصة، غير أن المنظمة في نفس عام تأسيسها عام 1919م أقرت اتفاقيتين لحماية حقوق المرأة، وجاءتا متتابعتين في الترتيب رقم (3) و(4)؛ فأما الأولى فكانت بشأن حماية حق الأمومة للمرأة، والثانية فجاءت بخصوص عمل المرأة الليلي غير أن الاتفاقيتين لم تتناولا فكرة المساواة، والتي تناولتها مواد ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945م، والذي أشار إلى احترام حقوق الإنسان وحرياته من غير تمييز قائم على أساس الجنس والدين واللون واللغة، وأنهى الفقرة (ولا تفريق بين النساء والرجال)، ثم جاءت اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة في عام 1952م، ثم تعلن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1976م القضاء على التمييز ضد المرأة، وفي عام 1979م تصدر اتفاقية "سيداو" الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وأصبح الشغل الشاغل للقانون الدولي هو العمل على مساواة الرجل والمرأة مساواة تامة، مع وضع حماية خاصة لها من حيث تنظيم مواد قانونية أخرى لمجابهة العنف ضد المرأة، والإتجار بالنساء واستغلالهن، سواء أكان هذا الاستغلال اقتصاديًا أم جنسيًا، ولقد تحولت هذه الاتفاقيات في المواثيق إلى مواد في القانون الدولي العرفي بحيث أصبحت ملزمة لجميع الدول في تطبيقها.

حقوق المرأة في ظل الاتفاقيات الدولية من منطلق حقوق الإنسان:

لقد سار العمل وفق آلية منضبطة على مستوى الهيئات الدولية، فبد أن تحولت المواثيق إلى مواد قانونية ملزمة جرى التفكير في أن تكون هناك اتفاقيات دولية تؤكد مساواة النساء بالرجال، كما تضمن حقوق المرأة عبر منهجية شاملة تتضمن حقوق المرأة السياسية، وحقوق المرأة الاقتصادية، وحقوق المرأة الاجتماعية، وحقوق المرأة الثقافية، كما سأتعرض لها بالتفصيل:

ــ حقوق المرأة السياسية:

وتتضمن هذه الحقوق حق المرأة في المشاركة السياسية، من حقها في التصويت وحقها في الانتخاب، وحقها في تقلد الوظائف العامة، وقد جاء هذا طبقًا للمادة السابعة من الجزء الثاني من اتفاقية سيداو، والتي دعت إلى إزالة كافة العوائق وكل أشكال التمييز من أجل ممارسة المرأة لكافة حقوقها السياسية.

وقد استجابت عديد من الدول لمشاركة المرأة في العمل السياسي ومنها الكثير من الدول الإسلامية وذلك أن حق المرأة المسلمة في المشاركة السياسية حق أصيل قبل أن تعرفه حقوق الإنسان؛ فقد أجاز الإسلام للمرأة أن تشارك فيما عدا تولي الإمامة العظمى، وحين أجاز لها هذه المشاركة على أن تكون داخل الضوابط التي تليق بها كامرأة مسلمة تلتزم بغض البصر، والالتزام بالزي الشرعي، وعدم الخلوة بالرجال، كما أن لها أن تتساوى في الحقوق مع الرجل، وقد ثبت لها أنها نجحت في وظائف كثيرة تولتها وكان لها أحيانًا قصب السبق عن الرجال، وقد ثبت أن هناك قضايا للمرأة لا تستطيع أن تثيرها إلا امرأة مثلها، وهناك نساء في المجتمع يحببن الحديث مع نساء مثلهن لا رجال.

ــ حقوق المرأة الاقتصادية:

اتساقًا مع مبدأ المساواة بين المرأة والرجل النابع من المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان، أصبح من حق المرأة أن تمارس دورها في النشاط الاقتصادي والميدان المالي تمامًا كالرجل، وقد أتاح لها القانون تحت هذا البند نوعين من الحقوق، هما: حق التملك، وحق العمل:

1ـ حق التملك: أن يكون لها الحق في التملك بالشراء وعن طريق الوراثة والوصية والهبة، كم أن لها حق التصرف في أملاكها، في إطار القوانين المعمول بها في البلاد.

2ـ حق العمل: ويأتي هذا الحق انبثاقًا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يرى أن الناس متساوون في الأجر دون أدنى تمييز مادام قد تساووا في العمل، ومادامت المرأة تملك الشهادات التي تجيزها للعمل، كما تملك المهارات المطلوبة في العمل الذي تود أن تلتحق به، فليس هناك ما يمنع من مشاركتها. كما أن لها الحق في التدريب، وتقاضي المكافآت تمامًا كالرجل، ولها أن تحصل على الأجازات، والتقاعد، والتعويضات شأنها في هذا شأن الرجل دون انتقاص.

