الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية الريف المفترى عليها (العرقية والانفصال)

كوسلا ابشن

2020 / 9 / 27
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


"المنتقدين للعرقية هم عبيد لاْسوء المذاهب العرقية".
العداء المعاصر لأمازيغ الريف تبلور في العشرينات القرن الماضي أثناء الكفاح المسلح ضد دولة الحماية و ما نتج عنه من تأسيس الجمهورية. الحقد والكراهية لأهلي الريف تجاوز المنطق والمعقول, بحيث أصبحت الكوارث الطبيعية عنصر الشماتة والانتقاد وتحميل المسؤولية لأهلي المنطقة, الموقف اللاإنساني يدل عن حالة سيكولوجية (عقد إمازيغن ن ريف), و هذا الموقف اللاإنساني تجلى في موجة الزلازل التي ضربت منظقة الريف (2004 و2016), فعوض التضامن مع المنكوبين, على الأقل بإسم الاخوة الاسلامية, إنبهر الخطاب العنصري المعادي لأهلي الريف لتحميلهم مسؤولية الزلازل والشماتة بمصائب المنطقة والمنكوبين, فمثلا السلفي الكتاني يحذر الريفيين بالتوبة على (آمر الخروج عن طاعة أولي الآمر), بقوله " ألا من توبة نصوح و رجوع إلى الله قبل أن يحدث ما هو أشد من ذلك ", نفس الشيء مع يحيى المدغري (خطيب مسجد بسلا ) ربط الزلزال بالعقوبة الإلهية, نتيجة فساد ومعاصي اهل الريف ( خطبته ليوم الجمعة), اما الشوفينية العروبية الفايسبوكية فاعلنت علانيا عن فرحها بالكارثة الطبيعية وصلت لربها ليزلزل الريف ويبيد اهله.
(عقدة أمازيغ الريف) لدى الحركة الشوفينية العروبية, جعلتها تقيم منطقة الريف من جانبين, الاول: أنها مصدر الشر يجب محاربته ( التهميش والاقصاء والاستبداد) و من جهة ثانية: مصدرالإغتناء السريع ( الفساد الاداري والمالي).
من مبدأ الحقد والكراهية و العداء التاريخي للامازيغ عامة وإيمازيغن منطقة الريف خاصة, ينتقد الخطاب الشوفيني, الجمهورية الريفية بدعوى مغلوطة, أن الجمهورية تأسست على أساس عرقي وأنها إنفصالية, لإضفاء نوع من "الشرعية" لطمس هذه الفترة التاريخية من الذاكرة الجمعية سواء الريفية أو المروكية.
إعلان الجمهورية الاتحادية لقبائل الريف يوم 18 سبتمبر 1921,(سميت بجمهورية الريف منذ 1923) كان حدثا تاريخيا, لم تعرفه إفريقيا, و كذا لم تعرفه منطقة ما يسمى ب"العالم الاسلامي". هذا النوع من التنظيم السياسي (الجمهورية),كشكل حداثي ودمقراطي بدستور وقوانين ومعايير و قواعد في تسيير شؤون الدولة الدمقراطية. دولة قائمة بمجالها الترابي وعلمها وعملتها (المستقبلية) ومؤسساتها السيادية.