ــ حقوق المرأة الاجتماعية:

من حقوق المرأة التي كفلتها لها الاتفاقيات الدولية هو حقها الاجتماعي الذي يتمثل في حق الرعاية الصحية الذي يحترم الاختلاف الفسيولوجي وطبيعة المرأة من حيث الإنجاب، وحق رعاية الطفل، والتي تأتي اتساقًا مع الرعاية الصحية للإنسان بشكل عام طبقًا لهذه الاتفاقيات وموادها، وأول بنودها خفض نسب الوفيات بين الأطفال، انطلاقًا من أن الوقاية خير من العلاج، والعمل على تنظيم النسل، وتوفير الرعاية الصحية للمرأة في مراحل الحمل، والولادة، وما بعد الولادة، ورعاية الجنين أيضًا.

ــ حقوق المرأة الثقافية:

يأتي هذا الحق تصحيحًا لخطأ استمر ومازال يستمر في مجتمعات كثيرة حين رأت أن التعليم ترفًا في حق المرأة، والثقافة شيء لم يرد قط على بال، ولهذا جاء هذا الحق استنادًا إلى مبدأ المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة وأن التعليم ضرورة وحتمية، وحق التعليم مكفول للجميع، والمرأة أيضًا، وأن منعه عن المرأة منعها لحرية من الحريات التي كفلتها لها المواثيق والعهود الدولية، ذلك أن الحق والحرية يتكاملان ولا يتضادان، بل هما مترادفان.

ولقد جاء حق المرأة في التعليم طبقًا للاتفاقية الدولية الصادرة في عام 1966م، التي تقضي بحق المرأة في التعليم والثقافة، ومجانية التعليم في المراحل التعليمية الأولى الثلاث، الابتدائي والإعدادي والثانوي. والتساوي في المناهج الدراسية، والتساوي في شروط الالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة، وامكانية الحصول على المعلومات التي تفيد في التربية ورفاهية الأسرة.

ــ حقوق المرأة الجنسية والإنجابية:

على الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمنح المرأة الحق في اكتساب الجنسية والاحتفاظ بها أو تغييرها متي أرادت، ولا يلزمها فقد جنسيتها إذا تزوجت من شخص أجنبي إلا أن المرأة العربية لم تزل في محاولات حثيثة من أجل الحصول على قوانين تسمح لها بأن تمنح المتزوج بها وأولادها كذلك جنسية بلدها التي تنتمي إليها، وهذا الأمر لم يطبق إلا في الجزائر والمغرب فقط، حيث منحت المرأة هذا الحق تمامًا كالرجل في منح جنسيته لزوجته وأولاده.

من الحقوق التي نالتها المرأة استنادًا إلى حق المساواة الكاملة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات، غير أنه لا يطبق في كثير من البلدان العربية هو تحديد المرأة لحقها الإنجابي والجنسي وذلك عند إرادتها عدم الإنجاب باستخدامها أيًا من الوسائل والموانع والتي مازالت بعض النساء في بعض الدول العربية يتعرضن لعقوبات لاستخدامهن هذه الموانع، كما أن الإجهاض ليس مسموحًا به في كثير من الدول العربية، ومن أول الدول التي طبقته كانت دولة تونس وذلك في الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، وكانت الأسرة لديها خمسة أبناء، كما تسمح بعض الدول العربية بإجراء الإجهاض إذا كان في استمرار الحمل والولادة خطر على صحة الأم.

ويسمح بالإجهاض في بعض الدول غير العربية لظروف نزول الجنين مشوهًا، أو جاء نتيجة زنا محارم، أو اغتصاب، أو كانت الفتاة أقل من سبعة عشر عامًا أو أكبر من أربعين عامًا، أو أن الولادة ستعرض الأم لخطر داهم.