جمهورية حداثية ودمقراطية وتحررية, خارج الجغرافية الغربية ما كان يسمح لها بالوجود والاستمرارية في عصر هيمنة القوة الاستعمارية, هذا ما عبر عنه رئيس الجمهورية بقوله: " أتيت قبل الأوان, لكنني مقتنع أن أمالي ستتحقق عاجلا أو آجلا بواسطة قوة الأشياء وتسلسل الاأحداث". جمهورية الريف كانت علمانية أكثر من كونها إسلامية, فمن القواعد العامة للجمهورية الريفية, إحترام الاديان, ودعم إنتهاك حرية التدين وخصوصا لليهود, بالاضافة الى التعدد الديني, حارب عبد الكريم التعصب الديني الاسلامي, فقد صرح محمد عبد الكريم الخطابي في مقابلة صحفية نشرت في مجلة ألمنار يوم 5 نوفمبر 1926:" التعصب الديني كان السبب الرئيسي في فشلي, وكي لا يقول الوحيد, لأن زعماء الأخوة كان لهم تأثير في الريف, أكثر مما كان في المروك أو في البلدان الاسلامية" ويضيف " فعلت كل ما في وسعي لتحرير بلدي من نير زعماء الاخوة, الذين شكلوا عقبة في طريق الحرية والإستقلال. أسلوب التركي أعجبني كثيرا, لإني أعلم أن الدول الاسلامية لا يمكنها أن تحقق إستقلالها إلا عندما تتخلص من التعصب الديني وتقتدي بمثال الشعوب الاوروبية".
صرح عبد الكريم:" خلال يوليو 1921 أبلغنا سفراء بريطانيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا في طنجة أنه أعلنا جمهورية الريف ونحن نخوض حربا رابحة ضد اسبانيا للدفاع عن استقلالنا، وسنستمر في ذلك حتى تحقيق السلام والحرية والاعتراف باستقلالنا بما في ذلك جميع مناطق الجمهورية، الممتدة من الحدود مع المغرب حتى البحر الأبيض المتوسط ومن ملوية إلى المحيط الأطلسي".
ولاحقا حاولت جمهورية الريف الحصول على الإعتراف الرسمي كدولة من طرف عصبة الأمم في رسالة موجهة الى هذه الهيئة في أبريل 1922, إلا أن العصبة رفضت الاعتراف بدولة جمهورية الريف ليس بسبب ثقل فرنسا (التي كانت تحمي المروك والسلطان بموجب الجماية) وحسب وإنما عصبة الأمم (منظمة إستعمارية) حصر مهامها في حل النزعات بين الدول الاستعمارية فقط, كما فشل السفراء المرسلين المتجولين (ليسوا سفراء مقيمين), مثل حدو لكحل البقيوي الذي كلف بالمفاوضات مع فرنسا, و عبد الكريم الحاج المكلف للتفاوض مع الانجليز, لإقناع الدولتين بالاعتراف بإستقلال الريف.
سقطت الجمهورية, بعد العدوان الهمجي للتحالف الاستعماري (1926), فقد تكون أول دولة تحالفت ضدها كل الانظمة الاستعمارية بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر, وأول دولة أستخدم ضدها السلاح الكيمياوي.

هل تأسست الجمهورية الريفية على أساس عرقي, وإنفصالي؟
العرق, ظاهرة مختلفة عن الثقافة و اللغة, ولا تشكل الهوية القومية-الوطنية ظاهرة عرقية وهنا يكمن الخلط بين العرقية والقومية. ولا يمكن تعريف العرقية بالهوية الثقافية واللغوية.
العرقية لا تفهم الا في العنصر البيولوجي, الفيزيولوجي ( اللون, شكل الجمجمة, الطول, الشعر ), العرق و الاعراق هي مجموعات كبيرة من الأشخاص الذين تشكلوا تاريخيًا في منطقة معينة ، ويختلفون عن بعضهم البعض في مجموعة معقدة من الخصائص الفيزيولوجية الموروثة.
بهذا المفهوم, فالعرقية تختلف عن اللغة, (العنصر اللغوي), كما أن العرقية تختلف عن القومية, (العنصر التاريخي).
العرقية في البناء النظري, هي عملية قسرية من انجاب السياسة والايديولوجية وليست نظرية علمية, فهي مبنية على الاساطير حول الاختلافات البيولوجية والفيزيو-نفسية للاجناس البشرية, هدفها تأسيس ايديولوجية عرقية مقسمة للاجناس الى عرق أرقى وعرق دوني, تؤمن باللاتساوي للعنصر البشري في قدراته العقلية والفكرية وفي تطوره مثل (شعب الله المختار أو خير أمة أخرجت للناس, أو النازية وعرق اصطفاه الله على البشرية).
نحن لا نتناول العرقية في مفهومها (البيولوجي,الفيزيولوجي), وإنتقاداتنا للعرقية العروبية يختصر في بنيتها النظرية, الايديولوجية والسياسية, والتبني من جانبنا للنضال القومي التحرري للضرورة التاريخية وليس كتوجه عام ايديولوجي.
القومية ظاهرة اجتماعية وتاريخية, مرتكزة على عناصر وحدة القوم, بعناصره الاجتماعية والاقتصادية والثقافية واللغوية والجغرافية والسيكولوجية, و القومية حاجة ضرورية في مرحلة تاريخية من النضال التحرري لبناء الدولة المستقلة والقادرة على التصدي للاطماع الاستعمارية الخارجية و قومية تحررية وليست قومية قهرية.
بهذا التعريف البسيط للعرقية, فلا يمكن أن تصنف جمهورية الريف في خانة العرقية, أولا: فإسم الجمهورية مثلا لا يدل عن "العرق" حتى بمفهومه الايديولوجي, مثل (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية) أو (الجمهورية العربية السورية) والدول المؤسسة على أساس العروبة العرقية. الريف مجال ترابي نسبة الى جبال الريف, وليس دلالة عن إثنية كما يضن البعض عن خطئ. وثانيا: التركيبة السكانية للجمهورية رغم الأغلبية الامازيغية فهي تضم عناصر أخرى ( رغم ان التركيبة السكانية لا تصنف في خانة العرقية), ثالثا و هو الأهم: أن المرجعية الايديولوجية والسياسية لحكومة جمهورية الريف, لم تكن مرجعية عرقية ( تميز الامازيغ عن غير الامازيغ), والإثنيات الريفية الغير الامازيغية كانت ممثلة بشكل أو بآخر في المؤسسات الحكومية مثل اليهودي الريفي, مسعود بناعين, الامين العام للخزينة. وكذا نائب السكرتير الأول للجمهورية, حسن بن عبد العزيز, من أصل دزايري.
هل الجمهورية الريفية انفصالية؟
الانفصالية هي تطلعات سياسية لقوى في دولة معينة تهدف الى الانفصال عن هذه الدولة وتشكيل دولتها المستقلة عن دولة الأم, النموذج جبهة البوليسارية الطامعة للانفصال عن المروك و تأسيس جمهورية عرقية عروبية ( الجمهورية العربية الصحراوية).
هل كان الريف جزء من سلطنة آل علوي الإحتلالية؟
الجواب بالنفي:
التاريخ يشهد أن منطقة الريف لم تكن منطقة تابعة للسلطنة العلوية طيلة سيطرتها على بلاد المروك, ولم يعترف الريفيون بالسلطنة العلوية الأجنبية ولهذا إمتنعوا عن إداء الضرائب للمخزن العلوي و خاضوا حروبا دفاعا عن أراضي الريف وإستقلاليتها, وقد عرف الريف تشكيل دول (إمارات) قبل جمهورية الريف , ولم يتسنى للنظام العروبي السيطرة على الريف والقضاء على إستقلاليته الا بعد التدخل العسكري الفرنكو-إسباني الاستعماري لإنقاذ النظام الاحتلالي الاستطاني من الانهيار بضربات ثورة القبائل الأطلسية الامازيغية, و رغم المساعدة الامبريالية الفرنسية وتمتين سلطنته على التراب المروكي (1956), فقد إنتفض الريف ضد الكولونيالية العروبية (1958-1959) وما زال الرفض للكولونيالية هو المهيمن في الثقافة "الريفية" حتى اليوم.
الاستقلالية الذاتية عند الريفيين لا تعني الانفصال الجغرافي, فالريف جزء من المروك الامازيغي وجزء من تامازغا (أرض الامازيغ), في كل تاريخية الاستقلالية الذاتية كان الريف مرتبط بالجغرافية المروكية, الانفصال الذي حدث هو الانفصال السياسي, عدم الموالات والتبعية لنظام الاستعمار الاستطاني, والانفصال السياسي في المرحلة النضالية هي حالة ضرورية وتاريخية في مشروع استقلال الأمة الامازيغية عن الكولونيالية العروبية, فالحالة الفتنامية نموذجية, فالمقاومة الفتنامية بقيادة هوشي منه في المرحلة الاولى من كفاحها إكتفت بتحرير الجزء الشمالي وإعلان الدولة المستقلة ولم تتحرر الجزء الجنوبي الا بعد موت العم هو بعقدين من الزمن, فهل كانت الفتنام الشمال جمهورية إنفصالية؟.
الإستقلالية الذاتية من حيث المبدأ, حل مرحلي وضروري في فترة من المراحل النضال التحرري, لبناء القاعدة المادية والروحية لتثبيت الوجود والإستمرارية وتجاوز مراحل النكسات التاريخية, وإعداد العدة لمواصل النضال الحرري بهدف تحرير جميع أجزاء بلاد الامازيغ من السلطنة المعاصرة. كانت الظروف التاريخية لبداية القرن العشرين, غطرسة الانظمة الاستعمارية, بالدرجة الاولى هي المسؤولة عن انهيار الجمهورية الريفية بشرعيتها التاريخية.
خصوصية الريف التاريخية وعلاقة التضاد التاريخي مع الاستعمار الاستطاني حافزان للمطالبة بالاستقلالية الذاتية في الظروف القهرية للمرحلة الراهنة من السيطرة المطلقة للنظام الاستطاني الشوفيني , والحالة الريفية لا تتعارض لا مع الحق الطبيعي في حرية الشعوب في تقرير مصيرها ولا تتعارض مع الحق التاريخي ( نكور , اعراصن وجمهورية الريف ) ولا تتعارض كذلك مع القوانين الوضعية الاممية في التحرر من الاستعمار كيفما كان شكله وعرقه ودينه.
والقرارات الاممية لا تتعارض مع مشروع إستقلالية الريف, فإعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية ( سبتمبر 2007), يصب في هذا الحق, وخصوصا المادتين.
المادة 3 : "للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير. وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
المادة 4:" للشعوب الأصلية، في ممارسة حقها في تقرير المصير، الحق في الاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، وكذلك في سبل ووسائل تمويل مهام الحكم الذاتي التي تضطلع بها".
الحق الطبيعي والتاريخي في الاستقلالية لا يتخذ بوصفه حالة إنفصالية, وخصوصا المروك كان زمن الجمهورية تحت نير الاستعمار الاسباني في الريف وفي المنطقة الاخرى الاحتلال الفرنسي ودميته العروبية. فعلى من إنفصلت جمهورية الريف؟.
الهجوم الذي تعرضت له الجمهورية بدعوى الانفصال, كان هدفه الرئيسي إستهداف المقاومة الامازيغية ضد الاستعمار سواء في الريف أو خارجه, ومنعها الضروري من الوصول الى منطقة الحماية الفرنسية, فقد تجندت القوى الخيانية, ما سمي باطلا ب"الحركة الوطنية" بجانب المخزن (السلطنة ال علوي) بتحالف مع نظام الحماية بالقضاء على جمهورية الريف أولا, وثانيا القضاء التام على المقاومة الامازيغية وهو الفعل الحاصل بشرب محمد الخامس دمية فرنسا نخب موت المقاومة في حفل نظم في باريس بهذه المناسبة.
العمل الاجرامي الخياني العرقي العروبي (على رئسه الحسن الفاشي وعلال الفاشي وبن بركة ) سيبدأ بشكل أكثر دموية وبربرية و نهبية, بعد النخب الباريسي و بداية النظام الابارتهايد (المغرب النافع و المغرب الغير النافع) بالانتهاك للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية للشعب الامازيغي, بالاضافة الى التفنن في ممارسة الاستبداد والتقتيل البيولوجي والهوياتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على سيارتين في منطقة الشها


.. نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: الوضع بغزة صعب للغاية




.. وصول وفد أردني إلى غزة


.. قراءة عسكرية.. رشقات صاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف




.. لصحتك.. أعط ظهرك وامش للخلف!