حقوق المرأة من منطلق حقوق الإنسان في دساتير العالم:

منذ عرفت الدول الدساتير ووضعتها لم تغب المرأة عن موادها أبدًا، بل شكلت حقوقها حيزًا فيها، ذلك أن الدستور هو القانون الأساسي الذي يحدد ملامح وشكل الحكم في الدولة، وحقوق وحريات المواطنين، وتأتي في مقدمتها المواطنة، وتنعم بها المرأة تمامًا كالرجل مع اقتسامها معه الحقوق والواجبات بالتساوي، كما تتضمن هذه الدساتير الرفض التام لكافة أنواع التمييز ضد المرأة، مع الاعتراف لها بكافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثلما يقر لها بمبدأ التكافؤ في الفرص بينها وبين الرجل في كافة المجالات، ويأتي عدم التمييز ومبدأ تكافؤ الفرص استنادًا على المبدأ الأهم وهو المساواة الكاملة بين النساء والرجال التي أقرها إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

تحظر المادة 46 في دستور اليابان التمييز ضد المرأة، كما تقر المادة 32 من دستور السودان بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز بينهم على أي أساس، كما يحظر دستور بوليفيا في البند السادس من المادة 48 بحظر التمييز، وحظر عمل المرأة أثناء الحمل، كما تقرر المادة 33 من دستور بولندا بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة في كافة المجالات، وكذلك تقرر المادة 37 من الدستور الإيطالي أن للمرأة العاملة نفس الحقوق في الأجر وخلافه في مجال العمل بالتساوي، على أن الدستور يكفل لها رعاية أسرتها، تكفل المادة السابعة من دستور البرازيل للمرأة العاملة بالحصول على أجازة ف تسمى أجازة الأمومة بحد أقصى ثلاثة شهور، كما يكفل للسجينات وقتًا للإقامة مع أطفالهن الرضع.

لقد راعت الدول بعد انقضاء الفترات الاستعمارية ووضع الدساتير الوطنية أن تتضمن المبادئ التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة في ميثاقها بأن صارت أيضًا حقوق أساسية وخاصة تلك التي تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، وأبقت بقية الحقوق ومنها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي صارت لها كمؤشرات هادية نحو الحفاظ على حقوق المرأة.

الخاتمة:

استعرضت من خلال بحثي هذا حقوق المرأة في ظل حقوق الإنسان، وكيف أن حقوق المرأة وحقوق الإنسان قد مضيا متزامنين معًا منذ انطلاق عصبة الأمم المتحدة في عام 1919م والذي ضمن للمرأة حقوقًا في اتفاقيتين هامتين، ولكنه لم يذكر المساواة تلك التي جاء ذكرها في ميثاق الأمم المتحدة الصادر في عام 1945م والذي أقر من خلال أحد بنوده التي بلغت مائة وإحدى عشر مادة بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ثم استتبعتها الاتفاقيات الدولية التي عززت هذا الحق بالعديد من البنود التي أكدت حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولم تكتفِ بهذا بل حولت بعض هذه البنود إلى مواد في القوانين العرفية وألزمت الدول باحترامها وتطبيقها، كما أن دساتير العالم المختلفة قد تضمنت موادها حقوق للمرأة تأتي في أولها المواطنة، وعدم التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الجنس بما يتيح الاعتراف لها بكافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمساواة الكاملة التامة.

مراجع للاستزادة:

1ـ النّمَّري ، ناریمان فضیل (2014)، الآلیات الدولیة والشرعیة الخاصة بحمایة حقوق المرأة في ظل العولمة، جامعة الشرق الأوسط، بيروت.
2ـ مفتي، محمد أحمد والوكيل، سامي صالح (1992)، حقوق الإنسان في الفكر السياسي الغربي والشرع الإسلامي.. دراسة مقارنة، دار النهضة الإسلامية، القاهرة.
3ـ القاطرجي، نهى (2008)، قراءة إسلامية في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو".. دراسة حالة لبنان، كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية، بيروت.
4 ـ ﺍﻟﻘﺭﻩ ﺩﺍﻏﻲ،ﻋﻠﻲ محي (2006)، اﻟﻤﺭﺃﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭكة ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍلديمقراطية. ﺩﺭﺍسة ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎسي الإسلامي،ﺑﺤﺚ ﻣﻘﺪم. ﻟﻠﺪورة اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻋﺸﺮة ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ، اﺳﻄﻨﺒﻮل.
5ـ ناريمان، دريدي (2015)، حقوق المرأة في الاتفاقيات الدولية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر .
6ـ مستقلون، خبراء (2011)، تقرير حول تحليل الوضع الإقليمي الحقوق الإنسانية للمرأة والمساواة على أساس النوع الاجتماعي في المنطقة الأورومتوسطية، الاتحاد الأوروبي.
7ـ كامل، عزة (2012)، النساء في دساتير العالم، مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية، القاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان